فاتن حمامة في عامها الخامس والسبعين

03-06-2006

فاتن حمامة في عامها الخامس والسبعين

الجمل : في هذه الأيام تبلغ الفنانة الكبيرة فاتن حمامة عامها الخامس والسبعين. أنجزت خلالها أكثر من 95 فيلماً ومسلسلين هما ضمير أبله حكمت عام  1992 ونور القمر عام 2000 
وقد استحقت أن تدعى سيدة الشاشة العربية  فمنذ أطلق الصحفي فوميل لبيب عليها هذا الاسم كبرت السينما بأبنائها  الأبرار الذين رفعوا من مكانة هذا الفن وأخرجوه من دائرة الملهى ليصبح فناً يرتقي بمشاعر الناس ويساهم بوعيهم  وكانت فاتن حمامة في المقدمة وكانت سيدتهم .
المطرب الكبير محمد عبد الوهاب قال عنها  " عندما تكلمت معها لأول مرة أحسست إني أتكلم مع امرأة عمرها فوق الأربعين سنة "
 لهذا أصر عبد الوهاب أن تكون معه في فيلمه رصاصة في القلب في دور نجوى . 
في عام 1947 كانت في السادسة عشرة تقدمت إلى معهد التمثيل لأنها أدركت أنها تحتاج لتعزيز موهبتها بالعلم وصفها أستاذها في ذلك المعهد زكي طليمات  " شيء صغير الحجم ينمو بحساب دقيق يؤلف قطعة من فتاة وسيمة  وجه صغير كوجه العرائس الغالية  تتحرك بلا انقطاع  عينان واسعتان يكمن وراءها قلق يدق وفضولية لا تنقطع "
لم تكد فاتن حمامة تبلغ العشرين إلا وكانت نجمة سينمائية قامت بتمثيل أكثر من ثلاثين فيلما
عام  1952 كان عام انطلاقتها العربية عندما مثلت إلى جانب  فريد الأطرش فيلم
 لحن الخلود  في  دور وفاء ؛ الشابة  التي أحبت المطرب صديق والدها ، وحقق الفيلم أكبر الإيرادات في تاريخ السينما المصرية  .
وفي فترة الخمسينات فترة أفلام الرومانسية والغناء وقع الجميع في حب فاتن حمامة سينمائياً
فريد الأطرش في لحن الخلود ، محسن سرحان في كأس العذاب ، كمال الشناوي في الأستاذة فاطمة ، أنور وجدي في قلوب الناس ، محمد فوزي في دايما معاك  ، عماد حمدي في بين الأطلال ، وعبد الحليم حافظ وأحمد رمزي وعمر الشريف في أيامنا الحلوة .
ولكن فاتن حمامة  لم تستسلم لأدوار الفتاة الرومانسية الضعيفة فقط فقد كانت ملامح نضجها قد بدأت وخصوصاً عندما تعاملت مع مخرجين كانوا خارج السياق من مثل يوسف شاهين في فيلمي صراع في الوادي وصراع في المينا و صلاح أبوسيف في أفلام لك يوم يا ظالم ولا أنام والطريق المسدود والذي خرجت فيه المرأة من الدور التقليدي المرسوم كلعبة في منزل أو ضحية في  الشارع أو شريرة في كباريه .
هذا الوعي لم يتبلور تماماً قبل الستينات تلك الحقبة التي حملت معها الأفكار الجديدة  حول دور الفن  في نهضة المجتمع وفي بناء وعيه  وباتت السينما هادفة وفي مقدمة قافلة التقدم الموعود للمجتمع وأعلنت السينما حربها على الجهل والتخلف والظلم  ولم تكن  فاتن حمامة بعيدة عن هذا الجو الجديد فقدمت ثلاثية سينمائية مع المخرج هنري بركات باتت علامات مهمة على طريق أهم الأفلام المصرية وهذه الأفلام هي
دعاء الكروان عن رواية طه حسين
الباب المفتوح عن رواية للطيفة الزيات
الحرام عن  قصة ليوسف إدريس
في دعاء الكروان ندخل إلى عالم الصراع الطبقي و كيف يغتال الظلم البراءة
في فيلم الباب المفتوح ندخل إلى عالم التغيرات التي حصلت للطبقة المتوسطة ودور العلم في حربها على الجهل واعتباره أن مسيرة التطور المنشود بمواجهته باب مغلق مفتاحه بيد المرأة الجديدة نصف المجتمع الذي عليه أن ينطلق كاسراً كل القيود.   
في فيلم الحرام قدم الفيلم الظروف القاسية التي يتعرض لها عمال التراحيل الموسميين  والظلم الذي يحيق بهذه الفئة  التي  تقع فيها  ضحية النزوات الدنيئة .
في هذه الأفلام تراجعت فاتن حمامة النجمة لتتقدم فاتن حمامة الممثلة الملتزمة بقضايا مجتمعها  وتكرس  دور الفنان الحقيقي في  نشر الوعي الاجتماعي بالقضايا الحقيقية للمجتمع

مع بداية السبعينات  تابعت فاتن دورها الريادي حتى أنها تخصصت بقضايا المرأة في المجتمع العربي وركزت أفلامها على صورة المرأة في مواجهتها المحقة لهذا المجتمع الذكوري ومطالبها بحقها كفرد يتوق إلى تحقيق ذاته  في أفلام  الخيط الرفيع لبركات  ، امبراطورية ميم لحسين كمال  وأريد حلا لسعيد مرزوق ولا عزاء للسيدات لبركات
بعد مجموعة هذه الأفلام تحولت فاتن حمامة إلى رائدة تغيير حقيقي وخصوصا بعد فيلم
 أريد حلا الذي غير بعض القوانين المتعلقة بالطلاق وتحولت سيدة الشاشة العربية إلى أيقونه يريد جميع من يعمل في السينما أن يصل إلى ما وصلت إليه .
في بداية الثمانينات فاجأت جميع عشاقها عندما لعبت دور فاطمة في  فيلم ليلة القبض على فاطمة  عندما فضحت بشكل غير مسبوق حقبة  التكاذب النضالي لبعض القيادات الجبانة التي خطفت الثورة وحولتها عن طريقها باتجاه لمصالحها الشخصية
وبروح شبابية نادرة قبلت فاتن حمامة وهي سيدة الشاشة العربية أن تجرب دوراً لم يسبق أن قامت به ومع خيري بشارة أحد رموز فترة الثمانينات من خلال فيلم " يوم مر يوم حلو "
فقدمت أداء حياً متوتراً لم يكن مسبوقاً في السينما المصرية .
كثيراً ما يتساءل الكثيرون عن سبب حب الجمهور لفاتن حمامة في كافة أدوارها هل هو أداؤها التلقائي  وقدرتها الفطرية على التمثيل  أم ربما  قدرتها الكبيرة على الدخول إلى الشخصيات التي تمثلها ببساطة  أم عينيها الذكيتان الحيويتان التي تشعان بالمرح والدفء أم سحر ابتسامتها التي تفيض بالعذوبة. 

   

منصور الديب

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...