وزارة الإعلام ونظرية سيخ الشاورما في الصحافة الخاصة

05-02-2007

وزارة الإعلام ونظرية سيخ الشاورما في الصحافة الخاصة

حرارة الحوار والأفكار التي طُرحت في اللقاء الذي نظّمه المنتدى الاجتماعي بدمشق مساء يوم الاثنين 29/1/2007، حوّلت المكان من قبو تحت الأرض الى شرفة مضيئة أطلّ منها المتحاورون ليناقشوا واقع وأحوال الصحافة الخاصة وليعرّجوا بحوارهم «بالضرورة» على أحوال الصحف الرسمية وبقية القنوات الرسمية.

الزميل أسعد عبود، مدير تحرير صحيفة الثورة، كان أول المشاركين المتحدّثين، انتقل من السؤال التحذيري كما وصفه: الصحافة الخاصة الى أين؟ الى سؤال آخر رآه الأنسب، وهو: الصحافة الخاصة: أين؟ ‏

وأضاف: أين هي في قرار صاحب القرار؟. وأين يريدها؟ وبأي حجم؟ وكيف سيستثمرها؟ وما هو الهامش الذي سيتركه لها؟. 
 ورأى عبود أنّ الهامش إذا كان محدوداً فلن يكون فرق كبير بين صحافة خاصة وصحافة رسمية، فالصحافة الرسمية اشتغلت على الجانب الاقتصادي والمحلي، وتقوم بدورها في هذين المجالين. وسياسياً تشرين والثورة كأنهما الخارجية السورية. لذلك تكمن أهمية وجود صحافة خاصة في الجانب السياسي.. ولابدّ من أن يوسّع صاحب القرار من مدى تفكيره بأهمية الصحافة الخاصة، ولن تقوم مؤسسة إعلامية سورية حقيقية تستطيع أن تقوم بفعل إعلامي وطني ما لم تكن هناك صحافة رسمية وصحافة خاصة. ‏

ووضح عبود أن سورية تحتمل (من 20 الى 25) يومية. 
 وختم: نحن الآن أفضل مما كنا عليه منذ عدّة سنوات، لكن المستوى لا يشرع السؤال التحذيري: الصحافة الخاصة الى أين؟ إلا من ناحية صاحب القرار في تسيير مركب الصحافة. ‏

رئيس تحرير مجلة «أبيض أسود» أيمن الدقر بدا متشائماً، فالأوضاع الحالية للصحافة الخاصة إذا بقيت كما هي ستؤدي الى إغلاقها، وشرح معاناة الصحافة الخاصة من مشكلة الإعلان وعلاقة المؤسسة العربية للإعلان بهذا الأمر فهي تأخذ عمولة على إعلان لا تقدّمه للمطبوعة. 
 وتساءل: لماذا يقبضون عمولة على عمل لا يقومون به؟ فصاحب المطبوعة يجلب الإعلان والمؤسسة تقاسمه وتأخذ عمولة؟. ‏

وحول قانون المطبوعات الحالي، ذكر الدقر عدة فقرات من المادة /51/ فقرة (أ) المتعلقة بحبس الصحفيين، مستهجناً هذه المضامين، لكنه وضّح للحاضرين: ان الوزارة تعمل على إتمام قانون إعلام عصري تُلغى منه هذه العقوبات ـ الحبس للصحفيين ـ . 
 وحول سؤال وجّهته السيدة هالة النابلسي، عريفة هذا اللقاء، يخص الهوامش الممنوحة للصحافة الخاصة ذكر الدقر واقعة حدثت معه، تخصّ حواراً أجراه برفقة صاحب المجلّة ومحررة مع السيد عبد الحليم خدام نائب رئيس الجمهورية السابق، ويومها نُشر الحوار كما هو بكل تفاصيله، ومع صدور المجلة والحوار فيها اتصل خدّام بالدقر هاتفياً، والأخير كان في طريقه الى حلب لحضور حفلة دُعي إليها، شاتماً وغاضباً من نشر الحوار كاملاً، وطلب من الدقر «لمّ العدد» من السوق، فاعتذر الدقر عن ذلك بقوله: «أنا ليس لدي صلاحيات للمّ العدد» وفي اليوم التالي «لمّ سعادة النائب السابق العدد من الأسواق»، بعد ذلك يخبرنا الدقر، لَمْ «يلمّ» لنا أحد عدداً من السوق، ويعلّق ساخراً: ربّما «تضبضبنا». ‏

بدورها الصحفية سعاد جروس كانت أقل تشاؤماً من الدقر وقالت: «نحن نراوح بالمكان» واستعرضت جروس مساوئ قانون المطبوعات الحالي الذي رُقّع عن قانون 1949، واستغربت كيف تظهر «الوطن» الى النور وفق ما يسمى المنطقة الإعلامية الحرّة، ولم يُعرف الى الآن ما هي هذه المنطقة؟ ‏

وطالبت بوضع قانون يسير عليه الجميع صحفياً، وعدم التعامل مع الاستثناءات، فالذي يرخّص باستثناء يأتيه ظرف استثنائي يُلغى فيه ترخيصه. 
 وعدّدت جروس الفوائد التي تركها فضاء الانترنت على المجتمع السوري، فثمة جيل من الشباب السوري يتعامل بحب وذكاء مع هذا الفضاء.. ولابدّ من إفساح المجال له للتواصل مع العالم، واستطاعت الصحافة الالكترونية سدّ جزء من الفراغ الكبير الذي خلّفه غياب صحافة سياسية فكرية مستقلة. ‏

كما عرّجت جروس على موضوع تخلّف البنية التحتية الخاصة بعمل الانترنت، وكأن هناك قراراً بأن تبقى متخلّفة وغير قادرة على استيعاب التوسع الهائل الذي يشهده الانترنت في العالم، هذا التخلّف التقني يهدّد استمرار صدور الصحافة الالكترونية في سورية. وقالت أيضاً: «إذا أردنا الإجابة على سؤال الصحافة الخاصة الى أين؟ نقول: ستبقى مكانها تراوح، فهي حيّز لاختبار حراك المجتمع السوري الثقافي والسياسي على طريق بلورة تيارات سياسية وفكرية واضحة لن تشكل حاملاً لحركة التغيير المطلوبة ما لم يكن هناك تعددية سياسية ومناخ اقتصادي تنشأ في ظلّه صحافة حرّة تعبّر عنه، والحرية هي شرط أول للمهنية. ‏

وذكرت أيضاً أن الدولة لا تلاحظ في أي مشروع سوى الجانب السياسي والأمني، فثمة جانب نهضوي وتنموي لا تراه. 
 وعبّرت جروس عن مخاوفها من نيّة الحكومة السورية إغلاق أبواب الصحافة الالكترونية أو تنظيمها لتكون تحت القبّضة. ‏

السيد عبد السلام هيكل، رئيس تحرير مجلة الاقتصاد، ومن موقعه كناشر، تحدّث عن قضايا أربع تعاني منها العملية الإعلامية، أزمة المضمون، وأزمة المستهلك، وأزمة إعلان، وأزمة تسويق.. وكان قد وضّح أن مجلته قد تجاوزت الخطوط الحمراء، ولم يتلقّ أي اتصال، فعلّقت السيدة نابلسي بذكاء وطرافة: «يبدو أن خطوطكم الحمراء أورانج» و«ضجّت الصالة بالضحك». 
 وحول قضية توزيع المطبوعات وحصرها بمؤسسة التوزيع، ذكر هيكل أن عمل مؤسسة التوزيع جريمة حقيقية.. وعبّر عن رغبته بتسليم هذا القطاع العام للقطاع الخاص، واستشهد بتجربة ناجحة حدثت في الأردن، حيث زادت مبيعات المطبوعات بنسبة 75% بعد ثلاثة اشهر من تسلّم شركة خاصة لمهمة التوزيع. ‏

السيد محمد زينة ـ مدير الصحافة والنشر في وزارة الإعلام ـ قدّم معلومات إحصائية تخصّ عدد المطبوعات التي تمّ ترخيصها منذ صدور المرسوم 50 عام 2001، حيث رخص لـ/151/ مطبوعة، وأغلق منها /53/ مطبوعة لأسباب متعدّدة بعضها بسبب عدم قدرة صاحب المطبوعة المالية أو غيرها على الاستمرار. ‏

ففي المجال الاقتصادي والقانوني رُخّص لـ/16/ مطبوعة وأُلغي منها /6/ تراخيص. ‏

في المجال الاجتماعي والثقافي رُخّص لـ/38/ مطبوعة وألغي منها عشر مطبوعات. ‏

في المجال العلمي والهندسي رُخّص لـ/20/ مطبوعة وألغي منها أربع مطبوعات، وهناك /41/ مطبوعة إعلانية ألغي منها /18/ ومطبوعات فنية وسياحية رُخّص لـ/19/ مطبوعة وتم إلغاء /11/ منها. ‏

وللأطفال رُخّص لخمس مطبوعات وألغي منها ثلاث مطبوعات. ‏

وهناك مجلة سياحية وحيدة «أبيض أسود». ‏

وذكر زينة أن هناك /175/ طلب ترخيص في وزارة الإعلام تنتظر الموافقة. ‏

السيد طالب قاضي أمين، ومن موقعه كمعاون لوزير الإعلام، رد على معظم الملاحظات التي خصّت عمل وزارة الإعلام.. واستغرب أن يطلب البعض من القطاع الخاص الإعلامي الدعم من الوزارة والدولة، وقال: «أنا لم أضرب أحداً على يده ليرخّص مطبوعة» وإذا كنت سأدعم فإنني أدعم الإعلام الحكومي، كما ذكر أن الوزارة تعمل على إصدار قانون إعلام عصري يوازي وينسجم مع روح العصر، حتى لا يتم اللجوء الى تعديلات جديدة كل سنة أو سنتين، ووافق على أن قانون المطبوعات الحالي الصادر عام 2001 المعدّل عن قانون /1949/ جائر وظالم في بعض بنوده، ولكنه هو القانون السائد.. وذكر أن الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون تعمل بغياب قانون إعلامي ينظّم عملها. ‏

وقال: «إن وزارة الإعلام دائماً هي الجهة المتهمة أمام الجميع، لكننا لسنا دائماً كما يظن كثيرون». ‏

ورأى أن هناك عشوائية حدثت في منح التراخيص منذ عام 2001، ويبدو أن السوريين تعاملوا مع هذا الموضوع مثل عادتهم عندما ينجح صاحب محل شاورما في عمله، فيفتح قبله وبعده محلات لبيع الشاورما، واستهجن سهولة الشروط المتعلّقة بإعطاء ترخيص لمطبوعة، فالمطلوب فقط هو شهادة جامعية لصاحب المطبوعة، وعدد من الشروط السهلة الأخرى، ودافع عن الإعلام الحكومي معتبراً أنه قدّم تجربة ثرّة وغنية، ممتدة حتى الآن رغم صعوباته، لكن هذه التجربة انتقلت بسلبياتها وإيجابياتها للإعلام الخاص. وقال: «للأسف ليس لدينا إعلاميون يستطيعون التعامل مع المطبوعات، ومن يعمل فيها يعمل خارج أوقات الدوام الرسمي، وهذا انعكس سلباً على هذه المطبوعات». وشاطر الكثيرين الرأي حول مسألة الخلل في موضوع الإعلان وشروطه في سورية، فالمطبوعة تخسر بدون إعلان، وكلّما طبعت أكثر تخسر أكثر.. فالصحيفة تكلّف /13/ ليرة سورية، والحكومية منها تُباع بخمس ليرات /3/ منها فقط تعود للوزارة. ‏

وأسهب السيد قاضي أمين في موضوع الإعلان وعلاقة ذلك بشركات الإعلان وضعف الثقافة الإعلانية السورية، ومدى المبالغ المرصودة للإعلان /20/ مليون دولار فقط سنوياً. ‏

ورد على رأي هيكل المتعلّق بعمل مؤسسة التوزيع، الذي وصف فيه «حصر التوزيع بهذه المؤسسة» بالجريمة، قائلاً: «لدينا مشكلة، ونعمل الآن على حلّها ومعالجتها، وقد تكون مؤسسة الوحدة الآن تمر بمرحلة انتقالية، وهذا خلق بعض الصعوبات، وستُحلّ هذه الإشكالات في المرحلة القادمة، والمؤسسة ليست جريمة وهي قانون مفروض علينا ونحن مع تطبيقه. ‏

وحول مسألة الرقابة ذكر أمين أن الوزارة لا يجوز لها قانوناً أن تراقب المطبوعات الخاصة، وقانون المطبوعات هو الفيصل في التعامل مع هذه المطبوعات. ‏

وحول المواقع الالكترونية المنتشرة في فضاء الانترنت السوري وضح أن هذه المواقع «افتراضية ومخدماتها غير موجودة خارج سورية، فكيف نرخّص لشيء غير موجود؟. والوزارة تسعى لإيجاد قانون يتعامل مع المرئي والمكتوب والمسموع والالكتروني، وحدث أن هوجمت وزارة الإعلام من قبل المواقع الالكترونية، فجلسنا مع بعض الزملاء المشتغلين في هذه المواقع، وسألناهم: كيف يمكن أن نرخّص، أو نجد صيغة للتعامل فوجدنا أن هناك صيغة «علم وخبر» تُقدّم للوزارة ليكون هناك مدير مسؤول عن النشر في هذه المواقع. ‏

ووصف حرية المواقع الالكترونية بأنها غير مضبوطة، وقال: «نحن في الدولة، في موضوع الرقابة لسنا من قامعي الحريات» وإذا نظّمنا في المستقبل عمل هذه الصحافة الافتراضية سيكون تنظيم لهذا المجال بحدود إيجاد حريات مسؤولة أي أن يكون هناك شخص مسؤول عن موقع يتحمّل مسؤولية ما ينشر فيه. ‏

وردّ على نقد جروس المتعلّق بعمل الإعلام في المناطق الحرّة، بتوضيحه: «وجدنا في قانون المناطق الحرّة قانوناً يتعلّق بالترخيص لمؤسسات إعلامية، هذا البند تم تطويره وتمّ إيجاد ضوابط للعمل الإعلامي في المنطقة الحرّة، فتم الاتفاق بين المؤسسة العامة للمناطق الحرّة ووزارة الإعلام والمؤسسة العامة للمعارض لإنشاء منطقة إعلامية حرّة يُسمح فيها بنشاطات إعلامية مختلفة، وتم الترخيص لصحيفة الوطن ولتلفزيون «دنيا» و«الشام» وصحيفة «بلدنا».. ودخول أي مطبوعة من هذه المنطقة يعامل مثل أي مطبوعة قادمة من خارج الحدود، مع العلم أننا في الوزارة مستمرون بالعمل على إيجاد قانون إعلام عصري. ‏

وبعد نهاية المداخلات حدث حوار ساخن شارك فيه عدد من الزملاء الإعلاميين وغير الإعلاميين.. ومما جاء في هذا الحوار: ‏

غسان نحاس ـ نائب سوري: أعتبر أن الصحافة الخاصة قفزة في القفص. ‏

يوسف مريش ـ صاحب ترخيص المبكي: هل الصحافة الخاصة لأولاد المسؤولين فقط؟ ‏

د.ناديا خوست: لماذا لا يرتبط الإعلام الخاص بمشروع فكري واسع؟. ‏

ديانا جبور: ريع الإعلان لا يعود على عمل العاملين في الهيئة إنما يذهب للخزينة.. وبعض المواقع الالكترونية تعمل على مبدأ تصفية حسابات. ‏

وشارك بالحوار: خليل بيطار، عساف عبود، نضال حيدر، زهير جنان، سمير رزوق، جميل الحمو، حسان القالش.... وغيرهم. ‏

تخلّف عن المشاركة في هذا اللقاء السيد الياس مراد ـ رئيس اتحاد الصحفيين ـ والسيد أيمن عبد النور أيضاً، ولم يوضح أحد للجمهور أسباب غياب هذين الاسمين.

مصطفى علوش

المصدر: تشرين ‏

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...