آثار حلب من الجوّ: ما ضاع إلى الأبد

28-02-2015

آثار حلب من الجوّ: ما ضاع إلى الأبد

«أربع سنوات من الحرب الوحشية... دمّرت مدينة قديمة كاملة». بهذه العبارة يبدأ تسجيل قصير نشرته خدمة «آي جي بلاس» (AJ+) التابعة لشبكة «الجزيرة»، عبر منصّاتها على الانترنت. تمّ التقاط الشريط من الجوّ بواسطة طائرة من دون طيّار، ويمتدّ على 52 ثانية، مظهراً حجم الدمار الهائل الذي خلّفته الحرب على آثار حلب.
نشر التسجيل عبر صفحة «فايسبوك» لخدمة AJ+ في 18 شباط/ فبراير الحالي، وتمّ تداوله بكثافة خلال الأيّام الماضية. يبدأ التصوير من محيط قلعة حلب من دون أن يظهرها، لتظهر بعدها مجموعة صور متتالية لمواقع مدمّرة، يتخلّلها شرح بالانكليزيّة لمضمون الصورة: «يعود تاريخ هذه الأسواق إلى الألفية الثانية قبل الميلاد. القلاع والمساجد والمدارس والأماكن والحمامات كلها مدمّرة». تدور الطائرة فوق المكان، ويتمّ تقريب الصورة، ويظهر الشرح التالي: «حلب واحدة من بين ستّة مواقع سوريّة، مسجّلة في لائحة التراث العالمي. بعض المواقع المدمّرة غير قابل للإصلاح، ومهدد بالضياع إلى الأبد».صوّرت خدمة AJ+ مدينة حلب القديمة من الجوّ بواسطة طائرة صغيرة من دون طيّار (عن "فايسبوك")
يشكّل التسجيل ما يشبه التوثيق لآثار ثلاث سنوات من الحرب التي اخترقت حلب القديمة بعد نحو عام من بدئها في المناطق الأخرى. كثيرون من أبناء المدينة الجريحة تناقلوا التسجيل، مقروناً بمرثيات لتراث كان إلى وقت قريب محجّاً لمختلف الباحثين والمهتمين بالآثار، وعلامة فارقة في تاريخ المدينة التي تحمل لقب «الشهباء». يظهر التسجيل حقيقة الخراب الحاصل، والذي لم يكن مرئياً بهذا الوضوح بالنسبة لعدد كبير من أبناء المدينة. مع العلم أنّ بعض الفصائل المتطرّفة في المعارضة، كانت قد نشرت تسجيلات تظهر حفرها أنفاقاً في محيط القلعة الأثريّة، وتفجير مبانٍ في المكان ذاته. وكانت قذائف طالت قلعة حلب نفسها، والتي لم يظهر منها في التسجيل إلا خاصرتها.
ومن المواقع التي طالها الدمار في حلب القديمة: معظم أسواق المدينة (مسجلة في موسوعة «غينيس» كأطول سوق مسقوفة متفرعة إلى مجموعة أسواق)، مبنى فندق الكارلتون (تعرّض لثلاثة تفجيرات)، مبنى مديرية الخدمات الفنية، خان الشونة، المدرسة الخسرفية، قيادة الشرطة (المحافظة)، جامع السلطانية (تعرّض لتدمير جزئي)، حمام يلبغا، منطقة الجديدة (تضم بيوتاً أثرية)، الجامع الأموي، وغيرها... كما تعرّضت القلعة لبعض الأضرار عند بابها وفي بعض المواقع فيها جراء سقوط القذائف عليها، إضافة إلى تخلخل أساسها نتيجة التفجيرات التي طالت معظم المباني المحيطة بها.
وبين حين وآخر تبث فصائل مسلحة تنشط في المدينة القديمة (أبرزها جيش الإسلام) تسجيلات تظهر عمليات تفخيخ وتفجير لمواقع أثرية بحجة «تدمير مراكز للنظام». كما يتناقل ناشطون بين حين وآخر تسجيلات لعمليات قصف لمواقع أثرية في المدينة القديمة، الأمر الذي يعني استمرار الدمار الذي يلتهم تراث المدينة، وذلك أمر لا يبدو أنّ الفصائل «الجهادية» ترى حرجاً فيه، خصوصاً أنها أعلنت وفي أكثر من مرة «الحرب على التاريخ»، عن طريق تدمير آثار ومقتنيات المتاحف، كما حصل حديثاً في الموصل التي تمّ تدمير متحفها على يد عناصر «داعش».

علاء حلبي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...