صناعة الكتاب في سورية: تاريخها- واقعها- آفاقها

02-05-2007

صناعة الكتاب في سورية: تاريخها- واقعها- آفاقها

ما يزال الكتاب، وعلى الرغم من التطور المتسارع والكبير للوسائل  السمعية-البصرية، يلعب  الدور الأول في عملية التعليم والثقافة ونقل المعرفة عموماً، وما تزال صناعة الكتاب، عالمياً، صناعة ضخمة، فقد بلغت مبيعات دور النشر الفرنسية في عام 2004 حوالي مليارين ونصف يورو، وعدد النسخ المباعة/455/ مليون نسخة، وعدد العناوين المنشورة /61/ ألفاً (الحياة-28/3/2005).
بالنسبة للبلاد العربية عموماً، وسورية خصوصاً، ما يزال الكتاب يلعب دوراً مهماً، وخصوصاً الكتب المدرسية، أما الكتب الثقافية العامة، كتب ما بعد الدراسة، أو المرافقة للدراسة، فسوقها  ما تزال متواضعة، وكذلك عمليات صناعة الكتاب عموماً-صناعة النشر والتسويق- مع العلم ان السوق العربية تشكل  حوالي /300/ مليون نسمة، وهي بذلك تعادل حوالي ستة أضعاف السوق الداخلية الفرنسية، فالسوق العربية-اللغوية- هي سوق واحدة، نظرياً، ويمكن لأي كتاب يطبع في أي بلد عربي أن يباع ويقرأ في بلد آخر، إذا ما تُخطيت العوائق الادارية والجمركية والسياسية والتوزيعية.
بالنسبة لسورية فإن عدد السكان فيها حوالي/18/ مليوناً، راجع الملحق رقم (11) حول السكان-القراء المحتملون- في سورية، والنسبة الكبيرة منهم شباب أو رجال في سن القراءة، راجع الملحق رقم(9) حول طلاب المدارس والجامعات، وحتى الأطفال، ما بين5-11 بدؤوا يتوجهون للقراءة، وهناك مديرية لثقافة الطفل في وزارة الثقافة مختصة بطبع كتب الأطفال، ومجلة شهرية(أسامة)،  راجع الملاحق(13) حول نشر كتب الأطفال في سورية.
لكن تنبغي ملاحظة أن السوق السورية هي جزء من السوق العربية للكتاب، وأن نسبة كبيرة من الكتب المستهلكة في سورية تطبع في بيروت والقاهرة، وطوال فترة طويلة، وحتى الآن الى حد ما، كان الكاتب    والقارىء السوريان يعتمدان على صناعة النشر المصرية أو اللبنانية، وكتّاب سورية الأكثر شهرة ومبيعاً مثل حنا مينة، نزار قباني، صادق العظم، زكريا تامر، سعد الله ونوس، هم كتاب متعاقدون مع دور نشر لبنانية لطباعة أعمالهم وتوزيعها، لكن هناك مشكلة«تزوير» أو «قرصنة الكتاب المطلوب» وفي سورية ثمة مكتبات« متخصصة» في ذلك، كما ان هناك ظاهرة «مطابع الريزو» حيث يطبع ويعاد طبع العدد المطلوب.
ان اعتماد الكاتب والقارىء السوريين على الدور المصرية واللبنانية، إضافة الى بعض الظروف التاريخية  والجغرافية، أعاق نشوء حركة نشر الكتاب، أو صناعة للكتاب في سورية طويلاً، مع العلم ان هناك كتباً تنشر في سورية-دمشق وحلب- منذ منتصف القرن التاسع عشر، ففي دمشق نشر في الفترة ما بين 1856-1915 حوالي(184) كتاباً، أما في مدينة حلب فقد نشر في الفترة ذاتها تقريباً حوالي (55) كتاباً، راجع الملحقين رقم (2،3).
ينبغي التذكير أنه صدرت عام 1727 فتوى بإباحة الطباعة في «الممالك العثمانية» وسورية كانت جزءاً منها، يلاحظ ان غالبية الكتب المنظورة في تلك الفترة كانت دينية ولغوية، وهي كتب بعيدة عن الثقافة الحديثة، كما ان غالبيتها صدرت عن مطابع حكومية أو دينية أو تجارية، إذ لم يكن قد وجد آنذاك مفهوم(دار النشر) أو مفهوم «الجماعة الأهلية» التي تتعهد طبع كتب معينة لأعضائها أو لاتجاهها.
ربما تكون الجماعة التي ألفت باسم «المكتب القومي للدعاية والنشر-1934» من أوائل الجمعيات الأهلية التي كان في برنامجها طبع الكتب، وفعلاً فقد أصدر هذا المكتب الكتب التالية في أول عملية نشر منظم للكتب في سورية:
1- قواعد التحديث ..جمال الدين القاسمي
2-الحياة الأدبية في جزيرة العرب(محاضرة) ..طه حسين
3-المنقذ من الضلال..الغزالي-تحقيق: جميل صليبا-كامل عياد
4-حي بن يقظان..ابن طفيل-تحقيق: جميل صليبا-كامل عياد
5-ابن خلدون-منتخبات..جميل صليبا
6-من افلاطون الى ابن سينا..جميل صليبا
7-لقطة العجلان للإمام الزركشي
8-الثقافتان: الصفراء والبيضاء..محمد بهجت البيطار
وبعض كتب أخرى للشيخ جمال الدين القاسمي
ويبدو واضحاً الاتجاه التراثي في كتب هذه الجماعة التي يبدو أنها كانت تعتمد في إدارتها وتمويلها على فخري البارودي(1887-1996) ويبدو ان الجماعة أنهت أعمالها أواخر الثلاثينيات من القرن العشرين.
خلال الثلاثينيات من القرن العشرين بدأت أولى محاولات تكوين دور النشر في سورية، وفيما يلي جدول تاريخي لأهم دور النشرالسورية منذ ذاك الوقت، حتى الآن:
1-مكتب النشر العربي 1934
2- دار اليقظة العربية 1939
3-دار الرواد 1952
4-دار دمشق 1954
5-دار الفكر 1957
6-وزارة الثقافة 1960
7-مكتبة الشرق (عبد السميع عفش) 1960-حلب
8- اتحاد الكتّاب العرب 1970
9-دار الحوار 1982-اللاذقية
10-دار الأهالي 1987
11-دار المدى 1994
يبلغ عدد دور النشر السورية المسجلة رسمياً في وزارة الاعلام حوالي /400/دار- حسب مصادر وزارة الإعلام- إلا أن غالبيتها محدودة النشاط، والدور النشيطة، أي التي تنتج في حدود/50/ كتاباً في العام، هي الدور التي ذكرناها.
تطبع دار النشر السورية في حدود/1000/نسخة، في مطابع مأجورة،  باستثناء وزارة الثقافة التي لديها مطابعها الخاصة وكذلك ثمة مطابع خاصة لدار الفكر..ويقول أصحاب هذه الدور أنهم يعتمدون على التمويل الذاتي، ويدفعون حقوق المؤلفين والمترجمين حسب الاتفاق، وبعض هذه الدور يتقاضى مبالغ من المؤلفين، مع ملاحظة أن هناك مجموعة مكتبات متخصصة في إعادة طبع الكتب الدينية والتراثية الاسلامية وخصوصاً القرآن(مثل:دار قتيبة، دار القلم، مكتبة الفارابي، دار  ابن كثير) وسنقدم في الملحق رقم(7) مثالاً لنوع المطبوعات الدينية لهذه الدور«ابن كثير».

 تطور الجرائد:
 في فترة سابقة لعام 1963 كانت هناك صحافة سورية ناشطة، وكبيرة العدد، حتى ان القرار الثاني لأول انقلاب عسكري في سورية «حسني الزعيم، 1949» أمر بإيقاف (72) صحيفة ومجلة. ولكن بعد عام 1963  اقتصر الأمر على صحيفتين هما (البعث 1946 -والثورة 1958)، ثم أضيفت إليهما صحيفة (تشرين 1974) وهناك نية، الآن، لدمج صحيفتي تشرين والثورة، وتوزع الصحف الثلاث  معدل/40/ ألف نسخة يومياً للصحيفة الواحدة، وهناك صحيفة محلية في كل محافظة متفرعة عن مؤسسة الوحدة للطباعة والنشر وقد بدأت حديثاً حركة إطلاق صحافة خاصة، وهناك صحف «غير حكومية» لكنها في غالبها أسبوعية كجريدة«النور/10/ آلاف نسخة» التي يصدرها الحزب الشيوعي السوري، وهناك صحف ومجلات متعددة... لكن ما تزال في طور التأسيس والتجارب مثل(المبكي-2005) كما ان هناك محاولات لإنشاء صحف ثقافية وشبابية واقتصادية، وسنتبيّن النتيجة خلال هذا العام 2005.
بالنسبة للمجلات هناك مجلتان رئيستان هما: المعرفة، وتصدر عن وزارة الثقافة منذ عام 1961، وتطبع 4200نسخة، والموقف الأدبي وتصدر عن اتحاد الكتّاب العرب وتطبع 3000نسخة ، ثم هناك مجلتان تصدران عن جامعة دمشق  احداهما متخصصة بالدراسات التاريخية، والثانية بأبحاث جامعية عامة، وليست هناك مجلات علمية في سورية، إضافةً الى بعض المجلات في الجامعات والمعاهد الأخرى.
وهناك مجلة واحدة للأطفال باسم (أسامة) وتطبع 10 آلاف نسخة(حكومية).
كما تصدر وزارة الثقافة السورية مجلات متخصصة بالمسرح والسينما والموسيقا والفنون التشكيلية، وتُطبع في حدود 2000نسخة للمجلة الواحدة، لكن هذه المجلات غير منتظمة الصدور، وأحياناً يصدر منها عدد واحد في العام.

 هيكل السوق:
يبلغ عدد سكان سورية/18/ مليونَ نسمة نسبة كبيرة من الأطفال في سن (6-1) ونسبة كبيرة أخرى من اليافعين(12-18). أما النسبة الباقية فهي قليلة القراءة، وفيما يلي جدول يبيّن كل ما نُشر أو أودع في سورية منذ تأسست مكتبة الأسد 1984، «المكتبة الوطنية»، وصارت تودع رسمياً فيها، حتى عام 2000م.
نقلاً عن البيليوغرافيا الوطنية السورية (مكتبة الأسد):
-1984/610كتب/(تتضمن عدداً من العناوين من منشورات سنوات سابقة).
-1985/1136 كتاباً/
-1986/1039 كتاباً/ (+18 بلغات أجنبية).
-1987/931 كتاباً/(+29 بلغات أجنبية)
-1988/979 كتاباً/.
-1989/1042 كتاباً/.
-1990/904 كتب/(+3بلغات أجنبية)
-1991/938 كتاباً/ (+10 بلغات أجنبية).
-1992/956 كتاباً/.
1993 /926 كتاباً/(+7بلغات أجنبية).
-1994/1153 كتاباً/(كتاب واحد بالفرنسية).
-1995/1133 كتاباً/(+6كتب بلغات أجنبية).
-1996/1322كتاباً/(+15 كتاباً بلغات أجنبية).
-1997/1328 كتاباً/(+20 كتاباً بلغات أجنبية).
-1998/1371 كتاباً/(+19بلغات أجنبية).
-1999/1581 كتاباً/(16 كتاباً بلغات أجنبية)
-2000/1800كتاباً/(+18بلغات أجنبية).
ملاحظات:
-العدد يشمل الكتب المؤلفة والمترجمة والمحققة.
-يشمل ما يمكن أن يكون قد أُودع في المكتبة لمؤلف  أو مترجم سوري حتى لو كان منشوراً خارج سورية، كمنشورات رياض نجيب الريس(لبنان) مثلاً(عدد قليل).
-يشمل الكتب المدرسية والمقررات الجامعية والرسائل الجامعية ومنها أطروحات التخرج في كليات الطب والصيدلة و..(عددها ليس قليلاً أبداً) (حتى 1990 ضمناً).
-يشمل تقارير الوزارات المنشورة بشكل كتاب، والمؤسسات، وحزب البعث،ومنظمات أخرى..
-يشمل قصص الأطفال، وهذه سلاسل يأخذ كل كتاب  فيها رقماً.
-يشمل دور نشر لها مكتب في دمشق  مذكور في عنوانها، حتى لو كانت تمارس  نشاطها خارج سورية، كالمكتب الاسلامي (دمشق، بيروت) رغم ان نشاطه كله في بيروت.
-الكتب باللغات الأجنبية هي كتب جامعية غالباً ، أو بعض  منشورات دار طلاس.
-هناك منشورات سورية(نادرة)  غير مودعة في المكتبة

-هيكل سوق الكتاب:
غالبية التلاميذ في المدارس الابتدائية «راجع الملحق رقم (9) حول عدد تلاميذ المدارس في سورية عام 2004»... مما يعطي فكرةً عن سوق الكتاب المدرسي، وهم يشكّلون النسبة الكبرى في عدد تلاميذ المدارس، وكتبهم مثل كتب التعليم الثانوي والعالي،  تطبعها الدولة على نفقتها، وفي مطابع الدولة الأساسية الثلاث«راجع الملحق رقم(10) حول الكتب المدرسية المطبوعة في مطابع الدولة».
1-مطبعة مؤسسة الوحدة-جريدة الثورة
2-مطبعة تشرين.
3-مطبعة دار البعث
4-مطبعة جامعة تشرين، تطبع الكتب الجامعية المقررة
5-مطابع نقابة المعلمين
6-مطابع جامعة حلب
ثم تبيعها الدولة بأسعار رمزية، أو بأسعار   التكلفة، وعلى سبيل المثال فإن مطابع دار البعث تطبع خلال العام الدراسي 2005-2006 حوالي 15 مليونَ نسخة لمختلف مراحل التعليم.
هناك هيئات تعليمية أهلية كالجامعات الخاصة، وما تزال قيد الانشاء خلال السنوات القادمة، أو في سنواتها الأولى كجامعة القلمون في بلدة ديرعطية، وهناك جامعات آلية في دمشق وحلب ودير الزور.
أما بالنسبة للمكتبات فشبكة المكتبات العامة ضعيفة في سورية.
هناك من المكتبات العامة الهامة ست هي:
1- مكتبة جامعة دمشق/دمشق
2- مكتبة الأسد/دمشق(المكتبة الوطنية).
3-المكتبة الظاهرية/دمشق
4-دار الكتب الوطنية/حلب.
5- دار الكتب الوطنية/ اللاذقية
6-مكتبة المعهد الفرنسي للدراسات العربية/دمشق
وهناك شبكة مكتبات المراكز الثقافية وهي تبلغ حوالي/55/مكتبةً رئيسية وتتبعها مكتبات فرعية أخرى في المدن  الصغيرة.
تضاف الى ذلك شبكة مكتبات المدارس الثانوية، وقد كانت هذه المكتبات هامةً ذات يوم، إلا أن تغذيتها ضعفت في السنوات العشرين الأخيرة.
ملاحظة: ثمة أشخاص    كثر في سورية لديهم    مكتبات شخصية هامة، ويزودونها بالجديد باستمرار.
كمثال على حركة نشر الكتب في سورية... نقدم تطور مطبوعات وزارة الثقافة، فمطبوعات هذه المؤسسة شكّلت نقلة نوعية في تاريخ نشر الكتاب في سورية وفي نوعيته، إضافةً الى ان هذه المؤسسة هي الأغزر طبعاً، والأكثر تنوعاً، والأكثر تقيداً بالقوانين ومبادىء النشر من مختلف جوانبها.

مطبوعات وزارة الثقافة
تأسست مديرية التأليف والترجمة والنشر في وزارة الثقافة السورية عام 1960، ومنذ ذلك الوقت،  وهي تطبع الكتب، وفيما  يلي  جدول لتطور مطبوعاتها منذ تأسيسها:
منشورات وزارة  الثقافة:
-1960/8كتب/
-1961/16كتاباً/
-1962/22 كتاباً/
-1963/16 كتاباً/
-1964/16كتاباً/
-1965/20كتاباً/
-1966/20كتاباً/
-1967/27 كتاباً/
-1968/27كتاباً/
-1969/26كتاباً/
-1970/36كتاباً/
-1970/36كتاباً/
-1971/29كتاباً/
-1972/44كتاباً/
-1973/23كتاباً/
-1974/40كتاباً/
-1975/49كتاباً/
-1976/65كتاباً/
-1977/54كتاباً/
-1978/68كتاباً/
-1979/66كتاباً/
-1980/92كتاباً/
-1981/92كتاباً/
-1982/95كتاباً/
-1983/91كتاباً/
-1984/89 كتاباً/  -1985/86 كتـــــابـــــــاً/
-1986/ 84 كتاباً / -1987/47 كتاباً/
-1988/ 44كتاباً/ -1989/ 56كتاباً/
-1990/48كتاباً/ -1991/77كتاباً/
-1992/65كتاباً/ -1993/82كتاباً/
-1994/112كتاباً/ -1995/99كتاباً/
-1996/108كتب/ -1997/48كتاباً/
-1998/123كتاباً/ -1999/122 كتاباً/
-2000/122كتاباً/ -2001/97كتاباً/
-2002/95كتاباً/ -2003/72كتاباً/
-2004/100كتاب/
ملاحظة: كل جزء من الكتاب ذي الأجزاء يأخذ رقماً وتعداداً مستقلاً
وثمة خطط في الوزارة لإصدار حوالي 150 كتاباً سنوياً، راجع الملحق رقم (8) حول الكتب الصادرة عن وزارة الثقافة حسب الموضوع، والملحق رقم (5) عن برنامج النشر في الوزارة لعام 2004.

تسعير الكتب:
يعاني وضع الكتاب في سورية والبلاد العربية عموماً أزمة حادة، ولكن ليست الأسباب المادية وضعف القدرة الشرائية هي السبب الأكبر والأوحد، فثمة أسباب جوهرية أخرى تتمثل في أن «الثقافة الشفوية» لا تزال هي السائدة، كما ان الأمية تبلغ أحياناً حوالي 60٪ بالمئة، أضف الى ذلك «العقلية التقليدية» والتي تكتفي بالكتب الدينية القديمة، وهناك ما يمكن تسميته بـ«انهيار القيم» في المجتمع العربي والسوري نتيجة إخفاقات الحاضر واعتبار الحركات الفكرية-الثقافية السياسية السبب الرئيس لهذا الاخفاق، أضف الى ذلك أن «الثقافة» لم تعد رأسمالاً «منتجاً» أو قابلاً «للتوظيف» في ظروف «الادارات الحالية» إذ يسبقك-ببساطة- في الترقي الاجتماعي والاداري «صاحب النفوذ» حتى ولو كان«رأسماله الثقافي» أقل من رأسمالك.
عموماً، الكتب في البلاد العربية «رخيصة» عكس ما يشاع، وتسعير الكتب يكون عادة بحساب التكلفة وضرب الحاصل بثلاثة أضعاف، إلى خمسة  على حساب أن هناك سنتين لدورة «رأس المال» وعلى العموم فإن الأسعار المعتمدة الآن تقارب ليرة سورية واحدة للصفحة، وعلى سبيل المثال فإن كتاباً في حدود/200/صفحة يتوقع أن يسعّر بـ(200) ل.س «ما يعادل أربعة دولارات» وقس على ذلك، مع ملاحظة ان قلة تيراج الطبع- في حدود /1000/نسخة يجعل التكلفة عالية، أضف الى ذلك ان الكتاب يستغرق أحياناً  5سنوات وأكثر حتى ينفد، وقليل من الكتب ما يعاد طبعه، باستثناء بعض الأعلام المعروفين، وغالبيتهم تطبع كتبهم في لبنان، كما تقدم.

 الإطار القانوني:
كل كتاب يطبع في سورية يحصل على موافقة مسبقة من وزارة الإعلام، وتشترط الموافقة أن  يودع منه بعد طبعه/5/نسخ في «مكتبة الأسد» و/6/نسخ في «مكتبة وزارة الاعلام»، ويحصل الكتاب على «إذن للتداول» بعد طبعه، وبعد الإيداع القانوني.
وهناك قانون لحقوق المؤلف، وقانون للمطبوعات في سورية راجع الملحقين(14و15).

 النشر والطباعة:
بالنسبة للمناهج المدرسية، تطبع بعد تكليف لجان تأليف خاصة من ضمن مدرسي وزارة التربية المتخصصين في موادهم، ثم تطبع وزارة التربية الكتب المعتمدة في مطابع الدولة الرئيسية الثلاث كما تقدم (نقابة المعلمين، البعث، الثورة).
أما الكتاب الجامعي فتطبعه مطبعة جامعة دمشق.
بالنسبة لحقوق المؤلف والناشر فهي محفوظة قانونياً بموجب قانون خاص-مرفق كملحق- وتراقب الوضع دائرة خاصة في وزارة الثقافة ، اسمها«دائرة حقوق المؤف»، وعند وجود مشكلة تحال القضية على وزارة العدل.
تحدد مشاريع النشر في دور النشر حسب اهتمامات أصحاب هذه المشاريع، فمشاريع النشر للمكتبات ودور النشر الدينية معروفة، وتحددها آراء أصحابها ومشاريعهم الفكرية ومشايعتهم للآراء القديمة والسائدة، ورغبتهم في الربح، أضف الى ذلك ان الكتاب الديني-التراثي«مضمون» وربما هو«مدعوم» من بعض الجهات النافذة عربياً-كالسعودية- وقد كانت هناك مشاريع هامة للنشر في سوريا، وذات استراتيجيات محددة مثل مشروع «دار اليقظة العربية في الخمسينيات» لتقديم الأدب العالمي  وخصوصاً الروسي الى القارىء العربي- راجعه في الملحق رقم (4)- ومشروع وزارة الثقافة لتقديم كلاسيكيات الفكر الأوروبي واتجاهاته  الحديثة الى القارىء، وكذلك مشروع «دار المدى» لتقديم روايات «جوائز نوبل» الأدبية وأهم الكلاسيكيات الأدبية الأوروبية الحديثة، لكن ذلك يعتمد دائماً على شخصية «صاحب الدار» أو مديرها، ودار الفكر وحدها تمتلك «خطة نشر سنوية» -راجع الملحق رقم(6). هناك كذلك مشروع دار الفكر لتقديم سلسلة كتب «حوارية» تقدم حوارات بين الأفكار المتداولة والمختلفة أو«المتصارعة» في الواقع والثقافة العربيين المعاصرين، وقد صدر منها حوالي/40/ عنواناً.
قليلاً ما تجري عمليات تحرير للنص في دور النشر السورية، باستثناء وزارة الثقافة التي تقوم بهذه العملية كلما دعت الحاجة الى ذلك، وكذلك دار الفكر.
يقول كل أصحاب دور النشر ان التمويل ذاتي، ووزارة الثقافة هي التي تمول مطبوعاتها، ومؤخراً بدأت بعض دور النشر في التعامل مع دوائر أوروبية معنية بالثقافة للحصول على التمويل والنشر المشترك كدار قدمس، والأهالي، وكنعان، والحوار وغيرها.
مواد الطباعة كلها مستوردة، وهناك معهد مهني للطباعة تابع لوزارة الاعلام مدة الدراسة فيه عامان، لكن غالبية عمال الطباعة تدربوا في المطابع، وهناك تحديث كبير الآن للتقنية الطباعية، وبالامكان طباعة كتاب جيد فنياً- من مختلف النواحي- في المطابع السورية.
أما الكتاب الإلكتروني فما زال في بدايته، ليس هناك «شركات»أو «مؤسسات» وغالبية دورالنشر يملكها مؤسسوها «أصحابها».

 تسويق وتوزيع:
مشكلة الكتاب السوري الأولى، من الناحية التجارية، هي عين مشكلة الكتاب العربي، التوزيع فثمة/300/ مليون عربي يقرؤون اللغة «العربية» نفسها ويشكلون سوقاً مفترضة كبيرة، وبالامكان توزيع مما يطبع في أي بلد، لكن هنا عقبات أهمها عدم وجود شبكات توزيع شاملة، وكذلك الحواجز الجمركية  والمالية والسياسية، وهناك كتاب واحد يوزع في العالم العربي عموماً- إلا عندما يمنع هنا أو هناك- هو سلسلة عالم المعرفة «الكويتية» والتي تطبع أحياناً في حدود(50) ألف نسخة.
وكذلك فإن مطبوعات الكويت الصحافية-العربي- عالم الفكر- الابداع العالمي- مجلات أخرى- توزع مجاناً، أما الباقي فهو توزيع محلي.
هناك تجربة توزيع لوزارة الثقافة السورية،  اذ توزع مطبوعاتها عبر المعارض العربية وعبر مراكزها الثقافية، وهي قائمة في /55/مركزاً.
كما ان هناك شركة لتوزيع المطبوعات في سورية توزع الكتب، أسست عام 1975، وهي تابعة لوزارة الاعلام، لكن عملها يكاد يقتصر   على توزيع الصحف والمجلات.
أما أصحاب المكتبات ودور  النشر فيعتمدون في التوزيع على المعارض   وعلى شبكة علاقاتهم في مكتبات سورية والدول الأخرى.
وليس هناك من أبحاث متخصصة حول التسويق والتوزيع، والامر يعود الى نشاط صاحب المكتبة، أو الدار أو الكتاب.
ليس هناك من أنشطة تشجيعية كبيرة الأهمية للكتاب، سواء على مستوى «الإعلام» أو مستوى «المساعدة المادية» وشراء الكتب، فالأمر متروك للمبادرات الشخصية لمنتج الكتاب، أو مستهلكه.
وفي سبيل تشجيع القراءة، فإن وزارة الثقافة توزع كتاباً شهرياً مجانياً بالاشتراك مع دار البعث، ويطبع حوالي 10 آلاف نسخة شهرياً، كما ان بعض دور تقيم معارض في المناسبات بحسومات خاصة لتشجيع القراء.
يلجأ أصحاب المكتبات في سبيل الترويج لكتبهم الى إقامة معارض متنقلة في المحافظات، وخصوصاً في المراكز الثقافية، بعد إذن الموافقة، كما ان الناشر السوري  يشارك في كل المعارض العربية، وخصوصاً في معرض دمشق للكتاب الذي يقام سنوياً في الخريف.
النشاط الدولي للكتاب السوري ضعيف، وربما تكون «دارالفكر» و«دار المدى» هما الداران الوحيدتان اللتان لهما نشاط دولي -محدود جداً- وبعض دور النشر تتعاون مع وزارات أوروبية مختصة-إسبانية-فرنسية-خصوصاً.
استيراد الكتب الأجنبية تقوم به مكتبتان رئيسيتان هما «مكتبة صائغ» ومكتبة«نور الشام».
أما عن النشر باللغة العربية في الخارج فهو قليل وهناك بعض الاستثناءات، كأن يطبع كتاب في باريس أو لندن، لأسباب سياسية أو دينية، أو «جنسية».
الترجمة من العربية لكتاب سوريين الى اللغات الاجنبية قليلة، وهي تخدم اغراضاً اكاديمية وسياسية واحياناً علاقات شخصية اكثر مما هي ترجمة ادبية- تجارية او ثقافية عامة.
 الترجمة من اللغات الاجنبية الى العربية متوسطة العدد والجودة،ووزارة الثقافة السورية وحدها المؤسسة التي لديها برنامج محدد للترجمة، اذ تشتري كتباً تدرسها وتكلف المترجمين بترجمتها، أما باقي الدور فتتعامل مع المترجمين على اساس اختياراتهم ونشاطاتهم وليست لدى هذه الدور- عموماً- لجان دراسة او تكليف.
 هناك مؤسسة أجنبية وحيدة تنشر كتباً عربية في سورية وهي المعهد الفرنسي للدراسات العربية المؤسس عام 1923 وينشر كتباً غالبها تحقيقات تراثية.
 مسائل القراءة:
لم تدخل القراءة بعد في عداد « العادات اليومية» للناس، ولاسيما عند الطلاب والمهنيين والموظفين والنساء وهم من يشكلون غالبية جمهور القراء في البلدان العربية، وغالبية القراءة هي قراءة البرامج المدرسية و«المكتبة البيتية» نادرة، وكذلك شبكة مكتبات الأحياء تكاد تكون غير موجودة وأكثر الذين ينهون الدراسة في مختلف مستوياتها، لايعودون الى القراءة أبداً أضف الى ذلك مشكلة الامية وخصوصاً لدى النساء، وكذلك انهيار القيم الفكرية والثقافية الذي سبق الحديث عنه ، وعدم وجود آليات « اعلام وتوزيع وتشجيع»للكتاب وللقراءة كل ذلك يجعل وضع الكتاب صعباً مع اضافة ان النظام التعليمي في المدارس السورية لا يشجع على القراءة الخاصة، ولا يزرع هذه الحاجة او العادة في نفوس التلاميذ.. بالمقابل هناك امكانية لتحقيق هذه الآثار السلبية، فالسوق العربية للكتاب واحدة-نظرياً- والمشكلات والاهتمامات عند القراء متقاربة، والكتلة السكانية العربية/300/ مليون تشكل سوقاً «نظرياً» كبيراً، إذا ما امكن تخطي العقبات، وكذلك فإن نسبة المتعلمين في البلدان العربية ترتفع يوماً بعد يوم، و«صدمة» أو «اغراء» الوسائل السمعية البصرية الحديثة بدأت تفقد شيئاً من الاهتمام والاعجاب الاول ، والناس بدؤوا يقرون بأن الثقافة الحقة لا تؤخذ الا من « الكتاب» الذي يشجع على التفكير الهادىء والتأمل والمتعة، وعلى كل حال، فالقراءة اكثر «راحة» للعين من الجهاز البصري، كما هو معروف، كما ان الاوضاع بين الدول العربية، ودول العالم الاخرى الى انفراج قادم على الاغلب مما يشجع على تخطي الحواجز الجمركية والسياسية، وانشاء شركات وشبكات توزيع للكتاب على مدى السوق العربية وبالامكان تحريك الجو الاعلامي للدعاية ، وكذلك بالامكان التعاون في انشاء مكتبات أحياء ومكتبات مدارس وجامعات ومعاهد ، وفي هذه الحالة يمكن ان يصل توزيع الكتاب العربي الى عشرات الآلاف.

محمد كامل الخطيب

المصدر: البعث

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...