نساء خلدهن التاريخ: حمدونة “بنت زياد العوفي”

10-12-2021

نساء خلدهن التاريخ: حمدونة “بنت زياد العوفي”

Image
 حمدونة “بنت زياد العوفي”

 د. أيمن دراوشة:

تُعد حمدونة بنت زياد العوفي في نظر الكثيرين من الكتاب والنقاد أستاذة الشعر الأندلسي ، وقد ولدت حمدونة في وادي آش بالأندلس وتغلبت عليها الطبيعة الريفية من حيث التكوين الاجتماعي والاخلاقي وأغراض الشعر.

عاشت حمدونة أو حمدة تخففًا ، في وادي آش ، وهي مدينة خلَّابة ساحرة ذات جمال آسر ، وانخرطت في بيت علم وأدب حيث كان أبوها الذي عُرق بزياد المؤدب قد أنشأ ابنتيه حمدونة وزينب على حب العلم والأدب ، فأصبحتا شاعرتين من أشهر شعراء الأندلس ، لكن نصيب زينب من الشهرة لم يبلغ شهرة أختها حمدونة.

والجدير بالذكر أنَّ أكثر شعر حمدونة المتميز برقته وعذوبته قد ضاع ، ولم يصلنا من شِعرِها إلا القليل ، كما نَسَبَ بعضُ المؤرخين شِعرَها إلى غيرها من الشعراء.

ومن وصفها البديع ما قالته في وادي آش الذي عاشت فيه حيث تقول :

وقانا لفحة الرمضـــــــــاء وادٍ سقاه مضاعف الغيث العميم

حللنا دوحة فحنا علينـــــــــــا حنوَّ المرضعــات على الفطيم

وأرشفنا على ظمـــــــــــأ زلالًا ألـــــــــــــــــذَّ مــن المدامة للنديم

يروع حصاه حالية العذارى فتلمس جانب العقد النظيـــــم

عاشت حمدونة في رحاب الطبيعة ، فأحبتها وعشقتها ، بل وامتزجت بها حتى فاضت في شعرها ، وقد وصفها أحدهم بالشاعرة الأديبة من أهل الجمال والمال والمعارف …

ذات يوم جاءت حمدونة إلى نهر وادي آش ، فاستهوتها مياهه الصافية ، وسرعان ما نزعت ثيابها ؛ لتعوم في النهر مع صديقاتها ليمتزج جمالهن بسحر الطبيعة وجمالها ؛ لترسم لنا حمدونة صورة جميلة لهذا التوحد والجمال فتقول :

أباح الدمع أسراري بوادي له للحسن آثار بوادي

فمن نهر يطوف بكل روض ومن روض يرف بكل وادي

ومن بين الظباء مهاة أنس لهــــــا لبي وقد ملكت فؤادي

لها لحظ ترقّده لأمـــــــــــــــــــر وذاك الأمر يمـــــنعني رقادي

ورغم اتصاف حمدونة بانها شاعرة الطبيعة ، لكنها تطرقت إلى الغزل الريفي ، فجاء شعرها أقل انسيابًا وعفوية واكثر تكلفًا وتصنيعًا ، وربما يعود السبب إلى بنيتها الأخلاقية الصارمة ، ولهذا وُصفت بانها من المتصوفات المتغزلات المتعففات ، ومن شعرها الغزلي قولها :

ولما أبى الواشون إلا فراقنــا وما لهم عندي وعندك مـــــن ثار

وشنوا على أسماعنا كلَّ غرة وقلَّ حماتي عند ذاك وأنصــــــاري

غزوتهم من مقلتيك وأدمعـي ومن نفسي بالسيف والسيل والنار

تنتمي حمدونة إلى شعراء القرن الخامس ، وعاشت في فترة ازدهر فيها الشعر والأدب والعلم ، وكثرت المنتديات الأدبية ، وبرز العديد من الأدباء والشعراء ، فكانت من أبرزهم في آش وغرناطة.

 

المجلة  الثقافية الجزائرية

 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...