محميات على الورق

24-09-2006

محميات على الورق

يشكل استغلال الموارد الطبيعية بشكل غير منظم تهديداً حقيقياً للتنوع الحيوي في العالم, فممارسة الضغوط البشرية عليها لا يمكن تجاهلها لما لها من تأثير سلبي, فخلال الأربعين سنة الماضية تناقص العديد من الكائنات الحية النباتية والحيوانية, ولأهمية هذا الموضوع وضرورة إعادة التوازن الحيوي للطبيعة وقعت العديد من الاتفاقيات الدولية منها التنوع (الحيوي البيولوجي) المنبثقة عن قمة الأرض التي انعقدت في الريو عام 1992 واتفاقية السايتس الموقعة عام 1973 التي تهدف إلى تنظيم التجارة الدولية بالأنواع المهددة بالانقراض من النباتات الفطرية( البرية) والحيوانات وغيرها من الاتفاقيات التي تنظم عملية استثمار الموارد الطبيعية بما يكفل توازناً طبيعياً للتنوع الحيوي, وسورية من الدول التي تضررت من الاستثمار الجائر لهذه الموارد ووقعت العديد من الاتفاقيات التي تنظم هذا الاستثمار وتعيد للطبيعة توازنها البيئي.‏
ولكن مازال هناك الكثير من العمل للحفاظ على البيئة والتي يبدو أنها مازالت مقصرة في هذا المجال لذلك سعت لإقامة محميات بلغ عددها حتى اليوم 24 محمية طبيعية تمثل نظماً بيئية متنوعة من غابات وأنهار وسبخات وبادية ولكنها بقيت محميات معلنة على الورق غير منشأة على الأرض ما يضعها أمام مجموعة كبيرة من التحديات, عن هذه التحديات تحدث السيد طارق مصطفى أبو الهوى الخبير الاقليمي في مجال إدارة المحميات الطبيعية يقول:‏

رغم أن المحميات في سورية تواجه الكثير من التحديات التي تحول دون ادارتها بفعالية كونها محميات معلنة على الورق وغير منشأة على الأرض إلا أن هناك بعض الاستثناءات في محميات تحتوي على برامج بسيطة ومبادرات ريادية محدودة تمثل تعبيرا عن فرص النجاح المتاحة على المستوى المحلي والوطني وهذا الذي يهدف له مشروع التنوع الحيوي للمحميات حيث يركز على تطوير مجموعة ريادية في المحميات تمثل حجر الأساس لبناء البرنامج الوطني لإدارة التنوع الحيوي في سورية والذي يعد هدفاً رئيسياً لورشات عمل تقام كخطوة أولية في برنامج متكامل لبناء القدرات الوطنية في سورية في مجال ادارة المحميات الطبيعية تحقيقا للأهداف الاستراتيجية الوطنية المعتمدة على التجارب الاقليمية والدولية المستخدمة للمعايير الدولية والخطوط الارشادية العالمية في إدارة المحميات والعمل عليها يأتي في مرحلة يتم فيها تطوير وتنفيذ مشروع لمجموعة من المحميات الطبيعية في سورية المدعوم من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومرفق البيئة العالمي والذي يهدف إلى تأسيس الشبكة الوطنية للمحميات كبرنامج ريادي.‏

- أي مشروع تنموي هام يحتاج للكوادر المؤهلة وما يحكم بعض مشاريع سورية بالتعثر هو عدم وجود الكوادر المختصة التي تفرز لتلك المشاريع ( علما أن الكوادر المؤهلة الحقيقية في اغلب الأحيان مهمشة) ولكن تقام عادة ورشات عمل لتأهيل الكوادر والتي يقول عنها السيد طارق: عادة تستهدف الورشات مجموعة من فنيين وكوادر من وزارة الإدارة المحلية والبيئة ووزارة الزراعة والاصلاح الزراعي, وفي الورشة التي اقيمت مؤخرا في اللاذقية بالتعاون بين وزارة الادارة المحلية والبيئة مع مؤسسة هانز زايدل الألمانية بلغ عدد الفنيين المشاركين 27 مشاركا معظمهم ممن يمثلون الكوادر الادارية للمحميات الثلاث, محمية أبو قبيس الغاب في حماة ومحمية فرنلق في اللاذقية ومحمية جبل عبد العزيز في الحسكة إضافة إلى مجموعة من الكوادر النسوية في الوزارتين حيث اطلعوا خلال هذه الورشة على كيفية إدارة المحميات الحديث وعلى منهجيات مشاركة السكان المحليين في إدارة المحميات وكيفية إعداد الخطط الادارية لها وخطط تقسيم المناطق الخاصة بها وتحديد الاحتياجات البشرية والتدريبية لإدارة المحميات للتأكد من فعالية إدارتها وبناء آليات التنسيق والتعاون وتبادل الخبرات بين المؤسسات ذات العلاقة بالمحميات خصوصا البيئة والزراعة وقد امتدت الورشة على مدى أربعة أيام ودعمتها مؤسسة هانززايدل الألمانية.‏

- عدم الاستطاعة في تأمين الحماية للموارد الطبيعية من الاعتداءات المستمرة وتدهورها كان قرار المحميات لحماية ما تبقى من تلك الكائنات الحية ولكن رغم ذلك مازالت حتى المحميات تواجه الكثير من المخاطر المتعددة والمختلفة عنها يقول الاستاذ طارق أبو الهوا: إن المخاطر التي تواجه المحميات تتطلب بناء الاستراتيجيات القومية والأنظمة والذي يعد المفصل الحيوي في بناء شبكة المحميات بطريقة متكاملة, بحيث تشمل إدارة الأنظمة الطبيعية وإدارة النشاطات الإنسانية والتفاعلات المختلفة فيما بينها وعلى رأسها السياحة والتوسع العمراني والزراعي والنشاطات الاجتماعية والاقتصادية الأخرى, ويضيف أن وجود مثل هذه الكوادر والأنظمة الإدارية للمحميات مدعومة بالخطط الإدارية المتكاملة وتوفر الموارد البشرية والمالية لتنفيذها يشكل الأساس في إعادة بناء المحميات على المستوى الوطني ويمثل الركن الاساسي في إدارتها بفعالية واستدامتها المالية والمؤسسية والفنية وبالتالي حمايتها.‏

وعن الخطط الإدارية ودور المجتمع الأهلي وبرامج التوعية والتثقيف في الاستثمار الأمثل لهذه المحميات قال: هناك خطط إدارية لحماية المحميات تشمل العديد من البنود منها:‏

* إعداد الخطة واعتمادها كوثيقة قانونية رسمية تشمل ا لنواحي التالية:‏

1- برنامج إدارة متكامل للأنظمة الطبيعية بكل أشكالها النباتية والحيوانية إضافة للبيئة (الفيزيائية) جمع المعلومات عن المناخ- المياه ونوعيتها والتربة....‏

2- برنامج إدارة النشاطات الإنسانية داخل المحمية بما في ذلك برامج السياحة والاستثمار السياحي وإدارة الزوار والنشاطات الاقتصادية والاجتماعية الأخرى مثل نشاط الرعي, والصيد, والزراعة والبنى التحتية وغيرها.‏

3- كما لهذا الموضوع علاقة أيضاً ببرنامج إشراك وتنمية المجتمعات المحلية في إدارة المحمية ونشاطاتها بهدف التأكد من الحد الأعلى من المناخ الاقتصادي والاجتماعي للسكان المحليين وتعزيز مستوى مشاركتها وتفاعلها مع المحمية وكسب دعمهم لبرنامج ادارتها واستدامتها.‏

4- برامج الاتصال الجماهيري والتوعية والتعليم لكافة الشرائح والفئات المستهدفة للمحمية خصوصاً لصناع القرار وطلاب المدارس والجامعات والقطاع النسائي والجامعات. 5- البرنامج الخامس في الخطة الادارية فهو مخصص للتدريب والتأهيل وبناء القدرات على وجه الخصوص للكادر الإداري للمحمية وأيضاً للفئات المستهدفة وذات العلاقة المذكورة وكل ضمن اختصاصه واهتمامه وحاجاته. 6- إعداد نظام إدارة فعالة للمحمية ومستدام حاليا ومؤسسيا وفنيا يقوم على كوادر وطنية مؤهلة وخطط استدامة مالية متكاملة ونظام للمراقبة والمتابعة والتقييم المعد والمنفذ بفعالية.‏

محمية الفرنلق إحدى المحميات الهامة في سورية والتي اعلن عنها رسميا منذ عدة سنوات واهميتها تأتي من كونها تعتبر ممراً للعديد من الحيوانات البرية وغيرها, عن هذه المحمية قال المهندس فراس بدور مدير المحمية والمشارك في الورشة:لم يتم إنشاء محمية الفرنلق بشكل رسمي وإنما أعلن عنها منذ عدة سنوات وتقدر مساحتها ب 1500 هكتار ولكنها على أرض الواقع حوالي 4500 هكتار تقع على ارتفاع بين /450-800/م وطبيعة المناخ فيها رطب ومعدل الهطول المطري حوالي 1000 مم وتحوي على أنواع نباتية وحيوانية متنوعة من أهم الانواع النباتية السنديان شبه العذري والصنوبر البروتي وتوجد أنواع شجرية مرافقة لهما عديدة وتأتي أهميتها من كونها ممر للعديد من الحيوانات البرية كالذئاب وتعتبر ممراً للطيور المهاجرة كالنسور والبواشق من أوروبا إلى أسيا وأهمية هذه المحمية لا تقتصر على ما ورد وإنما تتعدى ذلك بما تحويه من صخور متنوعة إلا بالمنطقة و منها صخور سربنتين والغابر وايمفو موليت أما عن وضع هذه المحمية حاليا فيقول هي بوضع بدائي ويمكن تطويرها بنهج تشاركي مع السكان المحليين وذلك بإدخالهم بالعملية الادارية والتنموية للمحمية بإيجاد مصادر رزق بديلة تخفف اثرهم السلبي على الغابة من ناحية الاحتطاب اللازم للتدفئة وتنظيم السياحة الموجودة فيها لأنها تقوم حاليا بشكل عشوائي والمطلوب دعم مديرية الزراعة لإدارة المحمية من وسائط نقل لأنها تبعد مسافة 47 كم عن المدينة ومحيط المحمية الكبير ما يؤدي إلى الحاجة الماسة لواسطة نقل كما أنها بحاجة لعمال دائمين بحيث يعتمد عليهم في تنفيذ المهام الموكلة اليهم والتي تخدم بدورها تطوير المحمية وتنميتها بشكل فعال.‏

نهلة اسماعيل

المصدر: الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...