كيف استقبلت أنابوليس الوفد الفلسطيني

29-11-2007

كيف استقبلت أنابوليس الوفد الفلسطيني

كتب ايتان هابر في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أن ما أثار انتباهه في مؤتمر أنابوليس «أمر واحد: عدم الانفعال. ثلاثة زعماء منتوفو الريش مصابون بجراح المعارك ومتعبون وقفوا على منصة الخطباء وكانوا يرغبون، بل يرغبون جدا، في الوصول في هذه الحكاية الدموية الى خاتمتها السعيدة. يريدون ولكنهم لا يستطيعون على ما يبدو».
وأضاف هابر ان «بوش عالق في العراق مع أربعة آلاف قتيل، وسيدخل التاريخ الأميركي على ما يبدو كرئيس متعثر فوضوي. أبو مازن؟ يعيش (على الأقل في منصبه كرئيس) على الزمن المستقطع حيث القوة الحقيقية في يد خصومه من حماس. أما ايهودنا، ايهود أولمرت، فما زال يعاني من لازمة لبنان ومرض فينوغراد (وأقل من ذلك تحقيقات الشرطة) ويتمتع بدعم شعبي قليل».
والظاهر أنه ليس هناك من هدف معلن لمؤتمر انابوليس سوى التقدم نحو السلام. ولا ريب ان هذا هدف نبيل يمكن أن تختفي تحته أهداف أقل نبلا. غير أن الهدف الحقيقي للمؤتمر، وفق مسؤولين أمنيين إسرائيليين في وفد أنابوليس، قد يكون النقيض التام للسلام، وهو الحرب.
ونقل المراسل السياسي للقناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي، عن مسؤول أمني رفيع المستوى، قوله ان المؤسسة العسكرية تستخف بأجواء السلام التي أشيعت في أنابوليس، وهي ترى أن عام 2008 لن يكون عام السلام كما أعلن، وإنما عام الحرب. وشدد هذا المسؤول على أن الحرب على قطاع غزة لمنع إطلاق الصواريخ على المستوطنات الإسرائيلية أمر محتوم.
من جهة أخرى، أشارت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى جهد مكثف من جانب كل من أولمرت ووزيرة خارجيته تسيبي ليفني ووزير دفاعه إيهود باراك لتركيز الأنظار حول الخطرين الإيراني والأصولي الإسلامي. وفي هذا السياق، جرى بحث معمق للتعزيزات الأميركية للقوة الإسرائيلية في مواجهة هذين الخطرين. ولهذا السبب، عقدت اجتماعات عديدة حتى مع وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس للبحث في المساعدات العسكرية الأميركية الجديدة.
غير أن أهم اجتماع في هذا الشأن، هو ما عقده أولمرت على انفراد مع بوش بعد الجلسة الافتتاحية لمؤتمر أنابوليس. وفي هذا الاجتماع، تمت مناقشة سبل الرد الإسرائيلي الأميركي على الخطر الإيراني، وكذلك العمل العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة. وثمة من يشدد على أن أولمرت عرض في لقائه هذا مع بوش الوضع على الجبهتين السورية واللبنانية.
غير أن مؤتمر انابوليس لم يكن فقط النقيض التام لهدفه المعلن، بل كان في العديد من الجوانب النقيض لما يبدو. فقد تم إخراج المؤتمر بطريقة الأفلام الأميركية ليبدو مثيراً، ولكنه لم يقنع كثيرين خارج القاعة. وربما زاد من حدة هذا الإحساس، العديد من المواقف الطريفة.
فبعدما أنهى الزعماء الثلاثة خطاباتهم، تصرف بوش، ولو بشكل عفوي وغير مقصود، بطريقة توحي بما يضمر. فقد وضع يده على ظهر إيهود أولمرت وقاده إلى القاعة المغلقة، في حين سار الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلفهما وحيدا. وفقط عند وصول الباب، توقف ليدخل قبله كلاً من أبو مازن وأولمرت.
وأشار عدد من الصحافيين الإسرائيليين إلى العديد من الإرباكات في الإدارة الأميركية للمؤتمر. فقد وصل وفد فلسطيني إلى الفندق الذي تقيم فيه ليفني لإجراء مشاورات ولكن لم يكن أحد في انتظارهم سوى الصحافيين. كما أن وزيرة الخارجية الإسرائيلية استضافت في سيارتها الوفد الفلسطيني وأخذت أعضاءه إلى مطعم فرنسي كانت نظيرتها الأميركية كوندليسا رايس قد دعتهم للعشاء فيه. ويكتب بن كسبيت في «معاريف»، «سافر الثلاثة معا وجلسوا مع كوندليسا على مدى الليلة. الطعام كان ممتازا، أما المباحثات فأقل. ولم يتوصلوا لبيان مشترك هناك».
وفي داخل قاعة المؤتمر، حدثت أمور جذبت انتباه الصحافيين. فقد تم إبعاد هؤلاء مئات الأمتار عن القاعة التي احتشد فيها المسؤولون. ومع ذلك، كان بوسعهم ملاحظة أن وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، ونائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، لم يضعا على أذنيهما السماعة لمتابعة ترجمة خطاب أولمرت الذي ألقي باللغة العبرية.
وتحدث إسرائيليون عن أن عدم وضع السماعة تم بشكل تظاهري ربما لتوضيح موقف. غير أن الفارق بين رد فعلهما على الخطاب الذي لم يستمعا إليه، هو أن الفيصل صفق في نهاية الخطاب تأدبا، في حين أن المقداد لم يصفق.
وأشار مراسلون إلى أنه عندما بدأ الرئيس عباس خطابه وضع إيهود أولمرت السماعة على أذنيه، لكنه اكتشف حينها أنها غير صالحة. فأشار بيده لأحد المنظمين الذي قام بإصلاح الخطأ على وجه السرعة. أما محطات التلفزة الإسرائيلية التي كانت قد وضعت في الاستديوهات مراسليها للشؤون العربية لترجمة خطاب أبو مازن بشكل فوري، فإنها فوجئت بتلقي ترجمات إنكليزية أو روسية للخطاب، قبل أن تضطر الى نقله عن قنوات أخرى.

حلمي موسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...