الصهيونية الفائزة بجائزة الربيع العربي الكبرى

28-09-2014

الصهيونية الفائزة بجائزة الربيع العربي الكبرى

الجمل- د.كيفين باريت*- ترجمة: رندة القاسم:
رام ايمانويل ، أول رئيس أركان  في حكومة أوباما و بديله لدى الموساد الإسرائيلي، قال ذات يوم: "لا يمكنك أن تدع أزمة خطيرة تمضي هباء الريح، و أنا أقصد بهذا أنها فرصة للقيام بأشياء تعتقد أنك لم تقم بها من قبل".
يستفيد أشخاص و مجموعات و صناعات بأسرها و حتى بعض الأمم من الصراعات و الكوارث. المصرفيون الكبار، على سبيل المثال، يعشقون الحرب ففيها يجبرون الحكومات على استدانة مبالغ كبيرة بفوائد مركبه. مصانع الأسلحة تجني أيضا أرباحا طائلة، و دائما ما  تغدو الدول الكبيرة أكبر خلال زمن الحرب مع مصادرتها لأموال الشعب و إعادة تقييم حقوقه.
أزمة داعش الحاليه جعلت بعض الأشخاص أغنياء. و وفقا لموقع Liveleak.com فان حكومة الولايات المتحده تنفق 200 مليون دولار أسبوعيا لقصف سوريه و العراق. و إذا تم إنفاق المبلغ المرصود للحملة ضد داعش و البالغ 500 مليار دولار، عندها و حسب تقدير الموقع فان الولايات المتحدة ستدفع 30 مليون دولار على الشخص الواحد من داعش، و ربما كان من الأرخص لو دفعت ببساطة 20 مليون دولار لكل واحد من أجل إقناعه بالمغادرة.
و لكن ليس المصرفيون وحدهم و لا صناعات الأسلحة و لا الحكومات من يستغل الأزمات الدوليه، فهناك مجموعة، أعلى منهم كلهم، أثبتت براعتها في الاستفادة من الأزمات، انها الحركة الصهيونيه و اسرائيل. فالصهيونيه استفادت من أول أزمة كبيرة في القرن العشرين، الحرب العالمية الأولى، بفرض وعد بلفور على الحكومة البريطانيه عام 1917. و هذا الوعد، الذي ألزم البريطانيين بالفكرة الشاذه المتعلقة ب "وطن يهودي" في فلسطين، طرح على البريطانيين كأمر واقع من قبل اللورد روتشيلد أكثر مصرفيي العالم ثراء.
لماذا خلق البريطانيون كل هذه المتاعب لأنفسهم بتوقيع وعد بلفور؟ البعض افترض أن اللورد بلفور قام بذلك بدافع طيبته، و يؤكد مؤيدو هذه النظرية على أن بلفور و النخبة المسيطرة البريطانية ببساطة شعروا  بالأسف على يهود العالم المساكين المضطهدين و أرادوا القيام بشيء جيد لهم دون سبب محدد.
يرى تفسير آخر أكثر منطقية أن بريطانيا سلمت فلسطين للورد روتشيلد كجزء من عملية مقايضه، فمقابل فلسطين ، تقوم مصارف روتشيلد و الكارتل المصرفي الدولي التابع لها بمساعدة بريطانيا للانتصار في الحرب العالميه الثانيه، و لكن كيف؟ باستخدام سلطتهم على الاعلام الأميركي و القطاع المالي من أجل جر الولايات المتحدة الى الحرب( و بالطبع لو لم تنتصر بريطانيا في الحرب العالميه الثانيه ما كان بامكانها سلب فلسطين من الامبراطوريه العثمانيه و تسليمها لروتشيلد).شعار الإخوان المسلمين+ شعار الماسونية
لولا الحرب العالمية الأولى ما كان للصهاينة اجتياح فلسطين ، و ما كان بإمكان إرهابيي الدولة اليهودية القيام بتطهير عرقي بحق الفلسطينيين و خلق نظام عنصري محتل. ما كان لاسرائيل ان توجد.
 الأمر ذاته ينطبق على الحرب العالمية الثانيه، فالحرب الأولى لم تكن كافيه ، و احتاج الصهاينه لأزمة ثانيه من أجل خلق حجة للتطهير العنصري بحق الفلسطينيين. و الحرب العالمية الثانيه كانت بالضبط ما احتاجته الصهيونيه، و هتلر و الصهاينة أرادو الشيء نفسه و هو اجبار اليهود الأوربيين على مغادرة أوروبا، و لهذا الهدف تعاون الصهاينه مع هتلر، بل انهم قاتلوا نيابة عن ألمانيا النازيه (يوجد كتاب بقلم ليني برينير بعنوان "  51 وثيقة " يضم دليلا شاملا على تعاون الصهيونيه و النازيه قبل و خلال الحرب العالمية الثانيه).
قتلت الحرب العالمية الثانيه حوالي ستين مليون انسان (انها محرقة لم يسبق لها مثيل) و لكن ، كحال الحرب العالمية الأولى، تم الاستفادة منها تماما من قبل الصهاينة. فعدالة المنتصرين في نوريمبورغ و شيطنة الجانب الخاسر مع قيام المنتصرين بكتابة التاريخ ، كل ذلك خلق اسطورة أن اليهود عانوا أكثر من 50 مليون غير يهودي قتلوا خلال الحرب العالمية الثانيه. و هذا ما  رسم بعناية لموجة بروبوغندا ما بعد الحرب التي خلقت تعاطفا واسعا مع اليهود حولته الصهيونيه الى دعم لمشروع دولتهم اليهودية الارهابيه. فلو لم تكن هناك حرب عالميه ثانيه ما كان هناك تطهير عرقي في فلسطين و لا كانت اسرائيل.
فالمنتصر الحقيقي في الحربين العالميتين هو الصهاينه.
فهل خطط للحربين العالميتين من قبل روتشيلد و أتباعه من المصرفيين الصهاينه؟ فقط مجرد طرح هذا السؤال سيؤدي الى رفضك من قبل معظم الجامعات الغربية. و قول فولتير "لكي تعلم من الذي يحكمك، قم ببساطه باكتشاف من لا يمكنك انتقاده". يفترض أن التابو على هكذا أسئلة سببه اجاباتها.
منذ الحادي عشر من أيلول 2001، و الصهاينه تستفيد من الأزمة العصورة فوتوغرافية لحاخام يهودي يرفع شعار رابعة العدوية، تضامنًا مع جماعة الإخوان المصرية بجانب فتاة تحمل نفس الشعار بأحد الأسواق التجارية.المية الجديدة المسماة الحرب على الارهاب، و بدقة أكثر يمكن تسميتها الحرب على الاسلام. و في كتابها " مبدأ الصدمة" ذكرت "نعومي كلين" بأنه مع بداية 2001 قامت الحكومة الاسرائيليه، التي كانت تعاني أزمة ماليه رهيبه، بتحويل مبالغ ضخمة الى صناعات "أمن" ناشئة ضد الارهاب. لقد فازوا بالجائزة الكبرى في الحادي عشر من أيلول، كما فعل لاري سيلفيرستين، الصديق المقرب من نيتنياهو الذي اشترى مركز التجاره العالمي، المحكوم عليه بالحرق، قبل فترة قصيرة من 11/9 و ضاعف التأمين، و طالب بتعويض مضاعف لأجل "هجومين ارهابيين منفصلين تماما" (الطائرتين) و غادر مع مليارات الدولارات نقدا.
و اليوم تحاول الصهيونية الاستفادة من أزمة داعش أو صعود ما يسمى الدولة الاسلامية. فالتيار الرئيسي في وسائل الاعلام الواقع تحت السيطرة الصهيونيه يستخدم همجية الدولة الاسلامية لتشويه الاسلام ككل، رغم حقيقة أن كل كيان اسلامي ذي شأن في العالم عارض و بشدة ارهابيي داعش. و مشاهد الفيديو التي تظهر ضرب الأعناق من قبل داعش ما هي سوى بروبوغندا ملائمة تماما من أجل الاسلامفوبيا ، بينما توجد علامات تشكك في مصداقيتها، حتى أن الجزيرة أشارت أنها على الأرجح التقطت في اسرائيل.
الى جانب البروبوغندا المعادية للإسلام، تمثل أزمة داعش للصهاينة العربة في محاولاتهم تقسيم و غزو "دار الاسلام" و شعوب الشرق الأوسط. فمتعصبو داعش يقتلون بأعداد كبيرة المسلمين الذين لا يشاركوهم آراءهم الملتوية. كما أنهم يقتلون المسيحيين بأعداد كبيرة و الايزيديين ، و يزودون الصهاينة بالعذر من أجل تسليح المجموعات الانفصاليه الكردية . و مع تقسيم الشرق الأوسط الى معسكرات اثنية و طائفيه،  و جعل كل واحد منها شوكة في حلق الآخر، فان داعش تناسب الصهاينة تماما و تحقق خطة أوديد ينون الرامية الى تقسيم جيران اسرائيل الى موزاييك يضم قطاعات ضعيفة مجزئة.
كما و يأمل الصهاينه بأن يمنح صعود الدولة الاسلامية العذر للولايات المتحدة من أجل ضرب سوريه، و أن يتحول اتجاه القصف الأميركي  ليصبح ضد حكومة الرئيس السوري بشار الأسد ، عدو الدولة الاسلامية (و الدولة اليهودية) . و قد قامت اسرائيل فعلا باسقاط طائرة سوريه في جهد واضح لاستفزاز الحكومة السوريه و جرها لردة فعل ضد القاصفين الأميركيين.
و حتى الآن، يبدو أن الأميركيين لا يزالون متمسكين بنيتهم المعلنة المتمثلة بضرب داعش و أصدقائها، لا الحكومة السوريه. و بغضب كتبت صحيفة نيويورك تايمز الليبرالية  الصهيونيه بان حملة القصف الأميركي ضد داعش غلطة لأنها ستساعد الأسد.
الصهاينه بما فيهم سمانثا بويرز قالوا علنا أنهم يريدون استخدام الضربة الأميركية في سوريه لاسقاط الحكومة السوريه. و اذا لم يحصلوا على ضالتهم، ربما يخططون لطرق أكثر التواء من أجل الاستفاده من أزمة داعش. و الصدع الحالي في البيت الأبيض بسبب  متطفلين عدائيين يبدو، مثل سوابقه (و مثل التهديد الصهيوني بالقتل ضد أوباما الذي نشر قبل سنوات من قبل أندرو أدلير في صحيفة Jewish Times)، تحذيرا للرئيس الأميركي : "اقصف الأسد أو ستمضي في طريق جون كينيدي".
و الأسوأ من ذلك أن يخطط الصهاينة لحدث صادم بمستوى الحادي عشر من أيلول. فربما يتخيلون مثلا أن انفجارا نوويا في مدينة أميركية، تلقي وسائل الاعلام الصهيونيه فيه اللوم على داعش، قد يؤدي الى عمل قوي من قبل الولايات  المتحدة ضد أعداء اسرائيل في الشرق الأوسط.
ان شعوب العلم مدركون للحيل الصهيوينه في خلق المشاكل، بل و حتى الحروب و الكوارث، من أجل دعم أجندتهم. و دعونا نأمل و نصلي لكي ترتفع سوية الوعي العام الى النقطة التي لا يعود فيها إرهابيو اسرائيل قادرين على الاستفادة من الدمار الكارثي.


* الدكتور كيفين باريت كاتب و صحفي أميركي مختص بالعالم العربي و الاسلامي، ومن أشد منتقدي الحرب على الارهاب.
عن موقع Press TV

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...