بمناسبة اليوم العالمي لمرض الزهايمر

21-09-2006

بمناسبة اليوم العالمي لمرض الزهايمر

هل شاهدت شخصاً لايعرف المكان والزمان؟ ولايعرف الطريق الى بيته ولايستطيع ان يتعرف حتى الى اقرب الناس اليه؟ من اهله واصدقائه فلا يعرف الاخ أخاه، ولاتعرف الزوجة زوجها وابناءها.. هذا مايمكن ان نشاهده في الحالات المتقدمة والشديدة من مرض الزهايمر.
 سمي هذا المرض باسم العالم الالماني الزهايمر ALZHEIMER  الذي كشفه عام 1906 وحدد فيه التغيرات النسيجية الوصفية الحادثة في الدماغ والتي تؤدي لهذا المرض المعطل لنشاط الشخص الذهني والحركي.
 يعد مرض الزهايمر من اكثر اسباب الخرف وهو مشكلة صحية اجتماعية انسانية آخذة في الازدياد والانتشار في مختلف بلدان العالم.
 تم اختيار شعار«لا وقت نهدره» ليكون شعار هذا اليوم العالمي للعام 2006 هذا اليوم 21 ايلول الذي يؤكد على ضرورة تكاتف وتفعيل جهود الجمعيات الاهلية والمراكز الحكومية والعالمية وذوي الاشخاص المصابين من اجل تحقيق حياة افضل، وليبقى في ذاكرتنا من فقدوا الذاكرة من ذوينا.

 يحدث المرض عادة في الاعمار التي تزيد عن اربعين سنة وتبيّن الاحصاءات انه قد ازدادت نسبة حدوث هذا المرض خلال العقود الاخيرة، لقد عزي ذلك الى اسباب مختلفة كالوراثة والفيروسات والامراض المناعية والمواد السامة وتلوث البيئة وغيرها لقد تبيّن ان 15٪ من الناس فوق 65 سنة يعانون من درجة من الخرف او العته الشيخي DEMENTIA وان 20٪ ممن تجاوزوا سن الثمانين مصابون بالمرض، وعلى سبيل المثال هناك اكثر من  مليون امريكي مصاب بهذا المرض وتبدأ الاعراض عادة بشكل تدريجي لقد حددت ثلاثة عوامل رئيسية تؤثر بشكل ملحوظ على تطور المرض وهي العامل الوراثي ،الجنس، والعمر.
إن دور العامل الوراثي مازال غامضاً لكن الدراسات الحديثة تشير الى اهميته كذلك فإن توضع المواد النشوانية في قشر الدماغ على شكل لويحات والذي ينجم عنه تخرب في بعض المراكز العصبية نتيجة وجود مستضدات مناعية معنية.
 وتدل الاحصائيات ايضاً ان النساء اكثر اصابة من الرجال فهن يصبن قبل عشر سنوات من اصابة الرجال عامة كما ان امكانية حدوث المرض تتضاعف كل 5 سنوات بعد سن 65 وبينت الدراسات ان احتمال الاصابة بالمرض تقل مع ارتفاع المستوى التعليمي لكن الاسباب الحقيقية مازالت غير واضحة تماماً.

 لمرض الزهايمر او قاتل الذاكرة مراحل ودرجات مختلفة ففي الحالات المبكرة جداً يحدث فقدان جزئي في الذاكرة مع نقص في التركيز اما الفعاليات الاخرى اليومية فيزاولها المريض بشكل طبيعي ومع تطور المرض يزداد الشرود ونقص الذاكرة مما يسبب للمريض تراجعاً في فعالياته الذهنية والاجتماعية حيث يصعب عليه القيام بعمله (كالعمل الاداري والفكري) او معرفة المكان او السفر لمكان يعرفه سابقاً، وفي مراحل اكثر تقدماً يعجز عن القيام بالاعمال الذهنية البسيطة حتى يصل الى درجة عدم مقدرته على التعرف الى اقرب الناس اليه، وهكذا يمتد الخلل فيصيب التوجه ،اللغة والوظائف التنفيذية اما في النهاية فيصل المصاب الى درجة لايستطيع معها التبول والتبرز بمفرده.
 في الحالات المبكرة يصعب كشف المرض حيث يختلط مع امراض اخرى كالهمود الذي يحدث عند بعض كبار السن وقد استطاع الاطباء النفسيون ان يطوروا اختباراً لغوياً مبسطاً لكشف هذا المرض، وتفريقه عن الهمود النفسي حيث تعطى  للمريض اسئلة بسيطة وتتدرج في صعوبتها، فالشخص المصاب بمرض الزهايمر لايستطيع التجاوب مع ازدياد صعوبة الاسئلة وتعقيدها وقد تم تصميم بعض الاختبارات لتحديد الوضع الذهني لدى الشخص المسن، وهي تساعد بدورها على كشف المرض ، ومن الاختبارات العقلية البسيطة التي يمكن ذكرها في هذه العجالة تلك الاسئلة المستخدمة لتقييم وظيفة التعرف والتي تختل في مرض الزهايمر فيتم سؤال المريض عن العمر،الوقت، العام سنة الحرب العالمية يعطي عنوان ما ثم نسأله عنه في نهاية الاختبار نطلب منه اجراء العد التنازلي من 20 الى 1 ونعطي للمريض نقطة عن كل جواب صحيح وكلما كانت اجاباته خاطئة كلما كانت الاصابة متقدمة.
 وهكذا يعتمد تشخيص الزهايمر على القصة السريرية والفحص الفيزيائي الاستقصائي والذي يظهر عدم وجود اي مرض آخر، فالتشخيص القاطع لانصل اليه الا بعد دراسة خزعة من نسيج الدماغ.

 تبيّن للعلماء والمختصين في مرض الزهايمر مدى صعوبة تحديد مقدار الضعف والوهن الذي يصيب  الذاكرة والانتباه، ومداه وحدوده ونتائجه اذ انه لم نتمكن حتى الان من وقف التدهور في هذه الخلايا العصبية مهما كانت العلاجات المستخدمة ولاشك ان هذا يعود بشكل اساسي لعدم معرفة الاسباب الدقيقة للمرض، وبالتالي استخدمت العديد من الطرق والاساليب العلاجية ولكن النتائج ظلت محدودة وقد تبيّن ان استخدام بعض انواع الادوية التي تثبط خميرة الكولين استراز تؤدي الى تحسن محدود في وظائف المريض، لكن هذا التحسن يقتصر على نصف الحالات وهي لاتوقف سير المرض الذي يترقى حتى يحدث العجز المحتوم في النهاية.
 لهذا يمكن القول: اننا لانزال في اول الطريق في مجال التوصل الى العلاج الناجع لهذا المرض، الذي يجب الا يدفعنا للوقوف مكتوفي الايدي امام الاشخاص المصابين، فعلينا الا نبخل عليهم بالعطف والرعاية اللازمة لمدهم بالدفء الاسري والاجتماعي في مواجهة هذا المرض المزمن.

 تتطلع الجمعية التي تأسست منذ اشهر قليلة الى تعزيز التوعية بحاجات وحقوق هذه الفئة من ابناء المجتمع، والتي يزيد افرادها عن 60 الف مواطن، واعداد برنامج تثقيفي وتدريبي يشمل المحافظات يسعى الى توعية المواطنين بأهمية الذاكرة في حياة الانسان، وطرق تعزيزها ودراسة انتشار هذا المرض والمصادر والمراكز والخبرات المتوافرة للتصدي لهذا المرض كذلك تتطلع الى الاسهام في تدريب العاملين في المراكز الصحية والاجتماعية وتعريفهم بهذا المرض وطرق التعامل معه من قبل ذويه، وذلك للتخفيف من آثاره على الفرد والاسرة والمجتمع.
في هذا اليوم، ونحن نرفع شعار اليوم العالمي« لاوقت نهدره» فإننا ندعو الجميع من ابناء الوطن قائلين: «ليبق في ذاكرتنا من فقدوا الذاكرة من ذوينا» .

د. غسان شحرور

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...