أميمة الخليل: مغنيّة «الميادين» طارت بأجنحتها الخاصة

07-04-2010

أميمة الخليل: مغنيّة «الميادين» طارت بأجنحتها الخاصة

تقرأ أميمة الخليل الشعر، وتتشبّع بصوت المنشد عبد الباسط عبد الصمد، ومعه ديدي بريدجووتر، وبيلي هوليداي، وتشيرلي باسي... الفنانة التي تنهمك حالياً بالإعداد لألبومها الجديد، تُمضي الوقت بعيداً عن الصخب. تسرّ إلينا أنّ أصوات هؤلاء، إضافةً إلى موسيقى مرسيل خليفة، تأخذها إلى عوالم أخرى تكون فيها صادقة مع نفسها: «إلى مطارح صافية واضحة وهادئة وحقيقيّة لا زغل فيها». صاحبة الصوت العذب التي حفرت مسيرتها الفنيّة بهدوء وأناقة، مع مرسيل خليفة وفرقة «الميادين» بين أواخر السبعينيّات ومنتصف التسعينيات، تكرّس وقتها اليوم لعائلتها، ولشؤون منزلها في المصيطبة (بيروت)، حيث التقيناها. تخلّت أميمة باكراً عن طفولتها، ونذرت نفسها لصوتها منذ كانت في الثالثة عشرة، حين بدأت الغناء لترافق صوت مرسيل خليفة تحت لواء الغناء الملتزم.
في قريتها الفاكهة (بعلبك)، ولدت عام 1966. والدها المدرّس علي الخليل كان من المهتمّين بالفن، ويعزف العود. غنّت ابنة الخامسة على مسارح مدرسية كثيرة، بسبب تنقّل والدها من مدرسة إلى أخرى، قبل أن يستقر في جب جنين (البقاع الغربي). شاركت في برنامج مواهب الأطفال «ماما جنان» على «تلفزيون لبنان»، وغنّت لفيروز «رجعت ليالي زمان».
قبل أن تشتعل الحرب الأهلية، اقترح إيلي أشقر، صديق والدها، تعليم أميمة الموسيقى. ونصحه بأخذها «عند أستاذ اسمه مرسيل خليفة». في هذا الوقت، تخبرنا، كان «مرسيل قد تخرّج من المعهد الوطني للموسيقى، ويعزف على العود عزفاً لا يشبه عزف أحد آخر، وبدأ يكتسب شهرة ويعدّ موسيقى لفرقة «كركلا». أعطانا إيلي عنوانه، وزرناه في عمشيت».
أمام مرسيل، غنّت ابنة الثامنة «ليالي الشمال الحزينة»، و«ليالي الأنس في فيينا»، وغنّت لأم كلثوم. ثمّ أسمع مرسيل صوتها لصديقيه جورج مهنا وبطرس روحانا، قبل أن يطلب من الوالد إلحاقها بـ«المعهد الوطني للموسيقى». هناك، سمعها زكي ناصيف وتنبّأ لها بمستقبل جيد. ثم اندلعت الحرب، فتوقفت أميمة عن المداومة في المعهد... مرّةً، أعطاها والدها شريط كاسيت يحمل عنوان «من أين أدخل في الوطن». ذكّرها بأنّ صاحبه هو مرسيل خليفة «الذي زرناه في عمشيت». وسرعان ما حفظت أميمة أغاني الشريط كله عن ظهر قلب.
في اليوم التالي، التقت أميمة مرسيل، وغنّت أمامه بعض ألحانه. ثم التقته مراراً. وعادت مرةً إلى البيت حاملةً كاسيتاً مسجّلاً بصوت مرسيل والعود، وفيه «عصفور طلّ من الشباك»، و«قمر المراية»، و«يا معلمتي»... حفظتها وسجلتها بعد أيام بصوتها في شريط «عالحدود» عام 1979. وكانت البداية.
بين الدراسة والمهرجانات الغنائية، عاشت أميمة مع مرسيل خليفة و«فرقة الميادين»، صخباً فنياً عمَّت أصداؤه العالم العربي. منذ صغرها، التزمت أميمة بالجديّة... «هذه الصفة كانت على الأرجح الأساس، الذي شجّع مرسيل على العمل مع مراهقة كمغنيّة صولو في «فرقة الميادين»، وكصوت يغنّي إلى جانبه كثنائي. وأنا لم أشعر في المقابل بأنّ الفن أخذ منّي تلك المرحلة. لم أتعذّب كثيراً، ومرسيل جدّي كثيراً في الشغل، ولا شيء عنده اعتباطياً، كان يحسب كلّ شيء للشخصية التي يجب أن تكون قدوة للناس».
خلال الحرب، عاشت أميمة معظم أيامها في بيت مرسيل، وكان خليفة ينتج كل سنة شريطاً جديداً تكون لأميمة حصة لافتة فيه. هكذا، غنّت معه لـ «الخضرجيي»، و«الشوفيريي»، والبياعين، في «عالأرض يا حكم» عام 1980. وبعد عام، صدر شريط «فرح» تحية لكمال جنبلاط وفيه غنّت «يا أرضي اللي ترابك زهّر» و«علّيها»، وكان لها في السنوات اللاحقة دور أساسي في «الجسر» و«يا محلا نورها» و«غنائية أحمد العربي»، و«الله ينجينا من الآت» و«تصبحون على وطن»...
تحنّ أميمة إلى أيام المهرجانات التي كانت تشعل لبنان والعالم... «لكن لا شيء يبقى كما كان... كلّه يتغير. مرسيل يكبر، بأفكاره، بهاجس الانتشار، بهمومه. وأنا تغيرت كذلك، صارت عندي عائلة، والتزامات في مكان آخر. صار هناك موسيقيّ أعيش معه في البيت، أستطيع أن أنفّذ وإياه أفكاراً تراودني».
في عام 2000 بعد ست سنوات من زواجها بهاني سبليني، نفّذت معه أغنية «مرات مدري كيف» من كلمات الشاعر محمد العبد الله، وكانت فاتحة لألبوم «أميمة» الذي صدر عن شركة «توكيز»، وفيه أعاد سبليني توزيع أغنية «عصفور طل من الشبّاك»، بمباركة من مرسيل خليفة.
في عام 2000، وقّعت مع شركة «سوني ميوزك» عقداً يقضي بإنتاج أعمالها وإعادة طباعة أغانيها القديمة، غير أن رياح 11 أيلول نسفت الحلم وغادرت الشركة لبنان، وتركت لها بعض التسجيلات المنجزة وكليب أغنية «يا سيدي» التي لحّنها هاني وكتبها نزار الهندي، وقد صُوّر الكليب في ميلانو. عام 2005، نزل الألبوم بعنوان «يا» إلى السوق وسط الظروف التي تعيشها البلاد بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
تشتغل أميمة حالياً على عمل جديد مع زوجها هاني يتألف من 12 أغنية، من تلحينه وعبود السعدي. وستغني خلال الصيف في الأردن، وفي «الحمّامات» في تونس، و«دار الأوبرا السورية» في دمشق. تقول: «الشغل صار صعباً جداً، وخصوصاً بعد الأزمة المالية العالمية... لكنّ المشاكل الإنتاجيّة موجودة من الأساس. ليس هناك مردود للحفلات إلا في الخليج، في ظل غياب عدد كافٍ من المسارح. في العالم العربي يمكنك أن تقوم بكثير من الحفلات، لكن في المطاعم! وأنا بعيدة عن هذه الأجواء. حين لا يعود لديّ من منبر يليق بي أن أقف عليه، أعتزل في منزلي...».
تلفت أميمة إلى أن الجمهور العربي يتفاعل معها أكثر من الجمهور اللبناني، «لأن جمهوري في لبنان له لون واحد وصبغة واحدة. حتى الفن هنا مقسم بحسب الطوائف، ولكل حزب مغنّون، ويقتصر جمهور الفنان بشكل من الأشكال على فئة محددة دون سواها. هذا الأمر لا تعيشه أو تراه في الخارج حيث يتعاملون معي باحترام كفنانة لبنانية، اختارت طريق الجديّة. هنا يهيمن على جمهوري هيمنة عامّة لكن غير حصرية، الذين تهمّهم قضيّة فلسطين ولبنان والمقاومة... الفنّ يأتي بعد ذلك. أمّا الجمهور العربي، فيتعاطى معي على أساس فنّي وإبداعي، بمعزل عن أيّ فكرة مسبّقة أو تصنيف».

 

--------------------------------------------------------------------------------

5 تواريخ

1966
الولادة في الفاكهة
(بعلبك/ البقاع)

1979
ألبوم «عالحدود»
مع مرسيل خليفة

1985
شاركت في غنائية
«أحمد العربي»

2000
أصدرت سي دي «أميمة» عن شركة
«توكيز» وغنّت من ألحان زوجها هاني سبليني

2010
تعمل مع سبليني على ألبوم
من 12 أغنية يصدر خلال الأشهر المقبلة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...