حقوق المؤلّف والأربعين حرامي

30-04-2007

حقوق المؤلّف والأربعين حرامي

فوجئت الروائية السورية سمر يزبك، قبل أيام، بتحويل روايتها «طفلة السماء»، إلى فيلم، يحمل توقيع المخرج السعودي علي الأمير. وحين حاولت الاتصال بالمخرج لمعرفة أسباب «السطو» على روايتها من دون علمها أو الاتفاق معها، لم تتمكن من الحصول على إجابة شافية، وإن قرأت اسمها على ملصق الفيلم شريكةً في كتابة السيناريو. والمشكلة، مثلما تقول يزبك، أن المخرج «شوّه النص واختزله إلى 21 دقيقة، مكتفياً بالجزء الأول من أحداث الرواية»، بعدما نقل الحدث إلى البيئة السعودية، ليتناول حكاية طفلة بائسة تسجّل مذكراتها عن خطورة العنف الأسري. فيما الرواية الأصلية ترصد مكابدات مراهقة وتفتّح وعيها السياسي، وانكساراتها الايديولوجية. وتشير يزبك إلى أنها لم تتمكن من مشاهدة الشريط، لكنها تتابع أخبار تجواله بين المهرجانات السينمائية مثل مهرجان أفلام الإمارات و«سان فرانسيسكو»، عبر شبكة الانترنت، علماً أن الرواية نفسها مرشحة للسينما بتوقيع المخرجة واحة الراهب. وتتساءل الكاتبة بمرارة عن كيفية تحصيل حقوقها المعنوية والمادية.يتكرر انتهاك حقوق المؤلف في السينما والتلفزيون على الدوام، في ظل غياب حقوق الملكية الفكرية وفوضى الإنتاج. وقد شهدت الساحة الفنية السورية حوادث مشابهة، كان آخرها الشكوى التي تقدم بها كاتب السيناريو خالد خليفةعلى المخرج محمد ملص، على خلفية إلغاء اسمه ككاتب سيناريو من النسخة الفرنسية لفيلم «باب المقام». أما سلسلة «مرايا» التلفزيونية، فقد كان لها قصب السبق، عندما اخترع صاحب الفكرة وبطل السلسلة ياسر العظمة مصطلح «مما قرأت وسمعت ورأيت»، في محاولة للتخلّص من أي شبهات تطال أفكار اللوحات التلفزيونية. هكذا تحولت عشرات القصص العالمية المترجمة إلى لوحات تلفزيونية، من دون الإشارة إلى أسماء القصص الأصلية، مقتبسة حرفياً من قصص الروسي أنطون تشيخوف، إلى التركي عزيز نسين، والبرازيلي باولو كويلو، وانتهاء بالتشيكي ميلان كونديرا. كما تستعد المؤسسة العامة للسينما لإنتاج فيلم عن رواية غابرييل غارسيا ماركيز «الحب في زمن الكوليرا». وكأن هدر حقوق المؤلف صار أمراً مألوفاً في غياب القوانين الناظمة لحماية المصنّفات الفنية. وكان الروائي حنا مينة قد اتهم قبل سنوات مؤلفاً مغموراً بالسطو على روايته «حكاية بحار» التي ظهرت أجزاء منها في مسلسل بعنوان «البحر أيوب»، من دون أن يصل إلى نتيجة. كما أن اعتراض عائلة الشاعر الراحل نزار قباني على تصوير مسلسل عن حياته، اعتماداً على مذكراته، لم يؤدّ إلى توقيف تصوير مسلسل «في الشام أهلي» أو عرضه، ولا تزال القضية تنتظر البتّ فيها في أروقة المحاكم. والأمر ذاته تكرر مع مسلسل «الطويبي» المأخوذ عن رواية «أطياف العرش» للروائي نبيل سليمان، إذ انتهى إلى خلاف حاد بين الروائي والشركة المنتجة للمسلسل الذي شارك في بطولته أيمن زيدان.وهناك قضية أخرى لا تزال عالقة في القضاء منذ نحو خمس سنوات بين ياسين عبد اللطيف كاتب مسلسل «السيرة الهلالية»، والفنان سلوم حداد منتج العمل. إذ كلّف هذا الأخير مؤلفاً آخر باستكمال حلقات المسلسل، ورفض دفع حقوق المؤلف الأصلي مقابل الجهد الذي بذله في كتابة الحلقات الأولى من العمل.
من جهة أخرى، أخذ بعض كتاب السيناريو، يضعون أسماءهم في شارة المسلسل تحت صفة «سيناريو وحوار» في هروب صريح من حقوق المؤلف الأصلي. فيما يتمادى بعضهم أكثر، ويضع اسمه كمؤلف على عمل مقتبس من مسلسل أجنبي. ولم يعد مستغرباً أن يرى المشاهد حبكة جديدة لفيلم عبد الحليم حافظ «معبودة الجماهير» مثلاً، في صياغة مشوّهة تحمل اسماً آخر، وهو ما حصل فعلاً قبل سنوات، على رغم أن أي نص تلفزيوني، لا تمكن إجازته إلا بعد موافقة لجنة الرقابة التلفزيونية في التلفزيون الرسمي. لكن، يبدو أن لجان القراءة لا تدقق في مثل هذه الوقائع الثانوية.
ويشكو كتّاب سيناريو آخرون من لصوص المهنة، وغياب أي رعاية نقابية لهم، إذ ترفض نقابة الفنانين الاعتراف بمهنة كاتب السيناريو للانتساب إلى صفوفها ونيل عضوية النقابة. من جهته، يرفض اتحاد الكتاب العرب الاعتراف بكاتب السيناريو بصفة كاتب درامي. هكذا اختلطت الأمور وتساوى كاتب السيناريو المحترف مع الهاوي، وحتى مع بعض ربّات المنازل اللواتي اكتشفن موهبة الكتابة التلفزيونية لديهن وراء المجلى! وهو ما أثر سلباً في أجور النصوص، واضطرار بعض الكتاب إلى الخضوع لمساومات مجحفة في حقّهم مع الشركات المنتجة.

خليل صويلح

المصدر: الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...