زلزال سورية

06-02-2023

زلزال سورية

زلزال راح ضحيته أكثر من 237 شخص والعدد مرشح للارتفاع،واصابة 659  ودمر ابنية بأكملها، ورغم ذلك يقف العالم متفرجاً، ولا ذكر لزلزال سورية والاهتمام كله لتركيا وكيفية مساعدتها مع انه نفس الزلزال ضرب الدولتين معا ، فهل السبب الوحيد هو العقوبات الغربية على سورية؟ 

 

الزلزال الذي ضرب سورية هو الأعنف في البلاد منذ اكثر من خمس وثلاثون  عاماً، ورغم ذلك لم يتحرك العالم حتى هذه اللحظة  لتقديم المساعدات، كما هي العادة في تلك الكوارث الطبيعية 

 

كيف يستجيب العالم عادة للكوارث الطبيعية؟

في حالات الكوارث الكبرى، وبصفة خاصة الزلازل المدمرة، يهرع العالم إلى نجدة الدولة المنكوبة، بغض النظر عن وضع تلك الدولة السياسي أو الاقتصادي. فلا فرق في مثل تلك الظروف الاستثنائية بين دولة غنية وأخرى فقيرة، ولا بين دولة تنتمي لما يوصف بالعالم الأول أو الثاني أو الثالث، فالاعتبارات الإنسانية تكون المحرك الأول عادة.

 

وهذا الكلام ليس مرسلاً أو إنشائياً، بل حقائق تؤكدها عشرات السوابق. فعلى سبيل المثال كان خبر عنوانه "العالم يهرول لتقديم المساعدة لليابان بعد الزلزال المدمر"، هو القاسم المشترك في وسائل الإعلام حول العالم، خلال مارس/آذار 2011، عندما ضرب اليابان زلزال مدمر، بلغت قوته 8.9 درجة بمقياس ريختر.

 

تسبب ذلك الزلزال في مقتل نحو ألف شخص وإصابة 10 آلاف آخرين، ونتج عنه أيضاً تسونامي هائل، فسارعت دول العالم إلى إرسال المساعدات وفرق الإنقاذ، وتحركت حاملة الطائرات يو الأمريكية يو إس إس ريغان إلى سواحل اليابان لتقديم المساعدة، بحسب تقرير لموقع NDTV.

 

وهذه الاستجابة الفورية في ذلك الزلزال ليست استثنائية، بل هي الأمر الطبيعي والمتكرر في الكوارث الطبيعية. والزلازل تحديداً تعتبر من أخطر الكوارث الطبيعية وأكثرها تدميراً بسبب استحالة التنبؤ بها رغم التقدم التكنولوجي الهائل الذي حققته البشرية.

 

فعندما ضرب زلزال سومطرة المدمر ونتج عنه تسونامي دمر منتجع بالي تماماً عام 2004، أصبحت إندونيسيا على الفور مسرحاً لاستقبال فرق الإنقاذ من شتى أنحاء العالم، وانهمرت المساعدات من جميع الدول، وأصبحت متابعة عمليات الإنقاذ الأكثر متابعة وتغطية إعلامية من أركان الكرة الأرضية الأربعة.

الزلزال الأعنف منذ 35 عاماً، وسورية "وحيدة"

لكن على النقيض تماماً من ذلك التعاون الدولي الإنساني جاء رد الفعل على الزلزال الأعنف في تاريخ سورية منذ أكثر من 35 عاماً "فاتراً وباهتاً" بصورة لافتة. فمن ناحية التغطية الإعلامية لم تشغل أخبار الزلزال حيزاً يذكر من التغطية الإخبارية حول العالم، المنشغلة تماماً بأخبار الحرب في أوكرانيا وأزمة الغذاء العالمية والتضخم والأزمات الجيوسياسية بين الغرب بقيادة الولايات المتحدة من جهة وروسيا والصين من جهة أخرى.

 

وتكفي نظرة سريعة على كبريات الصحف الأمريكية والغربية وشبكات التلفزيون الإخبارية وحتى وكالات الأنباء العالمية الكبرى اليوم للوقوف على الحيز الهامشي الذي تشغله تلك الكارثة الطبيعية المدمرة، والتي أودت بحياة عدد كبير من السوريين الابرياء، والعدد مرشح للزيادة بعد ما يقارب 12ساعة من وقوع الزلزال.

- العقوبات الغربية "تزيد الطين بلة"

اللافت هنا هو أن الحديث عن العقوبات الغربية، التي فرضت على سورية  جاء مرادفاً للتغطية "الشحيحة والخجولة" للكارثة الطبيعية المدمرة في البلاد.

فعلى الرغم من أن العديد من شخصيات المجتمع المدني على مستوى العالم  قد توجهوا بنداءات استغاثة للعالم عبر صغحاتهم الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي، كي يتم رفع أي حواجز أو عوائق أمام وصول المساعدات للمناطق المنكوبة جراء الزلزال، فإن الاستجابة لا تزال "صفراً" حتى الأن. وتعمل الحكومة السورية في إطار قدراتها المتاحة فقط. 

ولابد من التأكيد بأن هناك أساس قانوني يضع أعمال الإغاثة العاجلة في ظروف الكوارث الطبيعية تحت تصنيف "مساعدات إنسانية" وليس "مساعدات تنموية"، وهو ما يعطي الدول الراغبة في تقديم المساعدة حجة قوية في مواجهة العقوبات الأمريكية خصوصاً والغربية عموماً. ورغم وجود خيط رفيع أو منطقة رمادية بين تصنيف "مساعدات تنموية" و"مساعدات إنسانية"، فإن كارثة طبيعية كهذا الزلزال المدمر في سورية لا تحتاج للتفكير عند الاستجابة لها، لذلك يجب ان تتحرك وكالة الإغاثة التابعة للأمم المتحدة على الفور، لتنسيق جهود الإغاثة الدولية سورية.

 

لكن مناشدات تقديم المساعدات الإنسانية لسورية لم تجد أذناً مصغية حتى الأن، رغم أن كارثة الزلزال سبقتها كوارث أخرى ناتجة عن الحصار الاقتصادي الجائر على سوريا وتأثيره على اقتصاد البلاد، وهو ما يعني مضاعفة تأثير الزلزال المدمر، وارتفاع أعداد الضحايا كلما تأخرت المساعدات.

وهناك هيئات إغاثة دولية يجب ايضا ان تتحرك ، مثل لجنة الإنقاذ الدولية ومجموعة الطوارئ الطبية الإيطالية والاتحاد الدولي للصليب الأحمر في جنيف، وتبدأ  في إرسال بعض من طواقمها إلى سورية، 

إذ إن جهود الإغاثة في هذه الكارثة الطبيعية يجب ان لاتتعرض للعرقلة بسبب العقوبات، فالأساس القانوني لتقديم الإغاثة الإنسانية موجود وقائم بالفعل،

-الخلاصة هنا هي أن الاعتبارات السياسية للدول الغربية، وعلى رأسها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، أثبتت أن لها الأولوية على التحرك لتقديم المساعدات الإنسانية لضحايا كارثة الزلزال الطبيعية، والنتيجة هي أن الشعب السوري يقف وحيداً في مواجهة الفاجعة.

 

د.ايهاب احمد ابو الشامات  

مفوض العلاقات الدولية 

المجلس الدولي للاعلام الالكتروني/فرنسا 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...