«وسام الكفاءة الفكري» أحدث الأوسمة التقديرية لمارسيل خليفة

31-08-2008

«وسام الكفاءة الفكري» أحدث الأوسمة التقديرية لمارسيل خليفة

وسام آخر على صدر الفنان اللبناني مارسيل خليفة، اسمه «وسام الكفاءة الفكري». يستحق خليفة وساماً بهذا الاسم تحديداً، لأن نتاجه الموسيقي والغنائي والفني عموماً ينتمي الى الفكر أكثر من انتمائه الى أي شيء آخر. موســيقى خــليفة، غنــاؤه، الأســس الــفنية التي بنى عليها عمله الإبداعي، المستوى الجمالي الذي حرص عليه في تجربته من البداية المتواضعة في لبنان إلى وسام الكفاءة الفكري مروراً بأكثر من 30 سنة من الاشتغال في الفن بعمق وتأن وبصيرة... كلها أمور صنعت للرجل مكانة مــتقدمة على نــطاق الــعالم العربي، وأحياناً على النطاق العالمي.
فحفلات خليفة الموسيقية والغنائية في بلاد العالم، والمهرجانات الثقافية الكبيرة التي يشارك فيها، والتأثير الإيجابي الجدي الذي تركه ولا يزال في جيله الفني والجيل الشاب، وحلوله ضيفاً أو زائراً في معاهد الموسيقى ونشاطاتها، هي فعلاً ميزات استثنائية فيه من دون غيره، وتالياً فإن تكريمه بوسام الكفاءة الفكري هو استحقاق نبيل أولاً وأخيراً...
البداية المتواضعة في لبنان: حين أطل مارسيل خليفة للمرة الأولى إعلامياً في برنامج «ستديو الفن 1974» كضيف عابر بتقديم من الفنان روميو لحود ابن بلدته عمشيت في بلاد جبيل، لم يكن أحد يتوقع ان هذا العازف الموسيقي المتمرّس على آلة العود الذي يواجه الكاميرا في تلفزيون لبنان بكثير من الحذر والرهبة يومذاك، سيكون في الدورة المقبلة لبرنامج «ستديو الفن» في عداد لجنة تحكيم البرنامج التي كانت تضم مجموعة من كبار الفنانين في فنون مختلفة. ثم ما لبث أن برز اسمه كمؤلف لمقاطع موسيقية مهمة في المسرحيات الراقصة الأولى لعبد الحليم كركلا وفرقته، ثم أصبح في وقت قصير أحد أبرز فناني الأغنية الوطنية ليس في لبنان فحسب، بل في العالم العربي أيضاً...
تدفقت مواهب هذا الشاب الموسيقية، دفعة واحدة، في النصف الثاني من السبعينات ثم في الثمانينات من القرن الماضي، وتحوّل بفضل همومه الإبداعية الحقيقية، واجتهاده الفني الموسيقي - الغنائي، ظاهرة فنية راقية جداً في زمن هو زمن الحرب الأهلية والاجتياح الإسرائيلي وتداعياته عام 1982. كان مارسيل خليفة في تلك المرحلة صوت الناس المقهورين، صوت الثورة الفلسطينية، صوت الجنوب اللبناني المقاوم، وصوت الحركة الفكرية القومية والنضالية الشعبية من دون ان يكون ملتزماً قومياً إلا بالمعنى الإنساني العربي العابر للحدود.
انتسب خليفة فوراً الى طينة الفنانين التاريخيين الكبار في العالم العربي كسيد درويــش، وتــحديداً في التعبير عن أحلام الناس بالتحرر والتمرد على كل ما هو ظــلم وضــعف. واختار ان تكون نصوصه الغنائية تغييرية أيضاً، فأنشد لشعراء ليسوا غنائيين في المعنى المعروف أو المتداول للشعر الغنائي، مثل محمود درويش، شوقي بزيع، حسن العبدلله وآخرين من اللبنانيين والعرب...
ولأن الموسيقى كانت (ولا تزال) قلب مارسيل خليفة النابض، أبعد الرجل صوته أحياناً عامداً متعمداً عن بعض الأعمال الفنية لمصلحة الموسيقى الخالصة. ثم ركز أكثر فأكثر على التأليف الموسيقي، فصدرت له نتاجات موسيقية، مسرحية حصدت إعجاباً ومديحاً نقدياً صريحاً في كل مكان عرضت فيه. وهو منذ سنوات يتلقى أوسمة ودعوات تكريم من منابر إعلامية وثقافية عربية وعالمية استناداً الى ذلك السجل الحافل بالإنجازات الفنية - الفكرية، وآخرها «وسام الكفاءة الفكري» موضوع المقالة.
ليس أمام مارسيل خليفة، على ما يبدو من نشاطه وحركته ونتاجه، أي سقف يمكن الوقوف عنده. لا يزال المدى مفتوحاً، والأيام عنده حبلى، فما ان ينتهي عمل بين يديه حتى يشتعل عمل فني آخر في رأسه... وما ان تغيب جائزة ينالها حتى تتحرك جائزة أخرى سينالها...
قـَدْرُ مارسيل خليفة الموسيقي والغنائي الكبير على قدْر كتفيه.

عبد الغني طليس

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...