سبع قمم في سبعة أيام: دلالات وإشارات واستنتاجات

31-07-2010

سبع قمم في سبعة أيام: دلالات وإشارات واستنتاجات

الجمل: شهدت منطقة الشرق الأوسط خلال الأسبوع المنصرم انعقاد ستة قمم, واليوم سوف تشهد المنطقة انعقاد القمة السابعة, التي سوف تجري فعالياتها في العاصمة الأردنية عمان وهي قمة عبد الله السعودي – عبدالله الأردني, والتي سوف تكون قمة "ملكية" بحتة: مالذي أنجزته هذه القمم.. وإلى أين سوف تتجه منطقة الشرق الأوسط في مرحلة ما بعد القمم السبعة؟
- السياق الهيكلي – البنائي:
تشير عملية رصد تفاصيل أحداث ووقائع دبلوماسية القمم العربية السبعة إلى أن منطقة الشرق الأوسط قد شهدت خلال السبعة أيام الأخيرة التحركات الدبلوماسية الآتية:
     - قمة شرم الشيخ الثنائية: جمعت الرئيس المصري حسني مبارك و العاهل السعودي الملك عبد الله.
     - قمة بيروت الثنائية: جمعت بين الرئيس بشار الأسد و الرئيس اللبناني ميشيل سليمان.
     - قمة دمشق الثنائية: جمعت بين الرئيس السوري بشار الأسد والعاهل السعودي الملك عبد الله.
     - قمة بيروت الثلاثية: جمعت بين الرئيس بشار الأسد والرئيس اللبناني ميشيل سليمان و العاهل السعودي الملك عبد الله.
     - قمة عمان الثنائية: جمعت العاهل الأردني الملك عبد الله مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
     - قمة بيروت الثنائية: جمعت الرئيس اللبناني ميشيل سليمان مع أمير قطر الشيخ حمد آل ثاني.
تمثل هذه القمم الوقائع التي تمت على المستوى المعلن, وفي هذا تجد الإشارة إلى أن كل واحدة من هذه القمم قد سبقتها العديد من الوقائع الأخرى المتمثلة في تحركات كبار المسؤولين والسفراء والدبلوماسيين, وما هو جدير بالإشارة يتمثل في التحركات الأمريكية – الإسرائيلية – الفرنسية التي تزامنت بالتوازي مع هذه القمم.
- السياق الإدراكي – القيمي:
 من المعروف أن كل تحرك دبلوماسي ينطوي على منظومة من القيم الإدراكية, وفي هذا الخصوص, نشير إلى الآتي:
      - الأطراف المشاركة في هذه القمم السبع, منها طرفان يرتبطان باتفاقيات تعاون مع إسرائيل (مصر ترتبط باتفاقية كامب ديفيد – الأردن ترتبط باتفاقية وادي عربة), أربعة أطراف ترتبط بعلاقات مع الولايات المتحدة الامريكية (مصر – السعودية – الأردن – لبنان), إضافة إلى إسرائيل التي تنخرط في علاقة خاصة – استراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية, ولبنان الذي يرتبط بعلاقة خاصة مع فرنسا, أما سورية, فهي لا ترتبط لا باتفاقيات سلام مع إسرائيل, ولا بعلاقات خاصة مع الولايات المتحدة الأمريكية, أو فرنسا, وفقط ترتبط بالعمل العربي المشترك الذي تهتم دمشق باعتباره الأساس والسند الذي يدفعها إلى التعامل العادل مع جميع الأطراف العربية على أمل أن يؤدي ذلك إلى توحيد الموقف العربي إزاء القضايا العربية والعالمية..
      - القضايا التي تطرقت لها هذه القمم تتميز بالطابع الامني الصرف, وعلى وجه الخصوص تلك المتعلقة بتطورات ملف استقرار أمن لبنان, وملف المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية المباشرة.
      - على أساس اعتبارات الإدراك نجد أن دمشق تنظر لنفسها باعتبارها الطرف الأكثر اهتماماً بضرورة وحدة واستقلالية الموقف العربي إزاء مستقبل استقرار المنطقة ورفض التدخل الأجنبي.. أما بقية العواصم العربية, فهي, وبقدر متفاوت تنظر إلى نفسها باعتبارها تسعى من جهة إلى ضرورة الاهتمام بحل قضايا المنطقة, ومن الجهة الأخرى لجهة ضرورة التقيد بالموقف الأمريكي باعتباره موقفاً رئيسياً وعاملاً حاسماً في حل قضايا المنطقة..
تتميز دمشق بالوزن القومي العربي الكبير, والذي أتاح لسوريا أن تتمتع بالقوة الناعمة المرتفعة الشدة في أوساط الرأي العام العربي الإسلامي, بما أدى إلى الضغط على العواصم العربية, والتي أصبحت كل عاصمة منها لا تستطيع تجاوز تأثير العامل الحاكم السوري.. طالما أنه أي تجاوز في ملف الحقوق العادلة العربية المشروعة سوف لن يؤدي سوى إلى تأليب الرأي العام ضد هذه العواصم.. وإضافة لذلك تتميز الرياض بالقوة الإقتصادية والقوة الناعمة الإسلامية, ولكن استقلالية الرياض في توظيف قوتها الإقتصادية والإسلامية الناعمة أصبحت أكثر ضعفاً بسبب تأثيرات العامل الأمريكي. الذي أصبح أكثر تقييداً لحرية حركة دبلوماسية الرياض, وبالنسبة للقاهرة وعمان, فقد أصبح الأمر سيان: لاتوجد أي فرص لاعتماد سياسة خارجية مصرية أو أردنية بمعزل عن السياسة الخارجية الأمريكية الشرق أوسطية.
- السياق التفاعلي – السلوكي:
نلاحظ أن أطراف هذه القمم السبعة, قد تفاعلت ضمن إطار بيئة إقليمية – دولية, تنطوي على المزيد من المسارات الأمنية – العسكرية الشديدة الخطورة, إضافة إلى أداء سلوكي دبلوماسي لا يقل خطورة عنها, وفي هذا الخصوص نشير إلى الآتي:
      - الأداء السلوكي المصري – الأردني يسعى لمقاربة مستقبل المنطقة وفقاً لرهانات الدبلوماسية الأمريكية.
      - الأداء السلوكي السعودي يسعى لمقاربة مستقبل المنطقة وفقاً لرهانات بنود مشروع النفوذ الإسرائيلي على المنطقة المعتمد سلفاً بواسطة أطراف محور واشنطن – تل أبيب..
       - الأداء السلوكي السوري يسعى لمقاربة  مستقبل المنطقة, وفقاً لرهانات ضرورة التعاون العربي من أجل القضاء على الخلافات العربية – العربية, ودرء مخاطر الصراعات الداخلية والحروب الأهلية, وإضافة إلى إبعاد شبح النفوذ الأجنبي, مع ضرورة عدم المساومة على الحقوق العادلة المشروعة...
تشير معطيات وقائع الأداء السلوكي, إلى أن جميع هذه القمم قد تميزت بالطابع الاستباقي: فقد سعت قمة نتنياهو – الملك عبدالله الأردني إلى استباق لقاء وزراء خارجية الجامعة العربية, وسعت قمة مبارك الملك عبدالله السعودي إلى استباق تحركات الملك عبدالله السعودي في دمشق وبيروت..
- الشرق الأوسط: مرحلة ما بعد القمم السبع
تشير معطيات السياسة الدولية, إلى أن سعي الدبلوماسية الوقائية يهدف بشكل دائم إلى تحقيق أربعة معطيات أساسية, وتأسيساً على ذلك وبالإسقاط على دبلوماسية القمم السبع الوقائية, يمكن الإشارة إلى معطيات الدبلوماسية الوقائية الأربعة, على النحو الآتي:
      - المعطى الأول الإنذار المبكر (early warning): وفي هذا الخصوص يبرز السؤال المزدوج القائل: هل سعت القمم السلبية إلى التحذير من تداعيات التعاون معها، هذا بالنسبة للملف اللبناني.. أما بالنسبة للملف الفلسطيني: هل سعت إلى التحذير المبكر من تداعيات العودة للمفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية المباشرة دون التقيد بموضوع توسيع المستوطنات.. أم إلى التحذير المبكر من مغبة تداعيات التقيد بموضوع توسيع المستوطنات كشرط ضروري للعودة إلى المفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية المباشرة ؟
      - المعطى الثالث: تقضي الحقائق (fact-finding) وفي هذا الخصوص تشهد الساحتين اللبنانية والفلسطينية خلافاً حول ملفات السلاح.. ففي لبنان توجد قوى "14" آذار الداعمة لتوجهات نزع سلاح المقاومة وحزب الله اللبناني. وفي الأراضي الفلسطينية توجد السلطة الفلسطينية وحركة فتح المطالبتان بضرورة التخلي من المقاومة المسلحة وإرغام حركة حماس وحلفاءها على ضرورة التحول إلى المقاومة بالوسائل السياسة بدلاً عن الوسائل العسكرية: فهل سعت القمم إلى التأكيد على ضرورة حق المقاومة بالتمسك بالسلاح أم تحويل جنوب لبنان والأراضي الفلسطينية إلى مناطق منزوعة السلاح..
- المعطى الرابع: بناء الثقة (confidance builing): توجد خلافات لبنانية – لبنانية, وخلافات فلسطينية – فلسطينية, بما يترتب عليه نشوء خلافات عربية – عربية, فهل يا ترى سعت القمم السبعة إلى بناء الثقة بين الأطراف اللبنانية المختلفة, والأطراف الفلسطينية المختلفة, والأطراف العربية + المختلفة، أم سعت إلى تعميق هذه الخلافات..
لا نريد أن نكون متشائمين إزاء مستقبل الدبلوماسية الوقائية العربية في المنطقة. ولكن, مايجري حالياً لا يساعد على جعلنا متفائلين.. وذلك لسبب بسيط, وهو أن الدبلوماسية الوقائية العربية قد فقدت كل مقومات الردع الدبلوماسي, وبكلمات أخرى نشير إلى التطورات المحتملة الآتية باعتبار أن حدوثها سوف يؤكد ويثبت فرضية تآكل قدرات الردع الدبلوماسي الوقائي العربي:
     - صدور قرارات المحكمة الدولية الظنية.. معناه أن القمم لم تنجح في ردع صدور هذه القرارات الظنية الجائرة..
     - ذهاب الفلسطينين إلى المفاوضات المباشرة.. معناه أن القمم لم تنجح في ردع السلطة الفلسطينية وحركة فتح من مغبة التمادي في تقديم التنازلات عن حقوق الفلسطينين..
وعلى خلفية ما سوف يحدث, فإن المنطقة أصبحت أكثر استعدادا لعودة مسلسل المعتدلين العرب مرة أخرى، وربما ضمن "طبعة جديدة" خاصة وأن سيناريو تعاون المعتدلين العرب مع محور واشنطن – تل أبيب قد أصبح أكثر تطوراً..  


  الجمل قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...