لبنان: البيان الوزاري عالق في مجادلات اللجنة

28-07-2008

لبنان: البيان الوزاري عالق في مجادلات اللجنة

بدأ الاسبوع الثالث على تشكيل »حكومة الوحدة الوطنية« اللبنانية بمفاجأة سياسية بطلها وليد جنبلاط، يُنتظر ان تعزز المساعي لانجاز البيان الوزاري، خصوصا بعدما نجح الجيش، الى حد كبير، في وضع حد للتدهور الامني في طرابلس، عبر إجراءات جديدة زجرية بالرد على مطلقي النار وتوقيفهم.
أما مفاجأة جنبلاط فتمثلت في تكريس » تمايزه » عن فريق ١٤ آذار من خلال خطاب سياسي متكامل، سمته » النقد الذاتي » واستعادة للثوابت الوطنية والقومية »عبر بوابة فلسطين والعروبة«، وواقعية سياسية في مقاربة العلاقة اللبنانية السورية، ومرونة في مخاطبة »حزب الله«، وانتقادات توزعت بين المبطن والمعلن لقوى ١٤ آذار. ولعل النصف الآخر من التحول الجنبلاطي ينتظر طبيعة الاجوبة التي سيتلقاها على الرسائل التي وجهها في اتجاهات مختلفة.
واعترف جنبلاط بان ضغوط المرحلة الماضية و»ضربات الدم« المتتالية جعلتنا نخرج عن ثوابتنا وننسى فلسطين والعروبة، مشددا على وجوب العودة الى هذه الثوابت »حتى لا نصبح انعزاليين وهذا ما تريده الصهيونية الساعية الى تفتيت المنطقة«. وكشف عن انه عوتب من بعض حلفائه على ذكره للمقاومة في عبيه.
وإذ استغرب جنبلاط الموقف الصادر أمس عن النائب محمد رعد رعد إلا انه رفض العودة الى لغة التخوين والتخوين المضاد، مؤكدا ان الطلاق مستحيل ولا بد من ان نلتقي. ودعا السيد حسن نصر الله الى توجيه تحية الى بيروت وليس الاعتذار منها. ورفض مقولة ان السلاح يحمي سلاح المقاومة، الا انه حذر »من السلاح الآخر المضاد الذي لا يحمي الدولة ولا الاستقلال«.
وأيد جنبلاط ما ورد في خطاب القسم للرئيس سليمان حول سلاح المقاومة والاستراتيجية الدفاعية، مشيرا الى وجوب معالجة هذا الموضوع على طاولة الحوار، ودعا الى صيغة كلامية وسياسية ترضي جميع الاطراف في البيان الوزاري على قاعدة عدم استبعاد دور الدولة، مع بقاء دور المقاومة. وطالب »بالحياد الايجابي استنادا الى روحية اتفاق الطائف«، كما طالب ببناء علاقات مميزة مع سوريا وفق ما جاء في الطائف، »وضعوا أدبياتي جانبا، لان مصلحة البلدين أهم«.
وفي تمايز واضح عن ١٤ آذار اعتبر جنبلاط ان لا مشكلة في إجراء الانتخابات مع وجود السلاح بحوزة »حزب الله«، كما انتقد بشدة »أولئك الذين حملوني لوحدي مسؤولية صدور القرارين الشهيرين«.
- وبينما كان جنبلاط يصنع مفاجآته، انعقدت ليل أمس اللجنة الوزارية لصياغة البيان الوزاري في جلسة تاسعة، متأخرة اربع ساعات عن موعدها المحدد وناقصة الحضور، حيث غاب الوزير فوزي صلوخ (بداعي السفر الى طهران) وبحثت في مقترحات جديدة لصيغة »حق المقاومة«، بينما أكد وزير الاعلام طارق متري ان هناك تقدما في فهم بعضنا أكثر وفي تفهم الهواجس المتبادلة.
وأفادت مصادر في اللجنة ان النقاش ما زال مستمرا حول موضوع المقاومة، وهو اتسم بالصراحة لكنه ما زال يدور حول نفسه في ظل التجاذب بين منطقين أحدهما يقول بوجوب الاعتراف بحق المقاومة استنادا الى واقع موجود وضروري يجب التعامل معه بعدما أثبت فائدته، ومنطق آخر يقول بحق الدولة في ان تقرر المقاومة وكيفية استخدامها. واستغربت المصادر إصرار البعض في اللجنة على مصادرة الحوار حول الاستراتيجية الدفاعية والرؤية المتعلقة بها من خلال مواقف مسبقة تختصر كل هذه المسألة تحت شعار ضرورة ان نتفق منذ الآن في البيان الوزاري على دور الدولة ووظيفتها في المقاومة بما يجعل الحوار المفترض بلا معنى.
وكانت قد جرت خلال اليومين الماضيين العديد من الاتصالات واللقاءات التي شارك فيها الرئيسان نبيه بري وفؤاد السنيورة، لمتابعة السعي لتذليل العقد القائمة لإنجاز البيان الوزاري، بينها اتصال من الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ، ومسعى من جنبلاط عبر موفده الوزير وائل ابو فاعور الى رئيس المجلس ، فضلا عن تحرك السفير السعودي الدكتور عبد العزيز خوجة على اكثر من صعيد آخرها اللقاء مع الرئيس بري.
وكرر الرئيس بيه بري تأكيده على ضرورة إنجاز البيان الوزاري في اقرب وقت ممكن، والاستفادة من الاجواء الاقليمية والدولية المؤاتية لذلك، وقال بري: لا موجب على الاطلاق لهذا التأخير، والوقت يمر على حساب امن البلد واستقراره، ولا بد ان يعي المسؤولون عن الازمة خطورة المماطلة.
واكد بري على طرحه الذي قدمه »كمخرج موضوعي« للازمة على اساس اعتماد نص البيان الوزاري للحكومة السابقة في موضوع حق المقاومة، مع التأكيد على الالتزام بالقرار الدولي ،١٧٠١ موضحا ان هذا القرار يتضمن اجابات واضحة وقاطعة على كل هواجس وطروحات »قوى ١٤ آذار«، مضيفا ان هناك مقررات مؤتمر الحوار الوطني العام ٢٠٠٦ ومقررات اتفاق الدوحة وهي تجيب عن كل ما يطرحونه.
واشار بري الى ان مهلة الثلاثين يوما لتقديم الحكومة بيانها قد شارفت على الانتهاء، موضحا انه اذا انتهت المهلة الدستورية سيصار الى اجراء استشارات نيابية جديدة ملزمة لتكليف رئيس جديد للحكومة، وقال: انطلاقا من التزامنا بالدستور، سنطلب من الرئيس ميشال سليمان الدعوة الى اجراء هذه الاستشارات اذا انتهت المهلة الدستورية.
وفي جديد المواقف السياسية، ما اعلنه رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد بلهجة عالية حول تكريس حق المقاومة، بقوله: يستطيعون ان يناقشوا في قرار الحرب والسلم ولكن لا يستطيعون ان يسلبوا حق الشعب اللبناني في الدفاع عن نفسه وأرضه. المكابرة احيانا تصنع السقطات وتودي بأصحابها الى منزلقات خطيرة، اللعبة التي يلعبونها حول إشكالية حق المقاومة بنص في البيان الوزاري واضح وصريح، هي لعبة خطرة، وهذا الغاء لحق المقاومة وشعبها، ليس من حقهم ولا من صلاحيتهم ذلك، هذا اعتداء وهذا بمثابة اعلان حرب، ليحذروا من الاستمرار في هذه اللعبة، نحن لم نحتمل ان يتم التعرض بقرار لمس شبكة اتصالات المقاومة، فكيف يمكن لشعبنا ان يحتمل توجها يلغي حق المقاومة من البيان الوزاري للحكومة؟
اضاف: ان المطلوب من المقاومة ان لا ترتاح بحكومة الشراكة الوطنية ولا بحفظ حقها في البيان الوزاري، ولا بإنماء مناطقها المحرومة. المطلوب ان تبقى المقاومة محاصرة مضيقا عليها.
وقد رد عضو اللجنة الوزارية المكلفة صياغة البيان الوزاري الوزير نسيب لحود على ما صدر عن رعد، وذلك على هامش مشاركته في أعمال جلسة اللجنة في السرايا فقال: ان تصريح النائب رعد تضمن عبارات حرب واعتداءات هي غريبة عن الجو السائد في اللجنة الوزارية، وهذا الكلام غير مقبول من قبلنا، وأنا شخصيا غير مقبول لدي أن أعمل في لجنة تتعرض لهذا النوع من الكلام الذي سيفسر في كثير من الأحوال ولدى كثير من الناس كضغوط وتهديدات تمارس على هذه اللجنة. لذلك أتمنى على النائب رعد أن يصدر تصحيحا أو توضيحا لهذا الكلام خدمة للأجواء الجدية التي تعمل فيها هذه اللجنة.
في طرابلس، نفذ الجيش وقوى الامن الداخلي امس الاول الاتفاق السياسي ـ الامني لوقف الاقتتال بين مسلحي احياء التبانة ـ القبة ـ جبل محسن وجوارها، ونشر وحدات كبيرة معززة بالدبابات والمصفحات بين ما بات يسمى »خطوط التماس« بين هذه الاحياء، وتمكن من حسم الموقف باعتماد الرد على عدد من المسلـــحين الذين خرقوا الاتفاق وواصلوا اطلاق النار، وتمكن عصر امس من اعتقال احد هؤلاء بعد اشتباك محدود قرب التبانة.
وتركت اجراءات القوى العسكرية والامنية اجواء ارتياح كبيرة لدى فعاليات واهالي المدينة، التي دفعت من دم ابنائها نحو عشر ضحايا واكثر من ٤٥ جريحا واضرارا كبيرة جدا، فاقت اضرار المعارك الماضية، وتهجرت اكثر من الفي عائلة من منازلهم، وتم فتح اثنتي عشرة مدرسة لإيوائهم.
وأسهم رفع الغطاء السياسي عن المسلحين في تسهيل تنفيذ الاجراءات، واكد مفتي طرابلس الشيخ مالك الشعار ان الجيش قام بعمل جبار واكثر جدية، ما طمأن الاهالي النازحين فعادوا امس لتفقد منازلهم ومحالهم المتضررة، وسط مطالبة واسعة بسرعة مسح الاضرار ودفع التعويضات من قبل الحكومة وهيئة الاغاثة، والا تكرس واقع تقسيمي وتهجيري واسع في المدينة لا يرغب فيه احد.

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...