دمشق تطلق نادي قراءة متنقلاً للصغار

31-05-2008

دمشق تطلق نادي قراءة متنقلاً للصغار

يقف الكتاب اليوم عاجزاً عن دخول قلوب الأطفال وعقولهم، خصوصاً في مواجهة الإنترنت والتلفزيون وغيرهما من «نسل» التكنولوجيا الحديثة التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياة الطفل اليومية.

تسأل الأطفال عن اسم قصة كانوا قرأوها، فيردّون عليك بالحيرة والدهشة، بينما ترتسم ابتسامة مثيرة سريعاً، على وجوههم حين تذكر «باب الحارة» (المسلسل) أو آخر صيحة في ألعاب الكومبيوتر. فعلى من يقع اللوم ولماذا لا تزال هنالك كتب تشتهر وتحقق مبيعات عالية في العالم الغربي، على رغم انتشار وسائل الترفيه الحديثة بصورة كبيرة جداً تفوق انتشارها في عالمنا العربي؟ وهل يقع اللوم على الأدباء العرب الذين أسقطوا الأطفال من حساباتهم، وتركوا ساحة أدب الصغار للقصص المترجمة؟ أم هو غياب القدوة في المدرسة والأسرة أيضاً؟

بعيداً من الملامة، وفي محاولة لاسترجاع العلاقة مع الكتاب أطلقت فعالية «دمشق عاصمة الثقافة العربية - 2008»، مبادرة جديدة نوعاً ما، في هذه الناحية من العالم، في محاولة لتشجيع الطفل على التفاعل مع الكتاب من خلال إلقاء مسرحي.

هذه المرّة، خرجت سطور الكتاب من مكانها التقليدي، ومعها خرج الحكواتي القديم عن صمته ليلتقيا في نادي القراءة المتنقل.

يلتئم أعضاء النادي، في شكل دوري في المراكز الثقافية في دمشق وريفها، حيث يجتمع أطفال من مدارس المنطقة، ليستمعوا إلى روايات وقصص شعبية، مثل «صديقنا الأبيض» للأديبة السورية كوليت خوري، يرويها، بطريقة مبتكرة وممتعة ومحببة، مجموعة من المسرحيين الشباب (كفاح الخوص، هدى الخطيب ومريانا المعلولي). وهم يوظفون قدراتهم في الإلقاء للفت انتباه «المشاهدين» الصغار الأذكياء، ومساعدتهم على رسم صور خيالية بعشوائية وحرية، ربما لم يألفوها أو يعتادوها.

«أحببت حكاية اليوم. أضحكني الممثلون كثيراً»، تقول نورا (10 سنوات)، من مدرسة رسمية، في منطقة جوبر الشعبية بدمشق. وتتابع: «سأقرأ الكتاب كلما أردت أن أتذكر هذا العرض الرائع». ويردف أحمد، زميل نورا، باسماً: «البارحة، رويت القصة نفسها لأخي الأصغر. حاولت تقليد الممثلين هنا. أعجبتني الفكرة كثيراً. وقد أسعدت أخي إلى درجة أنه طلب مني أن أعرض له قصصاً أخرى بالطريقة نفسها».

عند نهاية كل عرض، توزع أمانة الفعالية نسخاً من الروايات الملقاة على المشاركين الصغار، لتصبح جزءاً من مكتبتهم الخاصة، أو لتساهم في تأسيسها، إذا لم تكن موجودة. وذلك على أمل تكريس استمرارية لعلاقة صحيحة بين الطفل والكتاب، علاقة حرة بعيدة عمّا كرسته المناهج المدرسية من صورة جافة تستخف بقدرة الأطفال على الاختيار.

«لم أكن أحب القراءة»، تقول سلوى (9 سنوات) وهي أيضاً إحدى المشاركات. وتضيف: «اعتقدت أن كل القصص تشبه تلك التي ندرسها في كتب القراءة الخاصة بالمدرسة... كلها كانت مملة!».

والجدير بالذكر أيضاً أن الفعالية شملت مناطق شعبية فقيرة، لا يرتقي فيها الوعي الثقافي إلى المستوى المطلوب، وذلك بهدف إضافة بعد مختلف ينافس تلك الصور الساذجة التي تصل إلى الصغار، عبر ما تروّجه المحطات التلفزيونية والإذاعية.

ويعتقد نقاد وناشطون إعلاميون أن الوقت حان ليخرج أدب الصغار، في العالم العربي، عن صورته التقليدية المنمّطة، التي تستخف بعقل الطفل وقدراته التحليلية، لتبدأ بملامسة اهتمامات الأطفال المتسارعة في التطور. وربما الوقت حان أيضاً للمساهمة، كأهل ومدرسين وإعلاميين، في إحياء ثقافة القراءة المنسية ونبش متعها الفريدة.

اليوم، يعين المسرح الكتاب لترميم ما خُرّب. اليوم، أثبتت المبادرة المنظمة، التي أطلقتها الأمانة العامة لفعالية «دمشق عاصمة الثقافة العربية»، أن الوقت لم يفت وأن جيل الصغار لن يستخف بجاذبية ومتعة استحواذ الكتاب.

اليوم استطاعت هذه المبادرة تحفيز العقول الصغيرة لثبتت أن العيب ليس في الأطفال أنفسهم.

بيسان البني

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...