خلاف أردوغان – بيريز وانعكاساته على العلاقات التركية - الأمريكية

31-01-2009

خلاف أردوغان – بيريز وانعكاساته على العلاقات التركية - الأمريكية

الجمل: تناقلت وسائل الإعلام التقارير والمعلومات حول مغادرة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان اجتماع قمة دافوس احتجاجاً على عدم منحه الوقت الكافي للرد على الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز حول العدوان الإسرائيلي الأخير ضد قطاع غزة، هذا، وبرغم اعتذار الرئيس بيريز ومحاولات الأطراف الأوروبية وواشنطن التخفيف من وقع الصدمة فإن الكثير من التحليلات الصادرة اليوم تشير بوضوح إلى أن تحولاً جديداً في السياسة الخارجية التركية أصبح أقرب للحدوث إن لم تكن قد بدأت خطواته الأولى بالفعل وذلك ليس إزاء علاقات خط أنقرة – تل أبيب وإنما خط أنقرة – واشنطن أيضاً.
* أجندة السياسة الخارجية التركية الجديدة المحتملة: أبرز التساؤلات:
بدأت التحليلات السياسية والدبلوماسية الغربية تنظر إلى موقف أردوغان الأخير داخل اجتماع قمة دافوس باعتباره سلوكاً دبلوماسياً يستند على خلفية سياسية أكبر من مجرد كونه رد فعل دبلوماسي تلقائي تقليدي، وحالياً تطرح الأوساط الدبلوماسية الأوروبية التساؤلات حول الملفات الآتية:
• مدى تخريب صراع غزة للعلاقات التركية – الإسرائيلية: أدى العدوان العسكري الإسرائيلي ضد قطاع غزة إلى إثارة غضب الرأي العام التركي وذلك على النحو الذي تحركت فيه المواكب والمظاهرات الكبيرة المعادية لإسرائيل، والتي بالمقابل سعى الإسرائيليون ومنظمات اللوبي الإسرائيلي المنتشرة في أمريكا وأوروبا إلى وصفها بموجة العداء للسامية. هذا، وتقول المعلومات والتحليلات بأن الإسرائيليين أصبحوا أكثر اقتناعاً لجهة أن قاطرة أنقرة قد تحركت باتجاه إدماج تركيا في بيئتها الشرق أوسطية وأنه من غير الممكن اللحاق بها.
• اتساع نطاق رد الفعل التركي على عدوان غزة: لاحظ المراقبون المحللون أن رد الفعل التركي كان أكبر لجهة القوة والنطاق من ردود الأفعال التركية السابقة على اعتداءات إسرائيل في لبنان صيف 2006 وغيرها. ولجهة التفسير تشير بعض التحليلات إلى وجود سببين رئيسيين يتمثل الأول في رغبة أردوغان بالقضاء على انتقادات بعض شرائح الرأي العام التركي، باتخاذ موقف حاسم إزاء التوجهات الأمريكية – الإسرائيلية في المنطقة، والثاني يتمثل في رغبته في الانتقام من عدم قيام رئيس الوزراء أولمرت بإخباره حول العملية العسكرية. وتقول التسريبات والمعلومات أن أردوغان أصبح يتملكه شعور قوي بأن أولمرت قلل من شأنه وتصرف معه بطريقة مهينة تستوجب الرد.
• مدى حقيقة الموقف التركي الحالي إزاء إسرائيل: تشير التحليلات إلى أن الإسرائيليين كانوا أكثر إدراكاً من غيرهم لاحتمالات توتر العلاقات مع تركيا في حال صعود حزب العدالة والتنمية إلى السلطة وقد عمل الإسرائيليون والأمريكيون منذ عشرات السنوات لقطع الطريق أمام القوى الإسلامية التركية. هذا، وبالنسبة لحزب العدالة والتنمية فقد واجه الكثير من العراقيل والمصاعب الداخلية والخارجية في داخل تركيا عن طريق حلفاء تل أبيب وواشنطن، وخارجها بواسطة اللوبيات الإسرائيلية التي ظلت تحرض حكومات بلدانها للضغط على حكومة حزب العدالة والتنمية المعارض بالأساس للتوجهات الإسرائيلية – الأمريكية في المنطقة وعلى وجه الخصوص التوجهات الأمريكية في العراق إضافة إلى موقف الحزب المعارض لاستهداف إيران.
التساؤلات الثلاثة المشار إليها ما تزال موضع البحث والنظر برغم ما تنطوي عليه من خلفيات فإن سيناريو التوتر على خط أنقرة – تل أبيب واحتمالات انتقال عدواه إلى خط أنقرة – واشنطن ما تزال غير واضحة المعالم ويرتبط شكله النهائي بمدى قدرة أمريكا على المغامرة ومواجهة التخلي عن تركيا لصالح تل أبيب.
* التوتر على خط أنقرة – تل أبيب: ماذا تجيء به الأيام المقبلة؟
تقول المعلومات بأن تل أبيب قد اعتذرت من رئيس الوزراء التركي ولكنها من الجهة الأخرى سعت لمعاقبته فقد أعلن المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل فجأة وبلا مقدمات إلغاء زيارته إلى تركيا، وتقول التحليلات بأن هذا التصرف يحمل أكثر من دلالة ومعنى:
• لفت نظر أنقرة إلى أن واشنطن لن تقبل بقيام أردوغان بإحراج إسرائيل بهذه الطريقة المباشرة.
• لفت نظر أنقرة إلى أن واشنطن لن تسمح لها بالقيام بأي دور في عملية سلام الشرق الأوسط طالما أن أنقرة أصبحت في نظر واشنطن وتل أبيب حليفة للعرب.
• لفت نظر أنقرة إلى أن تل أبيب تملك القدرة على استهداف أنقرة من خلال الملفات التركية – الأمريكية بما يؤدي إلى أضرار كبيرة بمصالح أنقرة في أمريكا.
• لفت نظر أنقرة إلى أن احتمالات قيام اللوبي الإسرائيلي في واشنطن بتحريك ملف المذبحة الأرمنية بما يلحق الأضرار بالعلاقات التركية – الأمريكية وبالمصالح التركية طالما أن تأييد الكونغرس لقانون المذبحة سيترتب عليه قيام واشنطن بالضغط على حلفائها الأوروبيين لاتخاذ إجراءات سيكون أقلها تقويض آمال أنقرة في الانضمام للاتحاد.
تقول المعلومات بأن التوتر على خط أنقرة – تل أبيب قد بدأ يلقي بتداعياته داخل الساحة السياسية التركية وعلى سبيل المثال لا الحصر:
• تزايدت الخلافات داخل المؤسسة العسكرية التركية بحيث أصبح البعض يرى أن لأنقرة الحق في الانتقام من تل أبيب التي ما زالت تستهدف تركيا عن طريق دعم الأكراد، والبعض الآخر يرى أن تقويض العلاقات التركية – الإسرائيلية سيترتب عليه حرمان الجيش التركي من المساعدات الأمريكية إضافة إلى قيام تل أبيب بتعزيز قدرات الحركات الكردية بما يعرض أمن تركيا للخطر.
• تزايد الخلافات داخل المعارضة التركية بين طرف يرى ضرورة الحفاظ على العلاقات مع تل أبيب لجهة تعزيز قدرة تركيا في الانضمام إلى الاتحاد وطرف آخر يرى أن تصعيد التوترات مع تل أبيب يفيد في ردع محور واشنطن – تل أبيب من مغبة تجاهل تسريع انضمام تركيا هو تجاهل يترتب عليه وقوف تركيا إلى جانب خصوم إسرائيل وأمريكا.
حتى الآن لا توجد احتمالات لقيام أي طرف عسكري بالدفع داخل المؤسسة العسكرية التركية لاستهداف حكومة العدالة والتنمية وبرغم ذلك تقول بعض التسريبات أن بعض الجنرالات الأتراك سيلتزمون الصمت إلى وصول علاقات أنقرة مع تل أبيب وواشنطن إلى مرحلة القطيعة بما يترتب عليه دعم الأخيرتين للحركات الكردية وتعريض الأمن التركي للخطر وهو ما سيفاقم السخط الشعبي ضد حكومة حزب العدالة والتنمية خاصة مع تفاقم الأزمة الاقتصادية نتيجة انقطاع المساعدات الأمريكية، لذا سينظر هؤلاء القادة وقتها في إمكانية تحريك المؤسسة العسكرية والقضاء على الحزب.
برغم ذلك، تقول تحليلات أخرى، أن زعماء حزب العدالة والتنمية يدركون هذا السيناريو ويدركون عدم قدرة واشنطن رمي أنقرة جانباً والتخلي عنها لأن ذلك يعني ارتماء أنقرة في أحضان روسيا وإيران اللتان ستقومان بملء الفراغ على الفور وعندها سيصعب على المؤسسة العسكرية التركية الإطاحة بحكومة أنقرة التي ستكون خلال هذه الفترة قد وجهت المزيد من الضربات الاستباقية لمحور تل أبيب – واشنطن داخل تركيا.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...