الاسم حين يصبح عبئاً على صاحبه

31-05-2007

الاسم حين يصبح عبئاً على صاحبه

يقول علماء النفس والاجتماع ان الآباء الذين يختارون اسماء ابنائهم وبناتهم غالباً ما يستوحونها من البيئة التي يعيشون فيها، ويحرصون على ان ترتبط دلالاتها بخلفياتهم الدينية أو الاجتماعية أو الثقافية أوالفكرية أو الوطنية. ويعتبر الاسم من الأشياء القليلة التي تلازم الشخص على مدى الحياة، ونادراً ما يلجأ الأفراد إلى تغيير أسمائهم إلاّ في بعض الحالات الاستثنائية.

وفي حين يختار المتدينون أسماء الأنبياء والرسل والأولياء الصالحين لأولادهم، يتجنّب العلمانيون الأسماء ذات الدلالات الدينية أو الطائفية أو المذهبية، معتمدين الأسماء الحيادية. بدورهم، يعمد المثقفون الى تسمية أولادهم، تيمناً بإحدى الشخصيات الادبية او الشعرية او الفكرية او العقائدية او الحزبية او الوطنية التي يعجبون بها ويتأثرون بميولها وإنجازاتها.

وأسماء أخرى يتم اختيارها لرمز معين، كبعض اسماء الحيوانات التي ترمز الى القوة والترهيب والتخويف، أو الطيور لوداعتها وجمال أصواتها، أو أدوات الحرب أو الكواكب والورود والازهار... وهناك أسماء تنتقى لمجرد وقعها الموسيقي وسهولة لفظها وكتابتها وان كانت لا تتضمن اي معنى محدد او دلالة على الجمال او تنبئ بمستقبل سعيد.

ويبقى اختيار الاسم، لمولود جديد، فكرة غير سهلة، ويلجأ البعض الى الغوص في القواميس والكتب التي تؤلف خصيصاً لهذه الغاية.

وتعتبر «لعبة» الاسماء، خطيرة، ومع تقدّم الفرد بالعمر، يبدأ اتخاذ المواقف المرتبطة باسمه، والتفاعل مع أي انتقاد أو سخرية من أن اسمه «على غير مسمى»، وقد يتحوّل هذا الاسم الى عبء على حامله، ويسبب له الاحراج الاجتماعي والنفسي وفي بعض الاحيان الصحي.

«غزالة» اسم طالبة، بدينة، تتحاشى الاختلاط مع البنات من ذوي الاجساد النحيلة حتى لا تكون بينهن «علامة فارقة او لافتة للنظر». تقول: «كلما ناداني احد زملائي باسمي اشعر وكأنه يسخر مني ويهزأ بي». وتضيف: «سيطر عليّ اكتئاب وانطويت على نفسي، ما دفعني الى اجراء عملية جراحية لتخفيف وزني كادت تقضي على حياتي».

من جهتها لا تعتبر فاتنة نفسها محظوظة باسمها، وتقول: «اختاروا لي اسماً جميلاً لا تنطبق مواصفاته علي. حتّى بتّ أتجنّب النظر في المرآة، وامتنع عن مرافقة اصحابي الى الحفلات والسهرات».

وتقسم «فاتنة» بأنها لن تستسلم لواقعها، بعد أن تجد عملاً: «حالما ادخر بعض المال، سأجري عملية تجميل تعيد اليّ بعض الثقة بالنفس، وتقرّبني من معنى اسمي».

وتطول قائمة التناقضات بين معنى الاسم وصفات صاحبه، ككريم البخيل، وسعيد الحزين، وصادق الكذاب، وأمين اللص... إلاّ أن هذه التداعيات الاجتماعية والنفسية، تبقى مقبولة، مقارنة بالتداعيات السياسية وانعكاساتها على الحياة الاجتماعية للأفراد، من خلال تعرض البعض للعنف أو التهديد أو التصفية الجسدية، بسبب أسمائهم.

فخلال الحرب الاهلية في لبنان (1975 - 1990) تعرّض آلاف المواطنين، للخطف والقتل على الهوية، بسبب اسمائهم ذات الدلالات الطائفية والمذهبية.

... وبسبب القوانين المتشددة التي صدرت بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001، عمد كثيرون من حاملي أسماء عربية وإسلامية إلى تغيير أسمائهم، تحاشياً للتفرقة العنصرية، التي طرأت على المجتمعات الغربية.

ومن الأسماء العربية، التي تكاد تصبح نادرة، اسم «أسامة»، المرتبط بـ «بن لادن»، وهو ما برز مع المخرج اللبناني الأصل محمود قعبور، الذي جـهـد للعــثــور، عــلى اشخـاص يـدعـون «اســامة»، من أجـل تمثـيـل فـيلمه الذي حمل عنوان «بيينغ اسامة» being Oussama، ومن اللافـت أن أبـطال الفيلم لم ينجوا من ملاحقة الاجهزة الامنية الكندية وتعرضهم للمساءلة القضائية.

علي حويلي

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...