الصحفي الجوكر

22-11-2010

الصحفي الجوكر

أحمد الخليل:  لا يصعب عليه أي شيء انه قادر على الدخول إلى زواريب أدمغة الوزراء والمدراء ومعرفة أمزجتهم وطريقة تفكيرهم والألوان المفضلة لديهم وذوقهم الجمالي والهضمي وان كانوا من الصنف (النسوجي) أم لا ..
لديه قرون استشعار تلتقط أدق الذبذبات التي تسبق التغيرات والتبدلات المناصبية لذلك يمهد الطريق لعلاقاته القادمة عند حدوث التغيير الحكومي والتبدلات الطارئة في توزيع الطرابيش...
لديه موهبة استثنائية صقلها بالمران والتدريب حتى وصل إلى مرحلة الشخص الذي (لا غنى عنه) كبعض مدراء المكاتب  الذين يغيرون جلودهم خلال دقائق من قدوم المسؤول الجديد...
نحن أو البعض منا يستغرب من قدرة هذا الشخص على بناء صداقة متينة مع الوزير وسلفه والمدير العام ومن بعده ولو كانوا في حالة عداء..يقرأ بدقة خارطة المصالح وتوجهات الريح وتقلبات الأنواء فإن مالت الكفة لصالح الخطاب الديني مال معها وان رفع (العلمانيون) رأسهم قليلا رفع رأسه وفي حال قوي صوت (القوميون) ارتفع صوته ..
انه الشخص المناسب لهذا الزمان فلقمة العيش تحتاج للفهلوة والخفة والباب مفتوحا لها فماذا يهم المسؤول غير الإطراء والمديح والاحترام المخادع والتحلق المتواصل حوله مع كلمتين دائمتين لا يمل سماعهما: أمرك معلم..
 
لدينا زميل صحفي يجسد تماما ما قلته آنفا فهو صديق لكل وزراء الثقافة الذين تبدلوا على وزارة المثقفين من عهد الدكتورة نجاح العطار وحتى مجيء الدكتور رياض عصمت...ورغم عمله منذ عدة سنوات في إحدى دول الخليج فهو ضيف دائم على مهرجانات وزارة الثقافة له صدر البيت أو صدر الفنادق، ففي السينما له باع طويل وفي المسرح له الكلمة الأولى وهو في الخليج صاحب رأي مسموع لدى بعض أئمة الصحافة ومعالي مدراء الفعاليات والمهرجانات وبعض مشايخ الدرجة الثانية والثالثة فهو يرشح العروض والمدراء لحضور الفعاليات ويمنع آخرون بتمرير آراءه بهم فهو السلس صاحب الدم الخفيف المداهن المرائي الذي يرضي جميع الأذواق
صديق الفنانين والكتاب ووزراء الإعلام والسفراء، انه جسر العبور للمصالح بين جهتين إن كانت تحت الطاولة أو فوقها يدرك أن لا قيمة دائمة للصحافة فهي لا ذاكرة لهاـ لذلك يغتنم اللحظة ولا يترك أية منفعة تمر دون التقاطها، انه الشاطر الذي يحسب حساب المستقبل والغد ومبدأه ( إذا هبت رياحك اغتنمها ..)
حريص على عدم الدخول بأية معركة قد تفسد منهاجه في الحياة وفي الصحافة، فلا يغضب أحدا لا في كتاباته ولا في أحاديثه انه شخص مثالي لعهد المركزية والتطور اللارأسمالي فهو يعشق القطاع العام ودائما في مقدمة المسيرات الشعبية ....وهو الشخص المناسب لعهد اقتصاد السوق الاجتماعي وخصخصة الشركات الخاسرة وتحرير الأسعار وتعويم الليرة وإلغاء الدعم الحكومي للمواد التموينية ...يروج لقرارات وزارة النقل ويقدم شروحات طويلة على قانون الاتصالات الجديد ويستنبط مزايا قانون التواصل على الشبكة (قانون الإعلام الالكتروني) ويمتدح شفافية إعلامنا، و إن اقتضى الأمر يصبح ناطقا باسم غرفة الصناعة أو غرفة التجارة أو وزارة المالية أو رئاسة مجلس الوزراء أو مهرجان السينما...
هو أفضل مرافق إعلامي لمسؤولينا وحتى المتخاصمين منهم يقربونه فلا بديل له حتى الآن، فمكانه في الصف الأول ورغم أن الكثيرين يحاولون تقليده والسير على منهاجه إلا أنهم يفشلون، لقد أغلق المنطقة تماما ولم يعد هناك مجال لأي ضربة جزاء فيكتفي أمثال الجوكر بالجلوس في الصف الثاني والثالث بانتظار فرصة مواتية للانقضاض على مكان الجوكر والتنعم بمكاسبه!!


إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...