زيارة بانكيمون ـ أوغلو لبيروت والمناورة الديبلوماسية المزدوجة ضد دمشق

13-01-2012

زيارة بانكيمون ـ أوغلو لبيروت والمناورة الديبلوماسية المزدوجة ضد دمشق

الجمل: بدأت الساحة السياسية اللبنانية اليوم الجمعة، وهي أكثر سخونة برغم تساقط الثلوج والعواصف الباردة، وفي هذا الخصوص تقول التقارير الجارية بأن العاصمة اللبنانية بيروت تستضيف اليوم الجمعة 13 كانون الثاني (يناير) 2012، كل من أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون، ووزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو: فما هي طبيعة الحراك الدبلوماسي المزدوج الجاري حالياً في أروقة بيروت.. وإلى أي مدى سوف يكون الحدث السوري حاضراً بقوة في هذا الحراك وما هي ردود الأفعال اللبنانية المتوقعة؟

* المسرح السياسي اللبناني: توصيف المعلومات الجارية
تحدثت التقارير بشكل متفاوت عن زيارة أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون، ووزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو إلى العاصمة اللبنانية بيروت، وفي هذا الخصوص يمكن الإشارة إلى أجندة زيارة كل واحد، على النحو الآتي:
•    أجندة زيارة أمين عام الأمم المتحدة: تقول المعلومات بأن الأمين العام سوف يسعى خلال زيارته لجهة المطالبة بتطبيق القرار الدولي 1701، إضافة إلى ترسيم الحدود السورية ـ اللبنانية، إضافة إلى مكافحة الإرهاب، إضافة إلى الالتزام بنزع سلاح الميليشيات وفقاً للقرار الدولي 1559 بحيث يكون السلاح حصراً تحت سيطرة الدولة. وأيضاً سوف يطالب الأمين العام بعودة جلسات الحوار الوطني اللبناني، ومطالبة اللبنانيين بدعم إجراءات المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رفيق الحريري، وإضافة لذلك التأكيد للبنانيين بأن الأمم المتحدة سوف تقوم بتعيين منسق الأمم المتحدة الخاص بلبنان خلفاً لمايكل ويليامز الذي انتهت ولايته، وما كان لافتاً للنظر مطالبة الحكومة اللبنانية بالكشف عن المتورطين في الهجمات على قوات اليونيفيل، وأضافت التقارير بأن الأمين العام سوف يؤكد للبنانيين قيام الأمم المتحدة بتمديد فترة ولاية المحكمة الدولية، إضافة إلى القيام بتعيين مدعي عام جديد للمحكمة، وتحدثت التقارير عن مطالبة الأمين العام للأمم المتحدة للبنانيين بضرورة العمل لجهة احتواء تداعيات ملف الحدث السوري على لبنان، هذا وتجدر الإشارة إلى أن الأمين العام بان كي مون سوف يقوم بعد غد الأحد بافتتاح فعاليات مؤتمر الانتقال للديمقراطية في الدول العربية الذي سوف ينعقد بمقر الإسكوا.
•    أجندة زيارة وزير الخارجية التركي: تقول المعلومات بأن وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو سوف يلتقي مع الرؤساء اللبنانيين الثلاثة (رئيس الجمهورية ميشيل سليمان ـ رئيس الوزراء نجيب ميقاتي ـ رئيس مجلس النواب نبيه بري)، وسوف تتطرق لقاءاته إلى: تطورات الأوضاع اللبنانية الجارية بفعل تداعيات ملف الحدث السوري. إضافة إلى التفاهم حول ملف اتفاق لبنان ـ قبرص المتعلق باستقلال حقول مخزونات الغاز الطبيعي الموجودة ضمن المنطقة البحرية المتوسطية المتنازع عليها بين لبنان وتركيا وقبرص وإسرائيل. وما كان لافتاً للنظر تتمثل في التسريبات التي أكدت بأن الوزير داوود أوغلو سوف يعقد لقاءات مع قادة تحالف قوى 14 آذار (جعجع ـ الجميل ـ الحريري) المعادي لسوريا ولحزب الله اللبناني وبقية فصائل المقاومة اللبنانية والفلسطينية.
برغم التقارير التي أشارت إلى زيارة الوزير أوغلو والأمين العام بان كي مون باعتبارها تندرج ضمن الفعاليات الدبلوماسية الروتينية، فإن المعطيات الجارية تشير إلى أن فعاليات هذه الزيارة تكتسب أهميتها على خلفية تطورات الاوضاع والوقائع الجارية في ملف الحدث الاحتجاجي السياسي السوري لاسيما وأن خصوم دمشق أصبحوا الآن بواجهون مخاطر خسارة جولة فعاليات بعثة المراقبين العرب.. والتي وبحسب ما هو واضح حتى الآن لن يكون تقريراً يصب بأي حال من الأحوال في مصلحة هؤلاء الخصوم.

* الأبعاد غير المعلنة لدبلوماسية بان كي مون ـ داود أوغلو:
تتميز بنود جدول أعمال زيارة أمين عام الأمم المتحدة ووزير الخارجية التركي بالمزيد من الاوراق المكثفة والتي تنطوي على الشمول، وبكلمات أخرى، نلاحظ الآتي:
•    يسعى أمين عام الأمم المتحدة للتفاهم حول كل أوراق السياسة اللبنانية التي تغطي الفترة من عام 2005 وحتى الآن، أي من لحظة اغتيال رفيق الحريري، وحتى لحظة الحدث الاحتجاجي السياسي السوري.
•    يسعى وزير الخارجية التركي لجهة التفاهم حول مدى قابلية اللبنانيين لجهة دعم ملفات الدور التركي الناشط لجهة استهداف دمشق..
وتأسيساً على ذلك، نلاحظ أن الحدث السوري سوف يظل يشكل النقطة المركزية في إدارة ملفات تفاهمات أمين عام الأمم المتحدة، ووزير الخارجية التركي مع اللبنانيين، وبالتالي، إذا كانت جهود الأمم المتحدة وجهود أنقرا قد فشلت في إدارة التنازلات لجهة الضغط على دمشق، فإن المطلوب الآن هو إدارة التنازلات لجهة الضغط على الموقف اللبناني بحيث يتراجع أكثر فأكثر باتجاه السماح بالآتي:
•    بناء ملفات حملة بناء الذرائع ضد سوريا.
•    بناء ملفات تمرير السلاح والمسلحين لداخل سوريا.
•    بناء ملفات توظيف الضغوط الإعلامية ضد دمشق.
•    بناء ملفات توظيف قضايا اللاجئين كورقة استهداف عن طريق فتح المزيد من المعسكرات لجهة استقبال السوريين.
هذا، وتشير المعطيات إلى أن تفاهمات بان كي مون تنطوي على انسجام متناسق مع تفاهمات الوزير التركي أحمد داوود أوغلو، وذلك على أساس الاعتبارات الآتية:
•    يمثل بان كي مون من يقوم بدور "العصا" لجهة التأكيد على ملف المحكمة الدولية وملف نزع أسلحة حزب الله، وملف قوات اليونيفيل، وبقية ملفات تنفيذ القرارات الدولية.. وإلا فإن لبنان سوف يواجه المزيد من الاستهداف الدولي. 
•    يمثل أحمد داوود أوغلو من يقوم بدور "الجزرة"، لجهة القيام بمطالبة اللبنانيين بضرورة التعاون الكامل في دعم ملفات استهداف دمشق إذا أرادوا الحصول على دعم القوى الدولية والإقليمية.
وبكلمات أخرى أكثر وضوحاً.. كلما استجابت بيروت لمطالب وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو.. كلما قلل أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون من ضغوطه لجهة فرض القرارات الدولية على لبنان.. وكلما كان الحافز والدعم الخارجي أكثر فأكثر..
سعت أنقرا، وتحديداً رئيس الوزراء أردوغان ووزير الخارجية داوود أوغلو، لجهة التعامل مع دمشق عند بداية الأحداث على أساس الافتراض التركي الذي توهم أن دمشق تقع ضمن منظومة الهيمنة التركية الافتراضية، أما أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون فقد تحطمت آماله بسبب الفيتو الروسي ـ الصيني الذي منعه من الحصول على القرار الدولي المطلوب استخدامه كـ "ورقة طرنيب" رئيسية في إدارة ملف الحدث السوري.
وتأسيساً على ذلك، جاءت زيارة الأمين العام بان كي مون ـ وزير الخارجية التركي داوود أوغلو لجهة القيام بما يمكن أن نطلق عليه تسمية المناورة الدبلوماسية المزدوجة، والتي تضمنت الآتي:
•    أن يناور أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون على الخطوط الخارجية، بالتركيز على القرارات الدولية المتعلقة بلبنان وقوات اليونيفيل وما شابه ذلك.
•    أن يناور وزير الخارجية التركي داوود أوغلو على "الخطوط الداخلية" بحيث يتوجه مباشرة إلى الرؤساء الثلاثة (رئيس الجمهورية ـ رئيس الوزراء ـ رئيس البرلمان)، إضافة إلى زعماء قوى 14 آذار (جعجع ـ الجميل ـ الحريري).
على أساس اعتبارات التحليل السياسي نلاحظ أن موضوع المناورة على الخطوط الخارجية والخطوط الداخلية، يرتبط بتحريك فعاليات الموقف التساومي اللبناني حول ورقة سوريا، وفي هذا الخصوص نلاحظ الآتي:
•    دوافع الموقف التساومي: وهي ثلاثة تتمثل أولاً في حاجة أنقرا وأمين عام الأمم المتحدة للإنجاز ـ أي إنجاز أي شيء في مسار الورقة السورية ـ بغض النظر عن حجم وأهمية هذا الإنجاز..، وثانياً في الحاجة للمؤسسية، وذلك على أساس اعتبارات أن يتم التحرك التساومي المزدوج ضمن الأطر المؤسسية السياسية اللبنانية، وثالثاً يتمثل في الحاجة للقوة، وذلك لأن أي موقف لبناني معادي لدمشق سوف يؤدي بالضرورة إلى إنعاش قوة خصوم دمشق الإقليميين والدوليين.
•    استراتيجية الموقف التساومي: وتتضمن مزيجاً من النقاط المتعلقة بالفعل ورد الفعل.. بحيث أي تنازل لبناني يؤدي إلى ليونة تنازلية خارجية.. وأي تشدد لبناني يؤدي إلى تشدد خارجي.
التأثير على الموقف اللبناني عن طريق العامل الدبلوماسي التركي (وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو)، والعامل الدبلوماسي الدولي (أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون) هو بالأساس تأثير يتم بالوكالة عن أطراف مثلث واشنطن ـ باريس ـ لندن، والتي سعت من قبل مراراً وتكراراً لجهة التأثير على الموقف اللبناني القاطع إزاء ملف الحدث السوري، ولكن جميع الجهود والمحاولات باءت بالفشل، والآن وعلى خلفية دبلوماسية الوكالة الجارية حالياً في الساحة السياسية اللبنانية، والتي جاءت بعد أن سعت الدوحة والرياض لجهة تمهيد المسرح السياسي اللبناني عن طريق ضخ المال السياسي وتقديم الوعود بالمزيد من الأموال، يمكن أن تتوقع بأن تصطدم دبلوماسية الوكالة هذه بالمزيد من المواقف اللبنانية الحازمة الرافضة للتدخل في الشأن السوري عبر الساحة اللبنانية، والرافضة أيضاً لتدويل الحدث السوري.. وعلى الأغلب أن تظهر نتائج دبلوماسية بان كي مون ـ داوود أوغلو بوضوح وشفافية صباح الاثنين القادم..

الجمل ـ قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...