مؤتمر خريف الامبراطور

01-12-2007

مؤتمر خريف الامبراطور

الجمل: لا أدري لماذا يلح على الخاطر في هذه الأيام غابرييل غارسيا ماركيز وروايته الرائعة "خريف البطريرك". ويشط التفكير وتحلق المخيلة ويكتب ماركيز في الخيال الواقعي جزءاً ثانياً من روايته, أو رواية مستقلة يسميها "مؤتمر خريف الامبراطور", يتحدث فيها بأسلوبه الغرائبي المدهش وواقعيته السحرية الأخاذة عن مؤتمر حاشد يحضره ممثلون عن جميع الأفخاذ والقبائل والعشائر والممالك والإمارات والدول والدويلات... والولايات. أما مناسبة المؤتمر المهيب فهي الاحتفال ببلوغ الامبراطور ـ مجد العالم أعطي له ـ خريف العمر الذي يسبق السقوط عن شجرة الحياة, تماماً كما تتساقط الأوراق في فصل الخريف. ومع أن خريف العمر ليس مشتقاً من الخرف إلا أن البطل ـ الامبراطور ـ يعاني على ما يبدو من علائم الخرف وأماراته, فهو لا يميز بين "من هم معنا ومن هم ضدنا", ويدعو الجميع ـ معتدلين ومتطرفين, أخياراً وأشراراً ـ لحضور الاحتفال التأبيني لحياته السياسية الآخذة في الاضمحلال والتلاشي. ولأن البطل ـ الامبراطور ـ يعاني من الخرف فهو ينسى فصول حياته السابقة للخريف, وينسى مناجاته للـه جل جلاله وتكليم اللـه له مكلفاً إياه بهندسة العالم على قياسه وقياس حوارييه الجدد الذين ينساهم وينسى كل ما أدخلوه في رأسه الفارغة, أو بالأحرى التي كانت فيما مضى فارغة بتأثير الشراب الذي كان مدمناً عليه, قبل أن يتحول في صيرورته الكبرى إلى مدمن على الدم, وتعجز عن إروائه مياه دجلة والفرات وما بينهما!. وتبلغ الحبكة الروائية ذروتها عندما يتقدم رؤساء الوفود المشاركة لإلقاء الكلمات, ويتقدم الجميع ممثل قبائل الأرز الذي يعرب ـ وسط ذهول المتفرجين ـ عن خالص شكره وامتنانه وتقديره للبطل ـ الامبراطور ـ على دعمه اللا محدود للحرب العدوانية الشرسة التي استهدفت قبائل الأرز, وأفرزت سلسلة القرارات الدولية التي أصبحت طعام الشعب وشرابه ومازوته وبنزينه وفيوله وكهرباءه, وكلما كان رقم القرار أعلى ارتفعت أسعار تلك السلع بما يناسب رقم القرار وعدد الأيام التي مضت على عدم تنفيذه. أما في خاتمة الرواية فتعتلي المنصة امرأة حسناء تمسك بكتف البطل ـ الامبراطور ـ وتزيحه جانباً وهي تصرخ بأعلى صوتها:" إنها المرأة يا... غبي"!.

 

د. عمار سليمان علي

الجمل

مقالات أخرى للكاتب:

عباقرة الأخبار والحقيقة والنزاهة

موقع «النزاهة» يبحث عن أشباح الانترنت

المعلم والمعلمة... وأزمة المسرح السياسي؟!

أمل جديد لمرضى القرحات السكرية


 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...