الليرة يجب أن تطلق النار

22-06-2013

الليرة يجب أن تطلق النار

 الجمل ـ بشار بشير: لنستذكر قليلاً , انهزمت ألمانيا في الحرب العالمية الثانية ليس بهزيمة وإبادة جيوشها بل بتدمير بنيتها الإقتصادية بحيث لم تعد تستطيع آلتها الإقتصادية دعم جيوشها المحاربة ( في نهاية الحرب كان من الصعب إيجاد صفيحتي بنزين لحرق جثة هتلر ). الإتحاد السوفييتي عملاق سياسي وعسكري لكن ضعفه الإقتصادي هو الذي قرر مصيره وأدى إلى إنهياره . بإختصار أساس الدولة الإقتصاد , بقوته تقوى الدولة وبضعفه تفشل الدولة .

هل كان للإقتصاد مكان في المؤامرة ( الحرب ) على سورية ؟ لقد كان ولا يزال قلب المؤامرة وهدفها النهائي ولا أدل على ذلك من طبقات الأقنعة التي يموه بها المتآمرون هذا الهدف . لعلها أخبث مؤامرة بالتاريخ وأضخم عملية تمويه في التاريخ , تعددت الأهداف الأقنعة من مطالب الإصلاح إلى إسقاط النظام إلى رحيل الرئيس إلى تقسيم سورية إلى الفتنة الطائفية والحرب الأهلية إلى السيطرة على المناطق الحدودية والمطلوب فعلاً من كل ذلك هو أن يتقاتل السوريون و أن يستمروا بالقتال لأطول فترة ممكنة ما يتسبب بإستنزاف سورية بأكبر قدر ممكن . كان ليُفرِح المتآمرين تحقق بعض أو كل هذه الأهداف ولكن هذا لا يعني عدم الإستمرار بالسير نحو الهدف النهائي تدمير إقتصاد سورية . لعلي لا أبالغ إذا قلت أن دول المؤامرة لا يعنيها من يفوز ومن يخسر بل يعنيها أن يستمر التدمير ولا فرق بعد ذلك من يَحكم أطلال سورية ( هنا يجب أن نعرف أن دول المؤامرة هي أميركا وإسرائيل أما البقية فهم كومبارس ). لو دققنا في تفاصيل المؤامرة السياسية والعسكرية وتوزيع الأدوار فيها لوجدنا أن كل مافيها مصمم ليخفي أن هفها الرئيسي هو ما يجري فعلياً على الأرض كل يوم أي تدمير سورية عبر تدمير إقتصادها . ما نظنه تردداً عسكرياً من دول المؤامرة بين الهجوم و الإحجام هي مواقف مقصوده لكي يبقي الجيش والمسلحين مستنفرين و مشتبكين .إدعاء الغرب الخوف من وجود متطرفين وتكفيريين في سورية كذب فهم أتوا بهم لكي يؤججوا القتال ولكي يستمر القتال في حال قرر المسلحون السوريون التوقف . التخبط في المواقف السياسية مقصود والهدف منه إطالة الوقت قدر الإمكان قبل الوصول إلى حل, لإتاحة الفرصة لإستمرار التدمير . تركيبة المعارضة المستفِزة وذات الأطروحات غير المنطقية وغير المقبولة مخطط لها لكي لا يكون للحوار فرصة . كل مايجري مصمم بخبث شديد لكي يقودنا قسراً إلى الإقتتال وإلى الإستمرار بالإقتتال.
 لم تكد تبدأ الأزمة في سورية حتى سارعت كل دول المؤامرة ( وهي ثلاثة أرباع دول العالم) إلى فرض حصار إقتصادي وعقوبات إقتصادية على سورية وعلى الشعب السوري جمعاً وأفراداً , لم تكن هذه طلعة خلق كانت جزءأً مهماً من الخطة : تُقطع الموارد الإقتصادية عن سورية ثم تجبر على إستنزاف مخزونها ومدخراتها عبر حرب داخلية حتى إنهيار إقتصادها الذي يعني فشلها وربما إنهيارها كدولة .

ثورات عدة حصلت في دول عدة نستطيع قسمها إلى قسمين دول كانت ثوراتها سلمية (إلى حد ما) وهي الدول المتواضعة إقتصادياً والتابعة للغرب إقتصادياً والتي أدت الثورات فيها إلى زيادة فقرها وتبعيتها الإقتصادية (مصر وتونس مثلاً) والدول الغنية أو المستقرة إقتصادياً وغير التابعة للغرب لأنها غير مديونة له وغير محتاجة لهباته, هذه الدول كانت الثورات فيها تدميرية مطلوب منها تدمير الإقتصاد وتحويل هذه البلدان إلى دول فقيرة وفاشلة (ليبيا وسورية مثالاً) .

 نحن مشغولون الآن بالأمر المُلح وهو القتل الحاصل في بلدنا ومشغولون بإفشال محاولات تقسيم بلدنا و محاولات تجييش طوائف بلدنا ولكن ما يجري تحت أعيننا هو تدمير لبلدنا عبر تدمير إقتصاده. تدمير الإقتصاد ليس ناتجاً ثانوياً للحرب بل هو الناتج الرئيسي المطلوب من الحرب . ليس لدي إحصاءات دقيقة عن ما يحدث ولكن يبدوا أن أكثر من 70% من معاملنا أصبحت خارج الخدمة وأكثر من 50% من محاصيلنا لن تُزرع ولن تُحصد , الكثير مما خزناه قد خسرناه, بنيتنا التحتية بكل مرافقها دمر الكثير منها,  ليرتنا فقدت 300% من قيمتها حتى الآن, شعبنا تحول من شعب عامل يعيش إلى حد ما في بحبوحة إلى شعب نسبة كبيرة منه عاطلة عن العمل ونسبة أكبر نسيت ماهي البحبوحة وأصبحت تعيش على أقل من الكفاف  ثروات أرضنا وإنتاجنا لا نستطيع تصديرهم, السياحة التي بدأنا نفاخر بها أصبحت صفراً, حتى البترول والغاز الذي حُكي الكثير عن وجوده في أراضينا لن يفيدنا ونحن على هذه الحالة . نحن في ضائقة إقتصادية قصوى وهدف المؤامرة تحويلها إلى كارثة إقتصادية ثم إلى موت إقتصادي  . سيسعون ليكون هناك عشرات "القصير" لا يهمهم من ينتصر ومن ينهزم بها ( أنا هنا لاأقلل على الإطلاق من قيمة عمل الجيش ) المهم أن يستمر التدمير, و سيسعون ليكون هناك عشرات مؤتمرات جنيف لا تنتج شيئاً سوى منح المزيد من الوقت للتدمير, وسيخرجون بعشرات الخطط المموهة التي تصب كلها في النهاية في خانة قتل إقتصاد سورية.

 هناك عدو في الخارج يقاتلنا بشراسة وهذا معروف والسيد الرئيس كان أول من نبه إلى أن العدو أصبح في الداخل أيضاً وهذا أصبح معروفاً, ما يجب أن نعرفه الآن أن معركة عدونا الخارجي قسمها الأكبر إقتصادي وما يجب أن نعرفه أن العدو الإقتصادي أصبح في الداخل أو هو أصلاً في الداخل .
 معركتنا العسكرية يخوضها الجيش أما المعركة الإقتصادية فيجب أن نخوضها كلنا وكما أن الدولة نظمت الجيش وجيش الدفاع الوطني عليها الآن مسؤولية كبيرة بتنظيم كل المجتمع لخوض المعركة الإقتصادية وهي معركة لن تنفع ولم تعد تنفع معها المسكنات و الحلول الموضعية والتصريحات الخلبية, هي بحاجة لقادة إقتصاديين يشبهوا القادة العسكريين الذين أستطاعوا أمتصاص الصدمة والتحول للهجوم والبدء بتحقيق إنتصارات وليست بحاجة لإقتصاديين يعملون كشرطة مرور ينظمون الإختناقات الإقتصادية وكفى الله المؤمنين شر "الإقتصاد ". لقد أغفلنا البعد الإقتصادي للمؤامرة وتأخرنا بالتعامل معه ونمنا على حرير تصريحات المسؤولين الإقتصاديين والآن وجدنا نفسنا أمام إستحقاقات المعركة الإقتصادية ولم يبق أمامنا إلا أن نُسلّح  الليرة لتبدأ بإطلاق النار .

 الجمل

التعليقات

السادة الجمل عذراً.... إن الهدف الأساسي هو الإقتصاد، أين التقارير التي ترجمتموها والتي تتحدث عن كوريدور الطاقة في الشرق الأوسط، أين ثروات البلد التي خشي النظام أن يعلن عنها للشعب وخصوصاً حقل الغاز في القلمون والذي ينافس الحقول المكتشفة قبالة الشواطئ الفلسطينية والتي تضع إسراذيل يدها عليه، أين تقرير مركز أبحاث الطاقة الأمريكي وبعنوان " من أجل الغاز في سورية يجب معاقبة بشار الأسد"، ماهو مشروع أنابيب الغاز القطري والذي أقسم حمد أن يدمر أضعاف مابناه في سورية، ماهو مشروع نوبوكو "الناتو"- وتركيا، خط الغاز العربي من الجزائر إلى حمص والذي أطاح بالحكومات في طريقه حتى وصل إلى سورية، وخط الغاز الإيراني العراقي السوري، أين أنتم من الأتراك حين وضعوا شعار أن "تركيا هي الممر الطبيعي للطاقة" من الشرق إى أوربا، وللإستزادة أخر الأبحاث تقول أن العراق فوق بحر من النفط والغاز وووو....... فهل يمكن أن نقتنع أن هناك ثورات في العالم من أجل الحرية وتوابعها..... إنه حبة الإسبرين التي تسكن الألم .... نحن أمام خيارين ... إما أن تصبح سورية دولة فاشلة أو تكون صاحبة قرار وسيادة ولكم في "إيران أسوة حسنة" ......

[ نظريا قوة الدولة المادية تنبع اساسا من الاقتصاد ولا خلاف؛ دون القوة العسكرية الموازية لقوة الاقتصاد، فانها تقع فريسة سائغة في متناول اول قوة متوحشة غازية او معتدية؛ لذلك لا بد من توازي القوة الاقتصادية مع القوة العسكرية، تحت غطاء كامل من القوة الثقافية بما فيها السياسية والاخلاقية القائمة على العدالة الاجتماعية الحقيقية والشاملة، التي تُؤَمِّن الاستقرار الداخلي وتطلق قوى الانتاج والابداع،والحرية وحقوق الانسان والمواطنة الحقَّة، مما يضمن الوحدة الوطنية،اي الخندق الاساسي لصد اي عدوان، وتقطع الطريق على خلق طابور خامس (العملاء والجواسيس) وطابور سادس ( المثقفون الانتهازيون وزناديق علماء الدين اي المنافقين واليساريين المزيفين اي الانتهازيين) وتحمي الخطوط الخلفية للدولة والمجتمع] وفي الحالة السورية الراهنة لا بد من ضمان القوة العسكرية الماحقة للعدو الداخلي بما فيه البطات السمان من وسطاء ووكلاء صندوق النقد والبنك العالمي ودعاة الليبرالية الجديدة واشباههم، و الرادعة الماحقة لاي تدخل عسكري خارجي، ولو اضطر الامر ظرفيا الى شد الاحزمة على البطون، فالمطلوب راس الدولة والوطن والامة باسرها.

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...