أوكتافيا سبنسر المليونيرة العصامية... واجهت العنصرية في مطلع القرن العشرين

31-03-2020

أوكتافيا سبنسر المليونيرة العصامية... واجهت العنصرية في مطلع القرن العشرين

Image
 سبنسر المليونيرة العصامية... واجهت العنصرية في مطلع القرن العشرين

في زمن الوباء والحجر المنزلي، يجد المرء نفسه أحياناً في حاجة إلى التفاعل مع الآخرين. قد يحدث هذا من خلال الاطّلاع على تجارب إنسانية مؤثّرة من خلال كتب أو أفلام أو مسلسلات مثلاً، تنجح في تشتيت انتباهنا عن الفوضى التي تضرب الكرة الأرضية. وفي غياب السينما وشبه الانقطاع عن ما هو خارج جدران البيوت، تصبح منصات البث الرقمي نافذة أساسية على العالم. في 20 آذار (مارس) الحالي، حطّت على «نتفليكس» سلسلة درامية قصيرة مؤلّفة من أربع حلقات تحمل عنوان Self Made: Inspired by the Life of Madam C.J. Walker، وتوقيع ليبرون جيمس ومافريك كارتر لناحية الإنتاج.


قصة دافئة عن طموح جامح لا يعرف حدوداً ويتغلّب على كلّ الصعاب (على رأسها العنصرية والتحيّز الجنسي)، لامرأة بنت إمبراطورية من الألف إلى الياء، تبثّ فيها الروح أوكتافيا سبنسر. الممثلة الأميركية التي يرى نقّاد كثيرون أنّها انتظرت حتى العام الماضي لإظهار براعتها الحقيقية في فيلم Luce (إخراج يوليوس أوناه)، على الرغم من فوزها سابقاً بجائزة أوسكار وترشيحها لها مرّتين. فبحسب هؤلاء، ومن بينهم بنجامين لي في صحيفة الـ «غارديان» البريطانية، لم تقدّم سبنسر كل ما لديها من أعمال على شاكلة The Help (إخراج تيت تايلور ــ 2011)، Hidden Figures (إخراج ثيودور ملفي ــ 2017) وThe Shape of Water (إخراج غييرمو ديل تورو ــ 2018). وفي هذه السلسلة، تتفوّق الممثلة البالغة 47 عاماً على زملائها الذين يقدّمون أداءً متواضعاً، أمثال: تيفاني حديش، بلير أندروود، كارمن إجوغو، غاريت موريس وغيرهم.

نحن أمام عمل مستوحى من قصة حقيقية لامرأة أميركية من أصول أفريقية، مولودة لأبوين كانا من العبيد المحرّرين، فقدتهما في سن السابعة قبل أن تتزوّج في الرابعة عشرة هرباً من شقيق معنّف، وتعيد الكرّة ثلاث مرّات. سارة التي صارت تُعرف بـ «مدام سي. جاي ووكر» (نسبة إلى زوجها)، افتقدت إلى أدنى «مقاييس الجمال» وفقاً للبيض والسود يومها، وانتفضت على الفقر بعزيمتها وذهنها المتّقد. فغسّالة الملابس الأميركية سارة بريدلوف (1876 ــ 1919)، صنعت إمبراطورية جمال تُعرف اليوم باسم Madam C.J. Walker Beauty Culture (تأسست في إنديانا في عام 1910) وتعنى بتصنيع منتجات عناية بالشعر، لتصبح أوّل مليونيرة عصامية في تاريخ بلادها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنّ البداية كانت مع مستحضرات مخصّصة للنساء من أصل أفريقي اللواتي أخرجهن العاملون في مجال الجمال من المعادلة في ذلك الوقت. وظّفت ووكر آلاف النساء والفتيات السود، ورحلت في عام 1919 بعد معاناة مع الفشل الكلوي، تاركة وراءها ثورة تقدّر بما بين 600 ألف و700 ألف دولار أميركي (تراوح اليوم بين 8.9 و10.7 ملايين دولار)، بحسب مجلة Smithsonian. «كل ما أردته هو مساعدة صاحبات البشرة الملوّنة. قلة قليلة منّا تصل إلى مصائرنا ــ يتم فصلنا، تقويضنا، تجاهلنا، تجاوزنا، أو حتى الأسوأ؛ ضربنا وإعدامنا»، تقول «مدام سي. جاي ووكر» في السلسلة لمندوبات المبيعات اللواتي يهددن بالإضراب اعتراضاً على توفير المنتجات في أحد المحالّ الشهيرة. في هذه اللحظة القريبة من النهاية، تدرك البطلة أنّ رأسماليتها الجامحة قد دمّرت أعمالها تقريباً.

كثيرون يعرفون ووكر كامرأة تملؤها العزيمة والإصرار والطموح، مناهضة للقتل وناشطة نسوية فخورة تتحدث عن قوة المرأة في التعليم والدخل والتعبير عن الذات. إلا أنّ هذه السيّدة شبه غائبة في Self Made لصالح أخرى أنانية وجشعة، ركّزت على كسب المال على حساب أسرتها وغالباً موظفيها. أما علاقتها بابنتها الوحيدة «ليليا» (جسّدتها حديش)، فباردة وغير محبّبة، ناهيك عن أنّها صعبة التصديق كون الممثلتين تبدوان متقاربتين جداً في العمر. «ليليا» امرأة عالقة في زواج خالٍ من الحب، وهي مثلية تتستّر على هويتها الجنسية، محاولة بلا كلل (وتفشل) كسب قبول والدتها وحبّها. وفي سياق المغالطات البعيدة عن الواقع، هناك من يرى مبالغة في كره «سارة» لزوجها الذي يلعب دوره أندروود، إذ تقلّل من شأنه عند كلّ منعطف ولا تعطيه أي فضل على الإطلاق في نجاحها، على الرغم من أنّ والد زوجها هو الذي مكّنها من إنشاء أوّل صالون تجميل وإطلاق مشروعها في منزله.

ولعلّ أكثر ما يثير الاستغراب في العمل هو تصوير «مدام سي. جاي ووكر» كشخص يعتقد أنّ النساء من أصول أفريقية كان عليهن تمليس شعرهن وتزيينه بضفائر طويلة ليكنّ جميلات وناجحات! غير أنّه وفقاً للروايات التاريخية، بدأت ووكر، التي عانت من تساقط الشعر في سن مبكرة، نشاطها التجاري للترويج لشعر أسود أجعد وصحي، كما أنّها ساعدت في إطلاق ونشر المشط الساخن، وهي طريقة لفرد الشعر كخيار للتصفيف فقط.النص بدوره (كتابة نيكول جيفرسون آشر)، يشكّل نقطة ضعف في العمل، حيث تكرّر الشخصيات الجمل نفسها في حلقة واحدة، فيما ما تبقّى من الحوار هو مزيج من الكليشيهات والصور النمطية، إذ يخطّط الأشرار (أشبه بشخصيات كاريكاتورية) لإسقاط شركة ووكر في حين تحاول أوكتافيا سبنسر أن تضيف عمقاً إلى صفقات «مدام ووكر» التي لا تنتهي حول الأمل والعمل الجادّ والإرث.يكتسب Self Made أهميته من مكانة الشخصية التي يتناولها، وإن كان ما قاله ألكسيس نيد في «ماشابل» ومايك هايل في «نيويورك تايمز» صحيحاً: «العمل أشبه بمسودة أولى تحتاج إلى الكثير من الصقل والتطوير».

 

 

نادين كنعان 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...