دمشـق: إنجـاز قانـون الانتخابات تمهيـداً لحـوار وعفو سـياسـي

31-05-2011

دمشـق: إنجـاز قانـون الانتخابات تمهيـداً لحـوار وعفو سـياسـي

على الرغم من أن الوضع الأمني في سوريا لم يستقر تماما، إلا أنه من المرجح أن تبدأ سلسلة من الخطوات السياسية تأتي ضمن الحزمة الثانية للإصلاح في البلاد، يمكن أن تكون منعطفا على صعيدي ملف المعتقلين السياسيين وملف الحوار الوطني والانتخابات التعددية مستقبلا.
ونقلت صحيفة «صباح» التركية عن مصادر قولها ان رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان وجه رسالة للرئيس السوري بشار الأسد، في اتصال اجراه به الجمعة الماضي، بأن فرصته الوحيدة هي «اتخاذ خطوة سريعة وجذرية نحو الإصلاحات».
واضافت المصادر ان أردوغان قال للأسد «أنا أعير وضع الشعب السوري الاهتمام تماماً كأي سوري. حان الوقت الآن لاتخاذ خطوات جذرية تفاجئ الجميع»، مضيفا ان «تركيا لن تصمت عن الهجمات التي تستهدف الشعب السوري وطلب من الأسد وضع إطار زمني للإصلاحات». واشارت الى ان الأسد رد بتكرار نيته إجراء الإصلاحات.
وأشارت مصادر دبلوماسية تركية الى انه «كان من الأسهل لو اتخذ الأسد خطوات جذرية لتحقيق الإصلاح في بداية التظاهرات الاحتجاجية»، معتبرة أن «الوضع اليوم بات أصعب بعد مرور أكثر من عشرة أسابيع على بدء التظاهرات». واعتبرت انه «إذا لم يتخذ الأسد في الأسبوع المقبل أو الأسبوعين المقبلين خطوات لتنفيذ الإصلاحات، فإن التوتر الطائفي سيتصاعد في البلاد وقد يتحول إلى نزاع طائفي وهو أكبر مصدر قلق لأنقرة».
ووفقا لمصادر سورية محلية فإن قانون الانتخابات العامة، وهو الأول في السلسلة، قد أنجز على قاعدة توسيع التمثيل السياسي في المجلس، وطرح على الجمهور للنقاش عبر مواقع حكومية على الشبكة العنكبوتية، كما جرى مع قانون انتخابات الإدارة المحلية سابقا.
وتأتي الإجراءات الأخيرة بعد ما ظهر من «تهدئة خواطر» من الجانب التركي لسوريا، التي انشغلت عميقا في دراسة إمكانية أن تكون محاولة التدخل الخارجي في شؤونها قد وصلت حدودها القصوى، عبر القريب لا البعيد، وهي تقديرات بدأت تأخذ مسافة بعد الاتصالات التي جرت بين الجانبين، ولا سيما بين الرئيس السوري بشار الأسد ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ووزيري خارجيتيهما السوري وليد المعلم والتركي احمد داود اوغلو الأسبوع الماضي. كما جاء الموقفان الروسي والصيني في سياق مشابه، وأكدت مصادر إقليمية ومحلية «الإصرار» الموجود لدى القيادة السورية على السير في عملية الإصلاح بشكل «يسمح بالخروج من الأزمة الحالية ويضع تصورا مشتركا لمستقبل سوريا».
وكان ثمة حرص لدى القيادة في دمشق على دراسة أفضل السبل لفصل الملفين الداخلي والخارجي عن بعضهما البعض خلال المعالجة، بعد أن بدا أنهما تداخلا إلى حد معقد وربما مقصود.
ورغم أن المناخ الدولي ما زال تصعيديا ضد سوريا، ومع استمرار المعالجة الأمنية الحاسمة باتجاه كل ما يرتبط بالعامل الخارجي الدخيل على الداخلي، كما بالتحريض على الدولة وبنيان المجتمع السلمي، فإن المعلومات تشير إلى أن المعالجة السياسية قطعت شوطا حاسما أيضا، وأن حزمة جديدة من القرارات التي تتعلق بالأزمة الراهنة ومستقبل الحل ستصدر قريبا، وتتعلق بعفو عام عن المعتقلين السياسيين وقانون الأحزاب كما ملف الحوار الوطني الذي سيطلق على مستوى شامل وفق آليات محددة.

وفي هذا السياق ذكرت وكالة (سانا) أمس أنه تم وضع مشروع قانون الانتخابات العامة على موقع «التشاركية» الالكتروني في رئاسة مجلس الوزراء ومواقع وزارات العدل والداخلية والإدارة المحلية، وذلك بعد أن أنجزت اللجنة المكلفة إعداد مشروع القانون في صيغته الأولية، بهدف إطلاع المواطنين عليه وإبداء ملاحظاتهم ومقترحاتهم حول مواده للاستفادة منها في إغناء مشروع القانون وتطويره واستكمال صياغته.
وانتهى مشروع القانون قبل الموعد المحدد له بيوم. ويعتبر أبرز ما فيه إقرار الإشراف القضائي الكامل على العملية الانتخابية، بما فيها الاقتراع وفرز الأصوات، بعد أن كان هذا من مهام السلطة التنفيذية لا القضائية.
وبقي «حجم الدوائر الانتخابية على حالها باعتبار المحافظة دائرة واحدة، (باستثناء حلب) تحت قاعدة أن عضو مجلس الشعب يعبر عن الأمة كافة» وفق ما ذكرت صحيفة «الوطن» الخاصة في تقرير عن القانون الجديد.
ووفقا للتقرير فإن «الجداول الانتخابية ستعلن كل سنة، ويمكن الاعتراض عليها حتى قبل العملية الانتخابية». وأشار الى أن «توزيع المقاعد، ما بين فئة الفلاحين والعمال وبقية فئات الشعب، بقي على حاله، لأنه مرتبط أيضاً بنص دستوري يؤكد أن نسبة العمال والفلاحين في مجلس الشعب يجب أن تكون 50 في المئة على الأقل من مجموع مقاعده». وذكرت الصحيفة أن «اللجنة تمنت لو استطاعت تعديل بعض الفقرات الخاصة بانتخابات مجلس الشعب، لكن وجود نص دستوري حال دون ذلك، وهذه الفقرات يمكن أن تعدل بسهولة عند تعديل الدستور».
وتنص التعديلات على إجراءات تراعي وجود أحزاب صغيرة وناشئة في الفترة المقبلة. ووفقا للتقرير فإن «إبقاء حجم الدوائر الانتخابية على حالها في مشروع القانون مرده منع دخول أحزاب صغيرة لا تمتلك جماهير عريضة إلى داخل المجلس ما يمنحها نفوذا أكثر مما  تستحق» لكن ليشير إلى أن الأمور ليست محسومة 100 في المئة، حيث «دار جدل في اللجنة حول إمكان تصغير الدوائر الانتخابية لفتح الباب أمام الأحزاب الصغيرة والناشئة للمنافسة على مقاعد المجلس، وذلك لأسباب تتعلق بكل محافظة على حدة، من دون اعتبار ذلك بمثابة مبدأ، أي يمكن مثلا تصغير كل من محافظتي ريف دمشق وحمص بسبب مساحتهما الكبيرة والواسعة».
وقالت المصادر إن «البعض في اللجنة اقترح تقسيم الدائرة الواحدة (المحافظة) إلى دائرتين، واعتبر آخرون أن الدائرة الواحدة أفضل، بل ظهرت بعض الأصوات التي قالت إن بعض القوانين تعتبر أن الدولة كلها دائرة واحدة»، موضحة أن «بلورة فكرة تقسيم الدوائر الانتخابية يرتبط بقانون الأحزاب المزمع إصداره خلال الفترة المقبلة، والأحزاب التي يمكن أن تظهر على الساحة السورية وعددها وحجمها، وبناء على ذلك يمكن إعادة النظر بهذا الموضوع».
وعبرت المصادر عن اقتناعها بأن «عدد المستقلين في الدورة المقبلة من مجلس الشعب سيكون أكثر على حساب عدد أعضاء الجبهة الوطنية التقدمية (167) التي شكل البعثيون وحدهم أكثر من نصف عدد أعضاء المجلس (126) خلال الدورات الأخيرة».
وفي سياق آخر، شكر نائب وزير الخارجية فيصل المقداد، خلال لقائه نظيره الصيني جاي جيون في دمشق، «الصين قيادة وحكومة وشعبا على مواقفها المبدئية في المحافل الدولية وجهودها المستمرة لتعزيز العلاقات التي تربط البلدين الصديقين».
وقال المقداد إن «الهجمة المستمرة على سوريا تستهدف زعزعة استقرارها وإضعافها في مواجهة المؤامرات والتحديات التي تمر بها الأمة العربية». وشرح «الأحداث التي شهدتها سوريا، والتي تمثلت بقيام مجموعات متطرفة مسلحة مدفوعة من الخارج بممارسة العنف والإرهاب والتدمير والترويع وحرق المنشآت العامة والخاصة وقتل المواطنين الأبرياء والاعتداء على القوات المسلحة وأفراد قوات حفظ النظام، وذلك بموازاة حملة إعلامية مضللة هدفها زرع الفتنة والتشجيع على العنف وتشويه الحقائق».
كما تحدث المقداد «عن عملية الإصلاح التي استجابت لمطالب الجماهير وتطوير نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية كافة، إضافة إلى سلسلة أخرى من الإجراءات الإصلاحية الكبيرة التي يجري العمل على بلورتها في الوقت الراهن».
وتطرق إلى «ما يجري من محاولات في مجلس الأمن الدولي، تقودها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، لفرض هيمنتها على سوريا، واستخدام الأمم المتحدة وأجهزتها وسيلة لإعادة عهود الاستعمار والانتداب وتبرير التدخل في الشؤون الداخلية للدول».
من جانبه، أعرب جيون، وفقا لـ«سانا»، عن «تقدير بلاده لدور سوريا المحوري في المنطقة والعالم»، مؤكدا «رفض بلاده تدخل أي طرف كان في الشؤون الداخلية لسوريا وثقته بأن القيادة السورية قادرة بحكمتها وخبرتها ووطنيتها على تجاوز الصعوبات الحالية». وأعرب «عن دعم الصين لجهود الإصلاح ولجميع الإجراءات التي تقوم بها سوريا للحفاظ على سيادتها وأمنها واستقرارها».
وقال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، في مقابلة مع «رويترز»، «سنواصل العمل بجد حتى يكون التغيير السياسي في سوريا ممكنا». وأعلن انه لا شأن للحكومة التركية بتجمع لجماعات سورية معارضة في مدينة أنتاليا جنوبي تركيا اليوم، موضحا أنه لم يعلم به إلا من الإعلام.
وكرر داود أوغلو دعوته الأسد لإجراء إصلاحات بأسلوب «العلاج بالصدمة» لإنهاء الاحتجاجات. وقال «إذا كان لديك وضع امني خطير فمن الصعب إجراء إصلاحات، وإذا لم تنفذ إصلاحات فستزداد هذه المخاطر الأمنية. إنها حلقة مفرغة. ولتجنب هذه الدائرة المفرغة قلت العلاج بالصدمة. ما اعنيه بالعلاج بالصدمة هو ألا ندور في هذه الدائرة المفرغة بل ننفذ إصلاحات ونمنح الثقة لهذه الحشود».
وحذر داود اوغلو من تأجيل الاصلاحات، مؤكدا أن التأجيل سيؤدي على الأرجح الى تدهور الوضع الامني. وقال «اذا كان لديك تصميم سياسي على إجراء إصلاحات فعليك ان تفعل ذلك في اقرب وقت ممكن. هذا هو السبيل الأفضل والأكثر فائدة وفاعلية. في تركيا نقول: العدالة المتأخرة ليست عدالة. تأخر الاصلاحات يفقدها روحها».
وقال الكاتب روبرت فيسك، في صحيفة «الاندبندنت»، إن «الحكومة التركية التي تراقب فرار مئات اللاجئين السوريين الى لبنان تتخوف جدا من تكرار موجة فرار اكراد العراق بعد حرب الخليج في العام 1991، وهي وضعت خطة سرية لمنع اكراد سوريا من الانتقال بالآلاف الى تركيا. ان الجنرالات الاتراك اعدوا خطة لإرسال عدة كتائب من القوات التركية إلى سوريا لإقامة ملاذات آمنة للاجئين السوريين». واضاف «ان الاتراك قد استعدوا للدخول الى ما هو ابعد من منطقة القامشلي الحدودية، ربما الى منتصف الطريق الى دير الزور من اجل إقامة ملاذات آمنة للاجئين السوريين».
وذكرت «سانا» انه «شيع من المستشفى العسكري في حمص جثامين الشهداء الملازم أول بسام محمود طلاس والمساعد أول هاني حسين الحمود والشهيدة الطفلة هاجر الخطيب الذين استهدفتهم المجموعات الإرهابية المتطرفة في منطقة تلبيسة أمس» الأول.
ميدانيا، (ا ف ب، ا ب، رويترز) أعلن ناشط «مقتل ثلاثة مدنيين برصاص قوات الأمن في مدينة تلبيسة التي يطوقها الجيش السوري منذ الأحد». وقال إن «عدد المدنيين الذين قتلوا الأحد في مدن الرستن وتلبيسة وحمص برصاص قوات الأمن ارتفع الى 11». وكانت الحصيلة السابقة تتحدث عن سقوط سبعة قتلى.
ونقلت وكالة «اسوشييتد برس» عن ناشطين قولهما ان «اهالي الرستن وتلبيسة، المسلحين بالرشاشات وقذائف «ار بي جي»، اطلقوا النار على القوات الأمنية». وقال احد سكان حمص، الذي له علاقات واسعة في المحافظة، ان «الجيش يواجه مقاومة مسلحة ولا يستطيع دخول القريتين. ان الجيش لا يزال خارجهما، وقيل لي ان آليات للجيش، ضمنها ناقلات جنود، احرقت».
وقال ناشط آخر ان «الجيش يواجه بمقاومة عنيدة من قبل اشخاص يحملون الرشاشات والقذائف الصاروخية» في تبليسة والرستن، مضيفا ان عددا من الاشخاص في سوريا تسلحوا في السنوات الماضية بعد تهريب اسلحة الى البلد من لبنان والعراق.
الى ذلك، تعتزم الولايات المتحدة ان تطلب من الوكالة الدولية للطاقة الذرية رفع مسألة نشاطات سوريا النووية المفترضة الى مجلس الامن الدولي، طبقا لما ورد في مسودة قرار حصلت «فرانس برس» على نسخة منه.
وستدعو واشنطن في اجتماع لمجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يعقد الاسبوع المقبل، جميع الدول الاعضاء في الوكالة الى رفع المسألة الى مجلس الامن، رغم ان دبلوماسيين قالوا ان سوريا عدلت عن سياستها وعرضت التعاون بشكل كامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تريد تفقد موقع مشتبه فيه لمفاعل نووي قصفته طائرات إسرائيلية في عام 2007.

زياد حيدر

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...