الثورة والمقاومة والإشكالية السورية

17-08-2011

الثورة والمقاومة والإشكالية السورية

الجمل- عبدالله علي:  "الثورة تمزِّق علم المقاومة" ... تفسير هذه الواقعة مفتوح على احتمالات عدة: إمَّا أنَّ الثورة والمقاومة نقيضان متضادَّان، وأن الثورة فعل خير بينما المقاومة فعل شرٍّ. وإمَّا أنهما صنوان متآلفان مما يثير الاستغراب حول العداء الطارئ بينهما.
من حيث الاصطلاح، تعني الثورة الانتفاض ضد الحكم الظالم للتخلص من القمع ونيل الحرية والمساواة. وتعني المقاومة الانتفاض ضد الاحتلال بهدف تحرير أرض الوطن وإرادة الإنسان. وبالتالي فإن الثورة والمقاومة لهما نفس المفهوم وهو الانتفاض من أجل الحرية، ويقتصر الاختلاف على الجهة التي يتم الانتفاض بوجهها، فإذا كانت سلطة محلية قيل عنها ثورة، وإذا كانت سلطة أجنبية قيل عنها مقاومة. علماً أن هذا التمييز بين الثورة والمقاومة لم يكن قائماً دائماً على هذا النحو، فأغلب حركات المقاومة العربية التاريخية ضد الاحتلال العسكري أطلق عليها اسم الثورة كالثورة السورية والثورة الجزائرية وغيرها كثير.
لا مجال إذاً لإعمال الاحتمال الأول القائل بأن الثورة والمقاومة نقيضان متضادَّان وأن أحدهما خير والآخر شرّ، لأن التعريف بيَّن لنا بما لا يدع مجالاً للشك أنهما شيء واحد وينطويان على نفس المعنى والمفهوم.
وهنا علينا أن نطرح التساؤل التالي: طالما أن الثورة والمقاومة صنوان متآلفان فلماذا هذا العداء بينهما؟

*****
الحرية لا تتجزأ، ومقتضى هذا أن تتوحد جهود جميع المطالبين بالحرية وأن يدعم بعضهم البعض الآخر، كما فعلت جميع حركات التحرر في العالم عندما كانت تتساند وتتآزر وتتعاضد فيما بينها ضد القوة الغاشمة التي تغتصب حريتها. لكنَّ الواقع الجديد يجري بعكس هذا المقتضى حيث نرى "الثورات العربية الحالية" تنظر بعين إلى بعض الثورات، وتغمض العين الثانية دون ثورات أخرى كالثورة في البحرين، وكذلك الأمر في علاقة هذه الثورات وخاصة "السورية" بالمقاومة الإسلامية في لبنان.
منذ بدء ما يطلق عليها أصحابها اسم "الثورة السورية"، وعلى وجه الدقة في احتجاجات درعا التي انطلقت في أواسط شهر آذار الماضي، لاحظنا صدور تصريحات من بعض الشخصيات المعارضة تتهم حزب الله بالمشاركة في أعمال القمع من خلال إرساله ثلاثة آلاف مقاتل لدعم السلطة السورية في مواجهة تلك الاحتجاجات، كما سمعنا العديد من الشعارات التي أطلقها المشاركون في المظاهرات ضد حزب الله وضد إيران، حتى وصل الأمر إلى قيام هؤلاء بإحراق علم المقاومة وعلم دولة إيران.
واستباقاً لأي اعتراض نقول أن التصريحات والشعارات أثناء احتجاجات درعا صدرت قبل أن يقول حزب الله رأيه فيما يجري، أي لا يمكن اعتبارها رد فعل على موقف حزب الله اللاحق والذي انحاز من خلاله إلى جانب السلطة السورية. مما يدلُّ في اعتقادي على وجود موقف مسبق للثورة السورية ضد حزب الله ومقاتليه، وهو موقف دلَّت الوقائع على أنه مشوب بكثير من التشنج غير المبرر. وهذا الموقف يطرح الكثير من التساؤلات المريبة، لا سيما وأن قسماً كبيراً من الشعب السوري ينظر بفخر إلى المقاومة الإسلامية ويعتبرها نقطة بيضاء في تاريخ أسود من الاستسلام والإذعان.
قد يخطر على بال البعض أن سبب عداء الثورة السورية للمقاومة اللبنانية هو التحالف القائم بين هذه الأخيرة وبين السلطة السورية من باب أن صديق عدوك عدو، لكن عندما نفكر أن المقاومة الاسلامية حماس هي أيضاً حليف للسلطة السورية يكون من حقنا أن نستغرب لماذا لم يبادر القائمون على الثورة باتخاذ موقف مشابه من حماس، علماً أن قيادتها بخلاف قيادة حزب الله، مقيمة في العاصمة دمشق وما زالت!!!. ويوازي هذا استغرابٌ آخر، لماذا لم نسمع في ميدان التحرير في مصر أو حول سفارة البحرين فيها شعارات كتلك التي انطلقت لدعم الثورة السورية؟ أم أن ثورة البحرين لا تحتاج إلى الدعم؟
نحن نطرح هذه التساؤلات انطلاقاً من أنَّ لا شيء يحدث دون سبب، وأن فهم الواقع يوجب علينا أن نبحث عن الأسباب دائماً، ونترك لفطنة كل قارئ أن يجد الأسباب بنفسه.

*****
وقد يرى البعض أن سبب هذا العداء يكمن في أن السلطة السورية قامت على مدى سنين طويلة بتبرير غياب الحريات الفردية والانتقاص من حق التعبير بذريعة الممانعة والمقاومة، وعليه يرى هذا البعض أن نيل الحرية يستوجب تحطيم الذرائع التي تحول دونه، لذلك كان هذه العداء من جانب الثورة السورية للمقاومة باعتبارها تشكل الذريعة التي تعتمد عليها السلطة لسلب الحريات وانتقاص الحقوق.
ومما لاشكَّ فيه أن معادلة الحرية مقابل الممانعة قد كانت ومازالت إشكالية معقدة لم تتمكن السلطات السورية من النجاح في حلها، وفضَّلت دائماً تغليب جانب الممانعة على جانب الحرية.
ولكن هل يعني هذا أن يكون البديل هو استعداء المقاومة أو محاولة القضاء عليها، وهل نفهم من هذا أن القائمين على الثورة يؤمنون حقاً بوجوب التخلي عن المقاومة كسبيل أوحد لنيل الحرية؟
سؤال برسم من يهمه الأمر.

*****
في الختام نقول: لا يمكن لثائر أن يمزق راية ثائر مثله، مهما كانت الأسباب. وحتى في حال وجود اختلاف مرحلي أو تكتيكي بين ثورة وأخرى، فإن الثائر الحقيقي يدرك بحدسه أن من مصلحته أن يدعم أي ثورة تقوم ضد القمع أو الاحتلال لأنها تساهم في تخليص العالم من جزء منهما، وأنَّ تحرير شبر من الأرض أو فرد من الناس هو خطوة لتحقيق الهدف الاستراتيجي بالحرية الكاملة.

التعليقات

اللة وكيلكون مو سبب العداءية تجاه حزب اللة الا فقط كون حزب اللة شيعي هي هيي الحقيقة وبدون فزلكة يا كاتب المقال

عطفا على كلام فادي الصحيح 100% اللي عم بيصير بسورية هي ملخص لحرب سنية شيعية سعودية ايرانية وكل اللي المشكلة انو *****(.....)

السلام عليكم يا أخوتي .. هالشغلة بدها طولة بال و تفكير و الأمور لا تؤخذ جزافا منشان كم أحمق عم يعرعر و كم واحد مفزلك و مدعي للثقافة و هو لا يعرف منها إلا قياس ...لسانه و كم خائن لوطنه و كم مسلح لا يمتون للإنسانية بصلة فنحن يجب أن نصبر و لا نؤخذ غلابا .. فسوريا أغلى و تستحق الأكثر و الأرقى و الأنبل دائما . أولا لا يوجد أرقى من سوريا وفي الكثير من دول العالم حق التظاهر محفوظ والقانون يحميه ولكن يا أخوتي بدون موافقة مسبقة و بدون تحديد للمكان و للشعارات و للوقت قد يذهب بالمتظاهر إلى غياهب المجهول و هذا ابسط شيء . سوريا جنة الله بأرضه سوريا مهد الحضارات و ارض الأنبياء و الأبجديات .. سوريا التاريخ و الحاضر و المستقبل وهي باقية باقية باقية إلى ابد الدهر . هؤلاء المرتزقة سيرمي بهم الشعب السوري الأصيل إلى مزابل التاريخ . البعض يظن نفسه معارضا و لكنه لا يجد ما يعارضه إلا ما نحن نقوله و هو الإصلاح و نحن نؤكد على الإصلاح و أما من يقف و يقتل الشعب الآمن و الجيش و يمثل و يذبح و يحرق الأملاك العامة و الخاصة فلا يليق به إلا جهنم و بئس المصير و لا أسف عليه . هؤلاء يجب أن يزاحوا من طريقنا لأنهم حجر عثرة في تطورنا و ارتقائنا حضاريا و أخلاقيا و سلوكيا . هؤلاء ضد الإنسانية و بالتالي هم ضد الله و التشريع يقضي بالقضاء عليهم لان ما فعلوه لا ينتمي إلى أي تشريع أو تاريخ أو إجرام . أعود و أقول بالصبر و العزيمة و النفس الطويل تؤخذ الحقوق و سوريا باقية و تستحق الأفضل منا جميعا فليبارك الله بجيشنا و بقائدنا و بشعبنا الواعي الذي فاجئ أعدائه برقيه و تجاوزه للمؤامرة القذرة التي كانت تريد رميه بمستنقع الفرقة و الانقسام .. و اثبت بأنه شعب واعي يؤمن بسوريا واحدة أبية صامدة ممانعة . تحيا سوريا و يحيا الشعب العربي السوري الأبي و يحيا الرئيس بشار الأسد الذي أذهل العالم بتعامله الراقي و الهادئ و باصطلاحاته في هذا الزمن الصعب .

المفكرون والأدباء والمثقفين بشكل عام هم مرآة عصرهم وحكماءه في الأوقات العصيبة , والانتهازيون هم من يركبون الموجة ويتسلقون الحبال ليصلوا لشرفات المسؤولين يتزلفوا لهم ليرموا لهم فتات السلطة , أو يكونون أبواق لمن يدفع أكثر , أو تركبهم شهوة السلطة , أو الحاقدين والثأريين , ولكن الوطنيون الحق هم كالمؤمنين الحق , فالوطنيين الحق ليس لهم غاية سوى أمن وأمان واستقرار البلد , والمؤمنون الحق يعملون في هذه الدنيا لكسب رضا الله وخدمة عباده فقط , ويطمعون بالجنة في أخراهم , اللهم اجعل أعمالنا خالصة لوجهك الكريم , والتاريخ سوف يذكر كل من سعى لخير هذا البلد أو لخرابه والتاريخ أيها الأخوة قاسي على الخونة , و رافع الشرفاء إلى مراتب عليا تفتخر بذكره الأجيال تلو الأجيال . لم يكن الرئيس بشار حافظ الأسد ليساوم على كل ما يمس بحقوق بلاده أو بالحقوق العربية، ولم يتنازل قيد أنملة عن دعمه لعناصر التصدِّي المقاومة للاحتلال "الإسرائيلي"، لأنه لو تنازل لَكان الدعم الغربي طوع بنانه ولأنه رجل دولة، فقد قاوم بمواقفه السياسية المتمسّكة بهذه المسلّمات كل إغراءات الترغيب والتهويل والوعيد، ما حمل الغالبية الشعبية في بلاده، والقوات المسلّحة في سورية على الولاء له برغم التشهير الإعلامي الذي حاول أن يقلب الوقائع لصالح خطة تستهدف النظام السوري المنيع وبرغم بعض المطالبات الخارجية بوقف حملة حفظ الأمن التي يقوم بها الجيش والقوى الأمنية، فقد ثابر الرئيس الأسد على التعامل مع أوكار الفتنة بالحزم والحسم، لأنه يدرك أنه لا بد من تأمين الأمان الداخلي من أي خرق خارجي، ليتمكّن من إفساح المجال للقوى الإيجابية في سورية من طرح الأفكار البنّاءة في هيكلية الدولة، وفي كافة القطاعات المدنية، وتلبي المطالب المحقّة في مناخ لا تسوده الفوضى التي تصرف الجيش عن واجبه القومي في الدفاع عن الحدود التي يتربّص بها العدو ويتحيّن الفرص للانقضاض عليها، متى سنحت له الفرصة إن سورية، التي خرجت من تحدّيات خارجية أكبر، هي اليوم أقوى من أن تنال منها الفتن المفتَعَلَة، لأن جيشها هو صمّام الأمان لخروجها من هذه الأزمة فمع الرئيس الأسد، ستخرج سورية منتصرة على الفتنة الأخيرة

كتب عزمي بشارة على صفحته في الفايس بوك ما يمكن اعتباره شديد الصلة بالمقالة المنشورة هنا: ما هو المزعج في الادعاء ان عناصر من حزب الله تشارك في قمع الثورة في سوريا؟ المزعج ان القائل يعرف ان هذا غير صحيح. فلا يوجد اي اثبات لذلك، وثانيا لا حاجة لسوريا برجال الأمن. المزعج هو نشر الاشاعات والكذب في حالة قضية عادلة، لانه يبشر باستبدال دعاية كاذبة بدعاية كاذبة. ولكن الاكثر ازعاجا هو الهدف من الكذب هنا. لماذا يقال انه توجد عناصر من حزب الله وهي لا توجد؟ لان القائل يحاول ان يحشد الرأي العام طائفيا. وهذا أمر يدلل على نوايا وعقليات ومقاصد خطيرة عند البعض، لا هي ديمقراطية ولا مدنية، وهو بالضبط ما نحذر منه. وهو ما يجب ان تلفظه الثورة في سوريا..

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...