علاج الأمراض الوراثية بالجينات

27-05-2006

علاج الأمراض الوراثية بالجينات

الأمراض الوراثية مشكلة باتت تؤرق كافة المجتمعات العربية حيث توجد أعلى نسبة الإصابة بها في العالم بسبب زواج الأقارب وأبحاث ودراسات العلماء لا تنتهي للبحث عن علاجات جديدة للأمراض الوراثية آخرها إنشاء وحدة جديدة بهيئة المصل واللقاح وهي مزودة بأحدث الأجهزة لاكتشاف العيوب الخلقية للجنين من خلال سونار ثلاثي الأبعاد بعيادة تشخيص أمراض الجنين كما تضم الوحدة معامل لتشخيص أمراض الوراثة مثل معمل الباثولوجي الجزئية إلى جانب عيادة الوراثة وتقديم خدمة الاستشارات الوراثية وفحوصات ما قبل الزواج.

 تقول الدكتورة دعاء الفيومي مدير الوحدة أن الهدف الأساسي من إنشائها هو الحد من انتقال الأمراض الوراثية للأجيال القادمة من الآباء للأبناء، لذلك بدأ مشروع مسح شامل لاكتشاف حامل أنيميا البحر المتوسط من خلال عمل اختبارات دم وراثية للمقبلين على الزواج أو للمتزوجين قبل إنجابهم للأطفال لاكتشاف ما إذا كان يحمل هذا المرض أو أصيب به خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عمر الجنين حتى يمكن متابعته بعد الولادة من قبل طبيب الأطفال المختص لمنع تدهور الحالة ولمنع ظهور مشاكل للمريض مثل تضخم الطحال. يمكن تحقيق هذا الهدف من خلال الخدمات التي تقدمها الوحدة والتي تتمثل في عيادة الوراثة التي تقدم الاستشارات الوراثية للمقبلين على الزواج مما يفيد في تحديد نسب حدوث المرض في الجيل القادم وتحديد نوع الفحوصات المطلوبة سواء معملية أو وراثية أو إكلينيكية أو إيضاحية للكشف بالسونار إلى جانب الكشف على الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.


   توجد عيادة طب أمراض الجنين التي تفيد في فحصه خلال الأشهر الأولى له لمعرفة إذا كانت به عيوب خَلقية أم لا وذلك عن طريق السونار الثلاثي الأبعاد الذي يعطي صورة مجسمة للجنين من مختلف جوانب جسمه واتجاهاته مما يساعد على الفحص التشريحي الكامل له وقد يتطلب فحص الجنين سحب عينة من السائل الأمينوسي المحيط به لتحليلها وراثياً بالمعمل لتحديد ما إذا كان الجنين حاملاً للمرض الوراثي أم لا، ولمعرفة نسبة إصابته بهذا المرض، أيضا هناك فحوصات ما قبل الزواج .

   وتضيف الدكتورة دعاء أن الوحدة أيضا تهدف إلى خدمة الكشف بالسونار للفتيات المقبلات على الزواج لتشخيص العيوب الخلقية التي قد توجد بالرحم أو المبايض ما قد يعوق الحمل بعد الزواج، ويقدم هذا الكشف ضمن برنامج فحوصات ما قبل الزواج كما تساعد العيادة أيضا في متابعة التبويض لمساعدة السيدات على الحمل من خلال ثلاث جلسات ما يتيح تحديد العلاج المطلوب لذلك إذا لزم الأمر إلى جانب المتابعة الدورية للحوامل بالسونار وذلك بتكلفة معقولة جداً، كذلك عمل أشعة «دوبلار» للأوعية الدموية للمشيمة والجنين والتي قد يطلبها طبيب النساء والولادة للاطمئنان على صحة الجنين واستكمال فترة الحمل بأمان.

   أما عن معامل الوراثة التي تضمها الوحدة فهي معمل فحص الكروموسومات ومعمل البيولوجيا الجزيئية فبالنسبة لمعمل فحص الكروموسومات فيقوم بتحديد العيوب الخلقية التي توجد بكروموسومات الإنسان والتي قد تكون عددية ويبلغ عددها الطبيعي 46 كروم وسوما أو تركيبية من حيث الإضافة أو الحذف أو التركيب الخاطئ لها ويفيد ذلك كله في تحدد سبب الإصابة ببعض الأمراض الوراثية مثل طفل متلازمة داون وبعض أمراض التأخر في النمو أو الإجهاض المتكرر ويتم الكشف عن هذه الأمراض بأحدث الوسائل التشخيصي .

   ويقوم معمل البيولوجيا الجزيئية بدور مهم في تشخيص بعض الإمراض الوراثية التي يرجع سببها لطفرة محمولة على الجين «الشريط الوراثي» سواد كانت هذه الطفرة ظاهرة أو مختفية سائدة أو ضعيفة وهي التي تؤدي إلى ظهور المرض الوراثي في حالة وراثته من الأب والأم معاً، وهذه الأمراض الوراثية التي يتم تحديدها من خلال هذا المعمل مثل أنيميا البحر المتوسط التي يصاب بها الطفل بالأنيميا، ونظراً لخطورة هذا المرض فقد قامت الوحدة بإنجازاتها بإجراء أحدث الدراسات لتحديد نسبة حاملي أنيميا البحر المتوسط في مصر، والتي اتضح أنها تصل إلى حوالي 8% وذلك من خلال إجراء مسح شامل لعدد الطفرات الوراثية الشائعة في مصر بأحدث الاختبارات الوراثية للكشف عن حاملي المرض لتجنب ظهور جيل جديد من الأطفال المصابين به وانه أمكن تحديد هذه النسبة من خلال أحدث الطرق المستخدمة للكشف عن المرض وتحديد الطفرة الوراثية له والتي توجد في الجين المسؤول عن إنتاج سلسلة «بيتا- جلوبين» وهي أحد أهم مكونات هيموجلوبين الدم والتي يمكن عن طريقها تحديد مدي شدة الإصابة.

             ويتم تقدير ذلك وفق مدي تأثر الجين بالطفرة الوراثية، ويفيد هذا التحليل ـ بصورة كبيرة ـ المقبلين على الزواج الذي ينصح بإجرائه لتجنب إنجاب أطفال حاملين للمرض أو مصابين به أن إجراء الاختبارات الوراثية مثل «pcr» إلى جانب بعض التحاليل المعملية مثل صورة الدم بالفصل الكهربائي وهذا يفيد في تجنب الإصابة بالمرض الذي تظهر أعراضه في شحوب وضعف عام شديدين كما تظهر خطورته في تضخم الكبد و الطحال الذي قد يتطلب استئصاله في مرحلة مبكرة من العمر وذلك إلى جانب المعاناة التي تسببها أنيميا البحر المتوسط للمصاب بها الذي يحتاج إلى عمليات نقل دم متكرر خلال فترات قصيرة تتراوح ما بين ثلاثة إلى خمسة أسابيع طوال عمره.
 

   كما يقوم معمل البيولوجيا الجزيئية أيضا بتشخيص مرض أنيميا الخلايا المنجلية التي يصاب بها المريض بسبب وجود طفرة وراثية على «جلوبين جين» تؤدي إلى تغيير في شكل كرات الدم الحمراء «المنجل» عند تعرضه لإنخفاض نسبة الأكسجين في الدم مما يحتاج إلى نقله إلى جانب قيام هذا المعمل بالكشف عن مرضي الضمور العضلي «توشان»، وكذلك تحديد البصمة الوراثية التي تفيد في حالات إثبات البنوة والأبوة وكذلك التحضير لعمليات زرع النخاع.

           وتقول الدكتورة أمال البشلاوي أستاذ أمراض الدم بطب عين شمس أن هناك العديد من أمراض الدم الوراثية مثل أنيميا الفول الذي ينتقل من الأم الحاملة للمرض إلى طفلها الذكر وتصاب به الأنثى في حالة حمل كل من الأم والأب للمرض، وتشير الإحصائيات أنه يوجد حوالى 5 آلاف طفل مصابين بأنيميا الفول يترددون على عيادة أمراض الدم بمستشفي أبو الريش بالإضافة إلى أمراض فشل النخاع الوراثية مثل مرض «فنكوني» وهو ينشأ بسبب نقص في تكوين كرات الدم الحمراء ومن أهم المضاعفات المصاحبة لها حدوث نقص في كرات الدم البيضاء وضعف المناعة، وكذلك نقص في الصفائح الدموية للطفل مما يؤدي إلى حدوث نزف نظرا لعدم قدرة الدم على التجلط، وبالإضافة إلى ذلك تظهر عيوب خلقية للطفل وتشير الدراسات التي أجريت حول هذا المرض أن العوامل البيئية تلعب دوراً في الإصابة به كذلك تعرض الأطفال للمبيدات الحشرية التي يتم رشها في المنزل أو نتيجة تناولهم أطعمة سبق رشها بالمبيدات الكيماوية، كما يؤدي تنأول بعض الأدوية مثل عقاقير قتل الديدان وخفض الحرارة بدون إشراف الطبيب إلى أمراض فشل النخاع الوراثية كذلك استخدام الأم مواد وأدوية قتل حشرات الرأس لطفلها والتي تحتوي على البنزين يؤدي ذلك أيضا إلى الإصابة بهذه الأمراض.

                        
    وتضيف الدكتورة أمال أن هناك أيضا أمراض دم وراثية تسبب النزف مثل «الهيموفليا» الذي تحمل الأم الجين المصاب به وتنقله لأبنها مما يسبب نقصا في عامل التجلط «8» فيصبح المريض بحاجة إلى نقل هذا العامل الذي ينقصه عند إجراء أي عملية جراحية حتى في حالة خلع الأسنان، أو عند تعرضه لبعض الصدمات والإصابات وهناك أيضا أمراض الدم التي تسبب ضعف في عمل الصفائح الدموي والتي تسبب النزف المتكرر في الأنف وزيادة كمية الدم في أثناء الدورة الشهرية وكذلك النزف أثناء الولادة وتكرر نزيف اللثة الذي لا يتوقف إلا بنقل هذه الصفائح الدموية كما توجد أمراض دم وراثية نادرة مثل فشل نخاع كرات الدم الحمراء فقط أو فشل النخاع نتيجة صعوبة تكوين كرات الدم في النخاع العظمي وفي دراسة حديثة توصلت إلى إمكانية كل الأب والأم الحاملين لمرض وراثي إنجاب أطفال خاليين من هذا المرض وذلك عن طريق تلقيح بويضات الأم خارج الرحم وانتقاء البويضة السليمة غير الحاملة للمرض ثم إدخالها إلى رحم الأم مما يفيد في إنجاب أطفال خالين من الأمراض الوراثية.كما نجحت دراسة أخري في زرع نخاع للجنين المصاب داخل رحم أمه عن طريق العلاج بالجينات والذي يتم فيه إدخال الجين السليم بدلاً من المصاب كما يمكن إجراء هذا العلاج بعد ولادة الطفل.

 

 

ممدوح أمين

المصدر : المحيط

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...