العيد فرصة لتجديد الولاءات ومعايدة "المعلمين" في المزارع والشوارع

31-12-2006

العيد فرصة لتجديد الولاءات ومعايدة "المعلمين" في المزارع والشوارع

الجمل ـ حسان عمر القالش : كل عام وانت بخير معلم" هذه الجملة – المعايدة – هي تماما كـبطاقة البنك "الكريديت كارد" التي بدأت تنتشر في محفظات طبقة الترف في البلاد. ما ان  يقولها أحد وكلاء الحكومة : موظف, شرطي, مساعد.. مصافحا المعلم – له كثير من التجلّيات – حتى تظهر له النقود فاما أن تدحش وتدس عنوة في جيبه الفاغر الفم, أو تتناولها يده بكل.. شفافية.
"المعايدة" عندنا هي طقس لتجديد الولاءات, وتدعيم النفوذ, ونفض الغبار عن علاقات رسمية  مصلحية.وهي مبرر "شرعي" لزيارة من يحسب لزيارتهم في غير هذا الوقت, يكفي فقط ملاحظة أعداد السيارات المزدحمة على أرصفة بيوت المسؤولين في الشوارع الراقية في المدن, وملاحظة "الوفود الشعبية" المزدحمة أيضا في مضافات المسؤولين / الرفاق, حزبيين أو نواب, في عواصم الأرياف.

"الثقة" التي تحمل صغار الكسبة الحكوميين هؤلاء لزيارة "المعلمين" تظهرهم كالآتي في اليوم المعلوم ليقبض "فوائد أسمهه" من حصته في شركة النفوذ الحكومي, فالعرف المعيشي وروتين تحريك الأعمال جعل لهؤلاء أسهما - لا تقارن بأسهم رؤسائهم -  لنفوذهم  - الخدمي في أرقى أحواله - وهذه قد تكون المرة الوحيدة الفريدة التي تتجسد فيها نظرية "الدولة في خدمة المجتمع" وليس العكس!
من التفاؤل أن نجد كثيرا من الناس تعي هذه الظاهرة الوعي الصحي المطلوب, فلا يشعروا بالضيق من صغار الحكوميين بل ينظرون لهم وخاصة بمواسم الأعياد نظرة الشفقة والحنو على مآلهم هذا. تماما كما يرى معتصم التاجر بسوق الجملة :" أنا أزعل على هؤلاء, لاألومهم بقدر ما ألوم ظروف البلد كلها, عملي يقول لي ذلك..هذه ليست (صلبطة) بل هي ما يفعله أولئك" وأشار بسبابته الى الأعلى.
في ريف دمشق الذي لم يعد ريفا بأي شكل, بل أحياء صناعية أو مستوطنات من الفلل والقصور المزنّـرة بالحدائق, والتي يسميها السوريون تبسيطا لها وخوفا من حسد الضرائب: مزارع ( رايحين على المزرعة, عازمينكن في المزرعة)..في هذا الريف وأيام الأعياد, تنشط حركة الدرجات النارية الحكومية من بلدية ومخفر بين المزارع وغيرها بغرض زيارات "المعايدة", وفي الشوارع يوقفك كثير من رجال المرور, وبعد السلام والتهنئة بالعيد السعيد تطالب صراحة أو مواربة بفوائد.. الأسهم.
 أبو النور وهو من رجالات التجارة العتيقين, يقوم في هذه الأيام بصرف النقود وطويها في جيبه, وخلال مشاويره في سيارته يتوقف عند كل شرطي ويعايد عليه "من كل قلبه" وفي أحد الأعياد أعاد له أحدهم عيديته وقال:" لقد عايدتني أمس يا عم.. شكرا"..

 

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...