الجنرال عون يدعم ترشيح الجنرال سليمان لرئاسة الجمهورية اللبنانية

30-11-2007

الجنرال عون يدعم ترشيح الجنرال سليمان لرئاسة الجمهورية اللبنانية

صدمت موافقة رئيس «تكتل التغيير والاصلاح اللبناني» النائب ميشال عون على ترشيح قائد الجيش اللبناني العماد ميشال سليمان لرئاسة الجمهورية اللبنانية، بعد تجاوز مطب التعديل الدستوري، أهل بيته وأعضاء كتلته وتياره وحلفاءه قبل أن تحرج وتفاجئ خصومه السياسيين، فإذا بها تشيع مناخا تفاؤليا بين اللبنانيين، وتجعل قضية الآلية الدستورية، وهي الأصعب، قيد اختبار التوافق السياسي، في ظل التعقيدات المحيطة بوضع الحكومة الحالية منذ استقالة الوزراء الستة منها قبل سنة تقريبا وحتى الآن.
وبدت موافقة «جنرال الرابية»، على «جنرال التوافق»، خطوة «محترفة» بامتياز من حيث لم يكن أحد ينتظرها، حيث غلّب العماد عون الاعتبارات الوطنية على الاعتبارات الشخصية، وبدا في الوقت نفسه، ضنينا على المؤسسة العسكرية، بعدم تردده في اعلان موقفه، على قاعدة أن هذا الأمر لا يحتمل تسويفا ومماطلة بوصفه «الخرطوشة الأخيرة» التي اذا حاول البعض إحراقها أو استخدامها للمناورة أنما يكون كمن يحمل كرة نار بيديه وسيكون أول من يكتوي بها.
وهكذا بدت الرابية، بالأمس، محطة أساسية في صياغة التسويات السياسية، ربطا بالاستحقاق الرئاسي، لترتسم معالم توافق سياسي، بلغ حد الاجماع، الأول من نوعه منذ ثلاث سنوات تقريبا، حول شخص قائد الجيش، خاصة وأن قوى المعارضة، وعمودها الفقري «حزب الله» كانت قد أعلنت أن موقف عون ركيزة موافقتها أو رفضها لأي مرشح توافقي لرئاسة الجمهورية، فيما لم تعلن واشنطن موقفا صريحا باستثناء إشارات أولية ايجابية من سفيرها في بيروت جيفري فيلتمان الذي أبلغ الكثيرين من سائليه، أمس، أن الادارة المركزية (في واشنطن) لم تحدد موقفها بعد من ترشيح ميشال سليمان!
وبينما لم يصدر حتى ساعة متأخرة من الليل، أي تعليق رسمي من «حزب الله»، الذي لم يكن، كما بقية قوى المعارضة، قد تسلّم أي اقتراح رسمي من الأكثرية بتعديل الدستور أو بترشيح قائد الجيش، قرّر رئيس مجلس النواب نبيه بري تأجيل الجلسة التي كانت مقررة اليوم حتى يوم الجمعة في السابع من كانون الأول المقبل من أجل مزيد من التشاور توصلاً إلى تحقيق التوافق حول رئيس الجمهورية الجديد.
وقال بري ان هذا الموعد مبدئي «واذا حصل التوافق قبل ذلك واذا اقتضى أي تطور تقديم الموعد لانهاء الفراغ الرئاسي، فانا سأبادر الى تحديد موعد أقرب للجلسة»، وجدد القول أن كل ما يتعلق بالمخارج الدستورية، بعد تحقيق التوافق السياسي أولا، «جاهز عندي». وجدد القول ان قراره السابق بعدم تلقي أي شيء من هذه الحكومة «ما زال ساري المفعول»!
يذكر أن بري تبلغ من الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى مجددا دعم الجامعة لأي خيار توافقي لبناني، كما تبلغ الموقف نفسه من السفير السعودي عبد العزيز خوجة الذي زاره في عين التينة وقال ان المملكة تدعم ترشيح سليمان اذا تم التوافق عليه.
وفي المقابل، قال مصدر قيادي بارز في «تيار المستقبل» ان موافقة ميشال عون تعتبر خطوة ايجابية «وقد باتت الكرة في ملعب الفريق الذي يقول ان عون نقطة الارتكاز في التوافق والحل (أي «حزب الله»)، وأضاف ردا على سؤال إن ترشيح ميشال سليمان من قبل التيار «هو ترشيح جدي والبحث جار عن تعديل دستوري».
وبينما كان النائب سعد الحريري يكثّف مشاوراته مع حلفائه، سعيا الى وضع مخرج للتعديل الدستوري، قبل مقاربة ملفات ما بعد رئاسة الجمهورية، قالت أوساط رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط لـ«السفير» انه أجرى، أمس، اتصالا بالرئيس بري وناقش معه قضية التعديل الدستوري، مشددا على وجوب عدم البقاء مكتوفي الأيدي، بل لا بد من عمل ما وبأسرع وقت ممكن داعيا الرئيس بري الى المبادرة في هذا الاتجاه، وقال مبررا إقبال الأكثرية على ترشيح سليمان «بين الفراغ ومخاطره وميشال سليمان، قررنا اعتماد خيار الاستقرار الذي يطمئن كل اللبنانيين»، محذرا من أن أي تأخير قد يرتد سلبا على الوضع العام وقال انه وأعضاء كتلته سيشاركون في جلسة التعديل الدستوري.
وأعلن جنبلاط في تصريح له، أمس، أن قوى 14 آذار ستجتمع قريبا «من اجل تقييم المرحلة لاتخاذ الخطوات المناسبة».
وقالت أوساط مقربة من الحريري أن اتصالات جرت بين النائب الحريري والرئيس بري، في اليومين الماضيين، سعيا الى إيجاد مخارج، وان الحريري شدد على عدم تأخير موعد جلسة مجلس النواب لانجاز التعديل الدستوري.
وترأس رئيس الحكومة فؤاد السنيورة سلسلة اجتماعات قانونية ووزارية في السراي الكبير خصصت لمناقشة قضية التعديل الدستوري، ونفى في تصريح له، أمس، ان يكون قد قال انه يقطع يده ولا يوقع على مشروع تعديل الدستور، معتبرا أن هذا الكلام مدسوس عليه.
وحول ترشيح العماد سليمان لرئاسة الجمهورية، قال السنيورة «هذا الموضوع هو موضع تشاور جدي وإن شاء الله نصل الى النتيجة التي تؤمن مصلحة لبنان واللبنانيين».
وأوفد رئيس الحكومة، امس، مستشاره د.محمد شطح الى رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع، الذي اجرى مشاورات موازية شملت الرئيس أمين الجميل الذي اشاد بقائد الجيش، وأكد أن البحث جدي في موضوع الآلية الدستورية «لأن الدستور ليس ألعوبة بل يوضع في خدمة المصلحة الوطنية العليا وبالتالي نحن منفتحون على كل الاحتمالات«.
وأكد جعجع أن تعديل الدستور «كأس مرة»، ولكن المسألة محصورة حاليا بمصلحة قائد الجيش وهي قيد الدرس.
- وكان العماد عون قد استبق اجتماع «تكتل التغيير» بإرسال موفد من قبله الى قائد الجيش العماد ميشال سليمان حيث أبلغه بحيثيات الموقف الايجابي الذي سيعلنه في اجتماع تكتل التغيير، «حتى لا يبادر أحد الى بيعك أي كلام بأنه أقنعني بالموضوع».
وفور التئام «تكتل التغيير والاصلاح»، بادر عون الى تقديم مداخلة كان وقعها مفاجئا على المشاركين ولا سيما النائب ميشال المر، حيث قال لهم «أنا ابن المؤسسة العسكرية وأفنيت فيها عشرات السنوات من عمري، وهي تعرضت وتتعرض للكثير من التجاذبات خاصة خلال السنتين الأخيرتين وقد صدر كلام جارح بحقها من قوى السلطة وأنا اعتبر أن المطروح حاليا (التعديل لمصلحة سليمان) هو نوع من اعادة الاعتبار لي ولقائد الجيش وللمؤسسة. ميشال سليمان كان تلميذي وأنا اعتز بمناقبيته وأخلاقه وقيمه وتفانيه وتضحيته وأعز شيء الى قلب الانسان أن يرى ابنه في أعلى المواقع».
وتابع عون: جاءني القائم بالأعمال الفرنسي اندريه باران وطرح معي موضوع تعديل الدستور وكان جوابي له أنه ليس من حقك بموجب اتفاقية فيينا أن تطرح مثل هذا الأمر معي، لكن بكل الأحوال أنا مستعد لاعتماد هذا الخيار شرط ازالة العقبات الدستورية اولا، محذرا من أنه اذا كان فريق السلطة يناور فإنهم بذلك «يدقون» برأس المؤسسة العسكرية الضامنة للسلم الأهلي.
وخاطب عون أعضاء التكتل: »سأخبركم الحقيقة، بأنني كنت أول من طرح اسم ميشال سليمان، والشاهد على ذلك هو دولة الرئيس المر، وأنا طرحت الاسم ايضا أمام بعض السفراء الأجانب وسيأتي اليوم الذي أشرح فيه ماذا كانت أجوبتهم على اقتراحي، خاصة وأن بعضهم تفوه بكلام غير لائق به وببلاده، حتى أنني وخلال لقائي بالنائب سعد الحريري في باريس، عرضت عليه اسم ميشال سليمان وأجابني أن هناك مشاكل تعترض ترشيحه!
وختم «هذا موقفي وأنا اعتز بترشيح ميشال سليمان وهذا موضوع غير قابل للمساومة بل التزام وخيار وقناعة وأمنية، ومن عنده أي تحفظ أنا جاهز للاجابة». وسرعان ما انتهى الاجتماع من دون أية اسئلة أو أجوبة.
وعقد عون بعد ذلك ندوة صحافية قال خلالها للصحافيين، ان تعديل المادة 49 كان الهدف منه منع وصولي الى رئاسة الجمهورية وحذف النص الذي اضيف في الطائف يهدف بعد 18 سنة الى منع وصولي الى رئاسة الجمهورية»، وأعلن ترحيبه بترشيح قائد الجيش لكنه ربط ذلك بإزالة الموانع الدستورية وبالمبادرة التي كان قد اقترحها (مرحلة انتقالية لمدة سنتين بالاضافة الى التوافق على سلة ما بعد الانتخابات، اي الحكومة رئاسة وحقائب وبيانا وزاريا وقانونا انتخابيا وقيادة الجيش الخ...).
وكشف عون عن دعوة المعارضة لاجتماع سياسي تمهيدا لاطلاق تحركات شعبية سلمية ابتداء من نهاية الاسبوع المقبل، في الذكرى السنوية الأولى لاعتصام وسط بيروت «في حال لم يكن هناك اي تفاهم على الانتخابات».
وأوفد عون مساعده السياسي جبران باسيل، ليل أمس، الى عين التينة حيث أطلع الرئيس بري على موقف عون وخاصة لجهة ربط موافقته بالمرحلة الانتقالية، كما التقى باسيل قيادة «حزب الله» وأطلعها على موقف عون فيما كان وفد من «حزب الله» قد عقد اجتماعا مطولا مع السفير السعودي، تناول في جزء منه قضية التعديل الدستوري وآلياته.

المصدر: السفير
  

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...