«جهلـة الأربعيـن» لـدى الرجـال: ما هي؟ كيف يتعامل معها؟

09-12-2009

«جهلـة الأربعيـن» لـدى الرجـال: ما هي؟ كيف يتعامل معها؟

وحدها القهــقهة لوقت طـويل تسود لدى الســؤال عن «جهلة الأربــعين» عند الرجــل. ماذا يحدث في هذه السن وما بعدها، فيزيولوجياً ونفســياً؟ ماذا يفقـد، وعن ماذا يبــحث؟ ولمــاذا يلجأون الى علاقات خارج البــيت الزوجي؟ ما هو دور الزوجة، وأي زوجة؟ هل هي قادرة على استيعاب حالتـه «المستـجدة»، وكـيف؟ وماذا عن ندمه الذي يلي «الجهلة»، أحياناً؟
منعت جميلة (أم ربيع ـ 49 عاماً) زوجها من صبغ شعره، لكنها سمحت له بأن يسرّحه إلى الخلف ويتخلى عن سيارته القديمة ليقتني أخرى رباعية الدفع، ويشتري هاتفاً خلوياً من أحدث طراز. وهو «يحسب لي ألف حساب، الله يعلّقوا بلساني!». تصف نفسها بالمرأة القوية، وأبو ربيع «رجل مطيع»، مع أنه أحياناً «يلطش» الفتيات أمام عينيها ويعرب عن مدى اعجابه بتلك الفتاة أو بجزء من جسدها، «فأشعر حينها بأن لديه ميولاً لحياكة علاقات خارج المنزل.. لكنه سيبقى عاجزاً عن فعل ذلك».
من جهتها، احتفلت فاطمة نمر (42 عاماً) بعيد زواجها الخامس والعشرين. هي اليوم امرأة «نمرودة» صاحبة قرار، بعدما كانت مقموعة لسنوات من قبل زوجها الذي راهق متأخراً في سن الثلاثين بعيد انجابها ولدهما الثاني (واستمرت مراهقته هذه لست سنوات)، فبدأ يتأخر كثيراً خارج المنزل ويبرر تأخره بحجج تعتبرها «كاذبة». ما ولّد شجاراً عنيفاً بينهما وانتهى بعودة الزوج الى عائلته، فوقف أهله الى جانب فاطمة التي هددت بترك أولادها الصغار. عاد رجلاً مطيعاً، «فالأولاد يشكلون نقطة ضعف بالنسبة اليه، وقد استطاعوا أن يربطوا أباهم». وتقول فاطمة إن أحدهم قال لزوجها في فترة الصراع هذه: «اذا بتجيب واحدة ع البيت، بتقتلها معك». وتنفي أن يكون زوجها قد ألقى اللوم عليها في «جهلته الأخيرة»، لأن ذلك «خط أحمر»، بحسب قولها.
على المستوى النفسي
تصف اختصاصية علم النفس ريما بدران جهلة الأربعين بأنها «أزمة منتصف العمر، تبدأ من عمر الأربعين وتمتد الى سن الخمسين. هي مرحلة انتقال من القوة الى الضعف، يمر بها بعض الرجال الذين أصيبوا باضطربات أسرية في الطفولة ولم تعالج حينها. وهي تحدث في مرحلة الاستقرار العائلي والمادي والنضوج الفكري المفترض عند الرجل». أما أبرز «عوارض» هذه الحالة فتتلخص بالتوتر الشديد والاصابة بالاكتئاب خاصة عند الذين يعانون من مشاكل فيزيولوجية وقلة النوم والاكثار من الطعام، بالاضافة الى الشعورباللامبالاة الأسرية. فيهرب الرجل من واقعه ويلجأ اما إلى الانترنت أو إلى الجلوس مطولاً في المقاهي.
كما يهتم بتغيير مظهره وإقامة علاقات مع الفتيات الأصغر منه سناً، لكي يثبت لنفسه أنه ما زال يلاقي القبول (90% من الرجال لا يستعينون بوسائل منع الحمل اثباتاً لرجولتهم): «وهؤلاء الفتيات يقبلن الارتباط إما للشعور بالحماية تمثلا بإعجابها بأبيها أو تعويضاً عن فقدانها له». والرجل، في هذه الحالة، قد يأخذ قرارات غير صائبة كشراء الاراضي بشكل عشوائي اذا كان متمكناً مادياً. أضف الى ذلك، «تصيّده الدائم لامرأته، أي مراقبة سلوكها ومحاسبتها كي يحجب الأنظارعن تصرفاته»، وتؤكد بدران أن «كل هذه المظاهر مصدرها الخوف من فقدان القدرة الجسدية والخوف أيضاً من المجهول». كما ترجع بدران أسباب المرور بهذه الحالة الى «وجود فتور عاطفي بين الزوجين أو خجل المرأة من البوح بأحاسيسها خاصة في سن الاربعين».
وتؤكد بدران أن «جهلة الأربعين عند الرجال تكون أغلبها نزوة وبتمرق، فالرجل في نهاية الأمر يعلن انكساره وندمه الشديد عما فعل، وكثيراً ما يلقي اللوم على زوجته لتبرير وقوعه في الذنب».
.. وفيزيولوجياً
يعّرف الاختصاصي في المسالك البولية والجهاز التناسلي د. محمد علي نور الدين جهلة الأربعين بأنها مرحلة المراهقة الثانية حيث تبدأ نسبة هرمون «التستوسترون» الذكري، المرتبط بعملية الانجاب واقامة العلاقات الجنسية، بالانخفاض. فكلما تقدم الرجل في العمر، يضعف هذا الهرمون (يهبط كل 10 سنوات). وذروة النشاط تكون من عمر 18 الى 42 سنة، وبعدها، تبدأ التغيرات «الحاسمة والكبيرة» في جسده. فيبدأ تساقط الشعر من الرأس، ويصبح جلده أكثر نعومة، ويصاب بترقق العظام، وتضعف العضلات، وتتجمع الشحوم في منطقة البطن، وتقصر قامته، وتضعف ذاكرته. ما يولّد تباعداً في العلاقات الزوجية، فتخف الشهوة الجنسية لديه (من دون أن تتأثر قدرته على الإنجاب): «وعندها، يقف الرجل مثلما وقف في مراهقته الأولى وعاين مختلف تغيراته الجسدية، ليواجه الحياة مرة جديدة. يشعر بالقلق على مصيره ويتوهم أنه غير مقبول من الآخرين عاطفياً لأن العلاقة الشهوانية تضحي عاطفية، فيدخل الرجل سن التغيّر (Andropause) تدريجياً، على عكس المرأة التي تدخله «دفعة واحدة». فتنمو التساؤلات حول ما إذا كان لا يزال محطّ إعجاب الجنس الآخر أم لا؟ يصبغ شعره، ويهندم ملابسه، يعتني ببشرته، ليظهر بمظهر الشباب. ويلجأ البعض الى تناول المنشطات كمساعد نفسي، خوفاً من الفشل والاحباط»، بحسب نور الدين.
هم يخبرون عن «جهلتهم»
يقول جهاد (65 عاماً) إنه لم يشعر بجهلة الأربعين، لأنه «أخذ وقته» في أيام الشباب وعاش مراهقته كاملة، ويرى أنه تلقى تنشئة «مبنية على أسس سليمة، ولم أقع في مطب الزواج المبكر الذي أرى أن له آثارا تدميرية على الفرد». بالمقابل، يرى جاره عدنان (57 عاماً) أنه لا يزال يمر في هذه المرحلة، فهو اليوم يتزوج للمرة الثالثة من امرأة تصغره بعشرين عاماً، بعدما ترك زوجتيه الاثنتين اللتين تصغرانه أيضاً بعشرين أو حتى ثلاثين عاماً. ويعزو علاقته هذه بالمؤسسة الزوجية إلى سوء اختياره لهما. فكلما أثارت صبية اعجابه، يذهب فوراً الى بيت أهلها ويطلب يدها للزواج، «كنوع من التجديد الدائم لحياتي، وأيضاً، لتلبية لحاجة نفسية لدي»، يقول.
أما أحمد (حائك الستائر ـ 56 عاماً) فيصف نفسه بالرجل «النسونجي ضمن الحدود»، لأن طبيعة عمله تتطلب منه أن يكون دائماً في مظهر لائق، فيصبغ شعره ويفتح أزرار قميصه قليلاً. كما أنه يشعر بكامل حيويته عندما يلاطف زبوناته ويبادلنه الملاطفة. لم يتزوج مرة أخرى لأن علاقته مع زوجته مستقرة تسودها الصراحة والتفاهم، ولأن زواجه من فتاة أصغر منه سناً «سيصل في نهاية المطاف إلى تركي، لترحل مع شاب أكثر قوة وقدرة على تلبية حاجاتها». وينصح كل رجل بأن ينظر الى نفسه في المرآة ليرى حقيقته وواقعه.
تنصح بدران الزوجة بضرورة استيعاب حالة زوجها المؤقتة، «فهي أقرب الناس اليه وهو بحاجة الى الدعم الاجتماعي الذي يؤمنه له تفهمها، ومصارحته بمشاعرها، ومشاركته همومه». وتلفت إلى أهمية أن يكون هناك تواصل غير لفظي بينهما، كالابتسامة والحنان: «ولا بأس بترنيم أغنية هادئة عند النوم للزوج».
من جهة أخرى، يشجع نور الدين الرجل على «التفكير بنفسه خلال هذه المرحلة من النضوج والعطاء، لينتبه إلى ملذاتها وأهميتها».

زينب حاوي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...