انتخابات الرئاسة الأمريكية والمفاضلة بين الجمهوريين والديمقراطيين

31-08-2008

انتخابات الرئاسة الأمريكية والمفاضلة بين الجمهوريين والديمقراطيين

الجمل: دخلت انتخابات الرئاسة الأمريكية المرحلة ما قبل النهائية فقد أصبح في حكم المؤكد أن السيناتور باراك أوباما هو مرشح الحزب الديمقراطي وأن السيناتور جون ماكين هو مرشح الحزب الجمهوري، وحالياً ظهرت بعض الترتيبات بعد محاولة كل مرشح تحقيق توازن القوى في مواجهة المرشح الثاني، فقد كان الجمهوريون يتهمون أوباما بالضعف في قضايا السياسة الخارجية والأمن القومي وعلى هذه الخلفية اختار أوباما السياسي الديمقراطي جو بايدن ليتولى منصب نائب الرئيس في حالة فوز أوباما، ويعتبر بايدن من المؤيدين لوجهات نطر السياسة الصقورية الأمريكية إضافة إلى خبرته الواسعة في الحروب الأمريكية الماضية والجارية حالياً وهو أمر هدف أوباما من ورائه إلى سد الثغرات التي يمكن أن تضعف موقفه الانتخابي، أما المرشح الجمهوري ماكين فقد اختار سارة بالين لتتولى منصب نائب الرئيس في حالة فوز الجمهوريين، وتقول المعلومات بأن بالين تتميز بشعبيتها الواسعة في أوساط النساء والشباب الأمريكي إضافةً إلى توجهاتها المعتدلة نسبياً إزاء قضايا البيئة والاهتمام بأجندة السياسة الداخلية الأمريكية ومن الواضح أن ماكين قد هدف من خلال اختياره لبالين إلى سد الثغرة التي نتجت بسبب انتقادات الديمقراطيين.
* خلفيات السباق الديمقراطي – الجمهوري نحو البيت الأبيض:
برغم عدد الأحزاب والقوى السياسية الأمريكية فقد انحصر التنافس الرئاسي والدخول للبيت الأبيض بين الديمقراطيين والجمهوريين وعلى ما يبدو فإن حركة الاستقطاب  السياسي في أوساط الرأي العام الأمريكي ما تزال محدودة برغم تعدد الخيارات السياسية أمام الناخبين الأمريكيين، والذين لم يعودوا قادرين على التحديد والخروج من ثنائية الديمقراطيين – الجمهوريين. وقد وصف أحد الفلاسفة السياسيين ذلك بظاهرة انغلاق العقل الأمريكي وعدم قدرته على التجديد والابتكار وهو أمر يجسد بوضوح سخرية القدر التي تعكسها مفارقة أن الرأي العام الأمريكي الذي اشتهر بإدمان الصراعات والموجات الجديدة على الصعيد الاجتماعي هو رأي عام عاجز عن تحطيم الأطر المفاهيمية إزاء قضايا الحكم والدولة المفروضة عليه بواسطة ثنائية الديمقراطيين – الجمهوريين.
استطاع الجمهوريون بعد فوزهم بالانتخابات الرئاسية الماضية أن يحكموا سيطرتهم المزدوجة على البيت الأبيض الأمريكي وعلى الكونغرس على النحو الذي أتاح لهم توجيه السلطة التشريعية والتنفيذية وعاثوا في العالم حرباً وغزواً ووطدوا دعائم عسكرة الاقتصاد الأمريكي وبالمقابل انفرد الديمقراطيون بالمعارضة السياسية واستطاعوا كسب الرأي العام لجانبهم مستغلين أخطاء الجمهوريين على النحو الذي ترتب عليه صعودهم إلى الكونغرس فباتت السلة التشريعية في يدهم والسلطة التنفيذية في يد الجمهوريين.
* محفزات الصراع الرئاسي الأمريكي:
تتباين أجندة التنافس الانتخابي الرئاسي فبعضها يتعلق بالسياسة الخارجية وبعضها الآخر يتعلق بالسياسة الداخلية وما هو واضح في الحملة الانتخابية الحالية تأثير أجندة السياسة الخارجية وعلى وجه الخصوص تلك المتعلقة بحرب العراق وأفغانستان إضافة إلى تأثيرات الحرب الجورجية – الروسية الأخيرة.
لعبت أجندة السياسة الخارجية الأمريكية دوراً كبيراً في حسم الحملة الانتخابية في مراحلها الأولية عندما كان التنافس يدور داخل الأحزاب الأمريكية لاختيار المرشح الرئاسي:
• في الحزب الديمقراطي: راهن أوباما على ضرورة الانسحاب من العراق وتركيز الجهود على حرب أفغانستان وكسب الرهان.
• في الحزب الجمهوري: راهن ماكين على ضرورة البقاء في العراق وتصعيد الجهود في حرب أفغانستان وكسب الرهان.
الصراع الانتخابي داخل الأحزاب الأمريكية لم يكن سهلاً بسبب الآتي:
• في الحزب الديمقراطي توجد ثلاثة تيارات رئيسية تنقسم بدورها إلى 10 اتجاهات فرعية ويشكل كل اتجاه تكتلاً ويمارس زعماؤه الضغوط على توجهات الحزب.
• في الحزب الجمهوري توجد ثلاثة تيارات رئيسية تنقسم بدورها إلى 11 اتجاهاً فرعياً ويشكل كل اتجاه تكتلاً ويمارس زعماؤه الضغوط على توجهات الحزب.
وتشير معطيات الصراع داخل الحزب الديمقراطي إلى أن أوباما قد خاض معركة صعبة مع هيلاري كلينتون ويعود سبب احتدام المعركة إلى المساندة التي وجدتها كلينتون في بعض الولايات الأمريكية التي تتميز بأغلبية الانتماء إلى الدين المرتبط بالمسيحية – الصهيونية، وبرغم ذلك استطاع أوباما التغلب على كلينتون في المراحل الأخيرة بسبب انخفاض شعبيتها من جراء ترددها إزاء مطلب انسحاب القوات الأمريكية من العراق.أما في أوساط الحزب الجمهوري فقد استطاع جون  ماكين حسم المعركة لصالحه في منتصف المعركة متغلباً على غيولياني وهوكابي ويعود السبب الرئيسي وراء ذلك لمساندة جماعة المحافظين الجدد والجماعات المسيحية – الصهيونية المرتبطة بالحزب.
* الملامح الجديدة لسيناريوهات الإدارة الأمريكية القادمة:
لفترة طويلة ظل الرأي العام الأمريكي والعالمي يتوقع أن يؤدي صعود إدارة أمريكية جديدة إلى توجهات سياسية أمريكية جديدة على الصعيدين الداخلي والخارجي:
• يقول الديمقراطيون بأنهم سيهتمون بالآتي:
- قضايا الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي.
- تحرير التجارة ومشروع العولمة.
- استخدام الوسائل الاقتصادية والدبلوماسية بدلاً من الوسائل العسكرية في الضغط على خصوم أمريكا.
- تعزيز الروابط مع حلفاء أمريكا بما يؤدي إلى بناء أكبر تحالف دولي ممكن  مع واشنطن.
• يقول الجمهوريون بأنهم سيهتمون بالآتي:
- توسيع نطاق السياسة الخارجية الأمريكية التدخلية بما يؤدي إلى تثبيت مشروع الهيمنة الأمريكية.
- إعادة تشكيل المعايير الدولية بحيث يكون لأمريكا باعتبارها الدولة المهيمنة وضعاً استثنائياً يتيح حرية الحركة والتصرف بمعزل عن أي قيود.
- التمسك باستمرار الوجود العسكري في العراق وأفغانستان وتوسيع المواجهات بما يشمل إيران ومناطق الشرق الأوسط.
- التصدي للخطر الروسي والصيني.
على خلفية تصريحات الديمقراطيين والجمهوريين نلاحظ أن منطقة الشرق الأوسط ستواجه المزيد من المخاطر في حالة صعود إدارة جمهورية وفي حالة صعود إدارة ديمقراطية فستواجه المنطقة مخاطر العقوبات والضغوط الدبلوماسية وذلك على النحو الذي يؤكد تجربة العراق مع سيناريوهات عقوبات إدارة كلينتون الديمقراطية وسيناريو حرب إدارة بوش الجمهورية.
* لعبة الصراع الديمقراطي – الجمهوري: الأيادي الخفية واللوبي الإسرائيلي:
برغم ظهور الكثير من الخلافات والتباينات فوق سطح الخلاف الديمقراطي – الجمهوري، فإنه وتحت سطح هذه الخلافات توجد الكثير من التوافقات والانسجامات حول عدد من المسائل:
• ملف الالتزام بالعلاقة الخاصة الأمريكية – الإسرائيلية.
• ملف الالتزام بحماية أمن إسرائيل.
• ملف الالتزام بإعطاء الجماعات والعناصر اليهودية الأمريكية دوراً أكبر في صنع واتخاذ قرار السياسة الخارجية الأمريكية الشرق أوسطية.
• ملف تأمين المصالح الأمريكية عن طريق السيطرة على مصادر الموارد والأسواق والممرات الاستراتيجية ومنابع النفط.
تقول المعلومات والتسريبات الواردة من واشنطن بأن تحركات اللوبي الإسرائيلي داخل الحزبين الرئيسيين لجهة ترتيب وتنسيق ملف الرئاسة الأمريكية وبرمجة سباق البيت الأبيض قد بدأت منذ لحظة انتهاء انتخابات الكونغرس الأخيرة التي تم إجراؤها في تشرين الثاني 2007م.
وتقول التسريبات بأن زيارات المسؤولين والزعماء الإسرائيليين التي أعقبت انتخابات الكونغرس كانت بالأساس لتعزيز التفاهم بين الديمقراطيين والجمهوريين بما يؤدي إلى التزام الطرفين بحماية أمن ودعم إسرائيل وقد نجحت التحركات الوقائية التي قام بها اللوبي الإسرائيلي في تجميع اليهود الموجودين في الحزبين الديمقراطي والجمهوري على النحو الذي ضمن لإسرائيل واللوبي الإسرائيلي وجود حصان طروادة يهودي موحد يعمل بتنسيق وانسجام داخل الحزب الديمقراطي والجمهوري والكونغرس الأمريكي.
حملة العداء وبناء الذرائع لسوريا سوف لن تتوقف لأنها لا ترتبط بطبيعة انتماء الإدارة الأمريكية وذلك لأنها حملة يقوم بتنظيمها وإطلاقها لاعب واحد هو اللوبي الإسرائيلي القادر على فرض سيطرته ونفوذه على الحزبين الديمقراطي والجمهوري وعلى وجه الخصوص في ملف السياسة الخارجية الأمريكية الشرق أوسطية ومع ذلك فإن التغيير الذي قد يحدث سو ف لن يكون في التوجهات التدخلية العدائية الأمريكية إزاء سوريا وبلدان الشرق الأوسط وإنما في وسائل هذه السياسة التي بلا شك ستركز على العقوبات والضغوط الدبلوماسية في حال فوز الديمقراطيين والذين لا يتحمسون كثيراً لاستخدام الوسائل العسكرية.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...