الدبلوماسية الأمريكية الهادئة داخل إيران

13-03-2006

الدبلوماسية الأمريكية الهادئة داخل إيران

 

مجلس العلاقات الخارجية

ليونيل بيهنر – كاتب في هيئة التحرير

 

مقدمة

ما هي متطلبات برنامج الدبلوماسية؟

هل يُعتبر هذا البرنامج إشارة واضحة إلى تغيير الولايات المتحدة لسياستها تجاه إيران؟

هل يتسم برنامج الدبلوماسية بالفعالية؟

هل سيكون لوسائل الإعلام التي تمولها الولايات المتحدة أثراً على الشعب الإيراني؟

ما مدى فاعلية وسائل الإعلام التي موّلتها الولايات المتحدة على الإيرانيين؟

هل بإمكان التبادل الثقافي أن يحقق النتائج المرجوة منه ؟

هل يستطيع برنامج الدبلوماسية هذا تأجيج المشاعر في إيران؟

ما هي بعض الخيارات الدبلوماسية الأخرى المطروحة للتعامل مع إيران؟

 

مقدمة

مع ازدياد التحفظ الدولي على برنامج إيران النووي ، يسعى المسؤولون الأمريكيون جاهدين إلى إيجاد حلاً لهذه المسألة. على الرغم من ازدياد احتمال تحويل الملف الإيراني إلى مجلس الأمن في غضون الأشهر القادمة ، فإن فرض عقوبات سيكون أمراً صعب التطبيق ، ويعود أحد أسباب ذلك إلى اعتماد أعضاء مجلس الأمن المتزايد على إيران للحصول على موارد الطاقة.

إن الحلّ العسكري ليس مستبعداً ، وذلك حسب إدارة الرئيس بوش ، وهو الحل الأخير ، ويقول معظم الخبراء أن توجيه ضربة أو شن هجوم مُحكم ضد إيران من شأنه أن يؤجج المشاعر الوطنية لدى الإيرانيين ويوّحد الشعب حول النظام القائم ، ويؤخر برنامج إيران النووي دون أن يُنهي قدراتها بشكل كامل.

 

لقد قدمت الوزيرة كونداليزا رايس استراتيجية جديدة خلال شهادتها أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ بالخامس عشر من شباط ، ركزت فيها على الآليات المستخدمة في ما يُطلق عليه "الدبلوماسية الهادئة" ، مطالبةً بزيادة المبالغ المخصصة لمساعدة المنظمات المؤيدة للديمقراطية ، وللمبادرات الدبلوماسية العامة ، وللمنح الدراسية والثقافية ، إضافةً إلى توسيع نطاق المحطات الإذاعية ، التلفزيونية ، الإنترنت والبث الفضائي الممولة من قبل الولايات المتحدة ، والتي تلقى رواجاً متزايداً بين صفوف الشباب الإيراني. وعلى الرغم من عدم ذكرها لمسألة تغيير النظام بشكل مباشر ، قالت رايس "إننا سنعمل على دعم طموحات الشعب الإيراني من أجل الحرية في بلدهم".

 

ما هي متطلبات برنامج الدبلوماسية؟

تقول الوزيرة رايس بأن برنامجاً بقيمة 85 مليون - أي بما يزيد عن سبعة أضعاف الميزانية السابقة – هو الآن مجرد جزء من حملة متعددة الجوانب تهدف إلى تعزيز الديمقراطية وحرية وسائل الإعلام في إيران. ويتألف هذا البرنامج ، على وجه التحديد ، من ثلاثة عناصر:

توسيع نطاق الإذاعة والتلفزيون المستقلين: لقد تم تخصيص ما يقارب 50 مليون دولار من الإنفاق من أجل إنشاء تلفزيون ناطق باللغة الفارسية يعمل على مدار الساعة بالتزامن مع البث الإذاعي الأجنبي المستمر حالياً بدون توقف.

تمويل المنظمات المؤيدة للديمقراطية: من شأن هذه المبادرة أن ترفع الحظر على التمويل الأمريكي للمؤسسات الغير الحكومية داخل إيران (

 

هل يُعتبر هذا البرنامج إشارة واضحة إلى تغيير الولايات المتحدة لسياستها تجاه إيران؟

نعم ، يقول الخبراء بأنه تحول في إستراتيجية إدارة بوش حيال إيران ، التي كانت تُعرف سابقاً بسياسة العزل الدبلوماسي والعقوبات ؛ ففي العام الأخير ، بدأ البرنامج ولكن بميزانية بلغت فقط 3.5 مليون دولار. أضف على ذلك ، بأن البرنامج سوف يشهد أول خطوة جدية تهدف إلى تنسيق الولايات المتحدة مع دعاة للديمقراطية بعد أزمة احتجاز الرهائن الأمريكيين في العام 1979 إبان الثورة الإسلامية ، التي أدت إلى قطع العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين الولايات المتحدة وإيران. ويقول عباس ميلاني ، مدير مشروع الديمقراطية الإيرانية في معهد هوفر التابع لجامعة ستافورد: بأن الفكرة المتمثلة في تبني البث الإذاعي - الذي يركز على التطوير الداخلي – البث التلفزيوني ، مواقع الإنترنت ، تبادل البعثات الدراسية – هي بحد ذاتها أسلوباً جديداً. ويضيف ميلاني بأنه وحتى فترة ليست بالبعيدة ، كانت هنالك مراكز سياسية عديدة تتنافس فيما بينها. واقترح آخرون بأن هذا البرنامج الجديد يشير إلى موقف أقل تشدداً من جانب البيت الأبيض. يقول وليام راف ، السفير الأمريكي السابق الذي قام بنشر عدة كتب حول الدبلوماسية الهادئة في الشرق الأوسط "إن التهديدات ليست مجدية على الدوام ، إذ أن تهدئة الموقف قد يفتح بعض الأبواب ويشجع الآخرين (في الحكومة الإيرانية) على المساعدة في جعل السياسات الإيرانية معتدلة".

 

هل يتسم برنامج الدبلوماسية بالفعالية؟

يختلف الخبراء مع هذا الطرح. يقول راي تاكيه ، الزميل البارز في الدراسات الشرق الأوسطية لدى مجلس العلاقات الدولية: "قد يصبح الوضع الداخلي في إيران أكثر توتراً" ، مشيراً إلى احتمال حدوث رد فعل من قبل الحكومة الإيرانية. من ناحيةٍ أخرى ، يقول ميلاني "إذا ما طُبق هذا البرنامج بشكل جيد ، فإنه سيكون بمثابة الوسيلة التي من شأنها أن تؤدي إلى حلّ عقدة هذا النظام" ، وعليه فإن النقطة الأساسية هي كيفية تطبيقه ، حيث أن هذا التطبيق يجب أن يتم بصورة حذرة لأنه قد يجعل الشعب الإيراني في ورطة. وقد اقترح إنهاء الحصار الأمريكي المفروض على إيران على أن يترافق برامج دبلوماسيتها مع ما يُسمى بالعقوبات الذكية التي تستهدف شخصيات بارزة في الإدارة الإيرانية. ويؤيد جون براون ، أستاذ الدبلوماسية في جامعة جورج تاون ، الدبلوماسية الشعبية (الموجهة إلى الشعب) بشكل عام والتبادل الثقافي بشكل خاص. ولكنه يقول بأن هذه الخطوة الجديدة قد تكون متأخرة جداً ولا تفي بالغرض ، ويضيف "كان علينا أن نبدأ منذ عقود ، إننا الآن نسعى جاهدين لتعويض ما فاتنا ، وبالطبع ، من الصعب القيام بالتبادل الثقافي لأن ذلك يتطلب الكثير من الوقت".

 

هل ستترك وسائل الإعلام التي تموّلها الولايات المتحدة أثراً على الإيرانيين؟

يقول الخبراء ، بأن مدى تأثيرها ليس واضحاً. ويقول راف بأن الدبلوماسية الشعبية هي خطوة إيجابية ولكن يصعب تطبيقها إن لم نكن متواجدين هناك ، ولو أخذنا تأثير الدبلوماسية الشعبية والبث الإذاعي على الاتحاد السوفييتي بعين الاعتبار ، لوجدنا بأنه كان لدينا سفارة في موسكو وأشخاص يعملون لحسابنا في كل تلك المنطقة. ويقول الخبراء ، على الرغم من أن البرامج المشابهة قد حققت نجاحاً كبيراً في التأثير على المجتمعات المدنية وعلى حماسها للديمقراطية في الدول الشيوعية خلال فترة الحرب الباردة ، فإن إيران تشكل تحدياً مختلفاً. يقول براون ، في فترة الحرب الباردة كان هناك من يريد الإصغاء إلينا ويتحمس لرؤية مؤشرات اهتمامنا به ، وأنا لست متأكداً من أن نفس الأمر ينطبق على الشعب الإيراني.

يؤكد الخبراء على أهمية البث الإذاعي والتلفزيوني الفضائي بما أن ما يقارب 5 ملايين من الشعب الإيراني يمتلك أطباق فضائية غير قانونية ، ولكن من أجل تجنب "الوعظ العكسي" ، يقول ميلاني ، على الولايات المتحدة أن تصل إلى أغلب الشعب الإيراني بدون البث الفضائي من خلال زيادة موجات البث الإذاعي. ويقول الخبراء ، يجب على المحطات الإذاعية أن تكون مستقلة بشكل حقيقي وذات مستوى عالي. ويقول بيل سامي ، منسق التحليلات الإقليمية لدى راديو الحرة أوروبة ، بأن المشكلة تكمن في أن محطات البث (التي يُبث أغلبها من لوس أنجلوس) ولمملوكة من قبل مهاجرين إيرانيين عملوا في مجال البث الإذاعي قبل الثورة الإيرانية (1980-1979) ليست بعيدة عن متناول الشعب الإيراني فحسب وإنما تبث رسائل غير مقنعة. ويقول الخبراء ، نفس الأمر ينطبق على موقع الإنترنت باللغة الفارسية التابع لوزارة الخارجية ، حيث أن الترجمات الموجودة على هذا الموقع لا تفي بالحاجة ، هذا ما ذكره مهدي خالاجي ، الزميل الزائر في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ، في موجزه الأخير. ويضيف الخبراء بأن اللغة المستعملة في الموقع تفتقر لديناميكية ومعايير اللغة الفارسية المعاصرة المتداولة في إيران مما يهدد بطمس الرسالة الأمريكية ، لأن 65% من عدد سكان إيران هم تحت سن الثلاثين.

 

ما مدى فاعلية وسائل الإعلام التي موّلتها الولايات المتحدة على الإيرانيين؟

يقول الخبراء بأن لهذا التبادل تأثيرات متفاوتة. حيث أن أقل من 5% من الإيرانيين ممن يستمعون إلى البث الإذاعي الأجنبي يحولون الموجة إلى صوت أمريكا ، التي تبث برامجها باللغة الفارسية لثلاث ساعات يومياً كما وتبث برامج تلفزيونية لمدة ساعة يومياً. وعليه ، ذكر خالاجي بأن صوت أمريكا قد يكون لها أثراً متوسطاً في أحسن الأحوال. أما راديو فاردا ، الذي خلف راديو أزادي المموّل أمريكياً ، فقد حقق نجاحاً أكبر ، وبفريق عملها المؤلف من أشخاص من محطة صوت أمريكا وراديو أوروبة الحرة ، تُعتبر هذه المحطة التي تقدم برامج إخبارية وموسيقية على مدار الساعة ثالث أهم محطة تقدم برامجها في إيران بعد التلفزيون والراديو المحليين (باستثناء وسائل الإعلام المطبوعة) ، وذلك حسب دراسة أجراها في نيسان-أيار 2005 مجلس أمناء البث الإذاعي الأمريكي. ويقول ميلاني بأن محطة فاردا ما تزال تفتقر للتأثير والشعبية التي تمتع بها راديو أزادي ، والذي كانت أغلب فترات بثه مخصصة للبرامج الإخبارية. بشكل عام ، لم يُنظر إلى جهود الولايات المتحدة ما بعد أحداث 11/أيلول في مجال الدبلوماسية الشعبية في المنطقة على أنها جهود ناجحة.

وعلى الرغم من أن محطة الحرة التي تمولها الولايات المتحدة تصل إلى 120 مليون شخص أغلبهم من المشاهدين العرب في 21 دولة عربية ، فإن هنالك شكوك كبيرة في المنطقة على أن هذه المحطة هي مجرد محطة مخصصة للدعاية فقط وذلك حسب ما جاء في تقرير مجلس العلاقات الخارجية في حزيران 2005 حول الديمقراطية العربية.

 

 

هل بإمكان التبادل الثقافي أن يحقق النتائج المرجوة منه ؟

يقول جورج براون: "إن أفضل خطوة من الخطوات المرتبطة بهذه الدبلوماسية ككل هي التبادل الثقافي. ولكن ، ومنذ أحداث 11/أيلول أصبح الحصول على تأشيرة إلى الولايات المتحدة مسألة صعبة على الإيرانيين ، إذ عليهم السفر إلى أنقرة أو دبي للحصول عليها ، بسبب عدم وجود سفارة أمريكية في طهران. كما ويشير ميلاني إلى مشكلات أخرى ، بما في ذلك الافتقار الحاد لبرامج الدراسات الفارسية في الجامعة الأمريكية ، ويقول "عندما بدأت الحرب الباردة ، أنفقت الولايات المتحدة الأموال على الدراسات الروسية والماركسية ، وفي الخمس وعشرين سنة الأخيرة ، وعلى الرغم من أنه كان من شبه المؤكد أن الولايات المتحدة سوف تواجه مشكلات مستعصية مع إيران والشرق الأوسط ، تقلصت الدراسات الجامعية في هذا المجال.

 

هل يستطيع برنامج الدبلوماسية هذا تأجيج المشاعر في إيران؟

يقول الخبراء: "قد يكون ذلك ممكناً. ويقول فاريبروز مختاري ، أستاذ في مركز جنوب شرق أسيا التابع لجامعة الدفاع الوطني ، صحيح أننا ، وفي حالة فشل البرامج ، سنكون قد أهدرنا المال ، ولكن الأسوأ من ذلك ، هو تأثيرنا على مصداقية جماعات المعارضة الشرعية في نظر النظام الإيراني الذي سوف ينظر إليهم على أنهم خونة يتلقون المال من العدو من أجل تقويض المصالح الوطنية الإيرانية. لقد استغرب ميلاني من نشر الإدارة الأمريكية لهذا البرنامج. ويقول: "إن الحكومة الإيرانية وكل دعاة الديمقراطية في إيران هم تحت المراقبة للتأكد من عدم اشتراكهم في هذا البرنامج" ، لقد فرضت السلطات الإيرانية في الأشهر الأخيرة حظراً محدوداً على البرامج المترجمة التي تقدمها محطة الـ

وبضيف ميلاني بأن القلق الأكبر يكمن في تحريض الإيرانيين ضد الولايات المتحدة ، ويقول بأن الشارع الإيراني مؤيد للولايات المتحدة ، في حين أن الحكومة الإيرانية ضدها ، بعكس ما هو عليه الحال في العالم العربي.

 

ما هي بعض الخيارات الدبلوماسية الأخرى المطروحة للتعامل مع إيران؟

إن أحد هذه الاقتراحات كان فرض قيود على سفر خارجية على سفر المسؤولين الإيرانيين. ويقول سامي: بأن ذلك من شأنه أن يُرسل رسالةً ، ليس فقط إلى القادة في إيران وإنما إلى الشعب الإيراني أيضاً ، مفادها بأن هؤلاء الأشخاص يتصرفون بطريقة تجعلهم منبوذين في العالم. ولكن هل سوف يشجع ذلك القادة الإيرانيين على التغيير؟ أشك في ذلك ، لأنهم عنيدين للغاية. أما الخيار الأخر فهو حسب ما رشح عن النيويورك تايمز وصحف أخرى هو منع إيران من المشاركة في كأس العالم القادمة التي سوف تُقام بحزيران 2006 في ألمانيا. وعلى الرغم من أن بعض الخبراء يقولون بأن هذا التكتيك أظهر نجاحاً محدوداً عندما طُبق على يوغسلافيا في العام 1990 ، ولكن معظم هؤلاء الخبراء يقولون بأن هذا التكتيك ليس بالتكتيك الناجع. ويقول ميلاني "إن كرة القدم هي اللعبة الأكثر شعبيةً في إيران ، وعليه فإن منع فريقها لكرة القدم من المشاركة في كأس العالم يعني شيئاً واحداً وهو جعل الشعب الإيراني ينقلب على الولايات المتحدة لأنها حرمتهم من متعة هذه المشاركة"

 

 

 

NGOs) ، اتحادات العمال ، منظمات حقوق الإنسان وأطياف المعارضة. سوف تذهب معظم هذه المبالغ إلى منظمات خارج إيران ولكنها على علاقة مباشرة بمنظمات وأفراد تستحق هذا التمويل داخل البلاد من أجل حماية وجودها. إضافةً إلى زيادة المنح والتبادلات الثقافية والدراسية. وسوف يساعد هذا البرنامج على تشجيع الطلاب والباحثين الإيرانيين للتسجيل في الجامعات الأمريكية. وقد ذكرت رايس ، بأن عدد الطلاب الأمريكيين في الولايات المتحدة ، خلال عقد السبعينات من القرن الماضي ، وصل إلى 200.000 طالب ، وبأن هذا الرقم قد انخفض إلى 2.000 في الوقت الحالي.CNN كما ومنعت بثت محطة الـ BBC باللغة الفارسية.

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...