حملة تلقيح .. فكري

22-03-2015

حملة تلقيح .. فكري

الجمل ـ بشار بشير: هل للدين وللمذاهب الدينية علاقة مباشرة بالحروب والمشاكل الإنسانية ؟ أم أن للحروب والمشاكل أسباب غير دينية يجري تغطيتها بالأسباب الدينية . لو لم تكن الأسباب الدينية هي الأقوى والأعمق تأثيراً هل كانت الأكثر أستخداماً ؟
بعد إعتناق الإمبراطورية الرومانية للمسيحية استمرت حروبها الإستعمارية والتوسعية التي كانت تُخاض لمجد روما و لمحاربة البرابرة لكنها أصبحت تُخاض تحت اسم مختلف هو محاربة الكفار . الممالك الأوروبية تحاربت مع بعضها لأسباب عديدة لكن في أغلب الأحيان تحت مسمى  ديني أومذهبي أو لإعادة مملكة مارقة إلى سلطة البابا ( أي لسبب ديني ). حروب عرب الجزيرة التوسعية والتي دُعيت الفتوحات ,شُنت لأسباب دينية وتحت راية الدين . الحملات الصليبية شُنت تحت راية دينية . الحروب والمشاكل في شبه القارة الهندية التي أدت لتقسيمها كانت لأسباب دينية . القتال ضد السوفييت الذين احتلوا أفغانستان كان ( للغرابة ) لأسباب دينية وليس وطنية . الحرب على سورية وقودها ديني وتجري تحت رايات دينية .
هدف محرِّكي الحروب والثورات والإضطرابات هو السطة والمال , ولتحقيق هذا الهدف لا بد من وقود يحرك الحروب و الثورات وأفضل أنواع الوقود وأسرعها إشتعالاً وأسهلها إستعمالاً هو الدين .
قالوا : التاريخ  يكرر نفسه في المرة الأولى على شكل مأساة وفي المرة الثانية على شكل ملهاة .. ماذا عن المرة الثالثة والرابعة و .... على مر التاريخ كان وقود الحروب البشرية هو الدين فهل من الممكن استعمال الدين كمطفئ للحروب ؟
لم تهز سورية كارثة عبر سبعة آلاف سنة كالتي تهزها الآن , رغم كثرة ما شهدته وما تعرضت له . من الطبيعي أن تستنفر هذه الكارثة الجميع لإيجاد الحلول والأهم أن تستنفرهم لإيجاد ترياق . وهكذا بدأ قلة في طرح الآراء , الأغلبية متفقون أن الدين هو جزء كبير من السبب لذلك  يرى البعض أنه لا بد أن يكون جزء كبير من الحل . البعض قال أن الحل بالإعتماد على الدين السمح اليسر أو بالأحرى على الإسلام السمح لا الإسلام المتشدد . والبعض قال فلنعتمد على الإسلام الشامي الذي هو تمدين وتطرية للإسلام البدوي , والبعض قال فلنعتمد على أصول الدين ونستبعد ما دخل عليه وما أضيف له , والبعض الآخر قال فلنحذف الدين تماماً .                                                     

هل يمكن في كارثة مثل الحرب السورية الإعتماد على مقولة داوني بالتي كانت هي الداء , أي أن نعتمد على الدين ليحل لنا المشكلة التي وقودها ديني . وهل يصح أن نقول أن من يحارب الشعب السوري يعتمد على تفسير خاطئ أو قديم للإسلام وأننا يجب أن نحاريه بإعتماد تفسير منطقي ومعاصر للإسلام , وهل هذه أصلاً وصفة ناجحة في ضوء ما خبرناه عبر ألف وأربعمئة سنة من محاولة إيجاد تفسير جامع مانع للإسلام . هل يمكننا أن نعتبر الحل بإزاحة الدين تماماً من حياتنا , وهل يمكن أن يعيش المجتمع بدون دين . البعض يقول لقد عاش المجتمع السوفييتي سبعون سنة بدون دين ولم يُسجَّل أنه كان أكثر تحللاً أو أكثر إجراماً أو أكثر تسيباً من المجتمعات المتدينة . والبعض يقول أن أكثر المجتمعات الأوروبية لم تلغِ الدين تماماً ولكنها حصرته في دور العبادة فقط وأستعاضت عنه بالقوانين المدنية , وهي أيضاً لم تُسجل إنهيارات أخلاقية أو إجتماعية بعد " تأطيرها " للدين , على العكس فالمجتمعات الأوروبية التي تسمح لتدخل ديني أقل فيها تحقق سلماً وتناغماً وتعاضداً مجتمعياً أفضل من المجتمعات التي تسمح بتدخل ديني أكبر , يتضح هذا مثلاً لدى مقارنة الدول الإسكندنافية ببريطانيا أو بأسبانيا .
مانوقش على مر الزمن في مختلف المجتمعات يُعاد نقاشه في سورية الآن مع فارقين إشكاليين , الأول أننا نحاول إختراع الدولاب مرة أخرى . والثاني أن في سورية مشكلة كبيرة تتمثل في إضمحلال المفكرين ( طبقة الإنتلجنسيا ) وفي الفردية التي تحكم الأفراد الباقين من هذه الطبقة . في الأحوال العادية من الصحي تماماً أن تحكم الفردية طبقة المفكرين بحيث يكون لكل منهم عوالمه وأفكاره ونظرياته وإنتاجه , لكن في حالة الكارثة – الحرب يصبح من الواجب توحيد الأفكار أو على الأقل تناغمها للوصول إلى حل نريد جميعاً أن يكون ناجزاً . عندما يكون هناك قتلى يومياً على الأرض يصبح تجريب الحلول مكلفاً لدرجة من الصعب إحتمالها ويصبح البعد عن العمل كفريق لإيجاد حل , جزء من المشكلة . أما الحلول التسكينية فهي ترحيل للمشكلة من كاهلنا لكاهل أبنائنا .
كما يقوم الجيش بواجبه في صد الخطر الداهم , فإن على المفكرين والطبقة المثقفة عامة ( أو مابقي منهما ) العمل على صد الخطر الدائم لا بد من جهد موجّه وشجاع لخلق أرضية صلبة ومناسبة ليقف عليها المجتمع داخلياً , ولخلق درع يحمينا خارجياً . هو إما عمل بجهد لإيجاد الترياق , أو إسترخاء بإنتظار الجولة التالية من الحرب .

  

التعليقات

النفوذ والمال هم السبب الحقيقي للنزاعات وتشرعن تحت راية الدين وبذلك يكون خصمك خصيم الله بذاته وبالتالي الأمر يسهل عليك التحشيد وإبراء ذمة القتلة وإراحة ضميرهم فعدو الله لا حرمة له ولا عرض ولا أرض هذا من ناحية من ناحية أخرى جرب الراحل حافظ الأسد أن يسهل لمد ديني مدجن ومعقلن وما حدث بالنتيجة أن أصبح لدينا ألوف من الجوامع وعشرات ألوف من الأئمة ولكن لم يعاد صياغة الأفكار بمحتوى مختلف وفقط تمت السيطرة على أفعال وأقوال تلك الجيوش من رجال الدين حيث صار لكبارهم الكثير من النفوذ على المريدين وكون المحتوى الفكري مكرر وممجوج وكون المؤسسة الدينية التي تمأسست تحت سلطة الأوقاف فيها الكثير من العطالة الإدارية والفساد المالي كأي شيء آخر وكوم رجال الدين وعوا أن م قوتهم من الأهمية بمكان ويستطيعون عرضها لمن يدفع أكثر مما أدى لانجراف أعداد مهمولة منهم لمن مدهم بالمال وسمح لهم بالخروج من عبائة الرقابة والسيطرة وكون عملهم بالمجمل غير انتاجي وإنما خدمي ومتعلق برضا الممول والجمهور فأنا شخصياً أعتقد بصعوبة اللعب بملعب الدين مالم يتصدى لتلك المهمة أشخاص غاية بالكفاءة واعين لأن مهمتهم سياسية وهدفها الحقيقي نشر المواطنة لا التباين والتنافر والإقصاءوهو عموماً ما ينتج عن رجال الدين وتبشيرهموعلينا أن لاننسى الكاريزما بالتالي نحن بحاجة لشخص سياسي وممثل بارع وقديس ومواطن وقومي الولاء أولاً ومن ثم تكون الأمور ممكنة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...