المعلم والمعلمة... وأزمة المسرح السياسي؟!

05-11-2007

المعلم والمعلمة... وأزمة المسرح السياسي؟!

الجمل- د. عمار سليمان علي: لا يختلف اثنان من المهتمين بالشأن الثقافي عموماً والمسرحي خصوصاً حول وجود أزمة مسرح مزمنة في عالمنا العربي. ويكاد لا يُسأل فنان عربي عن سبب ابتعاده عن المسرح إلا ويجيب بشرح مسهب عن حبه وعشقه وولعه وغرامه بالمسرح الذي هو كما علموهم في الكليات والمعاهد "أبو الفنون". ثم يستفيض في الشكوى من انعدام النصوص وقلة التمويل وانصراف الجمهور عن المسرح (والسينما!) إلى التلفزيون والحالة المادية الصعبة وغلاء المعيشة و.. و.. الخ. ويركز معظم أولئك الفنانين بشكل خاص على المسرح السياسي الذي تكاد الآراء تجمع على أن أيامه انتهت إلى غير رجعة مع أفول نجم مسرحيات دريد لحام ومحمد الماغوط وزياد الرحباني وآخرين!.
طبعاً من حيث المبدأ كل ما سبق صحيح وزيادة, ولكن ما يلفت الأنظار في الواقع هو عدم التفات أحد من أولئك العاشقين للمسرح والمتعلقين "بدباديبه" إلى ما نعيشه ونراه يومياً من مشاهد ولقطات وحبكات وتخريجات واقعية جداً تضاهي في تراجيديتها أو كوميديتها أو ميلودراميتها أرقى المسرحيات العالمية القديمة منها والحديثة, وهي جديرة تمام الجدارة بأن تشكل خزاناً لا ينضب لأفكار مسرحية مهمة, أو حتى لأن تشكل مسرحاً بديلاً عن المسرح التقليدي الذي تعودنا عليه, ولعله يسمى مثلاً "المسرح الواقعي جداً", أو "المسرح ما بعد الواقعي". وفيما يلي مثال طازج عن أحد تلك المشاهد المسرحية الواقعية جداً:
ترفع الستارة. تعلن الوزيرة الأولى في العالم أنها ستدعو إلى اجتماع للوزراء. يوافق الوزراء. تعلن الوزيرة "المعلمة" أنها لن تدعو الوزير المعلم. لا يعترض التلاميذ. يجلس التلاميذ في الصف. يرفع أحد التلاميذ يده طالباً الأذن بالكلام. تعطيه الوزيرة "المعلمة" الأذن. يطلب أن يذهب لقضاء غرض (خروج عن النص لكي يضحك الجمهور). يعود إلى النص: يطلب دعوة المعلم إلى الصف لأن معلوماته أغنى و أسلوبه في شرح الدروس أفضل. لا توافق الوزيرة "المعلمة". يحدث احتجاج وصخب وهرج ومرج. تلتف الوزيرة "المعلمة" على نفسها وعلى رفضها, وأثناء ذلك تسمع من أحد التلاميذ كلمة تصويت. تشعر بسعادة غامرة لأن جهودها أثمرت وهاهم بدؤوا يتقدمون على طريق الديمقراطية. تقرر أن تكافئ ذلك التلميذ النجيب بالموافقة على ما يريده أي التصويت. يصوتون بالموافقة على دعوة المعلم إلى الصف. يتصلون به هاتفياً. يتبين أنه قد غادر في طائرته إلى صف آخر, ويقول لهم (عالطاير): ما دامت لديكم "المعلمة" فما حاجتكم إلى المعلم؟!. تسدل الستارة.

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...