«دمشق» غادة السمّان إلى الشاشة الكبيرة

01-02-2010

«دمشق» غادة السمّان إلى الشاشة الكبيرة

«يسعدني أن تتحول إحدى رواياتي إلى فيلم سوري. أعجبني السيناريو لأنه عرف جيداً كيف يلتقط روح الرواية». بهذه الكلمات، تلقى المخرج السوري سمير ذكرى ردّ غادة السمان (1942) على سيناريو شريطه «حرّاس الصمت» المقتبس عن عملها «الرواية المستحيلة ــــ فسيفساء دمشقية». «عرضت عليّ «مؤسسة السينما السورية» مشروع إنجاز الفيلم ضمن احتفالية «دمشق عاصمة الثقافة العربية 2008»، فوافقت بسبب المكانة التي تحتلها الأديبة غادة السمان وأهمية روايتها تلك». يقول سمير ذكرى مضيفاً: «الرواية مبنية على أربع محاولات للسرد من دون حبكة الحدوتة التقليدية، أي بداية ونهاية وشخصيات لها بناؤها الروائي المعتاد. وهو التحدي الذي فرض نفسه علي نجلاء الخمري في مشهد من الفيلملإنجاز سيناريو يصلح لفيلم ويسير بموازاة الرواية ويقاربها من حيث أهميتها، وخصوصاً أنّ أدب السمان جماهيري». ولم يبدأ ذكرى بتصوير الفيلم إلا بعدما نال موافقة صاحبة «عيناك قدري». وهي الخطوة التي شجعت «مؤسسة السينما السورية» على التعجيل في إنتاج الشريط، وخصوصاً أنّ الأديبة السورية رفضت أن تتقاضى أي مبلغ مادي، معتبرةً أن روايتها هدية تقدمها إلى السينما السورية.
وعما إذا كان الفيلم سيطرح قصة الرواية ذاتها، يجيب سمير ذكرى: «بالتأكيد. خضتُ سابقاً تجربة مع رواية مهمة لحنا مينة أنجزت لها السيناريو وأخرجها نبيل المالح في فيلم «بقايا صور»». ثم يشرح أسلوبه في التعامل مع الرواية عندما أراد تحويلها إلى سيناريو. يقول: «شخصياً، فكّكتُ الرواية وأعدت بناءها لكن على شكل سيناريو، وهذا ربما ما ينتج منه فيلم جديد غير الرواية».
عاشت غادة السمان في بيئة مختلفة الانتماءات الفكرية وفي كنف عائلة محافظة في مرحلة صعبة هي خمسينيات القرن الماضي. هكذا، روت صاحبة «كوابيس بيروت» كل ذلك في «الرواية المستحيلة ــــ فسيفساء دمشقية» التي تضمنت استعراضاً بانورامياً لدمشق وللحياة السورية. وهكذا تماماً، سيطرح شريط «حراس الصمت» شخصية رئيسية مشابهة لشخصية السمان وسيقدمها في مراحل عمرية مختلفة. وسيركز على حياة عائلة دمشقية في الأربعينيات والخمسينيات من خلال قصّة هذه الفتاة وهي تحاول إقناع من حولها بإمكاناتها الإبداعية، وهي محاطة بتقاليد مجتمع لا يرحم.
ويعتبر المخرج أن شريطه يمثّل خطوة في مشروع تنويري بدأه مع أفلامه «حادثة النصف متر» و«وقائع العام المقبل» و«تراب الغرباء» ومن ثم «علاقات عامة». علماً بأنّ الفيلم الأخير فاز بطله الممثل فارس الحلو بالجائزة الذهبية لأفضل ممثل في «مهرجان فالنسيا السينمائي». ولن يكتفي «حراس الصمت» باستعراض حقبة تاريخية معيّنة، بل سيلامس الواقع من خلال شخصياته التي تحمل إسقاطات معاصرة وإضاءات تعني المجتمعين العربي والإسلامي.
وتجسد شخصيّات «حراس الصمت» مجموعة من الممثلين السوريين الشباب منهم: نجلاء الخمري وميريانا معلولي ورنا ريشة وديانا قزح وميسون أبو أسعد وإياد أبو الشامات ومازن منى ورامز الأسود، إضافة إلى الفنانة نجاح حفيظ. ويبدو واضحاً أنّ سمير ذكرى مال إلى أسماء شابة لم تصنع شهرة بعد. وربما تكون ميزانية الفيلم قد حالت دون استقطاب أسماء معروفة. وهنا يجد ذكرى أنّ الأمر لا يتعلّق بالشقّ المادي «أحياناً قد يتضح جهدك مع ممثل شاب أكثر من الجهد الذي تبذله مع ممثل قديم لتغيير نمط أدائه، ثم إنّ الوجوه الجديدة تعطي نوعاً من الطزاجة للفيلم».

هكذا دارت كاميرا «حراس الصمت» بدءاً من بيوت دمشق القديمة، مروراً بالساحل السوري ومحافظة اللاذقية، وصولاً إلى بيرعجم تلك القرية السورية التابعة لمحافظة القنيطرة والمهجورة من سكانها تماماً لأنها تبعد عن المرصد الإسرائيلي مئة متر فقط. ويرصد الشريط تفاصيل وأحداثاً نقلتها السمان في الرواية. إذ ستحاول الصورة مقاربة الروح الحالمة التي تميز أدب السمان بعيداً عن اللغة الواقعية الخالصة من خلال الاعتماد على الغرافيك بكثافة.
الشريط الذي صوِّر بكاميرا «HD ديجتال» المخصصة للتصوير التلفزيوني، أنهى مخرجه عمليات تصويره منذ فترة وبدأ بإنجاز العمليات الفنية. ويعكف حالياً على الإشراف على عمليات المونتاج في استوديوهات «المؤسسة العامة للسينما». وربما سيكون الفيلم جاهزاً للعرض في صالات دمشق مع مطلع تموز (يوليو) المقبل. وسيكون الافتتاح مناسبة كي تزور غادة السمان المقيمة في باريس، مدينتها.
«الشريط عرفان جميل لأيقونة بحجم غادة السمان أجادت الحديث عن دمشق» يقول سمير ذكرى، مضيفاً أنه صنع حوالى 120 دقيقة سينمائية بكلفة إنتاجية زهيدة لا تتجاوز نصف مليون دولار أميركي.

قريباً... إميل حبيبي؟

قبل التحضير لـ«حرّاس الصمت»، كان سمير ذكرى يستعد لفيلمه «الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل» للأديب الفلسطيني الراحل إميل حبيبي (1921 ــــ 1996). وسيكون الفيلم هو المشروع المقبل لذكرى، وسيُنتج مشتركاً بين «مؤسسة السينما السورية» وشبكة ART التلفزيونية. هنا، يجد ذكرى الفرصة مناسبة ليناشد الشاعرة سهام داوود المخوَّلة منح حقوق التأليف لنصوص حبيبي، بأن تسهل مهمة اقتباس الرواية، وخصوصاً أنه يسعى إلى ذلك منذ خمس سنوات لكنها ترفض منحه هذا الحق رغم استعداد الجهات الممولة للفيلم لدفع أي ثمن مادي مقابل الحصول على حقوق اقتناء هذه الرواية.

وسام كنعان

المصدر: الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...