«العشاق» و«أهل الغرام» في دمشق «خارج التغطية»

30-04-2008

«العشاق» و«أهل الغرام» في دمشق «خارج التغطية»

بينما تحتفل دمشق اليوم بالذكرى العاشرة لرحيل شاعر الحب نزار قباني، تشهد صالات العرض السينمائي في مدينة الياسمين حركة لافتة نسبياً، وإن كانت محدودة. فجمهور العاصمة السورية هجر مقاعد القاعات المظلمة منذ سنوات،سامر المصري وريم علي في «أهل الغرام 2». لكن الفيلم المحلي «العشاق» (إنتاج 2005) ظهر في إحدى دور السينما الخاصة من دون سابق إنذار في أول عرض تجاري له. وهو من إخراج حاتم علي وإنتاج شركة «سوريا الدولية» الرائدة في مجال الإنتاج التلفزيوني. و«العشاق» المستلّ بمعظمه من مسلسل «أحلام كبيرة» للمخرج نفسه، يتطرق لعلاقة بين شاب وفتاة من دينين مختلفين. ويشارك فيه معظم نجوم المسلسل (باسل خياط، وقصي خولي، وسلاف فواخرجي، ونادين تحسين بك، إضافة إلى سلمى المصري).
غداً، تبدأ أيضاً العروض الجماهيرية لـ«خارج التغطية» (إخراج عبد اللطيف عبد الحميد، وإنتاج المؤسسة العامة للسينما عام 2007، بطولة فايز قزق وصبا مبارك) في صالة «الكندي» الحكومية. الفيلم الذي عُرض في مهرجان دمشق السينمائي الأخير، يتناول قصة حب بين زوجة معتقل سياسي يؤدي محكومية طويلة ذات نهاية غير واضحة، وبين صديق لهذا المعتقل يقدم خدمات يومية للزوجة، تتجاوز بتفانيها ما يقوم به هذا الرجل تجاه زوجته، وذلك عبر طرح أسئلة أخلاقية مريرة.
بينما تستمر عروض «سكر بنات» لنادين لبكي، المتميز بجرأته وجنسيته (اللبنانية). وهو افتتح بشكل احتفالي، إذ وزّعت الجهة الراعية للعرض الزهور على السيدات.
على الشاشة الصغيرة أيضاً، يبدو أن موضوع الحب قادر باستمرار على شدّ المشاهدين. وعلى رغم أن ليس هناك عمل درامي يخلو من هذه الثيمة، بدأ نوع جديد يفرض نفسه هو مسلسل الحكايات الغرامية المكوّن من حلقات منفصلة. وتُحاول هذه الأعمال أن تقدّم تنويعات مختلفة لحالة الحب، وبشكل لا يخلو من جرأة وجدّة. لكنه يبقى سلاحاً ذا حدّين، فالحب موضوع يُغني عن طرح القضايا الكبرى، ولا يقود إلى تصادم مع الرقابة، وغير مكلف إنتاجياً. وهو يصلح لأي مشاهد في أي زمان ومكان، ويملك الإغراء والجاذبية باستمرار.
لكن الرومانسية السورية ستجد نفسها أيضاً في مواجهة محرّمات اجتماعية. وقد طرح الموضوع أخيراً على الفضائية السورية في برنامج «نادي التلفزيون» الذي استضافت حلقته الأخيرة (الخميس الماضي)، المخرجة رشا شربتجي (يُعرض لها مسلسل «شتاء ممطر آخر» قريباً) والنجمة يارا صبري، والسيناريست نجيب نصير الذي قال إنّ الدراما السورية ما زالت مقصّرة في عرضها لعلاقة الحب (أو العلاقة بين الرجل والمرأة كما فضلت رشا شربتجي أن تقول). وكان نصير أوضح مرة أنه أجبر في مسلسله «الانتظار» على إقحام عقد زواج «برّاني» بين رجل وامرأة تجمعهما علاقة. وهنا، يتعلّق الأمر بالطروحات أو الأفكار، لا بفعل الحب ـــ حتى بأبسط تجلياته ـــ الممنوع كلياً في الدراما السورية، بل حتى في السينما أخيراً (قُبلة يتيمة بين الممثل رامي حنا والممثلة رغدة شعراني في فيلم «تحت السقف» 2005 لنضال الدبس كانت آخر المشاهد الحميمة في السينما السورية منذ ما يزيد عن عقد من الزمن).
الحبّ في الدراما السورية يقود إلى الزواج حكماً أو ينشأ بهدف الزواج، وما عدا ذلك فهو تسلية أو انحراف. مسلسلات سورية جديدة ألمحت إلى العلاقات الحميمة قبل الزواج، لكنها وضعتها ضمن منظور الارتباط («وشاء الهوى» 2006 ليم مشهدي وزهير قنوع). بينما قدّم «فجر آخر» 2007 لفراس دهني علاقة ليست مرتبطة بمشروع زواج، لكنها اتخذت شكل النزوة. أما المساكنة مثلاً فلم تقدمها الدراما، على رغم أن الصحافة السورية تناولتها أكثر من مرة، على اعتبار أن انتشارها لا يزال محدوداً في الواقع. علماً بأننا لا نرغب بالتخفيف من جرعة الشاعرية، باتجاه التعامل مع صورة الحب على الشاشة بشكل ميكانيكي.
ويوم السبت الماضي، بدأت mbc عرض «سيرة الحب» للكاتبين يزن أتاسي ولبنى حداد (شاركت في كتابة «أهل الغرام 1» مع زهير قنوع) والمخرج عمار رضوان (الساعة 19:00). وعلى رغم أن المسلسل المكوّن من قصص منفصلة، قد يمتد بعضها على حلقتين، سبق عرضه على أكثر من محطة... يبدو أن الأعمال الدرامية تكسب حياة جديدة مع بثّها على هذه القناة. يصوّر العمل جوانب مختلفة من العلاقة بين الجنسين. ويمكن القول إنّ منظوره يتجاوز الحب في بعض الأحيان، ففي القصة الأولى، تصوير لعلاقة بين راقصة سابقة (جمانة مراد) ومحامٍ (جهاد سعد) لا يعلم شيئاً عن ماضيها، مع معالجة لتناقضات اجتماعية مختلفة في التعامل مع مهنة قد تجلب البحبوحة، لكنها مدانة اجتماعياً. وفي حلقة أخرى، سنلتقي زوجين (أمل عرفة وعبد المنعم عمايري) تنشأ المشكلات بينهما من أسباب واهية ذات طبيعة يومية... تفاصيل تقود إلى تباعد، في تصوير واقعي لصعوبات الزواج، وفي التقاط ذكي لصعوبة التفاهم بين أنانيتين لكل منهما خصوصيتها. إضافة إلى حلقات تتعامل مع علاقات عاطفية متنوعة لدى شرائح متباينة اجتماعياً وعمرياً، ومن زوايا مختلفة.
«إسأل روحك» للكاتبة ابتسام أديب، والمخرج محمد الشيخ نجيب، استأنف عرضه على قناة «أبو ظبي» (كل ثلاثاء 21:30)، وكانت حلقة أمس من بطولة قيس الشيخ نجيب وريم علي بعنوان «ظلمنا الحب». وهذا العمل التي تتخذ حلقاته المنفصلة من أغاني أم كلثوم عناوينَ لها، يبدو أكثر تأكيداً على مفاهيم متعالية ومطلقة للحب، كما ظهر من حلقاته التي سبق عرضها. و«إسأل روحك» مشروع يتضمن جزءين آخرين من المتوقع أن ينفذهما الممثل والمخرج وائل رمضان (العراب الأصلي للعمل الذي أخرج حلقاته الأولى). وهذان الجزءان هما «نبتدي منين الحكاية» المستلهم من عبد الحليم حافظ، و«طريق النحل» المأخوذ من عالم فيروز.
«أهل الغرام» 2006 لليث حجو، العمل الرائد في هذا النوع من المسلسلات، تم الانتهاء من تصوير جزئه الثاني، بالتعاون مع ورشة كتاب (بينهم نجيب نصير، وكوليت بهنا، ورنا إبراهيم، ورافي وهبي، ورغداء شعراني، وعهد فاخوري، وآنا عكاش). وسيضم حلقات من الأردن ولبنان، بمشاركة فنانين من هذه الدول. «أهل الغرام 2» من بطولة قصي خولي، وباسل خياط، ويارا صبري، وجهاد سعد، وديمة قندلفت، ونادين تحسين بك، وبسام كوسا، وريم علي، وعابد فهد، وباسم ياخور، وسامر المصري... (سوريا)، وسيرين عبد النور، وطلال الجردي، ونهلة داوود، وجهاد الأندري، وبولين حداد (لبنان). إضافة إلى ناديا عودة، ووائل نجم، ولارا الصفدي، ومنذر رياحنة، ونادرة عمران، ونجلا عمران (الأردن). اعتمد المسلسل أيضاً على أسماء الأغاني لعناوين حلقاته، و«أهل الغرام» هم «هؤلاء الناس... الذين يتوقون إلى الحب كحالة رضى وسعادة وثورة، وعليهم أن يعبروا إلى المستقبل، لكن بعد أن يجيبوا عن أسئلة مجتمع، لا يزال يخجل من الحب على رغم اعترافه به»، كما يصفهم البيان الترويجي للعمل. لكن هذا المسلسل اتصف بأنه دوماً مشغول بحب مستحيل أو صعب التحقق. خلافاً لعمل جديد للمخرج عمار رضوان يقول «هيك تجوزنا»، إنما بنبرة ساخرة.


-ملحمة الكاتب عدنان العودة «فنجان الدم» سيبدأ تصويرها قريباً تحت إدارة المخرج الليث حجو. هذا النص الدرامي الذي تنقّل بين أكثر من شركة إنتاج ومخرج، تقدمه شركة «سامة»، وخصوصاً مع صعود موجة الأعمال البدوية من «راس غليص» و«نمر بن عدوان» و«وضحة وبن عجلان» و«محسن الهزاني»، وصولاً إلى «صراع على الرمال» لحاتم علي. الليث حجو اعتذر عن كوميديا «بقعة ضوء» (العمل الذي ارتبط اسمه به إلى حد كبير)، ليتفرغ لـ «فنجان الدم» الذي تدور أحداثه مطلع القرن التاسع عشر بين نجد وبادية الشام والجزيرة السورية والخليج العربي. ويؤكد الكاتب عدنان العودة أنّ العمل منجز قبل انتشار موضة الأعمال البدوية. كما أن الشركة تملكـه منـذ بداية العام الماضي، ويفرّق العودة بين هذا العمل وغيره من الأعمال البدوية بالإشارة إلى طبيعته الملحمية والتاريخية. إذ إن الملحمة هي السيرة الذاتية لشعب، خلافاً لدراما البادية المألوفة المتمحورة حول قصة أساسية، أبطالها عاشق ومحبوبة وعدوّ. يتنقل «فنجان الدم» في جغرافيا واسعة، على رقعة تاريخية طويلة (قد يصل العمل إلى ثلاثة أجزاء) ويقحم شعوباً كالشركس والأكراد والغجر والإنكليز، وقبائل لا تسمى بأسمائها الأصلية ويترك مجالاً للترميز. أما اسم المسلسل فهو يأتي من عادة بدوية بشرب فنجان من القهوة المرة على نية قتل فلان من الناس! يذكر أن النجم جمال سليمان هو من أبطال العمل، إذ يلعب شخصية «النوري» في ظهوره الثاني في دور بدوي بعد مسلسل «سحر الشرق» (2000)، للمخرج أنور القوادري.

منار ديب

المصدر: الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...