ماذا تعرف عن العبد المخصي؟

31-01-2022

ماذا تعرف عن العبد المخصي؟

د.سامح عسكر:

الخصاء هي عملية (بتر العضو الذكري للعبد) وكانت تحدث للعبيد اللي يفترض إنهم يكونوا حُرّاس للملك أو الأعيان ونسائهم

وحكمته في الحراسة أن الإنسان المخصي محروم من إرضاء نزعته الجنسية الكامنة في داخله، فالجنس ليس مجرد عملية ضخ دماء في العضو الذكري لينتصب ولكن هو مشاعر وهوية جندرية وميل جنسي كامن في الوعي، لذا فأهم صفات المخصي هي (الشراسة والطاعة) المطلوبة لمهام حراسة المالك، وفي ذات الوقت (الوداعة) ناحية النساء لعدم حدوث الانتصاب..

الفقهاء فرّقوا بين الخَصي بإزالة الخصيتين..وبين الجبب ويعني إزالة القضيب، فيقال لمن لا خصي له (مخصي) ومن لا قضيب له (مجبوب) وفي كلا الحالتين هو نزع الشهوة الجنسية من العبيد بالقوة لضمان عدم انتهاك حرمات نسائهم ولزوم الطاعة المطلقة..

لكن مع هذه الصفات كانت للخصيان – جمع مخصي – نفوذ بمرور الزمن، فحراس الأضرحة والأعيان والملوك اكتسبوا (نفوذ مُلّاكهم) ، يعني حارس الملك أصبحت كلمته مسموعة عند الملك حتى وصل لمرتبة قائد الجيوش (كمؤنس الخصي قائد جيش المقتدر بالله العباسي ومؤتمن الخلافة اللي قتله صلاح الدين الأيوبي وهو قائد جند الخليفة العاضد الفاطمي)

لكن من أشهر خصيان القادة والسياسيين هو الصدر الأعظم "علي باشا الخادم" قائد الجيش العثماني في القرن 15 م، ومن الصحابة "سندر مولى زنباع الجذامي"

وروى الخطيب البغدادي في كتابه "تاريخ بغداد 1/ 417" أن الخليفة العباسي "المقتدر بالله" كان له جيشا كاملا من الخصيان يقدر ب 11 ألف مخصي من العبيد (السود والبيض) وفي المقال السابق شرحت كيف أن العبودية البيضاء كانت رغبة للمسلمين في الدولة العثمانية والقاجارية..كما هي الآن رغبة للمسلمين في العصر العباسي، علما بأن الخصاء عند الشيوخ هو حرام شرعا..لكن سلوك المسلمين في العصور الأموية حتى العثمانية كان يخصي العبيد عادي..

أما المؤرخ "جون لويس بركهارت" المتوفي عام 1813 فيروي أن محمد علي باشا أخصى 200 عبد أسود من دارفور بالسودان وأرسلهم هدية للسلطان العثماني، ويقول نفس المؤرخ أن ثمن العبد المخصي كان 1000 قرش، وغيره 300 قرش، لذلك كان تجار الرقيق والأعيان يلجأون لخصي عبيدهم (سود وبيض) لبيعهم بثمن مرتفع..

ومعلومة على الهامش: في عصر بركهارت لم يكن الجنيه عملة مصرية، بل القرش العثماني فكان كل 20 قرش (ريال) وكل قرش يساوي 40 بارة عثمانية وهي أرخص عملة عرفها المصريون، ولاحقا حين تم اعتماد الجنيه تم حسابه 100 قرش، فكان ثمن العبد المخصي 10 جنيه بأسعار وقتها علما بأن مرتب عمال حفر قناة السويس في عهد الخديوي إسماعيل (لاحقا) سنة 1860 م كان 3 قروش في اليوم كحد أقصى، يعني مرتب العامل في سنة كاملة كان يساوي ثمن عبد مخصي من الذين أرسلهم محمد علي للباشا العثماني.

أختم بأشهر قصة للخصيان في التراث الإسلامي وهي قصة العبد "مأبور الخصي" وهو شخص مصري كان خادم لمارية القبطية حين تزوجت الرسول، فظهرت روايات أن قصة الإفك التي وردت في سورة النور بالقرآن نزلت في مأبور ومارية وحين عرف الإمام عليّ بخصي مأبور ظهرت براءة مارية، وهذه القصة يتداولها الشيعة..لكن السنة يقولون أنها لعائشة وصفوان بن المعطل، وبعيدا عن الجدل في حقيقة هاتين القصتين لكن الدرس المستفاد منها أن الرواه كانوا يعتقدون بعدم معارضة النبي لخصي العبيد..رغم ذكرهم روايات عنه تُحرّم ذلك لاحقا حُكِمَ على أغلبها بالوضع

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...