أديب إسرائيلي يطعن بـ«يهودية الدولة»

06-10-2011

أديب إسرائيلي يطعن بـ«يهودية الدولة»

أثار قرار محكمة بقبول دعوى أديب إسرائيلي مشهور بإزالة توصيف قوميته بـ«اليهودي» من خانة الهوية ردود فعل متباينة في الجهازين القضائي والسياسي. ويشكل القرار الذي لقي إدانة واسعة من الأوساط اليمينية وترحيباً حذراً من بعض الأوساط الليبرالية ضربة لفكرة «يهودية» الدولة والقومية التي تقوم عليها إسرائيل. كما أن القرار في نظر الليبراليين يوفر أساساً لفصل الدين عن الدولة في الدولة التي تصر على الفلسطينيين والعالم الإقرار بـ«يهوديتها». حاخامات يؤدون طقوساً توراتية في مستوطنة بني باراك قرب تل أبيب أمس (أ ف ب)
وكان الأديب الإسرائيلي يورام كانيوك البالغ من العمر 81 عاما والمتزوج من مسيحية قد لحظ الظلم الواقع على حفيده بعد تسجيله في وزارة الداخلية على أنه غير يهودي. ودفعه ذلك إلى رفع دعوى يطالب بأن يتم التعامل معه أيضاً مثل حفيده وتسجيله غير يهودي أو عديم دين. وقد منحته المحكمة المركزية هذا الحق في سابقة قانونية في إسرائيل لها عواقب كثيرة. وأعلنت النيابة العامة الإسرائيلية أنها ستستأنف ضد قرار المحكمة أمام المحكمة العليا لتقليص الاستخدام الواسع الذي يسمح به قرار المحكمة لمن يريد تسجيله في خانة الهوية «عديم الدين».
وأشار قاضي المحكمة اللوائية جدعون غانوت في حكمه إلى أن «القانون لا يتعامل مع رغبة الشخص في تغيير بند الدين من دين فاعل إلى عديم دين، وليست هناك جهة مخولة بمنح بطاقة تشهد على أن الشخص عديم دين لذلك ينبغي للمحكمة أن تتدخل». واعتبر القاضي أن التحرر من الدين ينبع من «قانون الأساس: كرامة الإنسان وحريته» ولذلك يجب السماح لكانيوك بتسجيل نفسه عديم دين ولذلك قبل الدعوى.
وبعد صدور قرار المحكمة بمنح كانيوك الحق في إزالة صفة «يهودي» عنه من السجل المدني تلقت المحامية ياعل مستباوم، التي رافعت عن الدعوى، طلبات من كثير من الإسرائيليين يريدون تغييراً مشابهاً. وأحد المطالبين هو العميد احتياط عاموس عامير الذي خدم سابقاً نائباً لقائد سلاح الجو الإسرائيلي. وقال عامير «إنني أعتقد أن هذه الفكرة عمل أصيل، لأنني أؤمن أن الأديان هي أشدّ ما يزعج العالم، وأنا أريد إبعاد الدين عن حياة دولة إسرائيل أو على الأقل الفصل بين الدين والدولة، وهذا مبدأ ينبغي تحقيقه بكامل الشدة».
وقد تقدّم كانيوك فعلاً يوم أمس الأول إلى السجل المدني، وأزال من بطاقة هويته كلمة «يهودي» ليضع مكانها «عديم دين». وأعلن كانيوك بعد استلامه بطاقته الجديدة «الحقيقة أنني لم أعرف أن الأمر سيثير انفعالي إلى هذا الحد، ولكن هذا يوم مهم. أنا ابن الشعب اليهودي، الذي لا تعترف به إسرائيل، وأنا عديم الدين، ولا إله لي وأنا مواطن إسرائيلي».
وأشار كانيوك إلى أن اليهودية أغلى من أن تعطى لحاخامات الحاضر لتدميرها بعنصرية وإكراه ديني، سواء أكان التوقيت الشتوي أم كتاب توراة الملك (الذي يحض على قتل الأغيار) وكل تلك الأقوال التي دفعتني لأن لا أرغب في الانتماء إلى الدين اليهودي بصورته الراهنة». وأضاف «إنني سعيد فهذا أمر كبير. لقد قرر القاضي أن بوسع كل شخص أن يقرر من هو وماذا يكون. وهو بالتحديد قال إن هناك قومية يهودية ولا أحد يستطيع إخراجي من هناك لأنني ولدت يهودياً، ولكن بالوسع حالياً تصنيف أنفسنا كعديمي قومية والتغلب على أفعال المؤسسة الدينية الإسرائيلية».
أما المحامية أريت روزنبلوم التي تترأس منظمة العائلة الجديدة التي تناضل للاعتراف بالزواج المدني في إسرائيل فأعلنت أن «قرار المحكمة اللوائية بشأن يورام كانيوك يعبر عن خطوة أولى للفصل بين الدين والدولة وهو تعبير مباشر قد يحل مشكلة الزواج المدني في إسرائيل».
تجدر الإشارة إلى أنه دخل حيز التنفيذ في الشهر الماضي قانون «عقد الزوجية لعديمي الدين» ما يسمح لكل زوجين بإنشاء بيت مشترك معترف به من الدولة. والقانون يسري على عديمي الدين المسجلين كذلك في سجلاتهم المدنية.
وتشير التقديرات في إسرائيل إلى إجراء حوالى 3000 زواج مدني لإسرائيليين في قبرص، فضلاً عن عدد مشابه من عقود الزواج غير الأرثوذكسية في إسرائيل لا تعترف بها المؤسسة الدينية. وقالت روزنبلوم إن «الواقع هو سماح قاضي المحكمة اللوائية جدعون غينات في حكمه لشخص بتعريف نفسه عديم دين من دون أن يطلب منه إثباتات، الأمر الذي سيسمح لآلاف الأزواج المحتملين سنوياً بالتوجه للمحكمة بطلب إعلانهم عديمي دين ولاحقا الطلب من السجل المدني تسجيل عقودهم الزوجية. لقد تقدّمت المحكمة خطوة هائلة نحو فصل الدين عن الدولة».
وفور الإعلان عن قرار المحكمة انتظمت مجموعات من المثقفين توقع على عرائض تطالب بتغيير القانون بشأن إلزامية تسجيل الديانة. وطالبت هذه العرائض بمنح المواطنين حق الاختيار وفق نماذج متعددة بينها «إسرائيلي»، «يهودي علماني» أو «يهودي حر».
وحمل الحاخام الأكبر السابق لإسرائيل، إسرائيل لاو، بشدة على قرار المحكمة. وقال إن «الشعوب العديمة الدين اختفت عن العالم». وأسف لاو على كل من يفكر «بفصل الأمة اليهودية أو الإسرائيلية عن تراث أسلافهــا». ونقــل لاو عن الأسلاف قولهم إن «أمتنا ليست أمة لولا توراتها. ومن دون التوراة المكتوبة والشفاهية لا تميز للشعب اليهودي، كما أن قدرته على البقاء تشبه إبريقاً مكسوراً».
أما عضو الكنيست عن «يهدوت هتوراه» الحاخام إسرائيل آيخلار فندّد بالقرار، وقال «من ناحيتي فليسجل نفــسه قرداً، أو كائــناً فضائياً، لأن هذا لا يقدم ولا يؤخر شيئاً. ولكن قرار المحكمة يثبت الشعور بأن المحكمة جزء من طغمة صغيرة لعديمي الدين». ولكن عضوة الكنيست من ميرتس، زهـافا غالئون رحبت بالقرار وأشارت إلى أن «دور الدولة الديمــوقراطية ليس تصنــيف الناس وفق دينهم، وإنما منحهم حقوقاً متساوية».

حلمي موسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...