الأكيـــاس البلاســــتيـــكية هل هي شر لا بــد منـه؟

18-03-2010

الأكيـــاس البلاســــتيـــكية هل هي شر لا بــد منـه؟

يقول مدير السلامة الكيميائية بوزارة البيئة فؤاد العك: إن المادة الكيميائية التي تدخل في تركيب أكياس النايلون يمكن أن تتفاعل مع بعض المواد الغذائية الموضوعة في الكيس، الأمر الذي قد يؤدي إلى انتاج عناصر وراثية تسبب سرطانات الكبد والرئة والدم.

ويضيف مدير سلامة الغلاف الجوي في وزارة البيئة أيضاW، السيد هيثم نشواتي إلى الأمراض أمراضاً أخرى التي ذكرها السيد العك أمراضاً أخرى يمكن أن تسببها المواد الكيميائية الناتجة عن صناعة البلاستيك مثل إتلاف النظام العصبي والمناعي وبعض الأمراض الوراثية وأمراض الخصوبة عند الجنسين.‏‏

وتؤكد مديرة البيئة بوزارة الصناعة أن سورية تنتج 145 ألف طن من الأكياس والصفائح والحقن البلاستيكي يوميا بمعدل 397 طناً يومياً و16 طناً في الساعة من خلال 539 معملاً معظمها في دمشق وريفها وحلب، وأن هناك676 مشروعاً جديداً ستبدأ الانتاج.. فما هو الحل لهذه المعضلة؟‏‏

لها تأثير على الجهاز العصبي‏‏

من ناحيتي الأثر البيئي والصحي يتوافق رأي مديرة البيئة في وزارة الصناعة السيدة أمل حسن مع رأي السيدين نشواتي والعك، حيث قالت: هناك نوعان من الأكياس البلاستيكية المستخدمة في حياتنا اليومية، الأكياس غير المطبوعة والأكياس المطبوعة بأسماء المحلات التجارية التي تستخدمها، والخطورة الأكبر في الأكياس المطبوعة، لأنها بالاضافة الى مواد البلمرة والمواد المثبتة، فإن مكونات أحبار الطباعة ستنتشر في التربة وتتسرب إلى المياه الجوفية مع سقوط المطر وتؤدي إلى تلوثها، وتزداد خطورتها حين تحتوي في تركيب أحبارها المعادن الثقيلة كالرصاص والكادميوم.‏‏

وإذا تعرضت هذه الأكياس البلاستيكية إلى درجات حرارة عالية، كما يحصل في عمليات الحرق أو الصهر فستنطلق مواد سامة تسمى الديوكسينات، فإذا ما تم الحرق أو الصهر بأيد غير مدربة، وفي أماكن غير مخصصة كالمحارق النظامية أو منشآت إعادة التدوير فتتسبب الديوكسينات بظهور الأورام والتشوهات الخلقية والطفرات الوراثية عبر التعرض لها لفترة زمنية طويلة.‏‏

أما مدير سلامة الغلاف الجوي في وزارة الدولة لشؤون البيئة المهندس هيثم نشواتي فقدم صورة أكثر قتامة عن أضرار أكياس النايلون والأمراض التي يمكن أن تنتج عنها بالقول:‏‏

يدخل في صناعة المواد البلاستيكية ومنها الأكياس عدد من المواد المعروفة بتسببها لأمراض السرطانات مثل ( بولي إيثيلين- بولي بروتيلين- بولي كلوريد الفينيل- بولي الإسيتيرسن.. كما تسبب الغازات والمركبات الهيدروكروبونية السائلة الناتجة عن المواد البلاستيكية تلوثاً في الهواء والأرض، كذلك تتسبب المواد الكيميائية الناتجة عن تصنيع البلاستيك مثل أوكسيد الإيتيلين والبنزين والاكسيلين بإتلاف النظام العصبي والمناعي وبعض أنواع السرطانات وأمراض الدم والكلى، وبعض الأمراض الوراثية والعديد من أمراض الخصوبة عند الجنسين.‏‏

تمنع التربة والنبات من التنفس‏‏

وعن جوانب أخرى من أضرار المواد البلاستيكية قالت مديرة البيئة في وزارة الصناعة السيدة أمل حسن:‏‏

تسبب انتشار الأكياس البلاستيكية في بعض البلدان بانسداد شبكات الصرف الصحي، الأمر الذي أدى إلى حدوث فيضانات خاصة في فصل الأمطار كما تسبب انتشارها في الحقول والبحار إلى دخولها في طعام الحيوانات البرية والبحرية وبقائها في أمعائها ما أدى الى نفوقها.‏‏

السيد فؤاد العك تحدث بإسهاب عن أضرار المواد البلاستيكية وأكياس النايلون على الكائنات الحية عموما، إذ إن أكياس النايلون حيث تستقر على النبات أو غصون الأشجار تمنع وصول الضوء الكافي إليها كما تمنعها من عملية التنفس ليلاً الأمر الذي يوقف نموها أو يشوهه.‏‏

واعتبر أن وصول الأغلفة والأكياس البلاستيكية إلى التربة التي تقع تحت الأشجار والنباتات المفتوحة ودفنها فيها جزئيا أو كلياً بواسطة الرياح أو مياه الأمطار، يتسبب في منع التربة من التنفس والتهوية لفترة قد تصل الى مئات السنين لأن غالب الكائنات الحية الدقيقة تعجز عن تحليل المواد البلاستيكية، ويقال إن الأكياس البلاستيكية تحتاج الى 1000 عام لتتحلل في التربة.‏‏

وتحدث العك عن خطرها على البيئة البحرية حيث كانت السبب في موت العديد من الأسماك والحيتان الصغيرة النادرة من خلال ابتلاعها لها أو حين تكون سبباً في سد خياشيمها، وكذلك تؤثر في البيئة البحرية عندما تسقط على الفروع المرجانية أو الطحالب البحرية.‏‏

ولفت إلى ان انتشار الأكياس البلاستيكية في المناطق الريفية والمراعي أحدث أضرارا على الحياة الحيوانية من أبقار ومواشٍ نتج عنه نفوق الكثير منها بسبب تناولها لها.‏‏

رأي العك أيده مدير سلامة الغلاف الجوي بوزارة البيئة المهندس نشواتي وأضاف إليه معلومات إحصائية، حيث أكد نفوق أكثر من 100.000 من الحيتان والدلافين وطيور البطريق سنوياً بسبب أكياس النايلون التي تدخل الى أمعائها مع الطعام، مبينا أن المشكلة تبقى قائمة لأن هذه الأكياس لا تتحلل مع تحلل جثث تلك الحيوانات بل تبقى في قاع البحر، وقد تلتهمها حيوانات أخرى من جديد وتكون من ضحاياها، لأن تلك الأكياس قد تبقى 1000 عام حتى تتحلل وينتهي خطرها.‏‏

المشكلة في ثقافتنا البيئية‏‏

عضو غرفة صناعة دمشق أيمن مولوي يقول: إن أكياس النايلون مستخدمة في كل دول العالم وأن حوالي 90٪ من استخدامات دول العالم المتقدمة هي من البلاستيك والنايلون.‏‏

ورأى أن المشكلة تكمن في ثقافتنا البيئية، مبدياً عتبه في هذا الخصوص على وزارة الإعلام وبقية الوزارات ذات العلاقة بالموضوع البيئي لأنها لا تقوم - كما قال- بدورها الكامل في موضوع الثقافة البيئية، وطرح مثالاً على عدم الوعي البيئي ما نلاحظه من إلقاء العلب المعدنية أو البلاستيكية أو أكياس النايلون من نوافذ السيارات من قبل الأطفال وأحيانا من قبل الكبار.‏‏

وتمنى مولوي إجراء حملة من خلال المدارس ومن خلال وزارة البيئية للتوعية البيئية، مثمناً في هذا الخصوص إعلان محافظة ريف دمشق العام 2010 عاماً للبيئة، وبالحملات التي تقوم بها لتنظيف بعض الأماكن، ومبدياً أسفه في الوقت نفسه لبعض المظاهر السلبية واللامسؤولة حتى أثناء الحملة.‏‏

وقال: شيء يدعو إلى المرارة أننا بعد ساعات قليلة من مشاركتنا بحملة تنظيف بعض الأوتسترادات نجد أن الأوساخ والأكياس وعلب البلاستيك والكولا عادت لتلقى في كل مكان وبعد تنظيفه مباشرة.‏‏

واستشهد على ذلك بقوله: بعد تنظيف أوتستراد دمشق- درعا من قبل محافظة ريف دمشق ووزارة البيئة وجهات أخرى بأقل من ساعتين كانت عشرات الأكياس وعلب البلاستيك تلقى على جانبي الطريق، هذا يعني أننا بحاجة الى تكثيف عمليات التوعية البيئية.‏‏

ولفت مولوي إلى دعاية بيئية تثقيفية تقدمها إحدى المحطات التلفزيونية الإيطالية، حيث تظهر رجلاً وزوجته يجلسان وبجانبهما سرير له حواجز من جوانبه الأربعة وبداخله يقف طفلهما.‏‏

الفيلم القصير جدا (الدعاية) يظهر الوالدين يأكلان البسكويت ويرميان بورقة البلاستيك داخل السرير ثم يشربان الماء ويلقيان بالعبوة الفارغة داخل السرير أيضا، وكذلك عبوة الكولا وغيرها .‏‏

وفجأة يمتلىء السرير إلى منتصفه بهذه المخلفات.. وهنا تظهر عبارة: «هل تريد لطفلك أن يعيش في بيئة كهذه؟»‏‏

وتابع مولوي: نريد تثقيف مواطننا بضرورة الحفاظ على البيئة وبعد ذلك نجعله يلقي بالنفايات حسب نوعها في حاويات مختلفة، فيلقي بالمعدنية في حاوية خاصة وكذلك الزجاجية، والعضوية والبلاستيكية وهذا الأمر معمول به الآن، في الدول المتقدمة، لافتاً إلى أن استخدام هذه الحاويات لن يكون فعالاً قبل عملية التوعية.‏‏

منع الهدر أثناء صناعتها‏‏

عادل جلول «صاحب مصنع بلاستيك» قال: كل الصناعات التي تدخل فيها المشتقات البترولية مضرة للبيئة، ولكنها شر لا بد منه- حسب قوله- ودعا إلى التوعية البيئية والرقابة على المعامل البلاستيكية، بحيث لا يكون هناك هدر لمواد بلاستيكية أثناء صناعة الأكياس.‏‏

وسألنا الدكتور نادر غازي مدير التوعية والإعلام البيئي بوزارة الدولة لشؤون البيئة رأيه في الكلام السابق فقال:‏‏

الإنسان بسلوكه الخاطىء هو المسؤول الأول عن الخلل البيئي إما لجهله أو لنظرته النفعية الآنية في التعامل مع الموارد البيئية، لذلك لا بد من التوجه الى السلوك البيئي للإنسان لتقويمه، معتبراً أن للتوعية البيئية، أهمية كبيرة في الحد من المشكلات البيئية أو إيجاد الحلول النهائية لها، ومنها مشكلة الأكياس البلاستيكية نتيجة للآثار الصحية والبيئية السلبية لهذه الأكياس، داعيا كل الجهات للقيام بالدور المأمول منها من الوزارات المعنية الى المنظمات الشعبية والجمعيات البيئية الأهلية، مركزاً على وسائل الإعلام التي يمكن أن تصل الى كافة شرائح المجتمع.‏‏

إعادة التدوير والجدوى الاقتصادية‏‏

الحلول المقترحة بدأنا بسؤالنا عنها مع الصناعي عادل جلول فقال: عدم رمي أكياس النايلون مع القمامة في المنازل والدوائر والمعامل ووضعها في حاويات خاصة من أجل تجميعها وبيعها للمختصين لإعادة تحضيرها لغير الأغراض الغذائية أو الطبية كما في جميع الدول،،، ذلك من خلال طحنها بشكل ناعم وخلطها مع الاسفلت والبحص وتعبيد الشوارع- طبقة أولى- بها.‏‏

أما السيدة أمل حسن - مديرة البيئة بوزارة الصناعة فأكدت جدوى تدوير النفايات البلاستيكية بيئيا، لكنها لفتت إلى أن الصناعيين غالبا ما يعزفون عنها بسبب التكاليف المالية المرتفعة ويعتبرونها غير مجدية اقتصاديا.‏‏

وأكدت إن إعادة التدوير تخفض انبعاث غازين من غازات الاحتباس الحراري المسببة للتغييرات المناخية وهما ثاني أوكسيد النيروز بمقدار النصف وثاني اوكسيد الكربون بمقدار مرتين ونصف اضافة الى خفض انبعاث غاز ثاني أوكسيد الكبريت بمقدار الثلث .‏‏

وأضافت : إن البلاستيك المعاد تدويره يستخدم في منتجات لايتوقعها الكثيرون، منها السجاد المصنع من ألياف صنعية أدوات تنظيف المفروشات مماسح البللور، فراشي الدهان، الألبسة، الحبال الصناعية، كبائن الحمامات، مواد الديكور، الجدران الصنعية ومواد رصف الطرقات، الاسفلت البلاستيكي.‏‏

وأوضحت السيدة حسن انه يتم الترويج حاليا للبلاستيك المتحلل عضويا وإذا ما ثبتت صحة ذلك وتوصلت الجهات المعنية الى رأي موحد وقناعة مشتركة بأن استخدام هذه المواد آمن وسليم فمن الممكن ان يكون منتج البلاستيك المتحلل عضويا خيارا متاحا للصناعيين.‏‏

تحقيق الاشتراطات البيئية‏‏

وتابعت الحسن إنه اضافة الى معامل البلاستيك الموجودة حاليا هناك 676 مشروعاً جديدا ستوظف حوالي 8000 عامل وست منشآت لفرم وتجديد وإعادة تدوير البلاستيك.‏‏

وأكدت أن وزارة الصناعة اتخذت عدة خطوات ملزمة لتخفيف التلوث منها :‏‏

اشتراط إعداد دراسة تقييم الأثر البيئي لنشاط المنشأة للحصول على الترخيص الصناعي .‏‏

- منع استخدام أكياس البلاستيك في تعبئة الاسمنت المصنع محلياً نظراً لتوفر البديل.‏‏

الالتزام بمعالجة النفايات الناتجة عن الصناعة.‏‏

ورأت ان هناك خلافا دائما بين الصناعة والبيئة يصل الى حد الصراع والوزارة تعمل على تحقيق الاشتراطات البيئية وتوفير إمكانات خفض التلوث ودعت الى تغيير ثقافة الاستهلاك مبينة أن الأكياس البلاستيكية الملونة لا تدخل منزلها بالمطلق وقد تعودت على ذلك وعلى الانسان تغيير العادات الضارة.‏‏

استخدامات أخرى للبلاستيك المدور‏‏

واستعرض العك المجالات الممكن استخدام الصناعات البلاستيكية المدورة فيها وأهمها:‏‏

- عبوات السلع غير الغذائية مثل الزيوت المعدنية والشحوم والمبيدات وغيرها .‏‏

- اكياس القمامة وصناديق وحاويات جمعها.‏‏

- دعائم أسوار الحدائق وساحات مواقف السيارات والأندية والملاعب والمطارات والموانئ وغيرها.‏‏

- الكتل المحددة للأرصفة والطرق والعلامات المحددة للشواطئ.‏‏

- مواسير نقل مخلفات الصرف الصناعي.‏‏

- المواد المستعملة في أعمال تزيين الطرقات وصناعة المركبات واللنشات و...‏‏

- الخلطات الاسفلتية الخاصة بالطرق ومهابط الطائرات وأرصفة الموانئ...‏‏

- المواد المالئة والمدعمة لكثير من المنتجات الصناعية.‏‏

وعن البدائل المطروحة دعا العك الى استخدام الأكياس الورقية والقماشية.‏‏

هلال عون

المصدر: الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...