تنظيمات الإسلاميين في حلب: مهاجرون وأنصار وهيئة شرعية

31-07-2013

تنظيمات الإسلاميين في حلب: مهاجرون وأنصار وهيئة شرعية

فرضت التنظيمات «الجهادية» نفسها كقوة مؤثرة في المشهد الميداني في حلب، ومنذ مطلع العام الحالي بدأ المدّ «الجهادي» يتصاعد، وباتت التشكيلات المتشددة المتحكم الفعلي في معظم الأحياء والمناطق الخارجة عن سيطرة الدولة في حلب وريفها.
وتنقسم التشكيلات الجهادية في حلب إلى قسمين: يُطلق على الأول اسم «كتائب الأنصار» والقسم الأكبر منهم من أبناء الريف، إضافة إلى عدد من أبناء الأحياء الشعبية التي سيطرت الفصائل المسلحة عليها منذ بدايات الظهور المسلح في المدينة. ويُطلق على القسم الثاني اسم «كتائب المهاجرين»، وهم الجهاديون الذي قدموا من خارج سوريا، ويتراوح عددهم في حلب بين أربعة وخمسة آلاف مقاتل، قدم معظمهم من الشيشان، وأوزبكستان، وتركيا. ويُشكل «المهاجرون» قوة ضاربة برغم قلة عددهم نسبةً إلى العدد الإجمالي للمسلحين في حلب.
ويفيد مصدر «جهادي محلي»  انَّ «المهاجرين جاؤوا لنصرة إخوانهم في سوريا، ولا همَّ لهم سوى إسقاط الطاغوت والاستشهاد في بلاد الشام».
ويروي مصدر طبي ميدانيٌّ انه شاهد خلال عمله أحد «المهاجرين» وقد أصيب في كتفه، وهو يبكي ويصرخ بلغة عربية فصحى: «كنت أريدها هاهنا» مشيراً إلى صدره. ويضيف المصدر: «حاولنا في إحدى المرات الدخول مع تشكيل من المهاجرين في مفاوضات تبادل جثامين، فتعاملوا معنا بغلاظة، وهددونا بالأسلحة، وحين ذكرنا لهماأننا رأينا عند الأمن جثةً لمجاهد، وربما يكون من مقاتليهم، تقدم شيشاني من بينهم وهو يغالب دموعه ويسأل بلهفة وبلغة عربية فصحى: «هل يرتدي مثل هذا البنطال؟ وهل شعره أشقر مثل شعري؟ وقيل لنا إن سبب تلك اللهفة أنه يبحث عن أخيه بالجهاد».

الهيئة الشرعية

قامت «جبهة النصرة» بتأسيس تشكيل أطلقت عليه اسم «الهيئة الشرعية»، ومثل «جبهة النصرة» فيها «الشيخ أبو حفص»، وقد انضم إلى الهيئة بشكل سريع كلٌّ من «لواء التوحيد»، و«كتيبة أحرار الشام»، و«لواء الفتح»، و«حركة فجر الاسلام». وتم تشكيل ما سمي بـ«المجلس القضائي الأعلى» بقيادة مجموعة من ممثلي الفصائل المقاتلة على الأرض. وكانت نواة الهيئة عبارة عن «هيئة قضائية» تضم اثني عشر «قاضياً» معظمهم محامون سابقون، واتخذت مقراً لها في مستشفى العيون في حي «قاضي عسكر». ويقوم هؤلاء بتلقي الشكاوى في المناطق الخاضعة لسيطرة الكتائب الإسلامية المنضوية تحت لواء الهيئة الشرعية، واستجواب الأطراف وتوقيفهم إن كانت هناك حاجة لذلك. ثم يرفعون الدعوى إلى «مجلس المشايخ»، المكون من ممثلي الكتائب، للنظر فيها.
وفي الهيئة أيضاً منصب باسم «قاضي التحقيق الأول» ويشغله في الوقت الحالي المحامي بشير حاوي الذي قُتل شقيقه عمر في إحدى التظاهرات.
استحدثت الهيئة أيضاً منصباً يُدعى «مدير السجون»، ويشرف على سجنين تابعين للهيئة، أولهما ملحق بمقر الهيئة، ويُحتجز فيه الأفراد الذين ما زالوا «قيد المحاكمة»، أو أولئك الذين صدر بحقهم حكم بالسجن مدةٍ لا تزيد عن شهر واحد. أما من صدر بحقه حكم بالسجن يزيد عن الشهر فيحال إلى سجن آخر في بلدة الراعي.
تطور لاحقاً عمل الهيئة الشرعية، ولم يعد مقتصراً على العمل القضائي فاستُحدث فيها «المكتب الصحي، ومكتب الماء والكهرباء، ومكتب الطحين والخبز، وغيرها من المكاتب الخدمية».
وفي الأول من نيسان الماضي، أعلنت «جبهة النصرة» انسحابها من الهيئة الشرعية القضائية، وأبقت على ممثليها في «المكاتب الخدمية». ويرأس الهيئة الشرعية في الوقت الحالي «الشيخ عز الدين»، وهو ممثل «كتيبة أحرار الشام»، التي تُعتبر أقوى فصائل الهيئة حالياً، وتضم وفقاً لمصادر خاصة داخل الهيئة - قرابة 40 ألف مقاتل، موزعين بين حلب وريفها وريفي إدلب وحماه. ومن متزعمي الهيئة أيضاً «الشيخ حسن» ممثل «لواء التوحيد»، و«الشيخ أبو يزن» ممثل «حركة فجر الاسلام».
وقامت معظم التشكيلات المقاتلة في حلب بـ«مبايعة» الهيئة، باستثناء الفصائل المقاتلة في الريف الشمالي الغربي، إذ قامت تلك الفصائل بتشكيل هيئة خاصة بها، اسمها «الهيئة الشرعية في دارة عزة».
وفي الثامن عشر من أيار الماضي أصبح عدد التنظيمات التي أعلنت مبايعة الهيئة الشرعية في حلب 15 تنظيماً، وهي «لواء التوحيد»، و«حركة أحرار الشام الإسلامية»، و«ألوية صقور الشام»، و«صقور الإسلام»، و«لواء الإسلام»، و«جماعة فرسان السنة»، و«لواء أحرار سوريا»، و«لواء ذي النورين»، و«تجمع ألوية استقم كما أمرت»، و«كتائب المهاجرين»، و«كتائب الطليعة المقاتلة»، و«لواء الأنصار»، و«حركة إبراهيم الخليل»، و«لواء الفرقان»، و«كتيبة عبد الفتاح أبو غدة».
وتتبع للهيئة الشرعية في حلب قوات خاصة بها، مفروزة إليها من الألوية والحركات التي تتألف منها. والدخول في خلاف مع قوات الهيئة يعني التورط في خلاف مع جميع الفصائل المُمثلة للهيئة.
وبالرغم من القوة التي تتمتع بها الهيئة، إلا أنها لم تحاول حتى الآن فرض نفسها بوصفها قيادة للحراك المسلح في حلب، بل تعتبر نفسها «هيئة إشرافية قضائية»، وتتحرك في حال تم تقديم شكوى اليها، وإن كانت تلك الشكوى تناسب تحركاتها.
أما في ما يخص «الحراك المسلح» فينفرد كل تشكيل بإجراءاته ومعاركه، وإذا حصل خلاف بين فصيلين أو أكثر ممن بايعوا الهيئة، يقوم هؤلاء برفع الأمر إلى الهيئة لتحكم فيه.
وتُصدر الهيئة تعاميم تحظى غالباً بالتزام الفصائل المبايعة لها، ومنها على سبيل المثال تعميمها الشهير بمنع إدخال القمح والحبوب إلى أحياء حلب الغربية الذي حمل الرقم 11. وتسنُّ الهيئة «قوانين» تستوجب المحاسبة لمخالفيها، ومنها «منع حفر الآبار في المناطق المحررة، إلّا برخصة من الهيئة الشرعية».
وقد صدر القرار متوعداً كل من يقوم بـ«أي تجاوز أو حفر بئر من دون ترخيص بالمحاسبة وحجز الحفّارة مع مالكها»، وعللت الهيئة قرارها حينها بـ«أن هذا الفعل العشوائي يضر بمخزون المياه الجوفية».
كما تصدر الهيئة «أحكاماً قضائية» تتراوح بين السجن ودفع الغرامات، و«القتل» وهو المصطلح المستخدم بدلاً من الإعدام، ومن أشهر تلك الأحكام الحكم بقتل الشيخ محمود مجدمي ومصادرة أملاكه. ومجدمي كان قد أنشأ فصيلاً مسلحاً أطلق عليه اسم «جيش محمد الموحد» ويعمل في حيي المشهد وصلاح الدين، وقد نُفذ الحكم مطلع شهر تموز.


صهيب عنجريني

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...