البعثات البلغارية ونشاطاتها الاستخبارية في المنطقة العربية

30-08-2007

البعثات البلغارية ونشاطاتها الاستخبارية في المنطقة العربية

الجمل:     بعد تفكك الاتحاد السوفييتي وانتهاء الحرب الباردة، سارعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى توسيع نفوذها، وضم بلدان شرق أوروبا إلى دائرة السيطرة الأمريكية، وبالمقابل سارعت دول شرق أوروبا، بدرجات متفاوتة، إلى الاستفادة من مزايا التحالف مع أمريكا والغرب.
من بين جميع دول شرق أوروبا كانت بلغاريا وبولندا وجمهورية تشيكيا الأكثر هرولة وتسارعا عن غيرها في الارتماء في أحضان أمريكا، وقد قدمت النخب السياسية التي سيطرت في مطلع تسعينات القرن الماضي في هذه الدول، الكثير من المزايا والتسهيلات المفتوحة لأمريكا.
• التحالف الأمريكي- البلغاري:
كانت بلغاريا خلال فترة الرئيس الشيوعي تودور جيفكوف حليفا مخلصا لموسكو الشيوعية وكانت تمثل (الساعد) السوفييتي القوي لموسكو في منطقة شرق أوروبا، ولكن سخرية القدرة أبت إلا أن تمد لسانها إلى موسكو فبعد 15 عاما من تفكك الاتحاد السوفييتي لم تصبح بلغاريا مجرد دولة شرق- أوروبية في طريقها للانضمام للمعسكر الرأسمالي عن طريق الدخول في الاتحاد الأوروبي ونيل عضوية حلف الناتو وحسب، وإنما أيضا أصبحت (الساعد) الأمريكي القوي لواشنطن في منطقة شرق أوروبا.
تقول المعلومات بأن وزير الخارجية البلغاري ايفايلوكالفين ووزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس قد وقعا في يوم 28 ابريل 2006 اتفاقية التعاون الدفاعي بين بلغاريا والولايات المتحدة الأمريكية.
وبموجب هذه الاتفاقية تم السماح للولايات المتحدة بنشر 2500 جندي أمريكي في بلغاريا بحيث يصل عدد الجنود إلى 5 آلاف خلال فترة وجيزة.
وتقول المعلومات أيضا بأن الجنود الأمريكيين سوف يتمركزون في أربعة قواعد عسكرية:
- قاعدة نوفو سيلو العسكرية التدريبية.
- قاعدة بيزمار العسكرية الجوية.
- قاعدة اقناتيفو العسكرية الجوية.
- قاعدة غراف العسكرية الجوية.
وحاولت الحكومة الأمريكية التخفيف من أمر هذه القواعد إزاء ردود فعل الأوروبيين الغربيين والشرقيين، وبهذا الخصوص صرح السفير الأمريكي في بلغاريا قائلا بأن أمريكا ليست لديها أي قواعد عسكرية في بلغاريا وبأن القوات الأمريكية سوف تتمركز في قواعد عسكرية بلغاريا ترفع العلم البلغاري، ويقودها ضباط بلغاريين!!! وكل ما سوف يحدث هو أن الأمريكيين والبلغار سوف يقومون بالتعاون في مجالات التدريب والمناورات.
وبرغم التصريحات الأمريكية، ومحاولات الحكومة البلغارية (لفلفة) الأمر فقد صرح السياسي البلغاري فولين سيديروف زعيم حزب أتاكا القومي البلغاري قائلا بأن الحكومة البلغارية قد سمحت بإقامة أربعة قواعد عسكرية أمريكية في بلغاريا وسوف يجعل هذا الأمر من بلغاريا هدفا للإرهاب وخصوم أمريكا.
وإضافة لذلك فقد تحدث جاب دي هوب شيفر السكرتير العام لحلف الناتو مشككا في طبيعة وجود القواعد العسكرية الأمريكية في بلغاريا  وأضاف قائلا بان حلف الناتو ليست لديه علاقة أو أي مصلحة من موجود هذه القواعد وذلك لأن  هذه القواعد لا تندرج ضمن المنشآت العسكرية التي يستفيد الناتو من وجودها واستغلالها عند الحاجة.
ولاحقا على خلفية حرب التصريحات الأوروبية الغربية والشرقية حول وجود هذه القواعد أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية بأن الولايات المتحدة وبلغاريا قد وقعتا اتفاقية من أجل دعم وتعزيز قدرات قوات فرض الأمن والنظام والقانون البلغارية!!!.
• أهمية بلغاريا من المنظور الجيو- سياسي:
تمثل بلغاريا بلداً شرق أوروبياً سلافياً صغيراً يقع في منطقة البلقان، وهي تتمتع بشاطئ صغير يطل على البحر الأسود، لا يصلح لإمدادات أنابيب النفط والغاز القادمة من بحر قزوين، إضافة إلى أنها تجاور من الناحية الغربية المناطق اليوغسلافية المضطربة والتي لا تصلح كممر للتجارة وتبادل المنافع بسبب التوترات السياسية والأمنية المهيمنة عليها، وإضافة إلى ذلك فإن بلغاريا تمثل مع بقية مناطق البلقان الـ(ممر) الرئيسي لحركة نقل المخدرات والممنوعات من شرق أوروبا وآسيا الوسطى، والقفاس، إلى داخل أوروبا.
أما على أساس المزايا العسكرية والجيو- سياسية فهناك حلفاء كثيرون لأمريكا، أكثر أهمية من بلغاريا في المنطقة، ومنهم على سبيل المثال، جورجيا، أوكرانيا، وأذربيجان، واليونان، وتركيا.. وعلى ما يبدو فإن هناك سبباً قوياً غامضاً (غير معلن) دفع الأمريكيين إلى إقامة أربع قواعد عسكرية دفعة واحدة في بلغاريا، وأيضاً إلى عدم السماح لحلف الناتو (الذي يعتمد على أمريكا) باستخدام هذه القواعد عند الحاجة.
• تحالف بلغاريا- أمريكا وتوازنات الـ(دور) والـ(مكانة):
تقول المعلومات بأن تحالف أمريكا- بلغاريا، الهدف منه قيام أمريكا بتوظيف واستخدام بلغاريا كعمل مساعد ة(يد خفية) في مناطق الشرق الأوسط والشرق الأدنى، وأيضاً دول آسيا الوسطى.
خلال فترة الحرب الباردة، كانت بلغاريا تتمتع بعلاقات قوية مع دول الشرق الأوسط، وعلى وجه الخصوص الدول العربية، وكانت السفارات البلغارية تلعب دوراً كبيراً في الأنشطة الأمنية الخاصة بالكتلة الشرقية وحلف وارسو وقد اكتسبت بلغاريا خبرة كبيرة في معرفة الأوضاع المتعلقة بمنطقة الشرقين الأوسط والأدنى.
البعثات الدبلوماسية البلغارية وملحقياتها المنتشرة في بلدان الشرق الأوسط، والتي على الأغلب لا تجذب الأنظار والاهتمامات، خاصة بعد انتهاء الحرب الباردة، هي بعثات سوف تقوم بدور هام في العمليات السرية الأمريكية، وتقول المعلومات بأن الاتفاقية الدفاعية الأمريكية- البلغارية ما هي إلا  ستاراً وغطاء لاتفاقيات وترتيبات أمنية- استخبارية مشتركة بلغارية- أمريكية تتعلق بمنطقة الشرقين الأوسط والأدنى.
أما وجود الجنود الأمريكيين في بلغاريا، فهو في حقيقة الأمر وجود استخباري لعناصر وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وخبراء جمع وتحليل المعلومات الاستخبارية، وتشير التوقعات إلى أن بلغاريا قد أصبحت قاعدة استخبارية كبرى خارجية لوكالة المخابرات المركزية الامريكية، وقد انكشف هذا الدور عندما افتضح أمر السجون السرية التي نقلت بها المخابرات الأمريكية مئات السجناء والمعتقلين، وقد تبين أن كل عمليات وكالة المخابرات المركزية الأمريكية كانت تتم عبر بلغاريا.
• الدول العربية وخطر الدور البلغاري الجديد:
لم يكن مصادفة أن لاحظ العالم أجمع حجم الضغوط الأمريكية الكبيرة بواسطة إدارة بوش على ليبيا لكي تقوم بإطلاق سراح الممرضات البلغاريات، وما صاحب ذلك من دور كبير قام به الرئيس الفرنسي الجديد نيكولاس ساركوزي وزوجته.
كذلك، ما أثار الدهشة والاستغراب قيام السلطات البلغارية بإصدار العفو عن الممرضات البلغاريات، والـ(ضرب بعرض الحائط) بكل الاتفاقيات التي تمت بين ليبيا وفرنسا وأمريكا وبلغاريا بخصوص قضية الممرضات.
كذلك، وبرغم قيام دول شرق أوروبا بتخفيض سفاراتها وبعثاتها الدبلوماسية في بلدان العالم بعد انتهاء الحرب الباردة، فإن بلغاريا ظلت هي البلد الوحيد الذي لم يكتف بوجود هذه البعثات والملحقيات، وإنما قام بزيادة طاقمها وعناصرها، علماً بأن بلغاريا كدولة ليس لها أي (وزن) جيوبوليتيكي يتناسب مع (حجم وجود وانتشار بعثاتها الدبلوماسية وحالياً تشهد العواصم العربية المزيد من الوجود والتحرك الدبلوماسي البلغاري المكثف المعلن، والذي بكل تأكيد يتضمن (بعداً) و(دوراً) غير معلن، يرتبط بالوجود الاستخباري المكثف لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية.
الحالي في بلغاريا.
نضيف إلى هذه الحقائق معلومات أخرى تتعلق بالشحنات الجوية  التي انكشف أمرها بواسطة مجلس الأمن الدولي نفسه وذلك فيما يتعلق بطائرات تاجر السلاح اليهودي الطاجيكستاني الأصل فيكتور بوت والتي تنطلق حاملة السلاح إلى مناطق النزاعات في الصومال وسيراليون وشرق الكونغوزائير وليبيريا وانجولا... حيث تفرغ الأسلحة للفصائل والميليشيات وتقوم بحمل شحنات الألماس الخام والذهب إلى إسرائيل ثم تواصل رحلتها مرة أخرى إلى بلغاريا لتبدأ عملية تهريب جديد للأسلحة ومقايضتها بالألماس.
هناك العديد من الأسئلة التي لابد من الإجابة عليها: من هم الدبلوماسيون البلغار؟ وماذا يفعلون في دول الشرق الأوسط؟ وما هي صلاتهم بالمنطقة؟ وهل هناك علاقات ومصالح بلغارية تستحق كل هذا الوجود البلغاري؟
إن من حق العرب الإجابة على كل هذه التساؤلات خاصة وأن بلغاريا اليوم هي بلغاريا أمريكا وإسرائيل وليست بلغاريا الاشتراكية والأممية السابقة... وسوف تظل الذاكرة العربية تحتفظ دائما بالشتائم والإساءات التي وجهها راديو بلغاريا للعرب والعروبة.. والمديح والثناء لجرائم شارون الوحشية ضد العرب الفلسطينيين في مخيم جنين وغزة وغيرها.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...