عوامل القوة الإيرانية ومخاطر انكشافها

31-03-2009

عوامل القوة الإيرانية ومخاطر انكشافها

الجمل: اكتسبت إيران قوة رمزية كبيرة بسبب المواقف الصلبة التي انتهجها نظام الثورة الإسلامية الإيرانية في مواجهة النفوذ الأمريكي وعدم التنازل برغم ضغوط واشنطن وحلفائها والتهديدات الإسرائيلية.
* القدرات الإيرانية:
تشير معطيات العلوم السياسية إلى تميز كل كيان سياسي بمجموعة من القدرات وقد أجمع خبراء السياسة على عدة عوامل باعتبارها الأساس المعياري لقدرات الدول والكيانات السياسية، وبإسقاط هذه العوامل على إيران نلاحظ ما يلي:
• عامل القوة الطبيعية: تتميز إيران بالمساحة الكبيرة والبيئة الجبلية الوعرة إضافة إلى طول حدودها البرية والساحلية على النحو الذي يجعل من فرض الحصار المحكم ضد إيران أمراً صعباً إن لم يكن مستحيلاً.
• عامل القوة الديمغرافية: يبلغ عدد سكان إيران حوالي 72 مليون نسمة ويتمركز معظمهم بشكل رئيسي في المناطق الجبلية الواقعة غرب وشمال غرب إيران، ولكن عامل الضعف في القوة الديمغرافية الإيرانية يتمثل في وجود الأقليات الإثنية وبعض الطوائف الدينية التي تناصب نظام الحكم العداء.
• عامل القوة الاقتصادية: يتميز الاقتصاد الإيراني ببعض عوامل القوة، منها وجود النفط والغاز، ووجود الموارد الطبيعية إضافة إلى توافر المهارات والعمالة الرخيصة.
• عامل القوة التكنولوجية: تتميز إيران بوجود القوة التكنولوجية الذاتية الكافية لتحقيق التقدم والاكتفاء الذاتي، برغم ذلك فإيران ما تزال تمثل بلداً يستورد التكنولوجيا.
• عامل القوة العسكرية: تتوافر لإيران حالياً العديد من موارد القوة العسكرية ومن أبرزها الحجم الكبير للقدرات البشرية إضافة إلى وسائط الحرب التقليدية وغير التقليدية مثل الرؤوس الحربية غير التقليدية التي تتضمن الرؤوس الحربية الكيميائية والبيولوجية أما الرؤوس النووية فإن أمر توافرها لدى الإيرانيين ما زال موضع شك.
• عامل القوة القومية: لجهة التماسك الداخلي فإن القومية الفارسية تتميز بتماسكها الشديد في مواجهة الخطر الداخلي والخارجي وحالياً تزايدت موارد القوة القومية الإيرانية بفعل استخدام وتوظيف نظام الثورة الإسلامية لورقة المشاعر الإسلامية على النحو الذي أدى إلى جعل الشعور الإسلامي العالمي يشكل قيمة مضافة إلى القوة القومية الفارسية.
• عامل القوة الدبلوماسية: تتميز إيران بوجود روابط قوية مع بعض الكيانات والحكومات والدول ذات الأهمية والحساسية الفائقة في بعض مناطق العالم وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن العلاقات مع سوريا عززت بقدر كبير من قوة إيران الدبلوماسية في الشرق الأوسط، حيث أن إيران إذا فقدت علاقاتها مع سوريا فإنها ستخسر على الأقل 50% من قوتها، إضافة لذلك، ترتبط إيران بعلاقات دبلوماسية قوية مع روسيا ودول آسيا الوسطى وتركيا والصين وقد ساعدت هذه العلاقات إيران على خلق حائط صد دبلوماسي خفف عنها ضغوط الاستهداف الأمريكي – الأوروبي – الإسرائيلي.
باستعراض هذه القدرات نلاحظ أن إيران لو نجحت في المحافظة على أمنها ووتائر نموها فمن الممكن أن تصبح خلال الخمس أو العشرة سنوات المقبلة قوة كبرى تنضم إلى نادي القوى العالمية الكبرى.
* مخاطر الانكشاف الإيراني؟
يكمن الخطر في بادئ الأمر في الانكشاف وتحديداً انكشاف القدرات أو أحد عواملها في مواجهة المخاطر الداخلية والخارجية الماثلة والمحتملة وتأسيساً على ذلك نلاحظ أن انكشاف القدرات الإيرانية يتمثل في الآتي:
• الانكشاف الاقتصادي: ويتمثل في اعتماد إيران على النفط كمصدر أساس للنقد الأجنبي وحالياً تزايدت مخاطر الانكشاف بسبب انخفاض أسعار النفط بما أدى إلى انخفاض إيرادات إيران من النقد الأجنبي.
• الانكشاف الديمغرافي: يتمثل في الحركات الانفصالية المعارضة للنظام ذات التوجهات الأثنو-ثقافية وإثنو-طائفية وحالياً تنشط أجهزة المخابرات الأمريكية والموساد في تنفيذ مخططات تفعيل هذه الحركات بما يؤثر سلباً على استقرار إيران الداخلي.
• الانكشاف التكنولوجي: تعتمد إيران على استيراد وسائط التكنولوجيا المتطورة وقد أدى ذلك إلى معاناتها من التبعية التكنولوجية لبعض دول العالم وبالتالي فمن المتوقع إذا تم فرض العقوبات الدولية المشددة أن تعاني إيران من شح توافر هذه الوسائط التكنولوجية.
أما بالنسبة لبقية القدرات الإيرانية فمن الصعب وجود المزيد من الانكشافات التي تشكل تهديداً حقيقياً لجهة الخطورة الماثلة.
ولكن الخطر الماثل حالياً يتمثل في الآتي:
• الانخفاض الكبير في أسعار النفط وما ترتب عليه من انخفاض كبير في عائدات الصادرات النفطية الإيرانية.
• احتمالات حدوث توافق روسي – أمريكي بما يترتب عليه تخلي روسيا عن إيران خاصة وأن السياسة الخارجية الروسية الحالية لا تهتم بالإيديولوجيا والمذهبيات وإنما ينصب اهتمامها الرئيس على المصالح والصفقات.
• احتمالات لجوء إسرائيل في ظل حكومة اليمين المتطرف الحالية إلى شن عملية عسكرية ضد إيران تترتب عليها مواجهة أكبر في المنطقة على النحو الذي يؤدي بدوره إلى استدراج أمريكا إلى ساحة الحرب.
• احتمالات تورط إيران في مستنقع النزاع الأفغاني على النحو الذي يترتب عليه إشعال الصراع السني – الشيعي في مناطق جنوب شرق إيران (بلوشستان) ومناطق جنوب غرب إيران (خوزستان).
من الصعب التأكيد على افتراض أن إيران ستظل سليمة معافاة في مواجهة المخاطر الحالية التي تواجه أمنها القومي، ومن الصعب افتراض أن إيران ستتعرض لاستهداف حقيقي يؤدي إلى إسقاط نظام الثورة الإيرانية وزعزعة استقرار إيران، لكن ما هو واضح يتمثل في:
• استمرار توجهات السياسة الخارجية الإيرانية في ضغوطها المتشددة.
• تماسك توجهات السياسة الداخلية الإيرانية لجهة سيطرة تحالف المحافظين (معسكر أحمدي نجاد) في مواجهة تفكك تحالف الإصلاحيين (معسكر خاتمي).
ما هو مؤكد سيتمثل في استمرار الضغوط والعقوبات المتزايدة في مواجهة معسكر المحافظين الإيرانيين الذين ما زالوا مسيطرين على طهران.

 


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...