الأزمة التركية: سفينة غول-أردوغان والإبحار في المياه الخطرة

10-04-2010

الأزمة التركية: سفينة غول-أردوغان والإبحار في المياه الخطرة

الجمل: تزايدت الخلافات التركية-التركية بسبب التعديلات الدستورية الجديدة, وتقول التقارير والتسريبات, بأن القرار النهائي الذي سوف يتخذه الأتراك حول هذه التعديلات سوف يشكل نقطة انعطاف جديدة حاسمة يتحدد بعدها إن كانت الجمهورية التركية سوف تستمر بشكلها الكمالي الحالي, أم سوف تتغير؟
توصيف التطورات الميدانية الجارية:
أعدت نخبة حزب العدالة والتنمية مشروع تعديلات دستورية بما يشمل تعديل 29 مادة دستورية, وتقول التقارير والمعلومات, بأن هذه التعديلات سوف تغطي الجوانب الآتية:
• السياقات القانونية والتشريعية.
• السياقات الحكومية والإدارية.
• السياقات الاجتماعية والثقافية.
• السياقات السياسية.
هذا, وتجدر الإشارة إلى أن هذه التعديلات سوف تنصرف إلى معالجة مجموعة من القضايا والملفات الإشكالية الحرجة, ومن أبرزها:
• إخضاع المؤسسة العسكرية للسيطرة المدنية.
• إلغاء سلطة حل الأحزاب بواسطة المحكمة الدستورية.
• أعطاء البرلمان دورا أكبر.
• إعادة تنظيم العلاقة بين السلطات الثلاثة: التشريعية, التنفيذية والقضائية.
من المتوقع أن يتم تقديم مشروع التعديلات الدستورية إلى البرلمان التركي قريبا, وتقول التسريبات, بأن طرح هذه التعديلات سوف يواجه المزيد من المصاعب, وعلى وجه الخصوص بواسطة حزب الشعب الجمهوري التركي (حليف أميركا وإسرائيل), والحزب القومي التركي, ولكن, برغم ذلك فمن المتوقع أن يتم تمرير هذه التعديلات وفي حالة المعارضة البرلمانية الشديدة فإن الأغلبية سوف تكون هشة, وفي حالة المعارضة البرلمانية المنخفضة فإن الأغلبية سوف تكون كبيرة.
الأزمة السياسية التركية: ماذا تقول تقديرات الموقف؟
تشير تقديرات الموقف إلى أن الأزمة السياسية التركية, الناشئة بسبب التعديلات الدستورية, قد أدت إلى حدوث عملية اصطفاف واسعة النطاق وعميقة الجذور, ويمكن الإشارة إلى ذلك على النحو الآتي:
• على مستوى النخب السياسية (المستوى الفوقي): يؤيد حزب العدالة والتنمية وحلفاءه التعديلات, أما المعارضة, فيقودها حزب الشعب الجمهوري التركي, الحزب القومي التركي, وحلفاءهم.
• على المستوى المؤسساتي السياسي (المستوى الدولاتي): السلطة التشريعية (البرلمان) تؤيد هذه التعديلات طالما أن لحزب العدالة والتنمية وحلفاءه الأغلبية البرلمانية, وبالنسبة للسلطة التنفيذية (الحكومة) فمن المؤكد سوف تؤيد هذه التعديلات طالما أنها حكومة حزب العدالة والتنمية وحلفاءه, أما السلطة القضائية (المحكمة الدستورية العليا) هيئة الادعاء العام, فسوف لنوزيع مواقف الرأي العام التركي إزاء التعديلات الدستورية الجديدة تؤيد هذه التعديلات إضافة إلى المؤسسة العسكرية التركية.
• على المستوى الشعبي (مستوى القاعدة) تقول الاستطلاعات بأن 50,6% يؤيدون التعديلات, و39,2% يعارضونها, و10,2% لم يحددوا بعد موقفهم.
نلاحظ هنا, أن معارضة السلطة القضائية (المحكمة الدستورية التركية العليا, وهيئة الادعاء العام) تعارض هذه التعديلات لأنها تسلب حقها في حل الأحزاب, أما المؤسسة العسكرية التركية فتعارض هذه التعديلات لأنها تضع المؤسسة العسكرية تحت السيطرة المدنية, وإضافة لذلك, فإن معارضة حزب الشعب الجمهوري للتعديلات سببها, المواد الجديدة التي تؤمن توسيع الحريات الشخصية بما يعطي حق ارتداء الحجاب وحرية الممارسات الدينية, إضافة إلى أن حزب الشعب الجمهوري يرى في المؤسسة العسكرية وسيلة أساسية لحماية علمانية الدولة التركية, وبالتالي فإن وضع هذه المؤسسة تحت السيطرة المدنية سوف يضعف نفوذ الحزب على الحياة السياسية. أما بالنسبة للحزب القومي التركي, فهو يرى بأن انفتاح الحريات الشخصية والاجتماعية سوف يلحق ضررا أكبر بمفهوم الأمة التركية الواحدة, لأنه سوف يتيح للأكراد الظهور كتيار قومي اجتماعي خارج النطاق القومي الاجتماعي التركي الذي يعتمده الحزب.
هل أصبح الصدام وشيكا؟
تشير التحليلات إلى أن الصدام التركي-التركي, يتوقف حدوثه على مدى تقديرات أطراف وقوى الأزمة للخيارات المطروحة, ويمكن الإشارة إلى ذلك على النحو الآتي:
• أطراف الصراع هي: حزب العدالة والتنمية (البرلمان والحكومة) كطرف أول, والطرف الثاني هوالمعارضة (حزب الشعب الجمهورية والحزب القومي التركي) إضافة إلى المؤسسة العسكرية والسلطة القضائية.
• مفاعيل الصراع: من المتوقع أن تنشأ مفاعيل الصراع داخل البرلمان التركي, وتحديدا, من خلال المواقف التي سوف تتشكل داخل البرلمان إزاء التعديلات, ومن المتوقع أن ينقسم البرلمان إلى ثلاثة مجموعات, الأولى تؤيد هذه التعديلات, الثانية تعارض التعديلات, والثالثة تطالب بالإرجاء والمراجعة لهذه التعديلات.
وعلى أساس اعتبارات أطراف الصراع ومفاعيل الصراع, من الممكن أن نشير إلى أن السيناريوهات المتوقع حدوثها سوف تكون على النحور الآتي:
• أفضل سيناريو: يتضمن تقديم التعديلات للبرلمان, وإجازتها مع التزام المعارضين برأي الأغلبية, ثم رفعها للرئيس التركي حيث يتم التوقيع عليها بحيث تتحول إلى قانون.
• سيناريو الوسط: يتضمن تقديم التعديلات للبرلمان, بحيث يعقب ذلك تأخير إجازتها وإطالة أمد المناقشات, أو إجازتها, ورفعها للرئيس التركي, والذي يقوم بإرجاء التوقيع عليها لاحقا, أو ربما إعادتها للبرلمان مطالبا بإعادة التفاهم حولها مع اقتراح إجراء المزيد من التعديلات الإضافية الجديدة.
• أسوأ سيناريو: يتضمن تقديم التعديلات للبرلمان بحيث تتم إجازتها ورفعها للرئيس التركي والذي يوقع عليها, وبالمقابل لذلك تقوم المعارضة (حزب الشعب الجمهوري والحزب القومي التركي) باللجوء لتحريك الشارع, بما يؤدي إلى حدوث فوضى واحتجاجات, بما يتيح للمؤسسة العسكرية المتربصة استغلال الوضع التدهور وتنفيذ الانقلاب العسكري التركي "الرابع".
وبرغم احتمالات حدوث كل هذه السيناريوهات, فإن الجانب الأكثر أهمية يتمثل في أن حزب العدالة والتنمية يسعى إلى اعتماد سيناريو يتضمن استخدام الاستفتاء الشعبي كصمام أمان, وذلك بحيث: يتم تقديم التعديلات للبرلمان, وإجازتها, ثم رفعها للرئيس التركي لإجازتها, والذي سوف لن يكتفي بإجازتها فقط وإنما سوف يعلن عن موافقته المبدئية عليها ويرجى الموافقة النهائية عليها بعد عرضها للاستفتاء الشعبي العام, بحيث يقول الشعب التركي صاحب الحق كلمته النهائية, وبالتالي, فإن طرح التعديلات للاستفتاء سوف يتيح لحزب العدالة والتنمية استخدام الشارع التركي في ردع المؤسسة العسكرية والمحكمة الدستورية العليا, وهيئة الادعاء العام, إضافة إلى حزب الشعب الجمهوري والحزب القومي التركي, أما إذا لم يلجأ حزب العدالة والتنمية إلى خيار الاستفتاء الشعبي العام لهذه التعديلات, فإن المؤسسة العسكرية المتربصة سوف لن تدع الفرصة تفوتها هذه المرة, خاصة وأن قادتها يواجهون خطر المحاكمة بسبب ملف شبكة أرغيناكون وملف عملية المطرقة.


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...