الأرباح السعودية – الإسرائيلية من الحرب اليمنية

31-12-2009

الأرباح السعودية – الإسرائيلية من الحرب اليمنية

الجمل: تسارعت تطورات الأحداث والوقائع في الساحة السياسية اليمنية, لجهة تعدد بؤر الصراع, وتشير التحليلات السياسية إلى احتمالات كبيرة تفيد معطياتها إلى إمكانية تحول بؤر الصراع اليمني الثلاثة إلى حريق كبير, تتنازع ضمنه كل الأطراف الداخلية, وتتورط فيه القوى الإقليمية والدولية, وعلى وجه الخصوص السعودية والولايات المتحدة الأميركية.
المسرح اليمني: إشكاليات التصعيد المستمر
شهدت منطقة محافظة صعدة الواقعة في شمال غرب اليمن ستة جولات صراع مسلح بين الحوثيين والسلطات اليمنية, وتضمنت جولة الصراع السادسة الحالية دخول السعودية كطرف داعم للسلطات اليمنية, هذا, وفي منطقة جنوب اليمن, وتحديدا رقعة جمهورية اليمن الجنوبي السابقة, فقد حدثت أربعة انتفاضات انفصالية, ثلاثة منها أخذت طابعا جماهيريا, وواحدة أخذت طابعا مسلحا.
والآن, وتحديدا في مناطق محافظة شبوه وجوارها, فإن مناطق وسط اليمن بدأت الدخول في مرحلة المواجهات المسلحة بين عناصر تنظيم القاعدة والمتحالفين معه من الأصوليين الإسلاميين, ليس مع القوات اليمنية وحسب, وإنما مع الولايات المتحدة الأميركية التي لبت نداء السلطات اليمنية سريعا, وجاءت طائراتها على عجل لكي تقوم بقصف بعض الأهداف في مناطق محافظة شبوه.
تحليل الأداء السلوكي للصراعات اليمنية الحالية, يشير إلى أن مسار العنف السياسي, أصبح يجد وقودا أكبر بواسطة تأثير العامل الديني والعامل القبلي, إضافة إلى تأثيرات العامل الإقليمي السعودي, والإيراني, والعامل الدولي الأميركي.
الصراع وحملات بناء الذرائع:
في مجرى الصراعات والنزاعات, تتلازم العمليات النفسية مع العمليات العسكرية, بحيث تتلازم ظاهرتان. تسعى كل واحدة باتجاه مساندة الأخرى, ضمن ما يطلق عليه خبراء بروباغاندا الحرب النفسية تسمية لعبة "الضحية والجلاد", فالحكومة اليمنية تزعم بأنها "الضحية" في مواجهة مؤامرات "الجلاد" الممثل في الحوثيين في الشمال والانفصاليين في الجنوب, وعناصر القاعدة والأصوليين في الوسط, وإضافة لاتهام هذه الأطراف نجد أن الحكومة اليمنية تتهم إيران بتقديم الدعم لهذه الأطراف بهدف زعزعة استقرار اليمن, والسعودية تزعم بأنها "الضحية" في مواجهة "الجلاد" الحوثي, وأميركا تزعم بانها "الضحية" في مواجهة "الجلاد" المتمثل في تنظيم القاعدة المتمركز في اليمن, وإيران تزعم بأنها "الضحية" في مواجهة "الجلاد" المتمثل في أطراف مثلث السعودية-الحكومة اليمنية-أميركا, وبالمقابل يزعم الحوثيون بأنهم يمثلون "الضحية" في مواجهة "الجلاد" المتمثل في الحكومة اليمنية والسعودية والولايات المتحدة الأميركية, أما تنظيم القاعدة, فيزعم بأنه "الضحية" في مواجهة "الجلاد" المتمثل في أطراف مثلث أميركا-السعودية-الحكومة اليمنية.
الإجابة على السؤال القائل من هو الجلاد الحقيقي, ومن هي الضحية الحقيقية, لا يتوقف على ما يحدث حاليا من وقائع دامية, وإنما يتوقف على نتيجة الصراع بين ما هو تكتيكي وما هو استراتيجي, وبكلمات أخرى, فإن الذي ينجح في الإمساك بزمام المبادرة والسيطرة في جبهة العمليات النفسية والبروباغاندا الدعائية, فإنه يكون الرابح مهما كان كاذبا ومخادعا ومضللا, أما "الحقيقة" فسوف تظل غامضة, بانتظار التاريخ لكي يكشف عنها لاحقا, ويوضح بجلاء من كان في الصراع اليمني يمثل الجلاد الحقيقي, ومن كان هو الضحية الحقيقية, وعندها يكون الوقت قد فات, ويصبح الأمر مجرد ملف تاريخي يعلوه الغبار.
الأبعاد غير المعلنة للصراع اليمني:
تقول المعلومات والتسريبات, بان إسرائيل قد استغلت الصراع اليمني الحالي لجهة القيام بتنفيذ واحدة من أكبر عمليات ترحيل اليهود اليمنيين, والذين تم شحنهم على عجل إلى الولايات المتحدة الأميركية, وبقدر أقل إلى إسرائيل, وعلى وجه الخصوص أصحاب الرتب الدينية اليهودية, أما السعودية فقد نجحت في ضم المناطق الحدودية المتنازع عليها بين السعودية واليمن, على غرار سيناريو ضم الأمر الواقع, فقد نفذت القوات السعودية عملياتها العسكرية في هذه المناطق وزعمت السلطات السعودية بأن قواتها تعمل ضمن النطاق السيادي للأراضي السعودية, وبالمقابل لم تعترض اليمن رسميا على ذلك, وهو أمر سوف يشكل قرينة تعمل بشكل حاسم لصالح السعودية في أي عملية تحكيم دولية, إضافة إلى أن السعودية لن تقوم بسحب قواتها, وبالمقابل لن تستطيع الحكومة اليمنية مطالبتها بالخروج.
أما بالنسبة لأميركا, فيبدو أنها في طريقها لحسم الفوز ب"الجائزة اليمنية" فقد سبق وأن وقعت واشنطن اتفاقيات تعاون أمني-عسكري مع صنعاء, وتقول المعلومات بان هذه الاتفاقيات أعطت واشنطن الحق في تنفيذ العمليات العسكرية داخل الأراضي اليمنية لأغراض محاربة الإرهاب, ودون أخذ إذن مسبق من السلطات اليمنية, واستنادا على ذلك فقد تحركت الطائرات بدون طيار الهجومية الأميركية, وقامت بقصف بعض الأهداف في محافظة شبوه اليمنية, وذلك تماما على غرار ما ظلت تقوم به نفس هذه الطائرات الأميركية في مناطق القبائل الباكستانية.
هذا, وتقول المزاعم الأميركية, بان اليمن ظل ولفترة طويلة يمثل أحد الملاذات الرئيسية لعناصر تنظيم القاعدة, ويأتي اليمن في المرتبة الثانية بعد أفغانستان, وإضافة لذلك, ويقول الأميركيون بان اليمن قدم ثاني أكبر عدد بعد السعودية من العناصر الجهادية التي شاركت في الحرب الأفغانية ضد القوات السوفييتية, وأيضا فإن اليمنيين المعتقلين في غوانتانامو بتهمة الانتماء لتنظيم القاعدة هو الثاني بعد عدد السعوديين.
هذا, وتجدر الإشارة إلى أن تسريبات أميركية سابقة في عام 2007م, أشارت إلى وجود اتفاق بين إدارة بوش والحكومة اليمنية, لجهة تسهيل هروب العناصر الجهادية المسلحة من أفغانستان وباكستان إلى اليمن, مع التزام الحكومة اليمنية بعدم مضايقة هذه العناصر, وتقول التفسيرات, بأن هذه العملية شكلت من الناحية القصيرة الأجل تكتيكا أميركيا يهدف إلى تقليل عدد العناصر الجهادية الناشطة في المسرحين الأفغاني والباكستاني, ولكن من الناحية الطويلة الأجل, فهي تشكل تكتيكا أميركيا يهدف لتجميع أكبر قدر ممكن من العناصر الجهادية المسلحة في منطقة واحدة, ثم التخلص بضربة واحدة, ضمن ما يعرف في علم اقتصاد الحرب بـ"إنجاز أكبر ما يمكن بأقل جهد ممكن".
أما بالنسبة للسلطات اليمنية, فإن التدخل الأميركي والسعودي سوف يتيح لها البقاء لفترة أطول في الحكم, إضافة إلى تعزيز قدرة الحكومة اليمنية وجيشها وأجهزة أمنها في السيطرة على الجبال اليمنية التي بدأت صخورها أشبه بالرمال المتحركة.
اليمن واللعبة الاستراتيجية الكبرى:
تقول المعلومات والتسريبات, بأن برنامج الهجرة الأميركي قد استوعب خلال الأعوام الماضية الآلاف من الشباب اليمني, والذين تتم حاليا عملية استيعاب الكثيرين منهم في الأجهزة الأميركية, وعلى وجه الخصوص في برنامج قوات مشاة البحرية الأميركية, وذلك تمهيدا لتنفيذ مخطط استخدام هؤلاء الشباب على غرار سيناريو استخدام الشباب العراقيين الذين سبق وهاجروا إلى الولايات المتحدة الأميركية.
تسعى أميركا إلى إحكام قبضتها على المسرح اليمني والاستفادة من المزايا  الـ"جيو-استراتيجية" التي يتميز بها موقع اليمن. فالتمركز في اليمن وجيبوتي يتيح لأميركا إطباق سيطرتها على المحيط الهندي, والذي سبق لأميركا وأن أطبقت سيطرتها على جانبه الشرقي من خلال التمركز في المناطق المطلة على مضيق "ملقه" البحري الاستراتيجي الذي يربط بين بحر الصين الجنوبي والمحيط الهندي, والآن فإن التمركز في اليمن وجيبوتي سوف يتيح لأميركا التمركز في المناطق المطلة على ممر "باب المندب" الاستراتيجي الذي يربط بين البحر الأحمر وغرب المحيط الهندي, هذا, بالنسبة للمزايا الـ"جيو-استراتيجية".
أما بالنسبة للمزايا الـ"جيو-بوليتيكية" فإن التمركز في اليمن سوف يتيح لواشنطن المضي قدما في تطبيق خطتها الطويلة الأجل الرامية إلى تقسيم المملكة العربية السعودية إلى أربعة دول صغيرة, بما ينسجم مع المشروع الإسرائيلي الهادف لتقسيم السعودية وفقا لخارطة التقسيم التي وضعها الزعيم الصهيوني هرتزل خلال الحرب العالمية الأولى.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجم

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...