جولة رايس- غاتز واستراتيجية استهداف سورية عن بعد

31-07-2007

جولة رايس- غاتز واستراتيجية استهداف سورية عن بعد

الجمل:     تزايد اليوم نطاق المعلومات حول جولة كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية، وروبرت غاتز وزير الدفاع الأمريكي، والمدير السابق لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وقد تزامنت هذه الجولة المشتركة مع الكثير من التطورات الأمريكية والشرق أوسطية الدراماتيكية.
·       السياسة الخارجية الأمريكية.. أبرز التساؤلات:
حتى وقت قريب، كان كل من وزير الخارجية والدفاع يقوم بالجولات والزيارات الخاصة به في منطقة الشرق الأوسط، ولكن هذه المرة، سوف يقوم الوزيران بجولة واحدة مشتركة ضمن ما أطلقت عليه الصحف الأمريكية والمواقع الالكترونية لمراكز الدراسات تسمية (جولة غير عادية)، فما الذي جعل هذه الجولة غير عادية؟ هل يتعلق الأمر بالتحول الجديد داخل الإدارة الأمريكية الذي أدى إلى إعادة إنتاج تحالف محور بوش- تشيني الهادف إلى حسم تنفيذ وإكمال ما تبقى من أجندة مخططات جماعة المحافظين الجدد، خلال الفترة المتبقية من عمر الإدارة الأمريكية الحالية، أم الأمر يتعلق بطبيعة الاوضاع الشرق أوسطية التي تتزايد تعقيداتها الميدانية يوماً بعد يوم؟ وهل هناك رسالة تريد الإدارة الأمريكية من الأطراف الأخرى المعنية بأمر الشرق الأوسط التقاطها، خاصة وأن الجولة جاءت مباشرة عقب لقاء كامب ديفيد بين رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون، والرئيس الأمريكي بوش.
·       الأهداف المعلنة للجولة المشتركة:
المعلومات الرسمية الأمريكية حول الجولة المشتركة أشارت إلى الآتي:
-         كوندوليزا رايس وروبرت غاتز سوف يزوران بشكل مشترك مصر، والسعودية، وبعد ذلك سينفصلان ليقوم كل منهما بزياراته الأخرى، بحيث تقوم رايس بزياره أورشليم ورام الله، ويقوم غاتز بزياراته التي على الأغلب سوف تشمل العراق، وتركيا.
-         في مصر، وتحديداً في منتجع شرم الشيخ سوف يعقد الوزيران اجتماعاً مشتركاً مع وزراء مجلس التعاون الخليجي ووزراء مصر والأردن.
-         سوف يتم خلال هذه الزيارة وضع الترتيبات النهائية الخاصة ببرنامج المساعدات العسكرية الأمريكية الذي يغطي السنوات العشر القادمة، ويبلغ 13 مليار دولار لمصر، و20 مليار دولار لدول مجلس التعاون الخليجي الخمس (الإمارات المتحدة، الكويت، سلطنة عمان، قطر، والبحرين) مع ملاحظة أن هناك برنامج مساعدات عسكرية خاص بالسعودية، كما تجدر الإشارة إلى أن برنامج المساعدات العسكرية لإسرائيل لنفس فترة العشر سنوات هو 30 مليار دولار.
·       الإدارة الأمريكية وتغيير قواعد اللعبة:
خلال فترة إدارة بوش الأولى، كان رامسفيلد وزيراً للدفاع، وكولن باول وزيراً للخارجية، وكان هناك الكثير من الخلافات بين وزارتي الخارجية والدفاع الأمريكيتين، وقد استمرت هذه الخلافات خلال فترة تولي رايس للخارجية، واتسع نطاق الخلافات إلى ما يشبه حالة التخصص واقتسام ملفات النفوذ على سياسة الشرق الأوسط بين وزارتي الخارجية والدفاع عندما تم تعيين روبرت غاتز بدلاً عن رامسفيلد، بحيث أصبح روبرت غاتز يركز على العراق، تركيا، دول الخليج، والسعودية، وأصبحت كوندوليزا رايس تركز على مصر، الأردن، الأراضي الفلسطينية، لبنان، وأيضاً السعودية.
تقول مصادر الإدارة الأمريكية بأن بعض حلفاء أمريكا في المنطقة، وعلى وجه الخصوص السعوديون، ظلوا يتعاملون مع وزارة الخارجية الأمريكية بطريقة وأسلوب يختلف عن تعاملهم مع البنتاغون (وزارة الدفاع) وبالذات في ملفات العراق، إيران، لبنان، الأراضي الفلسطينية، وعملية سلام الشرق الأوسط.
وحالياً تتهم الإدارة الأمريكية السعوديين بأنهم يقومون بدعم التمرد السني العراقي، ويحجمون عن التعاون والتعامل مع حكومة نوري المالكي الحليفة، وقد تحدث زلماي خليل زاده المندوب الأمريكي في الأمم المتحدة قائلاً بأن السعوديين يعملون ضمن أهداف تتضارب مع أهداف أمريكا في العراق.
يقول الصحفي الأمريكي هاوارد لافاتشي، بأن الجولة المشتركة لوزيري الخارجية والدفاع الأمريكيين تهدف إلى التأكيد على الآتي:
-         وحدة المنظور الأمريكي حول الملفات الشرق أوسطية.
-         التحدث بصوت أمريكي واحد وواضح للجميع.
-         وحدة السياسة الخارجية والسياسة الدفاعية الأمريكية في المنطقة.
·       سورية واستراتيجية الاستهداف (عن بعد):
صرحت وزيرة الخارجية الأمريكية يوم أمس الاثنين في واشنطن قائلة: (تقوم الولايات المتحدة بإقامة تحالفات معونة عسكرية جديدة مع حلفائها في الشرق الأوسط، وذلك لواجهة ومكافحة السيطرة والنفوذ (السلبي) الذي يقوم به حزب الله اللبناني وتنظيم القاعدة، إضافة إلى سورية وإيران.
كذلك زعم بعض المسؤولين الأمريكيين بان المساعدات السعودية، والمقاتلين يتدفقون إلى داخل العراق عبر سورية قادمين من قطر واليمن وبعض الدول الأخرى الحليفة للولايات المتحدة في المنطقة.
أشارت كوندوليزا رايس في تصريح آخر قائلة: (سوف يساعد هذا الجهد في تعزيز قوى المعتدلين).
حتى الآن لم تتضح تفاصيل المساعدات العسكرية الأمريكية، وشروطها وماهية الأجندة المحددة سلفاً بواسطة أمريكا وإسرائيل، ولكن على ما يبدو فإن برنامج المساعدات العسكرية الأمريكية موجّه للمعتدلين العرب وإسرائيل، وقد هدف إلى إعادة تشكيل ميزان القوى في منطقة شرق المتوسط في منطقة الخليج العربي، وذلك بما يؤدي إلى احتواء (الخطر السوري) و(الخطر الإيراني) كما يزعم الأمريكيون والإسرائيليون. وما يلفت الانتباه أن المسؤولين الأمريكيين لم يتحدثوا عن برنامج المساعدات العسكرية، لا إلى الأردن، ولا إلى لبنان.
إن عدم تحديد برنامج المساعدات العسكرية الأمريكية للأردن، وللبنان، هو أمر يرجع بشكل رئيس إلى المخاوف الإسرائيلية، ذلك لأن الحكومتين الإسرائيلية والأمريكية تدركان تماماً تزايد المعارضة الشعبية للنظامين الأردني واللبناني، إضافة إلى أن إسرائيل تركز على أن تقوم بنفسها بعملية توصيل المعونات العسكرية إلى لبنان ذلك من أجل:
-         تحديد الأطراف اللبنانية المطلوب دعمها.
-         استخدام سياسة العصا والجزرة مع حلفائها اللبنانيين، وذلك بحيث يتسنى لإسرائيل حرمان ومعاقبة الطرف اللبناني الذي لا يقوم بالأداء المطلوب منه.
-         السيطرة على الساحة اللبنانية وإدارة الصراعات اللبنانية القادمة.
وعموماً، فقد لخص الأمريكي تانتر الذي يترأس لجنة سياسة إيران، جولة الوزيرين المشتركة قائلاً: إن استقرار العراق والشرق الأوسط سوف يتطلب الكثير من العمل والتعاون بواسطة جيران العراق، وطالما أن مشاركة هؤلاء الجيران وحدها لن تكون كافية، فإنه يتوجب ممارسة واستخدام الضغوط الأمريكية الشديدة ضد سورية وإيران، وسوف يتخذ ذلك في القريب العاجل شكل (دبلوماسية الإرغام) والقسر بواسطة وعبر مبادرة وزارة الخارجية- البنتاغون، التي سوف تشهر انطلاقتها خلال جولة رايس- غاتز المشتركة الحالية.
السياسة الأمريكية الخارجية إزاء الشرق الأوسط دائماً في حالة انتقال من دائرة الفشل إلى دائرة التصعيد والهروب إلى الأمام، وفي مقابل ذلك نجد سياسات حلفاء أمريكا في المنطقة تعاني دائماً من ثنائية دائرة المصلحة والتبعية، وبكل أسف لم يحقق حلفاء أمريكا في المنطقة مصالحهم من جراء تبعية أمريكا، بل وحتى هذه التبعية السياسية، لم تؤد بهم إلا إلى المزيد من معاكسة الواقع، ومجافاة الحقائق، وهي تبعية أفقدهم الدور والمكانة، وقد فقدت مصر (دورها) في الشرق الأوسط، وبدلاً من أن تكون مصر مكاناً للقاءات التي توحد الإرادة العربية والشرق أوسطية، أصبحت مكاناً لتوحيد (إرادة إسرائيل والمعتدلين العرب) وتشهد على ذلك لقاءات ومؤتمرات شرم الشيخ.. وعلى ما يبدو فإن سيناريو مؤتمر الشرق الأوسط الذي دعا إليه بوش سوف يتم عقده في مصر والتي ستحاول حكومتها جاهدة عدم السماح لفرصة انعقاد هذا المؤتمر بأن تفلت من بين أيديها.. لأن الأردن خلفها، وسوف لن يتردد تجهيز مدينة العقبة لاستضافة هذا المؤتمر.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...