عاصي الحلاني ولبنان الحق

17-01-2008

عاصي الحلاني ولبنان الحق

الجمل- ميساء آقبيق: مهما علت أصوات نشاز في لبنان، تبقى الغالبية تتمتع بالعقل والمنطق ولديها الحس العروبي، وفيها من النبل والأخلاق ما يجعلنا نرفع القبعة لها ولشعب لبنان الأصيل.
في برنامج "العراب" الذي يعرض على تلفزيون الشرق الأوسط (إم بي سي) هناك دائما سؤال سري للضيف المشارك، كان السؤال الموجه للفنان عاصي الحلاني كما تم الشرح لاحقا: لقد غنيت في احتفالات تنصيب الرئيس السوري بشار الأسد وقوبلت بعاصفة من الانتقادات لهذا التصرف من شخصيات عديدة وفي وسائل الإعلام اللبنانية..
إن الجواب الذي رد به عاصي الحلاني بكل ثقة وقوة لا يسع المرء أمامه إلا أن يقدره ويحترمه.. ليس لأني سورية، وليس أنه دافع عن سورية، لأنه لم يرتبك ولو للحظة ولم يخجل أو يدافع عن نفسه وكأنه متهم عندما قال: "ياجماعة أنا غنيت في دولة عربية وليس في إسرائيل، غنيت بالعربي ولم أغن بالعبري". عاصي في معرض رده على ذلك السؤال وتلك الانتقادات قال أنا ضد كل من يحاول أن يحدث شرخا لئيما بين دولة عربية وأخرى، وهناك علاقات دم وعلاقات تاريخ تربط بيننا وبين سورية، وإذا كنتم تعتبرون سورية عدوا أغلقوا الحدود!!.. إذا كنتم تضعون مسألة ما تسمونه أسرى لبنانيين في السجون السورية سببا في الهجوم علي، فهؤلاء الأسرى كانوا منذ زمن الشهيد رفيق الحريري وكانت تربطه علاقات جيدة وطيبة مع سوريا..
إن حجم التصفيق والهتافات التي قابلت كلام عاصي من الجمهور الموجود في المسرح من الصعب أن يكون مرتبا أو أن يكون خضع لسيناريو معين، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على أن الشعب اللبناني الأصيل الذي عرفناه دائما لا يستطيع أن ينكر أننا جيران وأننا لا نستغني عن بعضنا البعض، وأن جذورنا مرتبطة هنا في أرض واحدة.. لبنان الجمال والعزيمة والعلم والفن ونصر تموز سيبقى منارة مضيئة في سماء العروبة..
كنت قد استأت كثيرا وأبديت امتعاضا للرسالة التي وجهها النائب عضو اللقاء الديمقراطي أكرم شهيب عبر الانترنت إلى السيدة فيروز يناشدها أن لا تغني في سورية ضمن فعاليات عاصمة الثقافة العربية..
أصابني الحزن وأنا أفكر، بغض النظر عن أن الفن والثقافة يجب أن لا يخضعا للاعتبارات السياسية الضيقة، صحيح أن الرئيس الأسد اعترف ببعض الأخطاء في لبنان، ولكن كيف يفكر اللبنانيون؟ كيف ينسون ما فعلته إسرائيل ببلادهم المرة تلو المرة، ويتجاهلون أن لها مصالح كثيرة في عدم الاستقرار وفي بقاء لبنان في حالة اضطراب وانقسام داخلي، ولا يتوجهون بالهجوم إليها، ويتعاملون مع الجارة الحقيقية الموجودة منذ الأزل وكأنها العدو؟ تألمت وأنا أتذكر صور مذابح وتدمير حرب تموز، وصور مذابح صبرا وشاتيلا ودمار بيروت العام 82 من القرن الماضي، وفرق الموت الإسرائيلية التي كانت تدخل بكل بساطة إلى الأراضي اللبنانية وتقتل من تشاء ممن يقيم على أرضها، وفضائح المجموعات التجسسية الإسرائيلية التي اكتشفتها وطوتها الجهات الأمنية، واستمرت الحملة الشرسة الشعواء المنظمة عبر الألسنة المشبوهة ضد سوريا..
كلما صدر تصريح من سوريا يؤكد حرصها على استقرار لبنان والتوافق بين اللبنانيين حوله بل حوّره (بتشديد الواو) بعض اللبنانيين ليقولوا إن سوريا هي سبب كل الأزمات التي تلقي بظلالها على شعب مسكين أطبقت على رقبته حكومة تدور حولها الشبهات ولا يرضى كثير من اللبنانيين الاعتراف بها..
عاصي الحلاني أثلج صدري برده القوي على أصوات هزيلة لا بد أن تصمت في النهاية لأنه دائما لا يصح إلا الصحيح.. وعلى رأي الراحل ياسر عرفات: "شاء من شاء، وأبى من أبى، واللي مش عاجبه يشرب من البحر الميت"!!

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...