ذكريات اذاعة دمشق: من امير البزق الى الختام بالنشيد العربي السوري

31-03-2018

ذكريات اذاعة دمشق: من امير البزق الى الختام بالنشيد العربي السوري

علي محي الدين أحمد: لاشك أن السمع متقدم على البصر بدليل ارادية الرؤية و عدم ارادية السمع و لا شك أن الصوت بوابة للروح و لا شك أن اذاعة دمشق التي انطلقت بعيد الاستقلال بأشهر رافقت اجيالا من المستمعين منذ اللحظة التي صدح فيها صوت الامير يحيى الشهابي هنا دمشق ،دمشق الاذاعة هي التي اسست لكل شيء له علاقة بالاعلام ،حضرت الكوادر قبل التلفزيون بل و تفوقت عليه
اذاعة كان يفتتحها بزق امير البزق محمد عبد الكريم لتبدأ البث ،مع نخبة لا تنسى من العمالقة من يحيى الشهابي و فخري البارودي الى الدكتور صباح قباني مرورا بعادل خياطة و صولا الى نهلة السوسو و فريال احمد
اذاعة كانت ملاذا لكل المبدعين فإذاعة دمشق احتضنت فيروز منذ اغنية غيرة و بوفارس عندو جنينة ،اذاعة دمشق كانت المروج الحقيقي للاغنية الصادقة ،فوديع الصافي حين سجل اغنية ع اللوما في الاذاعة اللبنانية لم تلق النجاح فحملها الى دمشق لتصبح اغنية البلد،نفس القصة تكررت مع عبد الحليم و اذاعة القاهرة في اغنية صافيني مرة ،اذاعة دمشق كانت من اوائل الاذاعات على مستوى العالم التي قدمت موجز اخبار بدقيقة إن لم تكن الاولى ،و موسيقى الموجز الخالدة تثبت كم من العراقة تختزنها استوديوهات الاذاعة التي لم تتغير رغم كل ما جرى و مر على البلد من تقلبات سياسية فترة الخمسينات والستينات فبقيت هنا دمشق
من اوائل الاذاعات التي ركزت على الدراما فدائرة التمثيليات في اذاعة دمشق قدمت نجوما كبار اسسوا للمسرح و الدراما و على راسهم انور البابا و تيسير السعدي و رفيق سبيعي ،تيسير السعدي الذي قدم مسلسلا خالدا هو صابر و صبرية كان ربما الاب الروحي لدراما اللوحات الرائجة اليوم ،ايضا فنان الشعب رفيق سبيعي الذي قدم حكواتي الفن حتى اخر ايام حياته
اذاعة دمشق كانت لها توليفتها الخاصة و ربما ثبات البرامج لسنوات اعطاها القيمة و لكنه بنفس الوقت جعلها تخرج من تداول استماع الجيل الجديد
من حسن حظي اني من جيل تشكل وعيه الاول على راديو والدي الصغير ،فدمشق كانت تبدأ الصباح بحديث الصباح الذي كان يقدمه المرحوم محمد عبد الستار السيد والد وزير الاوقاف الحالي ،لتلحقه فيروز باغنيتين قبل ان تخرج تلك الموسيقى عند السادسة و الربع لأهم و اخر الانباء ،بعدها كان والدي ينطلق الى عمله و اتابع انا مع الفلاحين في حقولهم ،و مذيعه اللطيف نايف حمود و تلك الاغنية التي كان يختم بها البرنامج زجليا كانت من الروعة بمكان يجعلك تحب الآفات و الاسمدة معا ،بعدها ياتي صوت فريال احمد دافئا مرحّبا بالصباح برفقة مخلص الورار ،البرنامج رغم استمراريته لليوم لكنه كان يشبه فريال صوتا و روحا و كان الاجدى ان يتغير لصيغة اخرى بعدها
اذاعة دمشق من الاوائل في فترات البث المباشر ،و لا ادري لماذا يكون قانون العاملين موحدا لكل شيء فببساطة تخسر دمشق عمر عيبور لانه تقاعد لتربحه نينار اف أم
في معكم على الهواء احببت المرحوم ناجي جبر و أعطيته اذني استماعا ،كنت في الابتدائية حين كان يقدم برنامج عطيني ادنك و يغير صوته بطريقة مدهشة ليحل محله المرحوم عصام عبجي و وفاء موصلي في يومياتهما العائلية ذلك البرنامج الذي سجلته على خمس اشرطة كاسيت ،كان بسيطا و ناقدا بطريقة رائعة ،نهال تلاوي تحتل زاوية من الذاكرة كزاويتها الطبية و جملتها الخالدة:منرحب فيك دكتور
حتى زاوية جوزيف بشور الرياضية كانت كثيفة و فيها اهم النتائج عند الحادية عشر قبل الانطلاق للمدرسة حين يكون الدوام ظهرا
أما ما جعل اذاعة دمشق فريدة غير فيروز و اغانيها و غير موجزها و موسيقاه فهي الساعة الواحدة و الربع ،سوريا كلها تضبط ساعتها الاثنين ظهرا على ظهواهر الدكتور طالب عمران المدهشة وعلى حكم عدالة الكبير هائل اليوسفي الثلاثاء و مساعده الجميل و رائده هشام و محاميه وائل ،و على حكايا ابو صياح الاربعاء في حكواتي الفن حكواتي الفن بسببه احببت جورج وسوف كنت في الصف الرابع و كانت اغنية كلام الناس ماتزال جديدة فجاة بدأ البرنامج بها عقب ابو صياح قائلا هذا البرنامج ليس للدعاية و لكنني اريد ان اقول ان هذا الشاب دون ذكر الاسم يقدم فنا محترما يذكر بزمن العمالقة ،طالب يعقوب و روشان العلبي و سلوى الصاري لونو عصرونية السوريين فترة التسعينيات،جزيرة مرح محمد جومر و ما جمعته من خيال و عمالقة من منى واصف و عدنان بركات و رياض نحاس ،نادي الاطفال الذي كانت تعده الدكتورة امل دكاك مع برنامج اخر للتواصل مع المغتربين كنت انتظره حتى اسمع نجاة تشدو الطير المسافر ما يطلبه المستمعون مع فردوس حيدر و أغان على ذوق الوطن كله ،البرنامج الذي خلده عبد اللطيف عبد الحميد في فيلم حمل الاسم نفسه ،الشعر و الليل موعدنا مع جمال الجيش ،و الاجمل كان سهرة العسكر كل خميس السهرة التي تعاقب عليها مطربون رائعون من محسن سلطان الى ابراهيم صقر ،
اذاعة دمشق الوحيدة التي بدأت مشروع صوت فلسطين من دمشق و اثبتت انها الوحيدة صوت فلسطين
اذاعة دمشق تراجعت في زمن الفضائيات و بث الاذاعات الخاصة ،و عدم اكتراث المسؤولين بتحويلها الى البث المرئي كشام اف ام و غيرها ،اذاعة دمشق تحية للرواد الاوائل و الذين تقاعدوا و الأوفياء الذين ما يزالون يمنحون المايكرفون دفء اصواتهم على امل ان نرى اذاعة دمشق في بث فضائي و نرى ارشيفها قابلا للاستماع لقيمته و نرى لها تطبيقا على الهواتف الذكية
لاذاعة دمشق صديقة طفولتي كل الحب و تحية لصديق العمر الرائع سمعان فرزلي و صوته الإلهي المنتمي إلى زمن هنا دمشق و تبقى هنا دمشق ..

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...