مائة عام على رحيل ليو تولستوي

13-11-2010

مائة عام على رحيل ليو تولستوي

الجمل- مازن كم الماز:   قبل مائة عام قضى ليو تولستوي , الذي حقق شهرة كبيرة كأحد أبرز الأدباء الروس و كأب و منظر للاعنف و للفوضوية المسيحية . انحدر تولستوي من الأرستقراطية الروسية , و بعد حياة تقليدية بالنسبة لنبيل في ذلك الوقت , خدم خلالها في حرب القرم , و بعد أن شاهد فظائع الحرب في القرم سيعود من تلك الحرب بكراهية متعاظمة للحروب و للدول و الحكومات التي تشنها , ستكتمل تفاصيل التغيير الجذري في حياته في رحلتين إلى أوروبا قام بهما عامي 1857 و 1860 – 1861 , حيث سيقابل الاشتراكي الفوضوي برودون الذي كان في منفاه في بروكسل آنذاك و سيشاهد لأول مرة في حياته عملية إعدام عام ستترك أثرها عليه حتى آخر حياته . آمن تولستوي بأن الكمال الداخلي و السعادة الحقيقية تتحقق بحب الإنسان للإنسان لا بتوجيه الكنيسة و الدولة . و سيرفض تولستوي , الذي أصبح مناصرا للسلام و معاد للعنف , الدولة التي تقوم على شن الحروب حتى أنه سيقترح أثناء الحرب بين بلده روسيا القيصرية و اليابان عام 1904 على الراهب الياباني البوذي شاكو أن يصدرا معا بيانا ضد تلك الحرب , و سيصرخ في كتابه ( مملكة الرب في داخلك ) , كيف يمكنكم أن تقتلوا البشر بينما تقول الوصايا الإلهية : لا تقتل , و سيستنتج أن كل الحكومات التي تشن الحروب تتصرف ضد مبادئ المسيحية . و ستترك إحدى رسائله انطباعا قويا عند المهاتما غاندي فيبدأ بمراسلة تولستوي في السنة الأخيرة من حياته و سيعترف فيما بعد بفضل تولستوي عليه في أفكاره خاصة ما يتعلق منها بالمقاومة اللاعنفية . و سينتهي به انتقاده للارتباط بين الكنيسة الأرثوذوكسية الروسية و النظام القيصري إلى حرمانه كنسيا في عام 1901 . عارض تولستوي أيضا الملكية الخاصة و الامتيازات الأرستقراطية نفسها و القانون , غريب أمر تلك الأرستقراطية الروسية , التي أنجبت في نفس الوقت تقريبا إلى جانب تولستوي , ميخائيل باكونين الذي ذرع أوروبا جيئة و ذهابا باحثا عن ثورة و الأمير الأحمر بيتر كروبوتكين الذي سيذكره التاريخ على أنه مؤسس الفوضوية الشيوعية . و رغم أن تولستوي كان يوافق الفوضويين في معارضتهم للنظام القائم , لكنه رفض أن تكون الثورة العنيفة هي الطريق إلى المجتمع الفوضوي , بالنسبة له توجد ثورة واحدة فقط هي الثورة الأخلاقية , و مع ذلك فإنه سيقوم بالترويج لكتابات باكونين و كروبوتكين , حتى أنه سيصحح بنفسه بروفات كتاب الأخير كلمات ثائر الذي طبع في سانت بطرسبورغ سرا عام 1906 . رغم كل المديح الذي قيل في ما كتبه تولستوي كروايتيه الحرب و السلام و آنا كارنينا , لكن قد تكون أحد أهم كتاباتنا الحقيقية هي حياتنا نفسها , هكذا غادر تولستوي البالغ من العمر 82 عاما منزل العائلة بعد أيام فقط من تخليه عن ثروته و أراضيه للفلاحين الذين يزرعونها , العمل الذي بقي يحلم به طوال حياته , رغم احتجاج زوجته الشديد , و سيركب القطار إلى المجهول , لكن سرعان ما تظهر عليه علامات المرض بالتهاب في الرئة و سيستشفى في منزل رئيس محطة أستابوفو للقطارات قبل أن يقضي نحبه في العشرين من تشرين الثاني عام 1910 , و رغم محاولة البوليس القيصري محاصرة جنازته لكن تمكن آلاف الفلاحين من حضورها , بعضهم كان يعتقد أنها مجرد جنازة عادية لأحد النبلاء .

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...