الأسد وعبدالله معاً في بيروت: اعتماد الحوار لتحصين الاستقرار

31-07-2010

الأسد وعبدالله معاً في بيروت: اعتماد الحوار لتحصين الاستقرار

شهد لبنان أمس، حدثاً عربياً تاريخياً واستثنائياً لفت أنظار كل اللبنانيين ومعهم أنظار المنطقة والعالم، وسلطت الأضواء على القصر الجمهوري في بعبدا، حيث تحلقت القيادات اللبنانية حول الرئيس ميشال سليمان والرئيس بشار الأسد والعاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز ، على أمل التوصل إلى حل لأزمة تسريبات مضمون القرار الظني لجريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري الذي يتهم بعض العناصر من “حزب الله”، على أمل أن يخرج الدخان الأبيض من القصر الجمهوري، ليؤكد جو الاستقرار ورفض الانزلاق في الفتنة، بعدما باتت معادلة “سين  سين” أمام امتحان لبناني، لإظهار مدى تأثير الزعيمين العربالأسد وعبد اللّه لدى وصولهما إلى مطار رفيق الحريري الدولي أمس.يين في المعادلة اللبنانية وتقديمهما حلولاً ما تسهم في تنفيس الاحتقان، في ضوء احتدام السجال الذي تشهده الساحة اللبنانية وسط التهديدات “الإسرائيلية” اليومية.

وصدر عن القمة بيان رسمي جاء فيه “أجرى القادة مباحثات تناولت سبل تعزيز الوفاق الوطني والاستقرار الداخلي في لبنان وتحسين فرص النموّ الاقتصادي والاجتماعي. ونوّه القادة بالتطورات الإيجابيّة التي حصلت على الساحة اللبنانيّة منذ اتفاق الدوحة، وأكدوا استمرار نهج التهدئة والحوار وتعزيز الوحدة الوطنيّة ودرء الأخطار الخارجيّة، وأعلنوا تضامنهم مع لبنان في مواجهة تهديدات “إسرائيل” وخروقاتها اليوميّة لسيادته واستقلاله وسعيها لزعزعة استقراره”.

وأضاف البيان “أكد القادة أهميّة الاستمرار بدعم اتفاق الدوحة واستكمال تنفيذ اتفاق الطائف، ومواصلة عمل هيئة الحوار الوطني والالتزام بعدم اللجوء إلى العنف، وتغليب مصلحة لبنان العليا على أيّة مصلحة فئويّة، والاحتكام إلى الشرعيّة والمؤسسات الدستوريّة وإلى حكومة الوحدة الوطنيّة لحلّ الخلافات، وأكد الزعيمان السوري والسعودي استمرار دعمهما للبنان ورئيسه لما هو في مصلحة اللبنانيين”.

واستعرض القادة تطوّر الأوضاع على الصعيد الإقليمي، وأكدوا ضرورة التضامن والوقوف صفّاً واحداً لرفع التحديات التي تواجهها الدول العربيّة، وعلى رأسها التحدّي “الإسرائيلي” الذي يتمثّل باستمرار الاحتلال للأراضي العربيّة والممارسات التعسفيّة والإجراميّة ضدّ الشعب الفلسطيني وحصار غزة، والسعي المدان لتهويد مدينة القدس، ومواجهة ما يحاك للمنطقة العربيّة من دسائس ومؤامرات لإرباكها بالفتن الطائفيّة والمذهبيّة، والتي لن تكون أيّ دولة عربيّة بمنأى عن تداعياتها، وهي التي تميّز تاريخها بروح العيش المشترك، وأكد القادة ضرورة السعي بصورة حثيثة لإقامة سلام عادل وشامل في الشرق الأوسط، من دون إبطاء، وضمن مهل محدّدة، على قاعدة قرارات الشرعيّة الدوليّة ومرجعيّة مدريد والمبادرة العربيّة للسلام في جميع مندرجاتها”.

وكان مصدر في رئاسة الجمهورية اللبنانية أكد أن القمة الثلاثية “تبرز الدعم للبنان ولاستقراره ولأسس التوافق الوطني المستند إلى الطائف واتفاق الدوحة، وتبرز أيضاً غيرة ومحبة وحرصاً على لبنان”، وقال “سيتم التأكيد خلال القمة على دور وأهمية العمل العربي المشترك والتضامن العربي، والحل العادل والشامل والدائم استناداً إلى المبادرة العربية للسلام كمرجعية ضمن شروط ومهل”، واصفاً القمة بأنها “بالغة الأهمية ولها دلالات وأنها تاريخية بكل المقاييس، وأن الأهم هو ما بعد القمة وانعكاساتها على الوضع العربي والأجواء في لبنان”.

واعتبرت مصادر الوفد السعودي أن وصول الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس بشار الأسد في الطائرة نفسها دليل على أي مستوى وصل التوافق، وتحدثوا عن توافق شبه مطلق سوري - سعودي - لبناني على كل القضايا.

وكان الملك عبد الله والأسد وصلا ظهر أمس، على متن طائرة ملكية سعودية إلى مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت. وتم وصل سلم كهربائي بالطائرة، استخدمه العاهل السعودي والرئيس السوري لدى نزولهما. وصافح الضيفان مستقبليهما من أركان الدولة على أرض المطار، ثم انتقلا ورئيس الجمهورية ميشال سليمان، ورئيسي المجلس النيابي والحكومة نبيه بري وسعد الحريري والوزراء والسفراء إلى صالون الشرف للاستراحة، قبل الانتقال إلى القصر الجمهوري، حيث وصلوا عند الثالثة عصراً وسط حضور الوفدين الرسميين.

ووقع الملك عبد الله والأسد السجل الذهبي لرئاسة الجمهورية، وبعد أخذ الصورة التذكارية، توجه الجميع إلى القاعة الرئيسية في القصر وجلس الملك السعودي في الوسط وعن يمينه الرئيس السوري وعن يساره الرئيس اللبناني. وعقدت قمة ثلاثية انضم إليها بري والحريري. ومن ثم تحولت إلى قمة موسعة بعد قليل بانضمام الوفدين السعودي والسوري، واللبناني.

وبعد الاجتماع الخماسي، قلد سليمان العاهل السعودي وسام الأرز الوطني “القلادة الكبرى”، كما قلد الرئيس السوري الوسام نفسه وهو أرفع وسام لبناني. كما قلد الأسد سليمان وسام “أمية الوطني ذا الوشاح الأكبر”.

وانعقد الاجتماع الموسع الذي شارك فيه عن الجانب اللبناني وزير الخارجية علي الشامي، وعن الجانب السوري وزير الخارجية وليد المعلم ومستشارة الرئاسة بثينة شعبان، وعن الجانب السعودي وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، ورئيس الاستخبارات العامة الأمير مقرن بن عبد العزيز. وبعدها انتقل الضيوف العرب إلى الغداء الذي أقامه سليمان على شرف الضيفين الكبيرين وأعضاء الوفدين السعودي والسوري والمدعوين اللبنانيين من وزراء ونواب وكبار الموظفين في “قاعة 25 أيار”، وحضرته 250 شخصية لبنانية، لكن اللافت كان عدم توجيه دعوات لبعض الشخصيات السياسية والروحية لاسيما الرئيس الأسبق أمين الجميل ورئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع، والرؤساء الروحيون ورؤساء الأحزاب إذا لم يكونوا نواباً أو رؤساء كتل نيابية، وكذلك الرسميون الذين ارتبطت أسماؤهم بشهود الزور حول المحكمة الدولية كما أشارت مصادر متابعة.

وقد نقلت مصادر سياسية متابعة عن القصر الجمهوري اللبناني ارتياحا تاما بعد القمة الثلاثية بين الرئيس ميشال سليمان والرئيس السوري بشار الأسد والملك السعودي عبدالله بن عبدالعزيز، ولفتت إلى أنه “فُهم أن القرار الظني المتعلق بالمحكمة الدولية انتهت مفاعيله”.

وكانت مصادر صحافية في بيروت، نقلت أمس، عن مصدر سوري مطّلع، إشارته إلى أن الاجتماعات التي تواصلت إلى ما بعد منتصف الليل بين الأسد والملك عبدالله في دمشق أرست “تفاهماً بين الجانبين على أمور كثيرة، لا سيما ما يتعلق بحفظ الاستقرار في لبنان، وتثبيت التفاهم واعتماد الحوار”.

وذكرت مصادر أخرى “أن الأسد أبلغ “حزب الله” قبل أسبوع أنه سيأتي برفقة الملك عبدالله. وأنه تم التوصل خلال الاجتماع المغلق في قصر بعبدا إلى اتفاق لبناني - سوري- سعودي بشأن التعامل مع أي قرار يصدر عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان.

وأكدت أوساط “تيار المستقبل” اننا “تخطينا مرحلة الخطر ودُرئت الفتنة والتوجه لحلحلة الأوضاع بعد أن حصلت تسوية كبرى تقضي بأن تسير العدالة سويا مع الوحدة الداخلية”، مشيرة إلى أن كل الفرقاء اللبنانيين يسيرون بهذه التسوية، وأن الخطاب المتصاعد انتهى ونحن مقبلون على فترة تهدئة تليها إعادة ترتيب للبيت الداخلي تحت المظلة العربية. وأن ليس هناك أي تأجيل للقرار الظني لأنه لا أحد متأكد إذا كان سيصدر .

وكانت أوساط سياسية متابعة ذكرت أن نجل الملك عبدالله، ومستشاره، الأمير عبدالعزيز سبق والده إلى بيروت، وأجرى اتصالات أسفرت عن تسوية “سدت النافذة أمام أي مفاعيل لأي قرار ظني محتمل”.

لقاءات ثنائية وفعاليات على هامش القمة الثلاثية

عقد اجتماع ثنائي بين الرئيسين السوري بشار الأسد واللبناني ميشال سليمان، كما عقد لقاء ثان بين الأسد ورئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، ثم تطور لينضم إليه سليمان ونواب كتلة الوفاء للمقاومة، بعدما سبق أن اجتمع وزير الخارجية السوري وليد المعلم مع رئيس الكتلة النائب محمد رعد، ومن ثم غادر الرئيسان القصر الجمهوري واتجها إلى مطار بيروت الدولي.

وأكد الأسد أن الأجواء كانت ممتازة جداً، وتم وداعه كما استقبل عائداً إلى بلاده على متن طائرة سورية خاصة جاءت فيما بعد لهذه الغاية.

وكان الملك الملك السعودي عبدالله بن عبدالعزيز قد توجه إلى عمان في زيارة للأردن في إطار جولته العربية التي شملت مصر وسوريا ولبنان.

ويجري الزعيمان السعودي والأردني في وقت لاحق مباحثات تتناول العلاقات الثنائية بين البلدين، بالإضافة إلى تطورات الأوضاع في المنطقة لاسيما ما يتعلق بعملية السلام والمفاوضات والوضع في لبنان.

المصدر:  وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...