أولمرت يقترح انسحاباً من الجولان والقدس والضفة مقابل السلام

30-09-2008

أولمرت يقترح انسحاباً من الجولان والقدس والضفة مقابل السلام

أغضب رئيس الحكومة الإسرائيلية المستقيل إيهود أولمرت، اليمين واليسار على حد سواء أمس، عندما ذهب إلى أبعد حد في الكشف عن آرائه السياسية والحزبية ورؤيته لمستقبل التسوية، مناقضاً الرؤية الأمنية الدارجة في إسرائيل كما سعى إلى بلورة ما يمكن اعتباره »مذهب« أو تراث أولمرت.
وجاءت آراء أولمرت في مقابلة مع صحيفة »يديعوت أحرونوت«، قال فيها »إننا نواجه الحاجة للحسم«، معترفاً بأنه »على ما يبدو« لن يكون بوسعه التوصل لاتفاق مع الفلسطينيين بحلول نهاية العام الحالي. وقال أن »من لا يريد أن تبتر سيقان أصدقائه لأنه تم دهسهم بجرافة، عليه أن يتنازل عن أجزاء من القدس«، مضيفاً أن إسرائيل »ستضطر في نهاية المطاف للانسحاب من القسم الأعظم من المناطق« المحتلة.
وتساءل أولمرت عمن يظنون »أنه عبر الجلوس على تلة أخرى أو التمدد مئة متر أخرى، يمكن أن نخلق الفارق للأمن الأساسي لدولة إسرائيل؟ وأنا لا أزال أقول أنه خيراً فعلنا بالانسحاب من غزة«.
وتعامل أولمرت مع مقابلته مع »يديعوت« على أنها وصيته السياسية، التي أجرى فيها حساباً مع العديد من حلفائه وخصومه. وبحسب المعلقين السياسيين في »يديعوت« ناحوم برنيع وشمعون شيفر، اللذين أجريا المقابلة، فإن أولمرت حاول أن يترك بصمة مزدوجة، »من جهة، يسعى الى إبقاء إرث خلفه. يضع امام بوابة من ستأتي بعده مذهباً سياسياً لم يقل مثله ابداً على لسان رئيس وزراء قائم. حان الوقت للخروج من المناطق (المحتلة)، يقول، بما في ذلك من الضفة ومن القدس الشرقية، مع ترتيبات كهذه او غيرها، وكذلك من هضبة الجولان. ويربط مثالب الجهاز السلطوي في اسرائيل بواقع الاحتلال. لا سلطة اذ لا حدود. وهو يعترف بأنه اخطأ في افكاره السياسية وفي اعماله على مدى عشرات السنين. مفهوم الامن السائد في التفكير الاسرائيلي يلغيه هو إلغاءً تاماً«.
واعتبر المعلقان أن »ما يقوله أولمرت يعرضه للانتقاد من كل حدب وصوب. كما أنه لا يخفف عن تسيبي لفني وعن المفاوضات التي تديرها لتشكيل حكومة برئاستها. يمكن أن نتوقع منها أن توضح اذا كانت تتبنى مذهب اولمرت المعدل ام تعارضه. لا يوجد في هذه المقابلة أي غموض سياسي يمكن اخذه كغطاء«.
فقد قال أولمرت »نحن نقف امام الحاجة للقرار ولكن غير مستعدين لأن نقول لأنفسنا، نعم، هذا ما يجب ان نفعله. يتعين علينا التوصل لاتفاق مع الفلسطينيين، والذي يعني ان ننسحب عملياً تقريبا من كل المناطق، ان لم يكن من كل المناطق. سنبقي بأيدينا نسبة في المئة من هذه المناطق، ولكن سيتعين علينا أن نعطي الفلسطينيين نسبة مشابهة، اذ من دون هذا لن يكون سلام. بما في ذلك في القدس. مع حلول خاصة اعرف كيف أراها في خيالي في موضوع الحرم والأماكن المقدسة والتاريخية... من يريد ان يحتفظ بكل منطقة المدينة سيتعين عليه أن يدخل ٢٧٠ الف عربي داخل جدران في اسرائيل السيادية. هذا لن ينجح. يجب الحسم. وهذا الحسم صعب، فظيع، حسم يقف خلافاً لمصالحنا الطبيعية، خلافاً لذاكرتنا الجماعية، خلافاً لصلوات شعب اسرائيل على مدى الفي سنة«.
وأضاف »أنا أول من اراد فرض السيادة الاسرائيلية على كل المدينة. انا اعترف. انا لم آتِ لأن أبرر بأثر رجعي ما فعلته على مدى ٣٥ سنة. قسم كبير من هذه السنوات لم اكن مستعداً لأن أرى فيها الواقع بكل عمقه«.
وبشأن حرب لبنان الثانية، قال أولمرت إنها »ستدخل التاريخ كونها أول حرب أدرك الجهاز العسكري فيها أن الحرب الكلاسيكية ولّت من العالم، وفقط بوغي يعلون (رئيس الأركان الأسبق)، من خلال مصائبه الدماغية، بإمكانه التفكير بأننا لو دخلنا مع كل الجيش الإسرائيلي إلى لبنان كانت ستنتهي الحرب بصورة مختلفة، لكن عندها سيكون لدينا مئات القتلى بينما النتائج ستكون ذاتها«، معتبراً »انها الحرب الوحيدة التي انتهت باتفاق سياسي مباشر«، وذلك في إشارة إلى القرار .١٧٠١
وحول الجولان، قال أولمرت »في الموضوع السوري ايضاً. ما هو مطلوب لنا اولاً وقبل كل شيء هو الحسم. اريد ان ارى اذا كان هناك شخص واحد جدي في دولة اسرائيل يؤمن بأنه يمكن صنع السلام مع السوريين من دون التخلي في نهاية المطاف عن هضبة الجولان... إذ يمكن ان يقال، وعن حق ظاهراً، انظروا، ٣٥ سنة، منذ حرب يوم الغفران، ونحن نعيش على الهضبة من دون ان يكون هناك خرق لوقف النار. كما ان لا احتكاك يومياً مع السكان المدنيين، مثلما في المناطق. فلماذا لا نواصل؟ وأخيراً، كل واحد يعرف، من دون الدخول في تفاصيل، انه عندما كان ينبغي لنا أن نقوم بأعمال لضمان امننا حيال السوريين، عرفنا كيف نفعل ذلك بجسارة، بخيال، بقوة، في ظل المخاطرات. ومع ذلك علينا أن نرى خطوتين الى الإمام«.
وتابع »لا. عبئنا علينا. عبئهم عليهم. انا لا اقترح صنع السلام مع سوريا فقط في ظل التنازل عن هضبة الجولان. السوريون يعرفون جيداً عما يتعين عليهم ان يتنازلوا من أجل ان يحصلوا على هضبة الجولان. يتعين عليهم ان يتنازلوا عن علاقتهم مع إيران كما هي، عن علاقتهم مع حزب الله، عن تواصل إسنادهم للإرهاب الحماسي وإرهاب القاعدة والجهاد في العراق. هم يعرفون: هذه الأمور اوضحت لهم«.
وقال اولمرت »أسأل، لنفترض أنه في السنة او السنتين القريبتين اندلعت حرب إقليمية ووصلنا الى مواجهة عسكرية مع سوريا. لا ريب عندي اننا سنضربهم صدمة على الركبة: نحن اقوى منهم. اقول لكم اسرائيل هي الدولة الأقوى في الشرق الاوسط. نحن يمكننا ان نتصدى لكل واحد من خصومنا ولهم جميعاً معاً وننتصر. أنا فقط أسأل نفسي ماذا سيحصل عندما ننتصر عليهم؟ قبل كل شيء سندفع الأثمان وهذه ستكون أليمة«، مضيفاً »صحيح أن ثمة مخاطر في الاتفاق مع سوريا، ومن يريد أن يعمل من خلال ضمان عدم وجود مخاطر كلياً، عليه أن يعمل في سويسرا أو إيسلندا، ومن يريد أن يقيم سلاماً في الشرق الأوسط، عليه أن يعي أنه سيخوض مخاطر«.
وسئل أولمرت حول البرنامج النووي الايراني، فأجاب إن الحديث عن هجوم إسرائيلي أحادي على إيران هو »جزء من أوهام العظمة لدينا«، مضيفاً إن »الافتراض بأنه إذا عجزت أميركا وروسيا والصين وبريطانيا وألمانيا عن معالجة أمر الإيرانيين، فنحن الإسرائيليين سنعرف كيف نفعل ذلك... هو مثال على فقداننا القدرة على الإدراك«.
وحمل عدد من قادة اليمين واليسار على آراء أولمرت. وقال النائب عن »الليكود« اليميني يوفال شتاينتز إن »تنازل رئيس الحكومة عن الحدود ليس سوى مقامرة بمستقبل دولة إسرائيل ووجودها... من أجل أن يحمي نفسه، أولمرت مستعد حتى لتجاهل القرار ٢٤٢ الذي وعد إسرائيل بحدود آمنة« معتبرا أن »تجاهل الفارق بين إطلاق الصواريخ وبين تواجد العدو فعلياً فوق القدس وتل أبيب ومطار اللد، يعبر عن عدم فهم أساسي في قضايا الأمن«.
ووصف وزير الخارجية الأسبق سيلفان شالوم، وهو احد قادة »الليكود«، اولمرت بأنه »ساذج«، معتبراً انه بات »اكثر يساراً« من حزب »ميرتس«.
اما النائب عن »ميرتس« يوسي بيلين، فقال من جهته أن »أولمرت ارتكب خطيئة لا تغتفر. عندما لم يعد لديه ما يخسره كشف عن مواقفه الحقيقية بشأن المصالح القومية لإسرائيل«، مضيفاً أنه »لا شيء أكثر سخرية من الإيمان بهذه المواقف، وضم إسرائيل بيتنا بزعامة (افيغدور) ليبرمان إلى حكومتك، وأن تسافر إلى أنابوليس بيدين فارغتين وتجري مفاوضات لشهور طويلة مع سوريا وأبو مازن، سترمى في مزبلة التاريخ فور خروجك من منصبك«.
علق كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات على تصريحات اولمرت، معتبراً أن على إسرائيل »أن تترجمها في وقائع« اذا كانت لديها نية جدية للتوصل الى سلام، فيما قال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي »كان بودنا ان نسمع هذا الرأي الشخصي... قبل ان يستقيل« أولمرت، مضيفاً »انه التزام مهم للغاية لكنه جاء متأخراً. نأمل ان تطبقه الحكومة الإسرائيلية«.

حلمي موسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...