سوريا أمام مفاعيل نيويورك ولاهاي وجنيف

30-09-2013

سوريا أمام مفاعيل نيويورك ولاهاي وجنيف

ارتسمت أطر أكثر وضوحاً للمشهد السوري على مسارات عدة. من نيويورك الى جنيف ولاهاي، وصولا الى دمشق وطهران. في نيويورك كان القرار من مجلس الأمن الدولي فجر السبت بشأن نزع الأسلحة الكيميائية. ومن لاهاي يصل الخبراء من منظمة حظر الاسلحة الكيميائية الى دمشق غداً، لمباشرة مهمة جديدة. اما سوريا، فقد اعلنت ضرورة تمثل كل القوى المعارضة «المرخصة» في مؤتمر التسوية المتوقع في جنيف في تشرين الثاني المقبل، رافضة احتكار «الائتلاف الوطني» المشكل في الدوحة تمثيل المعارضة، وأعلنت في الوقت ذاته عن تفاؤلها بنتائج التقارب بين طهران وواشنطن...اذا صدقت النيات الاميركية. عبود (12 سنة) وشقيقه ديب (14 سنة) يحملان السلاح في صفوف المعارضة في حي الشيخ مقصود في حلب امس الاول (رويترز)
وبينما يبدأ خبراء منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي عملهم على الارض السورية غداً، حيث يعقدون اجتماعات مع المسؤولين السوريين تمهيداً للكشف على ترسانة سوريا الكيميائية كمقدمة لإزالتها، فإن المهمة ستواجه وضعاً ميدانياً ازداد تعقيداً مع تصاعد الاشتباكات بين القوات السورية والمسلحين على محاور عديدة، تمتد من درعا مروراً بغوطة دمشق وصولا إلى الرقة، في حين استمر مسلسل اعلان التحالفات العسكرية الجديدة بين الجماعات المسلحة، حيث جرى تشكيل ائتلاف جديد يضم 43 مجموعة تحت اسم «جيش الاسلام».
وشكك المبعوث الدولي والعربي الى سوريا الأخضر الإبراهيمي بإمكانية عقد «جنيف 2» في الموعد المتفق عليه في منتصف تشرين الثاني. وقال، في مقابلة مع قناة «العربية»، إن موعد عقد المؤتمر ليس مؤكداً بنسبة مئة في المئة، وحث جماعات المعارضة السورية المتشرذمة على التوحد خلف وفد واحد في المؤتمر، معرباً عن خشيته من ان «يؤدي وجود وفود مختلفة إلى فشل المؤتمر».
وقال الإبراهيمي إن «هناك اتفاقاً على شكل مؤتمر جنيف 2»، موضحاً أن «جنيف 2 هو من أجل تنفيذ كامل لما تضمنه بيان جنيف 1». وأضاف «دول عربية مثل السعودية وقطر ومصر ستتواجد في جنيف 2»، معرباً عن اعتقاده بأنه يجب أن تشارك إيران في المؤتمر.
في هذا الوقت، اعتبر الرئيس السوري بشار الأسد أن من شأن التقارب الأميركي - الإيراني أن «يترك نتائج إيجابية» على الأزمة السورية والمنطقة إذا «صدق الأميركيون»، لكنه شدد على أن السلطات السورية ستواصل محاربة «الإرهابيين وإيديولوجيتهم».
وكان مجلس الأمن الدولي رمى، فجر السبت الماضي، بثقله لدعم الاتفاق الروسي - الأميركي بشأن إزالة ترسانة الأسلحة الكيميائية السورية وعقد «جنيف 2»، ما أعطى لهذا المؤتمر، الذي تحدد موعده منتصف تشرين الثاني المقبل، غطاءً دولياً أكبر مما كان حاز عليه سابقاً.
وتبنى مجلس الأمن بالإجماع قراراً، هو الأول الذي يصدره بشأن سوريا، يلزم السلطات السورية إزالة كل أسلحتها الكيميائية في اقل من سنة. وينص القرار على إمكان فرض عقوبات تحت «الفصل السابع» لكنها لن تكون تلقائية بل سيتعين صدور قرار ثان.
وليعطي قوة لمؤتمر «جنيف 2»، أعلن المجلس في القرار رقم 2118، انه «يؤيد تأييداً تاماً بيان جنيف المؤرخ 30 حزيران العام 2012، الذي يحدد عدداً من الخطوات الرئيسية بدءاً بإنشاء هيئة حكم انتقالية تمارس كامل الصلاحيات التنفيذية، ويمكن أن تضم أعضاء من الحكومة الحالية والمعارضة. ويدعو إلى القيام، في أبكر وقت ممكن، بعقد مؤتمر دولي بشأن سوريا من أجل تنفيذ بيان جنيف، ويهيب بجميع الأطراف السورية المشاركة بجدية وعلى نحو بناء في مؤتمر جنيف بشأن سوريا، ويشدد على ضرورة أن تمثل هذه الأطراف شعب سوريا تمثيلا كاملا، وأن تلتزم بتنفيذ بيان جنيف وبتحقيق الاستقرار والمصالحة».
واعتبر وزير الخارجية الأميركي جون كيري أن القرار يشكل فرصة «لإزالة إحدى اكبر الترسانات الكيميائية في العالم»، لكنه حذر النظام السوري من «تداعيات» في حال عدم التزامه بالقرار. اما وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف فقد شدد على أن أي اتهام ضد دمشق «يجب أن يتم التحقق من صحته بعناية من جانب مجلس الأمن وإثباته مئة في المئة» قبل تصويت مجلس الأمن على عقوبات ينبغي أن تكون «متناسبة» مع الانتهاكات.
وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، بعد تبني القرار، عن عقد «جنيف 2» منتصف تشرين الثاني. وستجرى اتصالات في تشرين الأول، كما سيستعرض الإبراهيمي التحضيرات في أواخر تشرين الأول.
وجددت دمشق على لسان وزير خارجيتها وليد المعلم استعدادها للمشاركة في «جنيف 2». وقال إن «الحكومة السورية جاهزة للذهاب إلى جنيف من أجل الحوار مع المعارضة الوطنية، ولكنها لن تذهب من أجل تسليم السلطة لأحد». وأوضح أن «الحكومة مستعدة للحوار مع كل الأحزاب المعارضة المرخصة في سوريا»، معتبرا أن «الائتلاف سقط بأعين السوريين بعد أن طالب الولايات المتحدة بضرب سوريا». ورفض أن يقرر مستقبل الأسد خلال «جنيف 2».
وقال رئيس «الائتلاف الوطني» المعارض احمد الجربا، بعد اجتماع مع بان كي مون، «نحن نريد المشاركة في المؤتمر، لكن هدف جنيف يجب أن يكون واضحاً»، مضيفاً أن المفاوضات يجب ألا تتحول إلى «حوار من دون نهاية مع النظام» السوري. ومن المؤكد أن يؤثر الوضع الميداني على الأرض السورية على عمل مفتشي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية الذين سيصلون إلى دمشق غداً. وسيقوم هؤلاء الخبراء بزيارة المواقع السورية ويبدأون جلسات عمل مع مسؤولين سوريين. 

ورفعت الائتلافات الجديدة المكونة ميدانياً، من احتمالات التفاوض الإقليمية التي تسبق التوجه إلى جنيف. ونظر مراقبون موالون للحكومة السورية، وديبلوماسيون متواجدون في دمشق، للتحالف المعلن بين 43 مجموعة مسلحة تحت اسم «جيش الإسلام»، باعتباره رسالة موجّهة لإيران والتقارب الحاصل دولياً، أكثر منه نحو ديناميكيات الصراع الميداني الدائر على الأرض السورية.

المصدر: السفير+ وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...